الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان رجلًا صالحًا حَسَنَ الصَّوت يُحْضِرُهُ الأُمراءُ بمجالسِهم لقراءةِ كتُبِ الرَّقائقِ والمغازي وما في معناها لصَلاحِه وطِيب نَغَمتِه، واختَصَّ بأبي بكرٍ [....](1) بن غانيةَ لذلك، وكان يَحضُرُ معَه غَزَواتِه.
647 - عليُّ بن محمد بن عُمرَ اللمري
(2).
رَوى عن أبي عبد الله بن يوسُفَ بن سَعادةَ.
648 - عليُّ بن محمد بن عُمرَ، أبو الحَسَن الكَتّانيُّ
.
سَمِعَ بسَرَقُسْطةَ على أبي محمد بن محمد بن فُورْتِش، وكان [115 ظ] من أهل العلم والعَدالة، حيًّا في حدودِ تسعينَ وأربع مئة.
649 - عليُّ بن محمد بن عيسَى، بَطليَوْسيٌّ أُبَّذِيُّ الأصل
.
رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب.
650 -
عليُّ (3) بن محمد بن فَرَجُون (4) القَيْسيُّ، قُرطُبيٌّ استَوطَنَ بأَخَرةٍ فاسَ، أبو الحَسَن.
رَوى بالأندَلُس عن بعضِ شيوخِها، ورَحَلَ وحَجَّ، ورَوى بالإسكندَريّة عن أبي الحَرَم مكِّي بن أبي الطاهر بن عَوْف، وأبي الطاهِر السِّلَفيّ، وأبي عبد الله الكِرْكنْتيِّ، وابن أُختِه أبي محمد عبد السّلام، وأبي القاسم بن جارَةَ.
وقَفَلَ إلى الأندَلُس فرَوَى عنه بَنو حَوْطِ الله الأخَوان: أبو محمدٍ وأبو سُليمانَ، وأبو عُمرَ وأبو القاسم ابنا أبي محمد، وأبو عَمْرٍو سالم وأبو القاسم عبدُ الرّحمن
(1) بياض في النسخ.
(2)
فوقها علامة خطأ في ح.
(3)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (2797)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/ الترجة 252، والذهبي في المستملح (684)، وتاريخ الإسلام 13/ 40، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 483، والكتاني في سلوة الأنفاس 2/ 41.
(4)
في م ط: "فرحون"، خطأ.
ابنا سالم، وأبو محمد ابنُ القُرطُبيّ، ثم تحوَّل إلى فاسَ فرَوى عنه بها أبو البقاءِ يَعيشُ بن عبد الله بن أحمدَ بن عليّ الحَسَنيّ ابنُ الطويل.
وكان فقيهًا حافظًا، شاعرًا مُحسِنًا، ماهرًا في الحسابِ عارِفًا بفرائضِ المَواريث، وعَلَّم بهما طويلًا بفاسَ، ذاكرًا تواريخَ الصّالحين وأخبارَهم؛ ومصنَّفاتُه في ذلك كلِّه جليلةٌ نافعة، منها:"لُبَابُ (1) اللُّبَاب في بيانِ مسائلِ الحساب" وكتابُ "الزّاهِر في المواعظِ والآداب"(2). وكُفَّ بصَرُه قديمًا نفَعَه اللهُ، ثم عاد إلى المشرِق فجاوَرَ بمكّةَ، كرَّمها اللهُ، إلى أن توفِّي في محرَّمِ أحدٍ وست مئة.
651 -
عليُّ (3) بن محمد ابن الفَضْل المَعافِريُّ، أبو الحَسَن.
