الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَحِبَ أبا القاسم محمدَ بن إسماعيلَ الرَّنْجَانيّ (1)، ورَحَلَ فكتَبَ عنه أبو الطاهر السِّلَفيّ.
1199 - محمدُ بن أحمدَ بن خَليل بن إسماعيلَ بن عبد الملِك بن خَلَف بن محمدِ بن عبد الله السَّكُونيّ، لَبْليُّ الأصل، سَكَنَ إشبيلِيَةَ وبها نشَأَ، أبو الحَكَم
.
رَوى عن أبيه وأعمامِه: أبي زَيْد وأبوَيْ محمد: عبد الله وعبد الحقّ، وأبي بكرٍ ابن الجَدّ، وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، رَوى عنه بَنو إخوتِه.
1200 -
محمدُ (2) بن أحمدَ بن خَليل، أخو الذي يَليهِ قبلَه، لَبْليُّ الأصل سَكَنَ إشبيلِيَةَ وغيرَها، أبو الخَطّاب.
رَوى عن أبيه وعمَّيْه أبي زَيْد وأبي محمد عبد الحقِّ، وأخيه أبي بكر يحيى، وابنَيْ عمِّ أبيه: أبي عبد الله وأبي محمدٍ ابنَيْ [191 ظ] عبد الغَفُور، وخالِه أبي زكريّا بن أبي الحَجّاج، وأكثَرَ عن أبوَي الحُسَين: ابن الصّائغ، وابن زَرْقون ولازَمَه كثيرً المتَاتٍ متأكَّدٍ كان بينَهما؛ وأبي القاسم بن بَقِيّ، وأبي محمد بن حَوْطِ الله.
وأخَذَ قراءةً وسماعًا عن آباءِ بكر: ابن طلحةَ وابن قَنْتَرالَ وابن المُرْخِي والنيار، وأبي جعفر بن مَضَاء، وأبوَي الحَسَن: ابن خَرُوف وابن الفَخّار، وأبي الحَكَم: القُبَاعيِّ وعبدِ الرّحمن بن محمد بن حَجّاج، وأبي العبّاس بن مِقْدام، وأبوَيْ عليّ: الحَسَن بن عامِر والنّرسَاني، وأبي عَمْيرو مُرَجَّى بن يونُس، وأبي عِمرانَ المارْتُليِّ الزاهد، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد الطَّرَسُوني، وآباءِ محمد: ابن جُمْهُور وابن الشَّكّال وعبد الرّحمن الزُّهْرِيّ وعبد الجَليل بن عُفَيْر، ولقِيَ أبا بكرٍ ابنَ الجَدّ، قال: وتذَكَّرني بعدَ وفاةِ أبي وسأَلَني فحُملتُ إليه صغيرًا، وأذكُرُ
(1) بالراء المهملة، قيده ابن نقطة في إكمال الإكمال 2/ 753.
(2)
ترجمه أحمد بن أيبك الحسامي في استدراكه على صلة التكملة للحسيني نقلاً عن ابن الزبير (صلة التكملة 1/ 299)، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 732 نقلًا عن ابن الزبير أيضًا.
مِن تَرحُّمِه على الوالدِ والجَدّ: ورَحِمَ اللهُ تلك العِظامَ العِظام؛ وابنَ أحمدَ بن عُبَيد، والسّلاقيَّ، وابنَ عبد النُور، وابنَ مالكٍ الشَّرِيشيَّ، وابنَ أبي (1) زَمَنِين، وأبا (2) عبد الله بنَ زَرْقُون، قال: وكان قد وَصَلَ هو وابنُه أبو الحُسَين بعدَ وفاة أبي بمُدّة إلى دارِنا زائرَيْنِ ومتفقِّدَيْنِ على عادتِهما معَه في حياته؛ وأبا عُمر بنَ عاتٍ، وأبوَيْ عَمْرو: ابن غياث وابن مَغْنِين، وآباءَ القاسم: الحَوْفيَّ وعبدَ الملِك بن بَدْرُون وابن عُذْرةَ، وكلُّهم أجاز له إلّا أخاه أبا بكرٍ فلم يَذكُرْ أنه أجازَ له. ومن شيوخِه سوى من ذكرَ: أبو عبد الله ابنُ النسرة، وأجاز له أبو زَيْدٍ السُّهَيْليّ ولم يحقِّق لُقِيَّه، وصَحِبَ أبا القاسم بنَ بَقِيّ نحوَ ثلاثينَ سنة.
