الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
522 - عليُّ بن عبد الواحِد بن عبد العزيزِ الغافِقيّ
.
رَوى عن شُرَيْح.
523 - عليُّ بن عبد الوهّاب بن محمد
.
حَدَّث عنه بالإجازة أبو بكرٍ عبدُ الله بن حِزْب الله.
524 -
عليُّ (1) بن عَبَادِل، إشبِيليّ، أبو الحَسَن.
رَحَلَ فحجَّ، ورَوى بمكّةَ كرَّمَها الله، عن أبي ذَرّ الهَرَويِّ، وقَفَلَ إلى بلدِه. ورَوى عنه محمدُ بن عُمر بن وليدٍ الهَوْزنيّ سنةَ ثِنْتينِ وخمسينَ وأربع مئة.
525 -
عليُّ (2) بن عَتِيق بن أحمدَ بن عبد الله بن عيسَى بن عبد الله بن محمد ابن مُؤمن الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، من ذُرِّية عُبَادةَ بن الصّامتِ رضي الله عنه، فيما ذَكرَ أبو الحَسَن بنُ مُغيث، قُرطُبيٌّ نزَلَ بأَخَرةٍ مدينةَ فاسَ، أبو الحَسَن، ابنُ مُؤمن.
رَوى عن آباءِ بكر: أبيه وابن خَيْر وابن عَيّاش والفَلَنْقِيّ، وأبوَيْ إسحاق: ابن الأمين وابن قُرقُول، وأبي جعفر بن أبي مَرْوان، وكذا كَنَاهُ، والمعروفُ في كُنْيتِه: أبو العبّاس؛ وأبي الحَكَم بن غَشِلْيانَ، وآباءِ الحَسَن: خَليل وسَلام وابن حُنَيْن وابن غالب، وأبي خالد بن عبد الجَبّار، وأبوَيْ عبد الله: ابن خَليل وابن الرَّمّامة، وأبي الفَضْل حَفيدِ الأعلم، وأبوَي القاسم: ابن رِضا وابن الفَرَس، وأبوَيْ محمد: الحَجْريِّ وعبد الحقِّ ابن الخَرّاطِ وأكثَرَ عنه بالأندَلُس وببجَايَةَ، وأجازوا له.
وعُني أبوهُ بإسماعِه صغيرًا، فأسمَعَه على أبي إسحاقَ بن ثَبَات، وآباءِ بكر: عبد العزيزِ بن مُدير واليَحْييَيْن: البِيزاليِّ وابن بَصَّال، وابن رَيْدان،
(1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2679).
(2)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (2793)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 248، والذهبي في المستملح (682)، وتاريخ الإسلام 12/ 1150.
وأبوَيْ جعفر: البطْرَوْجيِّ وابن عَطّاف، وأبي الحَجّاج بن رُشْد، وأبي الحَسَن وليد بن مُوفَّق وأَبي الحُسَين اللَّبْليّ وأبي عبد الله بن أبي الخِصَال وأبي عامر بن قَيْصَر وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وآباءِ محمد: ابن فَرَج وابن مُفيدٍ والنَّفْزِيِّ المُرْسي وعبد الحقِّ بن عَطِيّةَ وعبد الغَفُور، وأبي مَرْوانَ بن مسَرَّةَ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ، وأجازوا أيضاً له.