كان كاتبًا بارِعًا، شاعرًا مُجِيدًا، حَسَنَ الخُلُق كريمَ الشمائل، لَوْذَعيًّا نظيفَ الملابس، جميلَ العِشرة، وكان بينَه وبينَ أبي البحرِ صفْوانَ بن إدريسَ وغيِره من أُدباءِ عصرِه مُكاتَباتٌ ومُراجَعات ظهَرَ فيها نُبلُه وبَراعةُ مآخِذِه وإجادتُه. وحَضَرَ وقتًا متنزِّهًا بوادي إشبيلِيَةَ في طائفةٍ من أصحابِه، منهم أبو بحرٍ صَفْوانُ بن إدريسَ ومُدّعٍ الرمايةَ وهو لا يُحسِنُها، فطَلَبَ من أبي بحرٍ وَصْفَ ذلك الحالِ فقال [الرجز]:
أعِدْ على سَمْعي أحاديثَ المُنَى
…
فما قبيحٌ أنْ تُعيدَ الحَسَنا
وغنِّني بذِكْرِها لياليًا
…
إنّ الغناءَ بِهَوى النفْسِ غِنى
وداوِ بالأخبارِ عنها أُذُني
…
فرُبَّ أخبارٍ تُداوي الأُذُنا
يا نعمةً من زمنٍ مُساعدٍ
…
لو شئتَ منه رَدَّ أمسٍ أمكَنا
[116 و] ما كانتِ اللَّذَّاتُ إلا حُلُمًا
…
شاهدتُها أثناءَه تيَقُّنا
(1) في هامش ح: "ابن الأبار: لب".
(2)
منه نسخة خطية في الخزانة العامة بالرباط.
(3)
ترجمه التجيبي في زاد المسافر (31)، وابن سعيد في المغرب 2/ 286، واختصار القدح المعلى (108)، والمقري في أزهار الرياض 2/ 211.
أسحارُهُ أسحارُ أربابِ النُّهى
…
وهكذا الآصالُ إيصالُ المُنَى
رَعْيًا لإخوانِ الصَّفاءِ إنّهمْ
…
أكرَمُ عِلقٍ في الحياةِ يُقتنَى
وأين همْ قد (1) ذَهَبتْ أشخاصُهمْ
…
لم يبقَ منهمْ بعدَهمْ إلّا الكُنَى
هيَ استعاراتٌ كمِثلِ الشِّعرِ لا
…
يفعَلُ ما قال إذا ما امتُحِنا
لكنّما ابنُ الفَضْلِ فيهمْ نُدرةٌ
…
ولستُ بالفَذّ أُحاجي اللَّسِنا
إذا وَصَفْتُ بالصفاءِ نَفْسَهُ
…
عَبَّرَ عنّي جِدُّهُ وبَيَّنا
إن انتمَى فالفضلُ من آبائهِ
…
إذا عرَفْتَ الأصلَ تدري ما الجَنَى
إيهٍ وإنْ سوَّفَ فيه دهرُهُ
…
فالدهرُ قد كان يعُقُّ الفِطَنا
وما رماحُ الخَطِّ إلّا خَشَبٌ
…
ما لم تكنْ مُشْرَعةً لِتَطْعَنا
لا يُنْكَرُ الفَلُّ على بِيضِ الظِّبا
…
نعَمْ ولا عَضُّ الثِّقافِ للقَنا
بينَ الحظوظِ والأديبِ فِتَنٌ
…
ثَكِلتَها ألا استحالتْ هُدَنا
هذا المُجِيدُ لا أبو تَمَّامِهمْ
…
إذا ثَوى في نَجْدِهِ واستَوطَنا
وما يضَرُّ السيفَ أضحَى ماضيًا
…
ألّا يكونَ مُنتَماُه اليَمَنا
هُوَ الذي أفادنيهُ زَمَني
…
فكيف بالله أذُمُّ الزَّمنا؟!
وخيرُ مايَكتسِبُ المرءُ أخٌ
…
يَرى به سرَّ الوفاءِ عَلَنا
فيا شقيقي نِسبةً إنِ ارتَقَتْ
…
موالدُ الآدابِ أن تجمَعَنا
هاتِ الحديثَ عن نهارٍ مُونِقٍ (2)
…
مصقولِ وَجْهِ الجوِّ لمّاعِ السَّنا
وفتيةٍ قد أثمرَتْ أنفُسُهمْ
…
فرائقُ (3) الأفعالِ منهمْ يُجتنَى
(1) في م ط: "إذ".