وكتَبَ إليه مُجيزًا ولم يَلْقَه من أهل الأندَلُس وبَرِّ العُدوة: أبو بكر بنُ صَافٍ، وأبو الحَسَن ابن لُبّال، ونَجَبةُ، وأبو ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبو الصَّبر الفِهْرِيّ، وآباءُ محمد: التّادَليُّ والحَجْريُّ وعبدُ الحقِّ ابن الخَرّاط؛ ومن أهل المشرِق آباءُ الطاهر: ابن عَوْف والخُشُوعيُّ والسِّلَفيّ، وأبَوا عبد الله: جُوبكارُ وابن أبي الصَّيف.
وقد جَمَعَ كتابًا ضمَّنَه التعريفَ بهم وبمَدارِكِهم في العلوم، وتبيينَ أحوالِهم وكيفيَّةَ أخْذِه عنهم، فضاع له عند خروجِه من إشبيلِيَةَ، رجَعَها الله، لمّا استَوْلَى عليها العدُوُّ، قصَمَه الله؛ ثُم جَمعَ بعدُ كتابًا في نحوِه [192 و] سَمّاه بـ "التَّذكِرة" اشتَملَ على نَيِّف وتسعينَ شيخًا أخَذَ عنهم مباشِرًا أو كَتْبًا، وانفردَ بالرّوايةِ عن طائفةٍ منهم، فكان آخِرَ الرُّواة عنهم، ولكنّ أبا جعفر بنَ الزُّبَير وَهِمَ في قولِه، وقد ذَكَرَ جماعةً من شيوخِه: وهو آخرُ مَن حدَّثَ عن هؤلاءِ باللِّقاءِ والمُشافَهة، فمنهم: الحافظُ أبو بكرٍ ابنُ الجَدّ، وأبو عبد الله بنُ زَرْقُون، وقد رَوى عنهما سَماعًا أبو جعفرٍ ابنُ السَّرّاج، وقد تأخَّرتْ وفاتُه عن أبي الخَطّاب بنحوِ خمسِ سنين، ومنهم: أبو جعفر بن مَضَاء، وقد سَمِع عليه ابنُ السَّرّاج المذكورُ وشيخُنا أبو القاسم البَلَويّ، وتُوفِّيا في عامٍ واحد، ومنهم: أبو عَمْرو بنُ غِيَاث،
(1)"أبي": سقطت من م ط.
(2)
في ح م ط: "وآباء"، والسياق لا يدل على ذلك.
وقد لقِيَه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني، وتوفَّي بعدَ أبي الخَطّاب بنحوِ أربعَ عشْرةَ سنةً، ومنهم: أبو بكرٍ السّلاقي، وقد سَمِعَ عليه كثيرًا شيخُنا أبو عليّ الماقريُّ وتوفَّي بعدَ أبي الخَطّاب بنحو ستَّ عشْرةَ سنة، رَوى عنه [....](1). وحدَّثنا عنه أبو جعفر بنُ الزُّبَيْر، وأبو الحَسَن ابنُ الضائع، وأبو عليّ بن رَشِيق صاحبُنا.
