الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَوى عنه أبو عبد الله المِكْناسيّ. وكان محدِّثًا عَدْلًا من أهل الأدبِ والكتابة والتصَاوُنِ والفَضل، أسمَعَ الحديثَ بشاطِبَةَ، وتوفِّي بها قبلَ الثلاثينَ وخمس مئة.
121 - عبدُ الملِك بن يوسُف بن نَصْرون الأَزْديُّ، أندَلُسيٌّ
.
رَحَلَ ورَوى بمِصرَ عن مَهْديّ بن يوسُف الوَرّاق "التّلقينَ" سماعًا منه في شوّالِ ثلاثٍ وسبعينَ وأربع مئة.
122 - عبدُ الملِك بن يوسُفَ، أبو الوليد، ابنُ القلالة
.
رَوى عن أبي الحُسَين ابنِ الطَّلّاء.
123 - عبدُ الملِك بن المَدِينيّ، أبو مَرْوان
.
رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي.
124 - عبدُ الملِك السالِميّ، أبو مَرْوان
.
تَلا على أبي القاسم عبدِ الوهّاب بن محمد، تَلا عليه أبو الحَسَن بن عبد الله ابن ثابِت، وكان مُكتِبًا مُجوِّدًا ضابِطًا.
125 - عبدُ المُنعِم بن سَمَجُونَ، أبو محمد
.
رَوى عن أبي عليّ الغَسّاني. رَوى عنه أبو بكرٍ يحيى الأرْكَشيُّ، وأبو العبّاس ابنُ عثمان.
ووَقَعَ في (1)"فوائدِ" أبي محمد عبد الله بن عبد الرّحمن العُثمانيِّ الدِّيباجِي بن أبي اليابِس: أنشَدَني أبو العبّاس، يعني ابنَ عثمانَ هذا، قال: أنشَدَني القاضي أبو محمدٍ عبدُ المُنعِم بن سَمَجُونَ بغَرْناطةَ لنفسِه [مخلّع البسيط]:
لستُ وَجيهًا لدى إلهي
…
هذا مدى عيشتي اعتقادي [14 ظ]
لو كنتُ وَجْهًا لَما بَرَاني
…
في عالمِ الكونِ والفسادِ
ولم يَذكُرْه ابنُ الأبّارِ في أصحابِ الغَسّاني.
(1) في م ط: "فيه".
126 -
عبدُ المُنعِم (1) بن عليّ بن محمد بن إبراهيمَ بن عبد الرّحمن بن الضَّحّاك الفَزَاريُّ (2)، غَرْناطيٌّ، أبو محمد.
أكثَرَ عن أبيه، وسَمِع أبا عبد الله ابنَ الفَرَس، وأجازَ له باستجازةِ أبيه أبو أحمدَ بن زَرْقُون، وآباءُ إسحاق: بن أحمدَ بن رَشِيق وابنُ ثَبَات وابنُ حُبَيْش وابنُ صالح، وأبو محمد ابنُ الإمام، وأبو الأصبَغ عبدُ العزيز بن عيسى بن عُبَادةَ، وعيسى بن محمد بن شاهد، وآباءُ بكر: عبدُ العزيز بن مُدِير وابنُ صافٍ الجَيّاني وابنُ العَرَبي وابنُ مَسْلمةَ ويحيى بنُ موسى البِرْزَاليُّ ويحيى ابنُ النَّفِيس، وآباءُ جعفر: ابن الباذِش والبِطْرَوْجي وابنُ خَلَف بن حَكَم، وأبَوا الحَجّاج: الأُنْديُّ وابن محمد بن عُمرَ بن جَبَلةَ، وآباءُ الحَسَن: طارقُ بن يَعيش وشُرَيْح وعبدُ الرّحيم الحِجَاريّ وعَبّاد بن سِرْحان وعَمْرُو بن بَدْر وابنُ عبد العزيز ابن الإمام وابنُ محمد ابن لُبّ والمالِطيّ، والمحمّدانِ: ابن أحمد بن خَيْثَمةَ وابن عَظِيمة، وأبو حَفْص بن أيوب، وأبو الحَكَم بن غَشِلْيان، وأبو زَيْد بن عليّ الخَزْرَجي، وآباءُ عبد الله: البغداديُّ والحَمْزي وابن عبد الرّحمن القُرَشيُّ وابنُ عبد الرَّزاق الكَلْبي وابنُ فَرَج وابن وَضّاح وابن يَبْقَى وابن أبي الخِصَال، وأبو عامرٍ محمدُ بن جعفرِ بن شرُويَة، وآباء العبّاس: ابن حَرْب وابنُ خَلَف النُّمَيْري وحامدُ بن أيوبَ، وأبو عِمْرانَ بن سيد، وأبو عَمْرٍ والخَضِر، وأبو الفضائل عيسى بن محمد، وأبو الفَضْل عِيَاض،- وآباءُ القاسم: الأحمدانِ: ابنُ محمد بن نُصَيْر وابن وَرْد، وعبدُ الرّحمن بن عبد الله بن سَعيد، وآباءُ محمد: شُعَيْب الأشجَعيُّ وابن خَطّاب والرُّشَاطيُّ والوَحِيدي، وأبو عليّ بنُ عبد العزيز بن فَرَج، وأبو مَرْوانَ بن مسَرَّةَ، وأبو الوليد ابنُ الدَّبّاغ.