(2)
"مونق": سقطت من م ط.
(3)
في ح م ط: "حدا ففي".
إذا دعا المنجودُ فيهمْ مَنْ فتًى
…
يُنجِدُني أجابَهُ الكلُّ: أنا
تألَّفوا من كلِّ شِعبٍ حيّزًا
…
كأنّهمْ من نُخبةٍ وفدُ مِنَى
وبادَروا مَيْدانَ نهرٍ فائضٍ
…
يَعْصي المطايا وَيُطيعُ السُّفُنا
رَقَوْهُ أُفْقًا فوقَ بِكرٍ أشبَهَتْ
…
من الهلال الشكلَ لا التلوُّنا
كأنّها فوقَ الخليج عقربٌ
…
تبَوَّأَتْ ظهْرَ الحُبَابِ مَوطِنا
وطارَدوا فيه الأماني نُهَزًا
…
فأشْمُلًا طَوْرًا وطَوْرًا أيمُنا
[116 ظ] لا بَرِحَ الغَيْثُ يَجُودُ شطَّهُ
…
وَجِزْعَهُ حيثُ تلَوَّى وانحنَى
فكمْ هناك للصِّبا من معهدٍ
…
دلَّ الهوى فيه على الجِسم الضَّنى
تُردِّدُ العَيْنُ الهوى يومَئذٍ
…
أمانيًا والقلبُ يَجْني فِتَنا
عُجْنا جِيَادَ الماءِ ملءَ شَدِّها
…
لم يعترِضْها سَأَمٌ ولا وَنَى
تَحمِلُنا من الجِيَادِ أرجُلٌ
…
وهذه تحملُنا أكُفنا
جُزْنا عليها معهَدًا فمعهَدًا
…
إذا رأينا منزِلًا قُلنا: هُنا
حتّى إذا ما اكتَحَلتْ أبصارُنا
…
بِشَنْتَبوسَ لم نَرِمْها وَطَنا
ذاتِ البِثَى البِيضِ التي تنَظَّمتْ
…
كنَظْمِكَ العِقدَ فُرادى وثُنا
كأنّها تاجٌ تجَلَّى تحتَها
…
عِقدٌ من النهرِ يفوتُ الثّمَنا
مُبْيَضَّةٌ من غيرِ سَوْءٍ معَها
…
ثُعبانُ وادٍ لا يَصيرُ غُصُنا
وصاحبٍ في الطَّبعِ منه رِقَّةٌ
…
لو أنّها في جِسمِه كانت ضَنَى
يَنزِعُ في القوسِ فيَرمي أسهُمًا
…
مُصيبةً تقضي ظُباها الحُنَنا (1)
مالتْ به خَمْرُ الهوى حتى انبَرى
…
يَرمي الحمَامَ فيُصيبُ الأغصُنا
(1) كذا؛ ولعل صوابه: تمضي ظباها حتنى، والمعنى تقع في الهدف متقاربة المواقع.
