الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (لَا يقل أحدكُم اللَّهُمَّ اغْفِر لي إِن شِئْت اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِن شِئْت اللَّهُمَّ ارزقني إِن شِئْت ليعزم مَسْأَلته فَإِنَّهُ يفعل مَا يَشَاء لَا مكره لَهُ)
فصل فِي أُمُور تتَعَلَّق بولاة الْيمن فِي هَذِه السّنة
قَالَ الْعِمَاد كَانَ الْأَمِير مجد الدّين سيف الدولة مبارك بن كَامِل بن منقذ نَائِبا لشمس الدولة أخي السُّلْطَان بزبيد وَحصل لَهُ من أموالها الطريف والتليد
ثمَّ ابْتَاعَ من السُّلْطَان النَّاحِيَة الْمَعْرُوفَة بالعدوية بِمصْر لما عَاد إِلَيْهَا
وَبَقِي أَخُوهُ حطَّان بزبيد واليا عَلَيْهَا فَصنعَ دَعْوَة عَظِيمَة بهَا ذكر الْعِمَاد أَنه حضرها هُوَ وَغَيره من الْفُضَلَاء الْأَعْيَان فَبَيْنَمَا هم عِنْده فِي أسر حَال إِذْ أحدق بهم الْأَمِير بهاء الدّين قراقوش فَقبض على سيف الدولة واعتقل بِالْقصرِ
وَكَانَ سَببه أَن أقَارِب السُّلْطَان وخواصه كَثُرُوا عَلَيْهِ عِنْده أَنه استوعب مَال زبيد وَأَن لَهُ كنوزا لَا تبيد وأشاروا عَلَيْهِ بِقَبْضِهِ وَهُوَ يدافع عَنهُ إِلَى أَن أَكْثرُوا وَقيل فِيهِ إِن لم تُدْرِكهُ فَاتَ
فَأمر بِهِ فاعتقل فسمح للسُّلْطَان خَاصَّة من النَّقْد الْمصْرِيّ بِثَمَانِينَ ألف دِينَار لم يظْهر فِيهَا بيع دَار وَلَا مَتَاع وَلَا استدانة من تجار
وَغرم لأخوي السُّلْطَان الْعَادِل وتاج الْمُلُوك مَا حَافظ بِهِ على نهج الْكَرم المسلوك وَخرج مشرفا مكرما مصرفا مُحْتَرما وَزَاد السُّلْطَان فِي تكرمته وَنفذ إِلَيْهِ بِمَا قَبضه مِنْهُ خطّ يَده بِأَن الْمبلغ دين فِي ذمَّته ثمَّ بَاعه أملاكا بِمصْر بِتَقْدِير ثَلَاثِينَ ألف دِينَار وبذل لَهُ كل مَا طلب عَن إِيثَار وَاخْتِيَار وَزَاد فِي إقطاعه وَبَارك الله لَهُ فِي أشيائه وأشياعه
قَالَ الْعِمَاد وَكَانَ هَذَا الْأَمِير من رجاحة عقله وحصافة فَضله مَا سَمِعت مِنْهُ شكوى وَلَا حِكَايَة فِي بلوى وَقتل أَخُوهُ حطَّان بزبيد وَأخذ مَاله فَلم يظْهر مِنْهُ للسُّلْطَان كَرَاهَة وكل شيمته نزاهة ونباهة
قَالَ وَكَانَ لما توفّي الْملك الْمُعظم شمس الدولة أشْفق السُّلْطَان من نوابه بِالْيمن وَذكر مَا بَين ولاتها من الإحن وَوصل الْخَبَر بِمَا يجْرِي بَين الْأَمِير عُثْمَان بن الزنجيلي وَالِي عدن وَبَين الْأَمِير حطَّان وَالِي زبيد من الْفِتَن فندب إِلَى زبيد عدَّة من الْأُمَرَاء لحفظ الْبِلَاد وَإِصْلَاح الْأُمُور الَّتِي يخْشَى عَلَيْهَا من الْفساد وَمن جُمْلَتهمْ وَالِي مصر صارم الدّين خطلبا وَبقيت الْولَايَة لَهُ بهَا فِي غيبته يقوم بهَا نوابه وَيرجع إِلَى رَأْي أَهله أَصْحَابه فشرعت زَوجته فِي عمَارَة دَار عَظِيمَة سنية
وَذكر الْعِمَاد أَنه حصل لَهُ وَلغيره من الْأَعْيَان بهَا ضِيَافَة جليلة اتفاقية