رَوى عنه أبو القاسم المَلّاحي، قال ابنُ الأبار: وكانْ في عِدَادِ أصحابِه.
قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وليس كذلك عندي.
(1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2550)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 26.
(2)
حاشية ح: "ابن البقري، وابن الضحاك".
وحَدَّث عنهُ بالإجازة: القاضي أبو الوليد بنُ الحاجّ، وقال: جاوَرَنا بقُرطُبةَ، وكان يُستعمَلُ في خُطّة القضاءِ بأنظارِها [15 و] وكان لا بأسَ به.
قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: مولدُه على ما استُقرئَ من إجازاتِ الشيوخ آخِرَ إحدى أو أوّلَ اثنتينِ وثلاثينَ وخمس مئة (1).
127 -
عبدُ المُنعِم (2) بن عليّ بن محمد بن عبد الله بن حَزْمُونَ الكَلْبيّ، قُرطُبيّ. رَوى عن أبي داودَ بن يحيى المَعافِريّ.
128 -
عبدُ المُنعِم (3) بن عُمرَ بن عبد الله بن حَسَّانَ الغَسَّانيُّ، جِلْيَانيٌّ نزَلَ القاهرةَ من مِصر، أبو الفَضْل وأبو محمدٍ.
تجَوَّلَ ببلاد المشرِق سائحًا وحَجّ. رَوى عنه أبو الحَسَن عليُّ بن عبد الله ابن عبد الرّحيم الخطيبُ بضَريح الخليل، وأبو عبد الله بنُ يحيى المُرسِي؛ وكان أديبًا بارِعًا حكيمًا ناظمًا ناثرًا، وله مصَنَّفاتٌ، منها:"جامعُ أنماطِ الوسائل في القَريض والخُطَب والرسائل" أكثرُه كلامُه نظمًا ونثرًا، ومنه: قولُه -في سنة ثمانٍ وخمسينَ (4) وخمس مئة-[الطويل]:
(1) هامش ح: "مولده سنة ست وثلاثين وخمس مئة، وتوفي سنة عشر وست مئة".
(2)
ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 23.
(3)
ترجمه ياقوت في "جليانة" من معجم البلدان 2/ 157، وابن الدبيثي في تاريخه 4/ 292، وابن النجار في التاريخ المجدد 1/ 174، وابن الشعار في قلائد الجمان 4/ الورقة 127، وابن الأبار في التكملة (2551)، وفي تحفة القادم 90، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (مع أطباء بلاد الشام) 630، وابن سعيد في الغصون اليانعة 104 - 108، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 21، والذهبي في المستملح (619)، وتاريخ الإسلام 13/ 78 نقلًا من التكملة الأبارية وغيرها، ثم أعاده في المتوفين على التقريب 13/ 259 نقلًا من عيون الأنباء لإبن أبي أصيبعة، والصفدي في الوافي 19/ 224، وابن شاكر في فوات الوفيات 2/ 407، وذكر الذهبي أن ممن ترجم له: العماد في الخريدة، والقوصي في معجم شيوخه.
(4)
في التكملة: "وستين"، وكذلك جاءت الإشارة في حاشيته.