إذا أمَرْناهُ بصيدِ طائرٍ
…
كأنّما قُلنا لهُ: اضرِبْ غُصُنا
فلو دَرَيْنا أنهُ خالَفَنا
…
قُلنا له: اضرِبْ غُصُنًا لعلّنا
أطهَرُ مِن بُرْدِ التَّقِيِّ سَهْمُهُ
…
ما مُسَّ فيه الدّمُ إلّا بالمُنَى
لو أنّ ذاك السَّهمَ عندَ قِبلتي
…
إذًا لَصَلَّيتُ إليه مُوقِنا
تُظِلُّه الطّيرُ ولا تَرهَبُه
…
فهْيَ له ظلٌّ وليست بجَنَى
قد علِمتْ عِلمًا بأنّ نَصْلَهُ
…
عن دَمِها أعفُّ نصلٍ مُقتنَى
تَشْدو إذا ما أرسَلَ السَّهمَ لها
…
كأنّما أهدَى إليها فَنَنا
كأنّما السَّهمُ يُراعي عهدَها
…
أيامَ غنَّت في ذُراه مُيَّنا (1)
يَذكُرُ تحت شَدْوِها مَراحَهُ
…
ورقصهُ لهوًا بها ودَدَنا
فكلّما أنبَضَ صافٍ سَهْمُه
…
كأنّما يُحْسِنُ ألّا يُحْسِنا
تخَّيَلَ الوادي هناك حَرَمًا
…
لذاك ما خلَّى الحَمامَ أُمَّنا
وربّما وافَى الخليجَ وارِدًا
…
فأقصَدَ الحوتَ وما تيقَّنا [117 و]
ورَمْيةٍ عن غيرِ قصدٍ قَرْطَسَتْ
…
فهْيَ لِرامٍ لا يُعَدُّ مُحسِنا
يا وَيْحَها منهُ إذا تَدَرَّعَتْ
…
بالماءِ شقَّ السّهمُ ذاك الجَوْشَنا
يا صاحبيْ والنُّصحُ من شَرْطِ التُّقى
…
دعَ السِّهامَ وتوَقَّ الأيمُنا
وسَلْ غزالَ السِّربِ ما لطَرْفِهِ
…
يَجرَحُ جِسمًا في حشاهُ سَكَنا
الجارُ لا يُضيعُ حقَّ جارِهِ
…
وقد سكَنْتَ القلبَ فارعَ البَدَنا
دَلّ المَشُوق بغرورٍ لينُهُ
…
فيا له صَبًّا تدَلّى فدَنا
تَيَّمَني مَنْ طرْفُهُ مُستضعَفٌ
…
تَراه كالمؤمنِ لَيْنا هيِّنا
(1) كذا ولعلها: مجنا أو مسنا، من مجن أو مسن، وهما بمعنًى.
وتحتَ ذاك اللِّينِ منك شدّةٌ
…
تُشبهُ جِدَّ الموتِ في لعبِ القَنا
يا غُصُنًا أثمرَهُ قلبي الشَّجِي
…
لو أنهُ بين ذراعيَّ انثَنَى
غادَرَني غِبَّ النَّوى مُقْتَسمًا
…
أبكي المغَاني وأزورُ الدِّمَنا
وصاحبُ الحبِّ معنًّى أبدًا
…
يُسْلَفُ أفكارًا فيقضي شَجَنا
فأجابَه أبو الحَسَن بنُ الفَضْل [الرجز]:
حرَّكْتَ بالشَّجوَى جَوًى قد سَكَنا
…
فعلِّلِ النفْسَ بما تمكَّنا
واستصحبِ الدهرَ على عِلَّاتِهِ
…
وليس إلّا أن تُرَى مغتَبِنا
الدهرُ ما تعلَمُ ذو تصرُّفٍ
…
وأسأَلْ به منهُ فصيحًا ألكَنا
لم يكترِثْ في حالتَيْه مَنْ غدا
…
بكلِّ ما يَجري القضاءُ مُؤمنا
فاستَلزِمِ الحَزْمَ إذا خَطْبٌ بِها
…
واستَشعِرِ الخطبَ إذا أمرٌ عَنَا (1)
وإن ندَبْتَ بالوفاءِ صاحبًا
…
فإنهُ ما آبَ منذُ ظَعَنا
لا تَنخدعْ في الناسِ واخبَرْ مِنهمُ
…
مَنْ شِئْتَهُ تجِدْهُ داءً زَمِنا
وهم بنو الدُّنيا فمَن يَصرفُهُمْ
…
أن يُضمِروا تحتَ هُدونٍ دَخَنا
أخَذتُ نَفْسي بانقباضي عنهمُ
…
فصار لي لمّا أطَلْتُ دَيْدَنا
سِيّانِ عندي والهوى مختلِفٌ
…
قَصدْتُ خَلقًا أو عَبَدْتُ وَثَنا
وقد تَساوى في طِباعي أنّني
…
لبِستُ ذُلًّا ولبِستُ كفَنا
أفضَلُ ما حازَ الفتى قناعةٌ
…
وعِفّةٌ تَثنيهِ عن سُبْلِ الخَنا
انظُرْ إلى أجداثِهمْ معتبِرًا
…
هل ثَمَّ فرقٌ بينَ فقرٍ وغِنى؟
[117 ظ] وليسَ للإنسانِ إلّا ما سعَى
…
وإنّ خيرَ السَّعي تخليدُ الثَّنا
(1) كذا ورد، ولعل الصواب: إذا خطب بغى (أو عتا)، واستشعر الصبر.