واستَجاز له: أبا بكرٍ ابنَ العرَبي، وأبا الحَسَن عبدَ الرّحيم الحِجَاريَّ، وأبا عبد الله حفيدَ مكّي، وأَراهُ إيّاه، فقَبَّل أيديَهم واستَوهَبَ له دُعاءهم؛ وأبا أحمدَ بنَ رِزق، وأبوَيْ إسحاقَ: ابنَ أحمدَ بن رَشِيق وابن حُبَيْش، وآباءَ بكرٍ: ابن الخُلُف وعَيّاشًا اليابُرِيَّ وابنَ فَنْدِلةَ وابنَ المُرْخِي وابنَ مَسْلمةَ ويحيى بنَ الحَسَن القُرَشيّ، وأبا جعفر ابنَ المُرْخِي، وأبا الحَجّاج القُضَاعيّ، وأبا الحَسَن سَعْدَ بن خَلَف، وشُرَيْحًا، وعَبَّادَ بن سِرْحان، وابنَ الزَّقّاق، وابنَ فَيْدٍ، وابنَ مَعْدَان، وابن نافعٌ، ومحمدًا ابنَ الوَزَّان، ويونُسَ بن مُغيث، وأبا الحُسَين ابن الطَّلّاء، وأبا داودَ بنَ يحيى، وأبا الطاهِر الأشْتَرْكُونيَّ، وآباءَ عبد الله: الأحْمرَ والبُونْتيَّ والجَيّانيّ والبغداديَّ والحَمْزِيّ وابنَ صَافٍ وابنَ غَفْرَال وابن مَعْمَر وابنَ المُناصِف وابن نَجاح وابن وَضّاح وابن أبي أحَدَ عشَرَ، وآباء العبّاس: الأُقْلِيجيّ وابن رَزْقُونَ وابن العَرِيف، وأبا عُمرَ أحمدَ بن صالح، وأبا عَمْرو الخَضِر، وأبوَي الفَضْل: ابنَ شَرَف وعِيَاضًا، وأبوَي القاسم: ابنَ بَقِيّ وابن وَرْد، وأبا محمد الرُّشَاطيَّ، وأبا مَرْوانَ الباجِي، وأبا الوليد محمدَ بن خِيَرةَ.
واستَجازَ لنفسِه: أبا بكر بن مَيْمون، وأبوَي الحَسَن: ابن ثابِت وابن مُسَلَّم، وأبا القاسم ابنُ الرَّمّاك ولقِيَهما، وأبا محمدٍ قاسمًا ابنَ الزَّقّاق، فأجازوا كلُّهم له.
وأخَذ عن أبي بكرٍ الأمرُوشيِّ ولم يَستجِزْهُ، وأبي جعفرٍ عبد الرّحمن ابن القَصِير، وأبي الحَسَن الشّلْطِيشيِّ، وأبي عبد الله التُّجِيبيِّ، وأبي عُمرَ بن حَزْم السَّلالِقيِّ، وأبي القاسم موسى بن نام؛ ولم يذكُرْ أنهم أجازوا له.
ورَحَلَ مُشَرِّقًا سنةَ ستينَ وخمس مئة، وحَجَّ سنةَ إحدى وستينَ، وأقام في رحلتِه أزيَدَ من عامَيْن، ولقِيَ بالإسكندَريّة أبا الفَضْل أحمدَ وأبا عبد الله محمدًا ابنَيْ منصورٍ الحَضْرميَّيْن، وأبا محمد الدِّيباجِيَّ، فسمعَ عليهم وأجازوا له واستَجازوه لأنفُسِهم، وآباءَ الطَّاهر: الدِّيباجِيَّ وابنَ عَوْف والسِّلَفيَّ، وأبا العبّاس السَّرَقُسْطيّ ابنَ الفقيه وأبا محمدٍ عبدَ السَّلام السَّفَاقُسيّ، فسمعَ عليهم وأجازوا له؛ وذَكَرَ أبو العبّاس بن عبد المُؤمن أنّ أبا الطاهِر السِّلفيَّ استجازَه أيضاً لنفسه، وما أرى ذلك صحيحًا؛ لأنَّه لو كان لأثبتَهَ في ذِكْرِه من برنَامَجِه وعَدَّه من كُبرِ مفاخرِه. ولقِيَ بمكَّةَ أدامَ اللهُ تكريمَها أبا الحَسَن بن حَمُّود المِكْنَاسيَّ، وأبا محمد الأَشِيريَّ فأخَذ عنهما قراءةً وسَماعًا وأجازا له؛ وأجاز له أبو إسحاقَ المَوْصِليُّ، وأبو الحَجّاج القَرَوي، وآباءُ الحَسَن: ذُبْيان وابنُ قَنان وابن المَحَلِّي وأبو الخَطّاب العُلَيْمي وأبو الرِّضا طارقٌ وأبو سَعْد محمدٌ المَسْعودي (1)، وكَنَاهُ أبا عبد الله، وكذلك كَنَاهُ بعضُهم، والصّحيح في كُنْيتِه أبو سَعْد (2)، وأبو الضِّياء القَزْوينيّ، وآباءُ عبد الله: ابنُ حمزةَ بن أبي الصَّقْر والرَّحَبيّ والكِرْكنْتيّ، وآباءُ القاسم: البُوصِيري وابن جَارَةَ وابن العَرِيف وابن عسَاكرَ وابن نَصْرُون، وآباءُ محمد: ابنُ بَرِّي وابن صابِر وعبدُ الغنيِّ بن سُرور وعبد الواحِد بن عَسْكَرٍ وعبد الوهّاب البَرْقي والمبارَكُ ابن الطَّبّاخ ومَضَال (3) وابنُ عَطّاف، ولقِيَه، وأبو يعقوبَ بنُ الطُّفَيْل.
