الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
181 - العادلُ بن إبراهيمَ ابن العادل العَبْدَريُّ، مَنُرْقيٌّ، أبو الحَكَم
.
رَوى عن أبي عُثمانَ سَعيد بن حَكَم، وأبي الرَّبيع بن عليّ الكُتَاميِّ كثيرًا، وأبي بكرٍ محمد بن محمد بن صَافٍ، وأبي عليّ التِّلِمسيني. وكان مُشارِكًا في علوم جَمّة، حَسَنَ المُداعَبة والمُفاكَهة، ذا حظٍّ من قَرْض الشّعر، وكان معَ مُداعبتِه ومُفاكَهتِه مرضيًّا عندَ الخاصّةِ والعامّة.
182 -
عاشِرُ (1) بن محمد بن عاشِر بن خَلَف بن مُرَجَّى بن حَكَم الأنصاريّ، يَنَاشْتِيٌّ سكَنَ شاطِبَةَ، أبو محمد.
رَوى عن أبيه، وتلا بالسّبع على أبي جعفر بن محمد بن ذِرْوةَ المُرادِيِّ. ورَوى عنهُ وتدَبَّج معَه، وببعضِها على أبي القاسم ابن النَّخّاس ولقِيَهما بقُرطُبةَ. ورَوى الحديثَ عن أبي بحرٍ الأسَديِّ، وأبي بكر ابن العَرَبيّ، وأبي جعفر بن جَحْدَر، وأبي الحَسَن بن واجِب، وأبوَيْ عبد الله: المَوْرُوريِّ وأبي عامر بن حَبِيب، وأبي عليّ الصَّدَفيّ، وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وأبي محمد بن عَتّاب، وتفَقَّه بأبي محمد بن أبي جعفر، وتأدَّبَ بأبي محمد بن السِّيْد. وحَدَّث بالإجازةِ عن أبي عبد الله الخَوْلانيِّ وأبي الوليد بن رُشْد. وكتَبَ إليه من المشرِق: أبو الحَجّاج بنُ نادر وأبو الحَسَن رَزِينُ بن معاويةَ، وصحِبَ أبا الحَسَن (2) بنَ مُغِيث وأبا الحُسَين (3) بنَ سِرَاج وأبا عبد الله بن حَمِيد، واستَكْثَرَ من لقاءِ الأكابر من كلِّ طبقة، ورأى أبا عبد الله بنَ فَرَج يُؤتَى به ليلةَ سبع وعشرينَ من رمضانَ إلى الجامع بقُرطُبةَ على دابّة بين عَدْلَيْنِ ليشهَدَ خَتْم القرآن به.
(1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1125)، وابن الأبار في التكملة (3000)، ومعجم أصحاب الصدفي (281)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 346، والذهبي في المستملح (758)، وتاريخ الإسلام 12/ 362.
(2)
في م ط: "العباس"، خطأ.
(3)
في م ط: "الحسن"، محرف.
رَوى عنه أبَوا بكر: ابنُ أبي جَمْرةَ ومُفوَّز بن طاهر، وأبو الخَطّاب بن واجِما، وآباءُ عبد الله: الأَنْدَرْشيّ وابن سَعادةَ المُعَمَّر، وابنُ أخيه، وأبو عُمرَ بن عاتٍ، وأبو القاسم بن البَرَّاق، وأبَوا محمد: عبدُ المُنعِم ابن الفَرَس وغَلْبُون.
وكان فقيهًا حافظًا للمسائل مَعْنيًّا بالرأي، معروفًا بالفَهْم والإتقان [28 و] بصيرًا بالفتوى، أنجَبَ تَلامذةِ أبي محمد بن أبي جعفر، وشُوورَ ببلده وببَلَنْسِيَةَ، وشَرَحَ "المُدوَّنةَ" مسألةَ مسألة بكتابٍ كبير سمّاه:"الجامعَ البسيط وبُغْيةَ الطالبِ النَّشيط" بَلَغَ فيه إلى كتابِ الشهادات، في نحو مئة جُزء، حَشَدَ فيه أقوالَ الفقهاء ورَجَّح بعضَها واحتَجَّ له، وتوفِّي قبلَ إكمالِه.