مَنْ شاء أن يَذكُرَ أفعالَ العُلا
…
في دهرِهِ كان لها مُؤَبِّنا
لولا ابنُ إدريسٍ وفَضْلُ خُلْقِهِ
…
لَما بَدَا منْ مِدَحي ما بَطَنا
شقيقُ نَفْسي تُرْبَةً وغُربةً
…
وأدَبًا وَمَذْهَبًا وَسَنَنا
تَلوَّنَ الدهرُ على عاداتِهِ
…
وهْو كما أدريهِ ما تَلوَّنا
علِقتُ منهُ بالمعالي كلِّها
…
فَخْرًا لنفْسِ ابنِ عليٍّ مقتنَى
فاضرِبْ به تجِدْه عَضْبًا ناصِلًا
…
واستسْقِهِ تجدْهُ غَيْثًا هَتِنا
مهذَّبُ الفكرةِ مصقولُ النُّهى
…
مُستعذَبُ الخِبرةِ معسولُ الجَنَى
تُستوقِفُ الأفلاكُ إعجابًا به
…
ويَستدِرُّ في المُحولِ المُزُنا
أشهرُ من نُورِ الصّباح المُجتلَى
…
أنضَرُ من نَوْرِ الأقاحِ المُجتنَى
كمالُهُ من أولِ المعقولِ لم
…
تطلُبْ عليه فكرَه تبرْهُنا
قد بعَثَ الآدابَ من مَرقَدِها
…
شُعْثًا فقامتْ تسطيلُ الوَسَنا
وشافَ مَرآها فلاحَ آخِرًا
…
كما تبدَّتْ أوّلًا أو أحسَنا
لم يُذْكِ نورَ الرُّوح في أجسادِها
…
إلّا بذِهنٍ قد أنار الفِطَنا
إيهٍ أبا بحرٍ وعندي مِقْوَلٌ
…
يُحسِنُ أن يَشكُرَ تلك المِنَنا
أحسَنْتَ بي فهاكَ حبِّي صادقًا
…
والمرءُ محبوبٌ إذا ما أحسَنا
مثلُكَ من أبصَرَ (1) حالَ خِلِّه
…
فأبطَنَ الشَّكوى بها وأعلَنا
أعظمتَ أنْ راعَ الزمانُ أدبي
…
وهل تَرى ذا أدبٍ مُؤَمِّنا (2)
وفيكَ لم يَقْبَلْ فروضَ حقِّها
…
أفِيَّ ترجو أن يُقيمَ السَّنَنا (3)
(1) في ح: "أبصار" وفوقها علامة خطأ.
(2)
هذا البيت والذي يليه في اختصار القدح: 110 ورواية الأول: "أنكرت
…
وهل رأيت ذا نهى".
(3)
اختصار القدح: "لم تقض الفروض
…
تقيم".
ألستَ مَن سيَّرَها غَرائبًا
…
تُتوِّجُ الشامَ وتكسو اليَمَنا
أصْغَتْ لها بَغْدانُ حتّى استَصغَرَتْ
…
حبيبَها وَمُسْلمًا والحَسَنا
ما لي أرى شمسَ الضُّحى لم تلتمسْ
…
كفَّك كي تلثُمَها تَيَمُّنَا؟!