ألا إنّما الدُّنيا بحارٌ تلاطَمَتْ
…
فما أكثرَ الغرقى على الجَنَبَاتِ
وأكثرُما لاقَيْتُ يُغْرِقُ إلْفَهُ
…
وقلَّ فتًى يُنْجي منَ الغَمَراتِ
توفِّي سنةَ ثلاث وست مئة (1).
129 -
عبدُ المُنعِم (2) بن محمد بن عبد الرّحيم بن محمد بن فَرَج بن خَلَف بن سَعيد بن هِشَام الخَزْرَجيُّ، غَزناطيٌّ، أبو محمد، ابنُ الفَرَس.
تَلا بحَرف (3) نافع على جَدِّه، وبالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيل وقرَأَ عليهما، وسَمِع غيرَ ذلك، وبحرف نافع على أبي بكر بن الخَلُوف. ورَوى قراءةً وسماعًا على أبوَيْ عبد الله: أبيه -وتفَقَّه به في الحديث وأصُولِ الفقه وعلم الكلام- وابن سَعادةَ، وأبي عامر بن شرُويَةَ، وأبي محمد بن أيّوبَ الشاطِبيّ، وأبوَي الوليد: ابن بَقْوةَ وابن الدَّبّاغ، وأكثرً عنه، وناوَلَه أبو الحَسَن ابنُ النِّعمة "تفسيرَه"، وأبو عامر السّالِميُّ بعضَ مصنَّفاتِه وغيرَها، وأبو محمد عاشِرٌ أجزاءً من شَرحِه "المُدوَّنة"، وكلُّهم أجاز لهُ مطلقًا، إلّا جَدَّه وأباه وابنَ الخَلُوف والسّالميَّ وابنَ شرُوَيةَ فإنّهم أجازوا لهُ ما روَوْه، وزاد السّالميُّ ما ألَّف. ورَوى قراءةً وسَماعًا أيضا عن أبي بكر بن الحُسَين بن بِشْر [15 ظ]، وأبي الحَسَن بن محمد بن زِيادةِ الله
(1) ذكر ابن النجار الصفدي أنه توفي في ذي القعدة سنة 602 هـ، وذكر القوصي في معجمه على ما نقل منه أنه توفي في ذي الحجة سنة 603 هـ، وإنما نقل المؤلف من ابن الأبار، ولكن ابن الأبار لم يجزم بوفاته سنة 603، وإنما قال: أو نحوها، فالقول قول ابن النجار ومن تابعه، والله أعلم.
وقال ابن الدبيثي: سألت عبد المنعم الغساني عن مولده فقال: ولدت يوم الثلاثاء سابع محرم سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة بقرية يقال لها: جليانة، من قرى غرناطة بالأندلس.
(2)
ترجمه المنذري في التكملة 1/الترجمة 628، وابن الأبار في التكملة (2549)، وفي تحفة القادم (81)، وابن سعيد في رايات المبرزين (85)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 25، والذهبي في المستملح (618)، وتاريخ الإسلام 12/ 1115، وسير أعلام النبلاء 21/ 364، وابن الخطيب في الإحاطة 3/ 541، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 180، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 116، والمراكشي في الإعلام 8/ 382، وغيرهم.
(3)
في م ط: "حرف".
وأبي عبد الله بن إبراهيمَ الجُذَاميِّ، وأبوَي العبّاس: الخَرُّوبي وابن محمد بن زيادةِ الله، وأبي محمد عبد الجَبّار بن موسى السُّماتي (1)، ولم يَذكُرْ أنّهم أجازوا له.