قال أبو إسحاقَ بن قريعات: قلتُ لأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله: هل رأيتَ أحفَظَ من أبي بكر ابن الجَدِّ؟ قال: نعَمْ، رأيتُ عاشِرًا، وكان أحفَظَ منه.
واستَقْضاهُ أبو محمد عبدُ المُنعِم بن سَمَجُونَ على باغُه أيامَ قضائه بغَرْناطةَ، ثم صحِبَه إذ استُقضيَ بإشبيلِتةَ فاستَقْضاه ببعض المُدُن الغربيّة ولازَمَه مُدّة، ثم عاد إلى شرقِ الأندَلُس فتعرَّفَ به أبو زكريّا بنُ غانيةَ وجَلَّ عنده وحَظِيَ لديه، وقدَّمه ببَلَنْسِيَةَ إلى خُطّة الشُّورى فكان بها رأسَ المُشاوَرِينَ وإليه كانت تُرَدُّ صِعَابُ المسائل ومُشكلاتُها، ثُم استَقْضاه بمُرسِيَةَ وأعمالِها في أواخِر تسع وعشرينَ فبقيَ قاضيَا لهم بها إلى انقراضِ دولة أهلِه اللَّمْتُونيِّينَ منها في أواخر تسع وثلاثينَ وخمس مئة، فصُرفَ أجملَ صَرف، واستقَرَّ بشاطبةَ يُدرِّسُ الفقة ويُسمعُ الحديث، وعليه كان مدارُ المُناظرة لغَزارةِ حفظِه وتمكُّن معرفتِه وتفنُّنِه في العلوم وإيرادِه الأخبارَ والنّوادر. وكان يُكاتبُ الإمامَ أبا القاسم ابنَ وَرد في ما عسى أن يُشكِلَ عليه من نَوازلِ الأحكام فيُجيبُه أبو القاسم، وجمَعَ من ذلك ومن أجوِبة أبي الوليد بن رُشْد "ديواناً" مُفيدًا؛ وكانت بينَه وبينَ أبي جعفر بن أبي جعفرٍ وَحْشةٌ أيامَ استقضاءِ أبي محمد بمُرْسِيَة، فلمّا ثار أبو جعفرٍ بها أرسَلَ فيه، فظَنَّ بعضُ حَسَدتِه أنه إنّما بعَثَ ليَنالَه بمكروه، فلمّا دخَلَ عليه قام له بإكرام حَفيل وبِرّ واسع، ولاطَفَه أجملَ مُلاطَفة ونَدَبَه إلى الدخول معَه
في ما دخَلَ فيه فامتَنعَ أبو محمد من ذلك. وكان يُحدِّثُ أنه ألفَى طلَبةَ العلم عندَ أبي جعفر هذا مُتقلِّدي السُّيوف قد صاروا حَشَمًا وخَدَمًا، وقَعَدَ أبو محمد في تلك الفِتن كلِّها عاكفًا على العلم مُفيدًا ومُستفيدًا مُقبِلًا على ما [28 ظ] يَعنيه، ناظرًا في أسبابِ معيشتِه، إلى أن لحِقَ بربِّه.
وكان خَيِّرًا فاضلًا، ذا وِرد منَ اللّيل، فكان دأْبُه متى أشكَلَ عليه شيءٌ من مُتَشابهِ القرآن تلاوةً جعْلَ بعضِ تلامذتِه يقرَأُ عليه السُّورةَ المتضمِّنةَ ما أشكَلَ عليه ولا يُعيِّنُ له موضعَ الإشكال، ولا يعرفُ القارئ مرادَه من تعيينِ تلك السُّورة؛ ليُثبِّتَ يقينَه ويُقوِّي سُكونَه ويُرسِّخَ حفظَه. وكُفَّ بصَرُه.
وتوفِّي بشاطِبةَ سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة، ومولدُه بيَناشْتُهْ سنةَ أربع، وقيل: ستّ وثمانينَ وأربع مئة.
183 -
عاصِمُ (1) بن خَلَف بن محمد بن عُقاب التُّجِيبيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو محمد.