واستجاز له شرَف الدِّين أبو الحَسَن ابن المُفضَّل المَقْدِسيُّ أبوَي الثناءِ: حَمّادًا الحَرّانيَّ ومحمودًا البغداديَّ، وأبا الجُيوش عساكرَ، وأبا الحَسَن أحمدَ بن حمزةَ الدِّمشقيَّ، وأبا حَفْص الجُوَيْني، وأبا الخَطّاب المَيانجِيَّ، وأبا الضِّياء بَدْرًا الحَبَشيّ، وأبا الطاهِر بن مَعْشَر، وأبا عَمْرو عثمانَ العَبْدَريَّ، وأبا الغنائم
(1) في م ط: "المسعود".
(2)
في م ط: "سعيد"، في المرتين، خطأ.
(3)
كذا في الأصول، وفوقها في ح علامة خطأ.
المُظفَّرَ الشَّحّاميَّ، وأبا الفداءِ إسماعيلَ المَوْصِلي، وأبا الفَضْل عبدَ الله النَّجْرانيّ، وعبد الرّحمن بن رَجاءٍ الغَزْنَويَّ، ويحيى بن قُلُنبا (1)، فأجازوا له. وأجازت له تَقِيّةُ قطعةً صالحة من نَظْمِها باستدعاءِ ابنِها أبي الحَسَن بن حَمْدون.
وقد ضمَّنَهم برنامجَه الذي سَمّاه "بغْيةَ الراغِب ومُنْيةَ الطالب"، وهو برنامَج حَفيل أودَعَه فوائدَ كثيرةً كاد يَخرُجُ بها عن حدِّ الفهارِس إلى كُتُب الأمالي المُفيدة، وقَفْتُ على نُسخةٍ منه بخطِّه في ثمانيَة عَشَرَ جُزءًا أكثرُها من نحوِ أربعينَ ورقةً، واقتضَبَه في ثمانية أجزاءٍ من تلك النِّسبة وَقَفْتُ عليه أيضاً بخطِّه؛ ورأيتُ نسخةً أخرى من الأصلِ في سِفَرْينِ كبيرين، ويكونُ هذا البرنامَجُ في حجم "جامع التِّرمذي" أو أشفّ، وعرَّفَ فيه أحوالَ رجالِه الذين رَوى عنهم وذكَرَ أخبارَهم ومناقبَهم ومَراتبَهم في العلم وسِيَرَهم وأخلاقَهم، وأسنَدَ عن جُمهورِهم أحاديثَ وحكاياتٍ وأناشيدَ وأدعِيةً وطُرَفًا مُستَطرَفة، فجاء كثيرَ الإمتاع منوَّعَ الفنونِ والأغراض، وصَدَّرَه بطَرَف صالح من بَيان فضلِ العلم وصناعةِ الحديث وطُرُقِ الرِّواية وكيفيّة الضَّبْط، إلى غير ذلك من آدابٍ عِلميّة وفوائدَ حديثيّةٍ نافعة.