وأجازَ له من أهل الأندَلُس آباءُ بكر: ابنُ بَرُنْجال وابنُ طاهر المحدِّث وابن العَرَبي وابن فَنْدِلةَ وابن أبي ليلى، وأَبوا جعفرٍ: ابنُ عُمرَ بن قبليل وابن المُرخِي، وأبو الحَجّاج القُضَاعيّ، وآباءُ الحَسَن: شُرَيْح وابنُ الباذِش وابن مَوْهب وابن نافِع ويونُسَ بن مُغِيث، وآباءُ عبد الله: الحَمزي (2) وابنُ سُليمانَ البُونْتِيّ وابنُ صافٍ الجَيّاني وابن غُلام الفَرَس وابن معمَر وابن نَجَاح وابن وَضّاح وابن أبي الخِصَال، وأبو عبد الرّحمن مُساعِدٌ الأضبُحي، وأبو العَبّاس ابن النَّخّاس، وأبوا القاسِم: ابنُ بَقِيّ وابنُ وَزد، وآباءُ محمد: الرُّشَاطيُّ وسِبْطُ بن عبدِ الله والوَحِيديُّ وعبدُ الحقّ بن عَطِيّة، وأبوا مَروانَ: الباجيُّ وابن قُزْمان، وأبو الوليد بن حَجّاج. ومن أهل سَبتةَ: أبو الفَضْل عِيَاضٌ. ومن أهل المشرِق: أَبوا بكر: المحمّدانِ: ابن عبد الباقي بن أحمد وابنُ عشير بن مَعروف الشِّروَاني، وأبو سعيدٍ ويقال: أبو سَغد (3) حَيْدرُ بن يحيى بن حَيْدَرةَ الجِيليّ (4)، وأبو الطاهِر السِّلَفِيُّ، وأبو عبد الله المازَرِيُّ المَهْدَويّ، وأبو عليّ الحَسَن بنُ عبد الله بن عُمرَ المقرئُ ابنُ العرجاء، وأبو الفَضْل جعفر بن زيد بن جامعِ بن الحَسَن الطائيّ، وأبو محمدٍ عبدُ الرّحمن وأبو المُظفَّر محمدٌ ابنا إمام الحَرَمَيْنِ وقاضيهما عليِّ بن الحَسَن الطَّبَري.
رَوى عنه ابنُه أبو يحيى عبدُ الرّحمن، وأبو أحمدَ جعفرُ بن أبي الحُسَين بن زَعْرور، وأبو إسحاق ابنُ عبد الله بن قَسُّوم، وأَبوا بكر: ابنُ عبد النُّور وابنُ عَتِيق اللارِدِيّ، وأبَوا جعفرٍ: ابنُ زكريّا بن مسعود وابنُ عبد المَجِيد الجَيّار، وآباءِ الحَسَن: ابن الجَنّان وابنُ القَطّان وابنُ قُطْرال وابنُ واجِب وابنُ أبي
(1) في ح: "الشماتي"، مصحف.
(2)
في م ط: "الجمزي".
(3)
"ويقال: أبو سعد": سقطت من م ط.
(4)
في م ط: "الجبلي".
محمد بن يحيى، وأبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن عاصِم، وأبو الرَّبيع بنُ سالم، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبو عبد الله التُّجِيبيُّ وابنُ عبد الحقِّ التِّلِمسيني، وأبَوا العبّاس: ابنُ الرُّوميّة وابنُ هارونَ، وأبَوا عَمرٍو: ابنُ سالم وسَعد بن محمد بن [16 و] عَزيز، وآباءُ القاسم المحمَّدونَ: ابنُ عبد الواحِد المَلّاحيّ وابنُ عامر بن فَرقَد وابن محمد بن عبد الرّحمن بن الحاجّ، وأبَوا محمد: ابنُ حَوْطِ الله وابن محمدٍ الكَوّاب، وأبو الوليد بن الحاجّ، وأبو يحيى هانئ. وحَدَّث عنه بالإجازةِ أبو بكر بن محُرِز، وأبو العبّاس العَزَفي، وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان.
وكان من بيتِ علم وجَلالة مُستبحِرًا (1) في فنون المعارف على تفاريقِها، متحقِّقًا بها نافذًا فيها، ذكيَّ القلبِ حافظًا للفقه حاضرَ الذِّكْر لهُ، متقدِّمًا في علوم اللِّسان فصيحَ المنطِق، استَظهَرَ أوانَ طلَبه الكتابَيْن:"المُدوَّنة" و"كتابَ سِيبَوَيْه" وغيرَهما، وعُنيَ به أبوه وجَدُّه عنايةً تامّةً فأسمَعاهُ ممن أمكَنَ إسماعُه إيّاه من شيوخ زمانِه، واستجازا له مَن لم يتَأَتَّ له سَماعُهُ منهم، وطلَبَ بنفسه فاتّسَعتْ بذلك روايتُه وعَظُمت درايتُه، وشارَكَ الجِلّةَ من أعلامِ بقايا المئة السّادسة كأبي جعفر بن مَضَاءٍ وأبوَي القاسم: ابن حُبَيْش والسُّهيْلي، وأبي محمد بن عُبَيد الله في الرِّواية بالسَّماع عن طائفةٍ كبيرة من شيوخِهم، وانفَردَ عنهم بكثرةِ المُجيزين له حسْبَ ما مرَّ ذكْرُه مفصَّلًا.