رَوى عن صِهرِه أبي الحَسَن بن واجِب، وأبوَيْ محمد: ابن سَعيد الوَجْدي، وتفَقَّه به، وابن السِّيْد. وكان مُتفنِّنًا فقيهًا حافظًا يَغلِبُ عليه عِلمُ الرأي، لَسِنًا فصيحًا جَزْلًا مَهِيبًا، صادعًا بالحقّ، مُقِلًّا صَبُورًا، دَرَّس "المُدوَّنةَ" دهرًا طويلًا، وشاوَرَه القاضي أبو الحَسَن بنُ عبد العزيز.
وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ معتقَلًا في سِجنِها في جُمادى الأولى سنةَ سبع وأربعينَ وخمس مئة أثناءَ ثورةِ عبد الملِك بن شلبان المعروفِ بابن جلوبة بها، ودُفنَ بداخِل سُورِها ابنَ سبعينَ سنةً أو نحوِها.
184 -
عاصِمُ (2) بن زيد بن يحيى بن حَنْظَلَة بن عَلْقَمةَ بن عَدِيِّ بن زَيْد بن حِمار بن زَيْد بن أيّوب بن مَجْروفِ بن عامِر بن عُصَيّةَ بن امرِئ القَيْس بن زَيدِ
(1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2972)، والذهبي في المستملح (752)، وتاريخ الإسلام 11/ 906.
(2)
ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (954)، والضبي في بغية الملتمس (1543)، وابن ظافر الأزدي في بدائع البدائه (21)، وابن الأبار في التكملة (2969)، وابن سعيد في المغرب 2/ 123.
مَنَاةَ بن تَمِيم بن مُرِّ بن أُدِّ بن طابخةَ بن إلياسَ بن مُضَرَ بن نِزَار بن مَعَدِّ بن عدنانَ التَّميميُّ العَبّاديُّ، قُرطُبيّ، أبو المَخْشِيّ؛ وأبوه زيدٌ هو الداخِلُ من المشرِق إلى الأندَلُس.
كان شاعرًا مطبوعًا مجوِّدًا حُلوَ الألفاظ بارعَ المعاني، وكان مُنقطِعًا إلى سُليمانَ بن عبد الرّحمن بن مُعاويةَ، وكان هِشَامُ بن عبد الرّحمن يَشْنَؤُهُ لانقطاعِه إلى أخيه فبُغِيَ عليه عندَه، وأُنشِدَ له أبياتٌ فيه قيل: إنّها صنِعَت على لسانِه، وإنّما له منها بيتٌ واحدٌ قصَدَ به معنًى فحَرَّفَه الساعي عليه إلى غيرِه، وهو [الوافر]:
وليس كشانئ إن سِيْلَ عُرفًا
…
يُقلِّبُ مُقلةً فيها اعوِرَارُ
وكان هشام أحوَلَ، فقيل له: إنّما عَرَّضَ بك ولم يُرِد سِواك، فاغتَمَّ [29 و] لذلك، وكان واليًا بماردَةَ، فأعمَلَ الحِيلةَ فيه حتى سِيقَ إليه فأمَرَ بقَطْع لسانِه وسَمْل عينَيْه. ولمّا بَلَغَ ذلك الإمامَ عبدَ الرّحمن شَقَّ عليه ما ارتكَبَه ابنُه هشامٌ من أبي المَخْشِيّ وكتَبَ إليه يُعنِّفُه ويُقبِّحُ فعلَه، وصار أبو المَخْشِيِّ بعدَ ذلك يتكلّمُ كلامًا ضعيفًا وبَقِي أعمى، وفي ذلك يقول (1) [الرمل]:
خَضَعَتْ أُمُّ بناتي للعِدَى
…
أَنْ قضَى اللهُ قضاءً فمضَى
ورأَتْ أعمى ضَريرًا إنّما
…
مَشْيُهُ بالأرضِ لمسٌ بالعَصَا
فبَكَتْ وَجْدًا وقالت قولةً
…
وهْي حَرَّى بلَغَتْ مِنّي المدى
ففؤادي قَرِحٌ (2) من قولِها
…
ما مِنَ الأدواءِ داءٌ كالعمى
وإذا نالَ العمَى ذا بَصَرٍ
…
كان حيًّا مثلَ مَيْتٍ قد ثَوَى
وكأنّ الناعمَ المسرورَ لم
…
يَكُ مسرورًا إذا لاحَ الرَّدى
(1) من هذا الشعر أربعة أبيات في تاريخ افتتاح الأندلس: 59.
(2)
في النسخ: "قريح".