رَوى عنه بالإسكندَرّية أبوا الحَسَن: ابنُ فاضل بن سَعْد الله بن حَمْدون الصُّورِيُّ ابنُ تَقِيّةَ المذكورر وابنُ أبي المَكارم المُفضَّل المَقْدِسي المُتقدِّما الذِّكر، وأبو عبد الله محمدُ بن عيسى بن نِزَار المَسُوفيّ، وأبَوا محمد: عبدُ الله بن إبراهيمَ بن عبد الله الجُذَاميُّ، وعبدُ الكريم بن أبي بكر بن عبد الملِك الرَّبَعي، وأبو المَحاسنِ حاتمُ بن محمد بن الحُسَين المُقْدِسي، وقد تقَدَّم ذكْرُ استجازة بعضِ شيوخِه الإسكندريِّينَ إياه، وفي ذلك من شَرَفِه والشّهادة له بالجَلالة ما لا خفاءَ به؛ وبالمغرِب آباءُ الحَسَن: ابنُ خِيَرةَ والشارِّي وابنُ القَطّان، وأبو الرَّبيع بن
(1) في النسخ: "ويحيى قليبي"، وهو تحريف ظاهر، وما أثبتناه هو الصواب، وينظر سير أعلام النبلاء 23/ 237.
سالم، وأبو زكريّا يحيى بنُ أبي بكر بن عبد الله بن جَبَل، وأبَوا عبد الله: ابنُ أحمدَ الفاسِيّ ابنُ الطّويل ومحمدُ بن أحمدَ بن مُؤمن القَيْسيُّ الفاسِيّ، وأبو عبد الرّحمن التُّجِيبيّ، وأبو العبّاس بن عبد المُؤمن، وأبو القاسم بن عبد الرّحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس وأبو محمد بنُ أحمدَ المولي أبو الحَجّاج.
وكان محدِّثًا راوِيةً مكثِرًا، عُنيَ بهذا الشأن طويلًا وبَخَتَ فيه، حاضرَ الذِّكر للآدابِ والتواريخ عمومًا، وخصوصًا تواريخَ المحدِّثين، ماهرًا في عِلم الكلام والطبِّ موفَّقَ العلاج، بارِعًا في التعاليم، أديبًا شاعرًا حسَنَ التصرُّف، متقدِّمًا في صنْعة التوثيق وفي ما كان ينتحلُه من العلوم؛ ونَظَم في العقائد قصيدةً جامعة كبيرةً وقَفْتُ عليها، وفيها بخطِّه إلحاقُ بيوتٍ كثيرة وتصحيحٌ، ورأيتُها أيضاً منسوبةً إلى غيرهِ، فاللهُ أعلم.
وكان مُمتِعَ المجالَسة؛ قال أبو العبّاس بن عبد المُؤمن: كنّا معَه أيامَ القراءة عليه في رَوْضة، قال: وآتَيْتُ أبا عبد الله ابن السَّقّاط يومًا فوجَدتُه ممتلئًا سُرورًاً وفي عينَيْه أثرُ بُكاء، فقال لي: فاتَكَ مجلسٌ شريف، قلتُ له: وما ذاك؟ فقال لي: الآنَ قام من موضعِك أبو الحَسَن بن مُؤمن فذاكَرَنا بأنواعٍ من الأدب ما سَمِعنا مثلَها.