أين التي أنتَ لها مستوجِبٌ
…
لو أنصفَ الدهرُ الذي تَخَوَّنا؟
فعَدِّ عنه مُضِربًا ومِلْ بنا
…
إلى حديثٍ لا يُمِلُّ الألسُنا
وعاطِني كأسَ المُجون إنّها
…
تُثيرُ عِشْقًا في الفؤادِ كَمُنا
[118 و] أتذكُرُ العهدَ الذي مَرَّ لنا
…
بذي النَّقا حيثُ ظِباءُ المُنحنَى
أيامَ ظَلَّ الدهرُ عنّا غافلًا
…
حتى جنَيْنا العَيشَ غَضًّا ليِّنًا؟
ولا كيومٍ شرِبَتْ أرواحُنا
…
راحَ الهوى فيه بكاساتِ المُنى
في فتيةٍ بل فتنةٍ تنظَّموا
…
سِمْطًا أأبصرتَ النجومَ مَوْهنا
مِنْ كلِّ صافي الذهنِ وَقَّادِ الحِجَى
…
كأنَّه من ذهنِهِ تكوَّنا
لم تجتمعْ إلّا لهُ أفعالُه
…
فمِلْ إليه تُلْفِ حُسْنًا مُحسَنا
كنتُ أذمُّ زَمَني مِنْ قبلِهمْ
…
فيومَ صَافَوْني حمِدتُ الزَّمنا
سرْنا على اسم الله فوقَ نَهَرٍ
…
تفنَّنَ الحُسْن به تَفَنُّنا
إذا استقامَ خِلتَهُ وذيلةً
…
تَرْجِعُ نِصْفَ دُمْلُج إذا انثَنى
وربّما تَصوغُهُ ريحُ الصَّبا
…
سَلاسلًا تقتادُ فيها الفِتَنا
كما سألتَ الوَصْلَ غِرًّا فاكتسَى
…
جبينُهُ من أُنُفٍ تغَضُّنا
حتّى إذا ما مُوِّجتْ متونُهُ
…
أبصَرْتَ في بطنِ فتاةٍ عُكَنا
مِلْنا على شطَّيهما كعاشقٍ
…
يجني الوِصالَ من هنا ومِن هنا
وتحتَنا حاملةٌ محمولةٌ
…
تحمِلُها دَأبًا لكي تحمِلَنا
أعَدَّها للأُنسِ مَن أنشَأَها
…
لذاك ما أحكَمَها وأتقنا
وزانَها لمّا كسَا أعطافَها
…
لونَ الشبابِ فأثارَ الدّدَنا
كأنّما دُهْمَتُها بَنَفْسِجٌ
…
صافحَ مِنْ متنِ الغديرِ سَوْسنا
جَرَتْ على الماءِ وخَفَّ وَطْؤُها
…
أليس تَدري جَرْيَها مُستيقِنا؟
ولو تشاءُ في الهواءِ مَسْبَحًا
…
مِنْ خفَّةٍ في جسمِها لأمكَنا
كأنّها غُزَيِّلٌ أفزَعَهُ
…
محُتمِلٌ فاشتدَّ يَبغي مأْمَنا
كم ملعَبٍ بين الحِمى وملعَبٍ
…
جُزْنا بها كالبرقِ أو جازَتْ بنا
سقَى ثَراها القَطْرُ من معاهدٍ
…
متّصلاتٍ كأنابيبِ القَنا
ما لاحَ منها منزلٌ إلّا ولم
…
تقترحِ النفْسُ سواه مَوطِنا
حتّى وصَلْنا جَنَّةَ الجَسْرِ التي
…
تَحوي الجمالَ أظهُرًا وأبطُنا
فالحمدُ لله الذي أذهَبَ عن
…
نفوسِنا في شنتبوسَ الحَزَنا
[118 ظ] ما فاتَنا لمّا بدا جَمالُها
…