وكان فصيحَ اللِّسان بارعَ التعبير عمّا يُحاول، كاتبًا بليغًا، شاعرًا مجُيدًا، خطيبًا مِصقَعًا مِقْدامًا على الكلام وَجَّادًا له يَرتجِلُ الخُطَبَ البليغةَ بين يدَي الملوكِ وفي المحافل الجُمهوريّة، تنبيهًا على المصالح وحَضًّا على ما فيه سَدادُ الأحوال، غيرَ متوقِّف في ذلك ولا متهيِّب لهُ كعادةِ أخيه أبي بكر يحيى وأبيهما قبلَهما، وبأبي الخَطّاب خُتِم شأنُ الخَطابةِ والبلاغة فيها بالأندَلُس، وذلك كان الغالبَ عليه معَ إجادتِه في غيره ممّا ذُكِر وُيذكَرُ من تصرُّفاتِه؛ فقد كان فقيهًا حافظًا متقدِّمًا في عَقْد الشُّروط، مبرِّزًا في علوم اللِّسان، نَظّارًا في علم الكلام وأُصولِ الفقه.
وقد نَظَمَ في العقائدِ قصيدةً فريدةً سَمّاها: "ناظمةَ الفرائض (2) في عِقْدِ العقائد"، وصنَّف في عِلم الكلام وفي الفقه، ومن مصنَّفاتِه:"الحُجَجُ الإقناعيّة في المحجورِ إذا استُعملَ في الخُططِ الشَّرعيّة"، و"النَّفْحةُ الدارِيّة واللَّمحةُ البُرهانيّة [192 ظ] في العقيدةِ السَّنِيّة والحقيقةِ الإيمانيّة".
وكان ذاكرًا للتاريخ قديمِه وحديثِه حَسَنَ الإيرادِ له، ممتِعَ المجالسة، مأمونَ الغَيْبِ والشهادة، وكتَبَ عن جماعةٍ من جِلّة قُضاةِ إشبيلِيَةَ. وقد جَمعَ أبو بكيرٍ ابنُ أخيه أبي عُمرَ كلامَه نَظْمًا ونثرًا في كتابٍ سمّاه:"الغُرَر والدُّرَر" أودَعَه جُملةً صالحة من رسائلِه ومُنشَاَتِه الإخوانيّاتِ وما يُناسبُها، ولم يُلفِ له منَ الإنشاءات السُّلطانيّة ما يُوردُهُ فيه، فقد كان أيامَ شَبِيبتِه استَعمَلَه بعضُ الأمراء في الكَتْبِ عنه، فتلبَّس به حِينًا على كَراهةٍ منه، ثُم لمّا صار في سِنِّ الاكتهال، نَزَعَ بالجُملة عن ذلك الحال، ولم يزَلْ يُرغَبُ في الخِدمة فيَصدِفُ عنها، وَيفِرُّ
(1) بياض في النسخ.
(2)
كذا في النسخ، ولعلها "الفرائد".
أنَفَةً بمنصبِه منها، على ما كان عليه سَلَفُه. وفي كُتُبِه وكُتُبِ أخيه القاضي أبي بكرٍ يقولُ رئيسُ الكُتّاب وكبيرُهم أبو عبد الله بن عَيّاش: كُتبُهما رسائل، وهي معَ ذلك دواوينُ عِلم ومسائل.
ومن شعرِه ما قالهُ ضَجَرًا بحالِه، وسَآمةً من حِلِّه وتَرحالِه، لنُوَب زمانِه، ونُبُوُ حِمصَ لأوطانِه، عندَ استيلاءِ الكفَرةِ عليها [البسيط]:
أَشكو إلى الله ما لاقَيْتُ من زمَنِ
…
في غُربةٍ عارَضَتْ في مأْلَفِ الوطنِ
إذا تنكَّرَ لي حالاً تَنَكَّرَ لي
…
أبناؤُهُ وأثاروا ثائرَ الإحَنِ
أحالَهمْ حالُهُ مهما انتَحَى غَرَضًا
…
في الاستنانِ به في ذلك السَّنَنِ
فكم أحالَ منَ احوالٍ بجَفْوتِهِ
…
وكم ألمَّ بآلامٍ من المِحَنِ
ثم رجَعَ في الحِين، إلى عَقْدِ اليقين، في قُدرةِ الله وحَوْلِه، واستغفَرَ من قولِه بقوله [البسيط]:
أستغفرُ اللهَ كم لله من مِنَنِ
…
لُمْتُ الزمانَ ولا لومٌ على الزمنِ
فالأمرُ لله في الحالاتِ أجمعِها
…
والكلُّ لولاهُ لم يوجَدْ ولم يكُنِ
هُو الذي خَلَقَ الأشياءَ مخترِعًا
…
فالمَحْ بلامحةِ الألبابِ والفِطَنِ
وكنْ معَ الله في علمٍ وفي أدبٍ
…
مستوضِحًا سَنَنَ القرآنِ والسُّننِ
قال المصنَّفُ عَفَا اللهُ عنه: في قولِ الناظم: "أجمعِها"[193 و] نظَرٌ مِن قِبَلِ استعمالِه إيّاه مُضافًا ولا تَستعملُه العرَبُ كذلك.