قال أبو الحَسَن بن مُؤمن: لمّا اجتَمْعتُ بالحافظ أبي الطاهِر السِّلفيِّ ودخَلتُ إليه في منزلِه أكرَمَني وأبدَى لي مَبَرّةً وإقبالًا وأثنَى على أهل الأندَلُس خيرًا، ثم سأَلَني عن حوائجي، فذكرتُ له مقاصدي وأنّ جُلَّ قَصْدي بتلك البلاد لُقْياه والأخْذُ عنه، فأنعَمَ بذلك ووَعَدَني بكلِّ خير؛ ثم أنشَدتُه أبياتًا كنتُ رَوَّيتُها وأنا بالبحرِ في مدحِه، وهي هذه [الطويل]:
ظمِئتُ فهلْ لي في مواردِكمْ رِيُّ؟
…
وهل ليَ في أكنافِ عزِّكمُ فَيُّ؟
وقد طُفْتُ في الآفاقِ علِّيَ أنْ أرى
…
بها أحدًا والحيُّ ما إنْ به حَيُّ
قصَدْتُ إليكمْ من بلادٍ بعيدةٍ
…
وأنصَبَ جسمي للسُّري نحوَكمْ طيُّ
لعلّكَ تَجْلو عَنْ فؤادي صَداءَهُ
…
فقد مَدَّ أطنابًا به الجهلُ والعِيُّ
وتُقْبِسُني كفَّاك مِن شَرْعِ أحمدٍ
…
كواكبَ أبدَتْها خُراسانُ والرَيُّ
وحَاشاكمُ مِن أنْ يَضيعَ لدَيْكُم
…
رجائيَ أو يُخْشَى على حاجتي لَيُّ
أبا طاهرٍ أحرَزْتَ دينَ مُحمَّدٍ
…
وناهيكَ فَخْرًا لا يُماثِلُهُ شَيُّ
فأوضَحْتَ من علمِ الحديثِ مَعالمًا
…
وبَيّنْتَ موقوفًا وما هو مَرْوِيُّ
وعلَّمْتَنا نَقْدَ الرِّجالِ ومَيْزَهمْ
…
ومَن كان ذا جَرْحٍ ومَن هُوَ مَرْضيُّ
ومنْ أجْل حِفْظِ الدين سُمّيتَ حافظًا
…
فلا زلتَ محفوظًا وقدرُكَ مَرْعيُّ
ودُمتَ قريرَ العينِ في ظلِّ نعمةٍ
…
فخارُكَ منشورٌ ومجدُكَ مَبْنيُّ
في أبياتٍ سقَطَتْ من حِفظي، فزاد من إكرامي وبِرِّي؛ لأنَّه كان كثيرَ الاهتزازِ للشِّعر.
وعلى الجُملة، فمحاسنُ هذا الرجل كثيرةٌ ولم يَخْلُ معَها من طَعْنٍ عليه، فقد ذَكَرَه الناقدُ أبو الحَسَن ابنُ القَطّان في "برنامَج شيوخِه" وقال: كان مُتقنًا في علم الرِّواية وذا معارفَ سواها من علم الكلام والتوثيق والطّب، وكان شاعرًا، إلا أنه لم يكنْ مَرْضِيًّا في دينِه عند الناس، وكتَبَ مُحاذيًا ذكْرَه في هذا البرنامَج بالحاشيةِ منه ما نصُّه: كان ضابطًا عارِفًا بما يَرويه يُرمَى في دينهِ بالمَيْل إلى الصّبا خاصّةً (1).
قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: وهذه خَلَّةٌ إن صَحَّت عنه أخلَّتْ بجميع ما يُعْزَى إليه من الفضائل التي ذكَرْنا وغيرِها.
وقرأتُ بخطِّ المُقيِّد التأريخيِّ أبي العبّاس بن هارون في ذكْرِ أبي الحَسَن ابن مُؤمنٍ هذا، فقال: أدرَكتُه عَفَا اللهُ عنه، في رحلتي إلى فاس، وهُو ممّن كتَبَ
(1) عند هذا الموضع بحاشية ح بخط مخالف: "قد سلط على ابن القطان من ثلبه فانظره في رسمه (
…
) من هذا الكتاب".