وكان آخِرَ تلك الطبقة وخاتمةَ أكابرِها، وقيَّد بخطِّه البارع كثيرًا، واعتنَى بـ "كتابِ سِيبوَيْه" ومصنَّفاتِ الفارِسيِّ وابن جِنِّي، وله مصنَّفات كثيرة ومختصَراتٌ نبيلة ونَظْم ونثر، وكلُّ ذلك شاهدٌ بمتانةِ عِلمِه وصحّةِ إدراكِه، ومن أجلِّها: مصنَّمُه في "أحكام القرآن"، فإنهُ أجَلُّ ما أُلِّفَ في بابه، وهُو الذي قال فيه الناقدُ أبو الرَّبيع بنُ سالم: وهُو كتاب حَسَنٌ مُفيد جَمَعَه في رَيعانِ الشَّبِيبتَيْن من طلَبِه وسنِّه، فللنَّشاطِ اللازم عن ذلك أثرُه في حُسن ترتيبِه وتهذيبِه. وفَرَغَ من تأليفِه
(1) في م ط: "مستنجزًا".
بمُرسِيَةَ عامَ ثلاثة وخمسينَ وخمس مئة، وله في الأبنِية مصنَّف نافع، واستُقضيَ بغير مَوْضِع (1) وعُرِف بالطّهارة والجَزالة في أحكامِه.
قال أبو القاسم بنُ فَزقد: سألنا من القاضي العالِم أبي محمد بن حَوْطِ الله أن نسمَعَ منه كتابَ السِّيرة، قال: فأسمَعَنا منه دُوَلًا، ثُم لمّا كان ذاتَ يوم رَمَى من يدِه [16 ظ]، الكتابَ، وقال: أرى أنّ هذا خِيانة، قُلنا: وما ذاك يا سيِّدَنا؟ قال: الذي أعتمِدُ عليه في سَماع هذا الكتابِ منه قد وَصَلَ، فقوموا بنا إليه، قال: فحَمَلَنا إلى خارج البلدِ من جهة النَّهر الأعظم وأدخَلَنا على أبي محمد عبد المُنعِم ابن الفَرَس في خِبَائه وقُدِّر أنْ سَمِعنا عليه والحمدُ لله، قال أبو القاسم: فشاهَدْتُ من أبي محمد عبد المُنعِم من الذّكاءِ والإدراكِ ما لم أعهد مِن غيرِه، ورأيتُ مناظَراتٍ أُخَرَ وكأنّي لم ألقَ قبلَه أحدًا، في كلامٍ غيرِ هذا.
وقال أبو الرَّبيع بن سالم: سَمِعتُ أبا بكر بنَ الجَدِّ، وحَسْبُكَ به شاهدًا في هذا الباب، يقولُ غيرَ مرّة: ما أعلمُ بالأندَلُس أحفَظَ لمذهبِ مالك من عبد المُنعِم ابن الفَرَس بعدَ أبي عبد الله بن زَرْقُون.
وكان المنصُورُ من بني عبد المؤمن كلّما وقَعَتْ إليه مسألة غريبة وقَدَّر شذوذَها، ذِكرًا أو فَهْمًا، عن الحاضِرينَ بمجلسِه من أهل العلم -وكان أبو محمدٍ هذا من أجَلِّهم- أجرى ذكْرَها بينَهم، فوقَعَت المُذاكَرةُ فيها بينَهم، حتّى إذا استَوفى كلٌّ منهم ذكْرَ ما حضره فيها استَشْرفَ المنصُورُ إلى الشُّفوف عليهم
(1) هامش ح: ولي قضاء جزيرة شقر ثم وادي آش ثم جيان ثم غرناطة ثم عزل عنها ثم وليها الولاية التي كان من بعض ظهيره بها قول المنصور له: أقول لك ما قاله موسى عليه السلام لأخيه هارون: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 142] وجعل إليه النظر في الحسبة والشرطة وغير ذلك فكان له النظر في الدماء فما دونها، ولم يكن يُقطع أمر دونه ببلده وما يرجع إلى نظره وقام في ذلك أحسن قيام وظهرت سيرته. اهـ. وهذا النص مأخوذ عن صلة الصلة.