وَقَالَ ابْن أبي طي كَانَت نفس سيف الْإِسْلَام طغتكين أخي السُّلْطَان تشرئب إِلَى الْيمن من حَيْثُ مَاتَ أَخُوهُ شمس الدولة ويشتهي أَن يصير إِلَيْهَا فَأمر ابْن سَعْدَان الْحلَبِي أَن يعْمل لَهُ قصيدة يعرض فِيهَا بإنفاذ سيف الْإِسْلَام إِلَى الْيمن فَعمل القصيدة الَّتِي يَقُول فِيهَا
(جرد لَهَا السَّيْف الصَّقِيل فتْنَة
…
فالسيف لَا يذخر إِلَّا للفتن)
(شدّ بِهِ أزر الْعلَا فَإِنَّهُ
…
نعم فَتى من شرع الْجُود وَسن)
(الْقَائِل المسمع فِي مقاله
…
والصادق النّدب الْأمين المؤتمن)
(بَادِي الْفُؤَاد كَيْفَمَا سيرته
…
حن إِلَى دَار الوغى ثمت أَن)
وفيهَا يَقُول
(يَا ابْن الْكِرَام النجباء وَالَّذِي
…
تلقف العلياء فِيهَا ولقن)
(لَا تعد عَيْنَاك عَن الْملك فَمَا
…
يُخَاطب العلياء إِلَّا من وَمن)
(قد فسد الْملك وَقد طَال العدى
…
واقتسموا بعْدك أَمْوَال الْيمن)
قَالَ فَلَمَّا سمع السُّلْطَان هَذِه القصيدة أذن لسيف الْإِسْلَام فِي الْمسير إِلَى الْيمن
وَقَالَ الْعِمَاد وَفِي هَذِه السّنة تقرر مَعَ سيف الْإِسْلَام ظهير الدّين طغتكين بن أَيُّوب أَن يمْضِي إِلَى بِلَاد الْيمن وزبيد وعدن وَأَن يقطع بهَا الْفِتَن ويتولاها ويولي ويعزل وَيحسن ويعدل
فَسَار بعد مسيرنا إِلَى الشَّام وَجَرت مَمْلَكَته فِيهَا على أحسن نظام وَذَلِكَ فِي سنة ثَمَان
وَوصل إِلَى زبيد وَحط حطَّان عَن رتبته وأمنه وطمنه ثمَّ أذن لَهُ فِي الِانْفِصَال إِلَى الشَّام فَجمع حطَّان كل مَاله من سبد ولبد ومطرف
ومتلد ولجين وعسجد وَيَاقُوت وَزَبَرْجَد وآلات وَعدد وحصن وحجور عراب وَمَال اعتقده من الْيمن بِغَيْر حِسَاب
ثمَّ أَنَاخَ جماله ورحل عَلَيْهَا أحماله وَقدم قدامه أثقاله وَظن أَنه نجا وفاز وَركب الأوفاز فزده إِلَيْهِ ليودعه ثمَّ يشيعه ويركب مَعَه فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ اعتقله وسير وَرَاء مَاله من أقفله وَإِلَى خزانته نَقله ثمَّ أنفذه إِلَى بعض معاقله فحبسه ثمَّ قَتله
وَفِيمَا ذكر للسُّلْطَان من خبر ذهبه وَمَاله الذَّاهِب مَا يعيي بحصر تفاصيل جمله أنمل الحاسب أَن نيفا وَسبعين غلافا من غلف الزرد كَانَت مَمْلُوءَة بِالذَّهَب الْأَحْمَر المنتقد وَقوم الْمَأْخُوذ بِقِيمَة ألف ألف دِينَار
وَأما صَاحب عدن الْأَمِير عز الدّين عُثْمَان بن الزنجيلي فَإِنَّهُ لما
سمع بِسيف الْإِسْلَام توجه إِلَى الشَّام
قلت وَلِهَذَا الْأَمِير أوقاف وصدقات بِمَكَّة واليمن ودمشق فإليه تنْسب الْمدرسَة والرباط المتقابلات بِبَاب الْعمرَة بِمَكَّة والمدرسة الَّتِي خَارج بَاب توما بِدِمَشْق رحمه الله
وَمن كتاب فاضلي عَن السُّلْطَان إِلَيْهِ الْبِلَاد لَك فِيهَا عدَّة سِنِين وَأَنت فِيهَا مؤتمن على مَال الله فأده إِلَى من يُجَاهد بِهِ أَعدَاء الله وَيُقِيم بِهِ كلمة الله ويحفظ بِهِ الْبَيْضَة ويذب بِهِ عَن الْملَّة وَيُقَاتل بِهِ أَعدَاء الْقبْلَة وَيضْرب بالأسداد بَين الْكفْر وَالْإِسْلَام وَينصب وَجهه بَين الهجير والزمهرير عَاما فِي إِثْر عَام وَمَا نطلب مِنْك الْبَاطِل الَّذِي لَا يجوز لنا أَن