الكثيرَ وأدرَكَ شيوخًا جِلّة وتجَوَّل معَ أبيه، وكان من أهل العلم، ودَخَلَ كثيرًا من مُدُن الأندَلُس في أوّلِ فتنةِ اللَّمْتُونيِّينَ، واستَجازَ له أبوه كثيرًا من الشّيوخ؛ وكانت عندَ أبي الحَسَن هذا معارفُ وإدراكٌ وعنايةٌ بالعلم، وله شعرٌ صالحٌ ومصنَّفاتٌ في غيرِ ما فنّ من الأُصول والطِّبِّ والحديثِ والرِّجال، وبرنامَجُ روايتِه حَفِيل، وحَجَّ ولقِيَ أبا الطَّاهر السِّلَفيّ ونمَطَه من كبارِ المُسنِدين، وكتَبَ عنه عدّةُ رجالٍ بالمشرِق، وعُمِّر طويلًا حتّى ناهَزَ السبعينَ، وكان آخرَ أمره شاهدًا بدارِ الإشراف بفاس، وبها توفِّي عَفَا اللهُ عنه، وكانوا لا يَرضَوْنَه لأمرٍ كبير نَسَبوهُ إليه ولعلّه كَذِبٌ عليه، تغَمَّدَنا اللهُ وإيّاه برحمتِه.
وقال أبو العبّاس بنُ هارونَ، وقرأتُه بخطِّه: قال لي الشَّيخ المُسِنُّ أبو العبّاس أحمدُ بن عليّ بن عبد الله اللَّخْميُّ المعروفُ بابن الحائك: أربعةٌ من أهل فاسَ متعاصِرونَ لا تُرضَى أحوالُهم: الحاجُّ أبو الحَسَن بن مُؤمن، وأبو حَفْص ابنُ البَيْراقي وأبو محمد ابن الياسَمِين وأبو عبد الله بن عبد الحَميد كاتبُ ابن توندوت، لكنّ ابنَ عبد الحَميدِ صَلُحت حالُه بأَخَرة.
وُلدَ لتسع خَلَوْنَ من شوّالِ اثنينِ وعشرينَ وخمس مئة، وقَفْتُ على ذلك في خطِّه، وقال ابنُ الأبار: مولدُه سنة [79 ظ] ثلاثٍ وعشرينَ، وتوفِّي بفاسَ سنةَ ثمانٍ وتسعينَ وخمس مئة خلافَ ما عُمِّره ابنُ هارون.
526 -
عليُّ (1) بن عَطِيّةِ الله بنُ مطرِّف بن سَلَمةَ اللَّخْميُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ الزَّقّاق وابنُ (2) الحاجّ.
(1) ترجمه العماد في الخريدة 2/ 564 (قسم المغرب والأندلس)، وابن دحية في المطرب (100)، وابن سعيد في المغرب 2/ 323، ورايات المبرزين (116)، وابن الأبار في التكملة (2709)، والذهبي في المستملح (648)، وتاريخ الإسلام 11/ 478، والصفدي في الوافي 21/ 316، وابن شاكر في فوات الوفيات 3/ 47، وابن العماد في الشذرات 4/ 89، وغيرهم. وقد حققت ديوانه الفاضلة عفيفة ديراني، وعليه المعتمد في تخريج أشعاره الواردة في هذا الكتاب.
(2)
في م ط: "وأبو".
ويُذكَرُ أنّ بينَه وبينَ بني عَبَّاد قَرابةً وأخفَى أبوهُ نَفْسَه بعدَ خَلْعِهم، وتلبَّسَ بالأذانِ في مَنَار المسجد الجامع ببَلَنْسِيَة. رَوى عن أبي محمد البَطَلْيَوْسيِّ.