وأكَّد ذلك المعنى وتمَّم ذلك المبنى بقولِه (1)[البسيط]:
بمُدرِكِ العقلِ كلُّ الخلقِ مطلوبُ
…
كَسْبًا ولكنْ لربِّ الخَلْقِ منسوبُ
مشيئةُ الحقِّ في الأكوانِ كائنةٌ
…
علمًا قديمًا وسِرُّ الغَيْبِ محجوبُ
(1)"بقوله": سقطت من م ط.
وكلُّ شيءٍ فمقدورٌ بقُدرتهِ
…
وهْو المُسبِّبُ ما للغَيْرِ تَسبيبُ
فسلِّمِ الأمرَ للأحكام وارْضَ بها
…
فكلُّ حُكمٍ بصَفْحِ اللَّوْح مكتوبُ
والربُّ ربٌّ وكلٌّ تحتَ قُدرتهِ
…
يَقضي بما شاءَ والمربوبُ مربوبُ
وكلُّ حيٍّ فعنْ رِزقٍ وعن أجلٍ
…
كلٌّ بسابقةِ التقديرِ محسوبُ
كفاكَ ربُّكَ أمرًا قد تكفلَهُ (1)
…
فالهَمُّ بالكائنِ المَكفِيِّ تعذيبُ
قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: قولُ الناظم: "للغَيْر" لا تقولُه العرب؛ وهذا من النَّظم النَّقيِّ البارع الشاهدِ بتقدُّم مُنشئه وبلاغتِه، وتبريزِ في شَأْو إجادتِه.
توفِّي عن سِنٍّ عالية في العَشْر الأُخَر من شعبانِ اثنينِ وخمسينَ وست مئة (2).
1201 -
محمدُ (3) بن أحمدَ بن خليلٍ السَّكُوني، لَبْليُّ الأصل إشبِيليُّ المنشَإ والمسكَن، أبو عُمر.
أخو أبي الحَكَم وأبي الخَطّاب المذكورَيْنِ آنفًا وأبي الفَضْل وأبي بكرٍ يحيى الآتي ذكْرُه بعدُ إن شاء الله. تفَقَّه على أبيه وعمَّيْه: أبي زَيْد وأبي محمدٍ عبدٍ الحقّ، ورَوى عن آباءِ بكر: ابن الجَدّ وابن مالك والنَّيّار وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال والحَوْ فيِّ، وأبي الحَسَن بن لُبّال، وأبي زَيْد السُّهَيْلي، وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبي العبّاس بن مَضَاء، وأبوَيْ محمد: ابن جُمهُور والحَجْريّ؛ وأجازَ له من أهل المشرِق آباءُ الطاهر: الخُشُوعيُّ والسِّلَفيُّ وابنُ عَوْف، وله شيوخٌ غيرُ هؤلاء [....](4).
وكان حَسَنَ المشارَكة في فُنونٍ من العلم، فقيهًا حافظًا، جيِّدَ القيام على المذهبِ المالكيّ ذاكرًا مسائلَه، وجَمعَ بينَ "الرِّسالة" و"التفريع" و"التلقين" جَمْعًا
(1) في النسخ: "تكلفه".
(2)
في الحادي والعشرين من شعبان كما نقل ابن أيبك عن ابن الزبير.
(3)
ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 555.
(4)
بياض في الأصول.