كلُّ جمالٍ قبلَها قد فَتَنا
وما جَهِلنا غيرَها لكنّنا
…
جئنا عليًّا فنَسِينا الحَسَنا
نِعمَ المغاني لم يَضِفْها ناظرٌ
…
إلّا قَرَتْه الحُسنَ نُورًا بيِّنا
كم مجلسٍ تظُنُّه ومجلسٍ
…
يخدُمُه إيوانُ كسرى مُذعِنا
من رَفَعَ الصوتَ به مُلعثَمًا
…
ردَّ عليه صوتُه مبيِّنا
راقَ فلاحَ وَجْنةً وافتتَحَتْ
…
طاقاتُه فيه فكانت أعيُنا
هي القُصورُ البِيضُ لا ما حَدَّثوا
…
عن إرمٍ وغيِرها من البِنا
تختطفُ الأبصارَ من لأْلائها
…
واللّيلُ قد أرخَى القِناعَ الأدكنا
كأنّما النَّهرُ الخِضَمُّ تحتَها
…
مجرَّةُ الأُفقِ امتدادًا وسَنا
وهْيَ عليه كالنجومِ سَحَرًا
…
بينَ جُموعٍ وفُرادى وَثَنا
لا نَشَرتْ كتابَ حُسنٍ روضةٌ
…
إلّا بهاتيكَ البُنا مُعَنْوَنا
ولا أبادَ الدهرُ منها مصنَعًا
…
حتى تُرى وهْي تُبيدُ الأزمُنا
فكمْ لنا ما بينَها من مَسْمَعٍ
…
ومنظرٍ ومَعْشَقٍ، وكمْ لنا
إن أبصَرَتْ شمسُ الضُّحى مُجونَنا
…
تنقَّبتْ بالغَيْم كي لا تُفْتَنا
أو سَمِعتْ وُرقُ الحَمام شدْوَنا
…
مِلْنَ إلينا وتركْنَ الأغصُنا
فمِن جمالٍ يستفِزُّ ناظرًا
…
ومن حديثٍ يستميلُ أذُنا
وشادنٍ في مُقلتَيْهِ مَرَضٌ
…
أَعدى الجسومَ فبَدا فيها ضَنَى
يُسيءُ ما شاءَ ولكنَّ الهوى
…
يُبْصِرُ سوءَ الفعلِ منه حَسَنا
ونافرٌ يقتُلُنا إذا نأَى
…
مستأنِسٌ يَنشرُنا إذا دَنا
مَنْ غَرَسَ النظرةَ في وجنتِهِ
…
فقد جنَى العشقَ ونِعمَ ما جنَى
وغيرُ بِدعٍ فتنةٌ بِحَسَنٍ
…
مَنْ أَبدعَ الحُسنَ قضَى أن يَفْتِنا
وصاحبٍ حُلوِ المُزاحِ مُمتعٍ
…
يُصْفي السرورَ ويقُدُّ الشَّجَنا
خادَعَنا لمّا مشَى ما بينَنا
…
محتجِنًا لقوسِه مُضْطبِنا
يحكي لنا ما شاءَهُ تظرُّفًا
…
ويَزدهي برَمْيِهِ تمجُّنا
ويدَّعي التصميمَ في أغراضِهِ
…
ولو رمَى بَغْدانَ أصمَى عَدَنا
[119 و] حتّى تدَلَّى طائرٌ من أيكةٍ
…
لم يبقَ إلّا أن يقولَ: ها أنا
قُلنا لهُ: قد أكثَبَ الصَّيدُ فقُمْ
…
فأَرِنا من بعضِ ما حدثتَنا
فقامَ كسلانَ يمُطُّ حاجِبًا
…
ويتمطَّى بينَ أينٍ ووَنَى
وبينَما أوترَها وبينَما
…
كانت تشَظَّى في يديهِ إحَنا
وعندَما رمَى حَمامَ فَنَنٍ
…
أخطأهُ وما أصابَ الفَنَنا