رَوى عنه آباءُ بكر: ابنُ عبد الرّحمن الكُتَنْديّ واليَحْيَيانِ (1): ابنُ رِزق وابنُ محمد الأَرْكَشيّ؛ وكان شاعرًا مُجِيدًا غَزِلًا حَسَنَ التصرُّف في معاني الشعر، نبيلَ الأغراض، وشعرُه واصفًا ومادحًا ومتغزِّلًا شاهد بإجادتِه، وهو مدوَّن موجودٌ بأيدي الناس، ومنه في وَصْف قَوْس (2) [البسيط]:
يارُبَّ مائسةِ الأعطافِ مُخْطَفةٍ
…
إذا دَنَا نَزْعُها فالعيشُ منتزَحُ
ظلَّتْ تَرِنُّ فظلَّ النَّزْعُ يَعطِفُها
…
كما ترَنَّمَ نَشْوانٌ به مَرَحُ
وقد تأَلَّق نَصْلُ السَّهمِ مُندفعاً
…
عنها فقُلْ: كوكب يَرْمي به قُزَحُ
وفيها (3)[الكامل]:
مَنْ كان يبغي أن تضاهيَ كَفُّهُ
…
أُفُقَ السماءِ بما حَوَتْ من أنجُمِ
لا تخلُ منّي راحتاهُ لدى الوَغَى
…
أرمي العِدا بشِهابِ قَدْحٍ مُضرَمِ
فأنا التي تَحكي الهلالَ مَعاطفي
…
وأنا التي تَحكي الكواكبَ أسهُمي
وفي معنًى آخَرَ (4)[الطويل]:
وساقٍ يحُثُّ الكأسَ حتى كأنَّما
…
تلألأ منها مِثلُ ضَوْءِ جبينِهِ
سَقَاني بها صِرْفَ الحُمَيَّا عَشِيّةً
…
وثنَّى بأُخرى مِن رحيقِ جُفونِهِ
هضيمُ الحَشَا ذو وَجْنةٍ عَنْدَمِيَّةٍ
…
تُريكَ قِطافَ الوردِ في غير حينِهِ
فأشرَبُ من يُمناهُ ما فوقَ خدِّهِ
…
وألثُمُ مِنْ خَدَّيهِ ما في يمينِهِ
(1) في النسخ: "واليحيين" ولا تستقيم نحواً.
(2)
الديوان (23)، والمغرب 2/ 329.
(3)
هي القطعة (108) في الديوان.
(4)
الديوان (119)، وينظر المطرب (102)، والشريشي 1/ 209 وغيرهما.
وفي التضرُّع إلى الله تعالى (1)[المجتث]:
يا عالمَ السرِّ منِّي
…
اصفَحْ بفضلِكَ عنّي
مَنَّيتُ نَفْسي بعَفْوٍ
…
مولايَ منكَ ومَنّ
وكان ظنّي جميلًا
…
فكنْ إذَنْ عندَ ظنِّي
[80 و] وفي وَصْفِ بَلَنْسِيَة (2)[الوافر]:
بَلَنْسِيَةٌ إذا فكَّرْتُ فيها
…
وفي آياتِها أسنَى البلادِ
وأعظمُ شاهدي منها عليها
…
بأنّ جمالَها للعينِ بادِ
كساها ربُّها دِيباجَ حُسْنٍ
…
له عَلَمانِ من بحرٍ ووادِ
وله (3)[الطويل]:
وآنسةٍ زارتْ معَ اللّيلِ مضجَعي
…
فعانَقْتُ غُصْنَ البانِ منها إلى الفَجْرِ
أُسائلُها: أين الوِشاحُ؟ وقد سَرَتْ
…
مُعَطَّلةً منه مُعَطَّرةَ النَّشرِ
فقالتْ وأَوْمَتْ للسّوارِ: نقَلْتُهُ
…
إلى معصمي لمّا تَقَلْقَلَ في خَصْري
وفي نحوٍ منهُ (4)[الوافر]:
وخَوْدٍ ضَمَّ مئزرُهَا كثيبًا
…
يُهالُ وبُرْدُها غُصْنًا يَرَاحُ
لها قُلْبٌ أبي النُّطقَ اكتتامًا
…
وسرُّ نظامِها أبداً مُباحُ
وقد أمَرَتْهما بالكَتْمِ لكنْ
…
أطاعَ سِوارُها وعصَى الوِشاحُ
(1) الديوان (118).
(2)
الديوان (32).
(3)
الأبيات في المطرب (103)، والمغرب 2/ 332.
(4)
الديوان (41)، والمطرب (103)، والمغرب 2/ 332.