الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي سَابِع شَوَّال ثمَّ كثر الْقَتْل فِي الْبَلَد فَكل من فِي قلبه على أحد شَرّ وثب عَلَيْهِ فَقتله من رجل أَو امْرَأَة وَكَانَ الْقَتْل الْكثير فِي أَصْحَاب ابْن الخجندي وَكَانَ الْحَرِيق والنهب وإحراق الدّور فِي أَصْحَاب القَاضِي وَجرى الْقِتَال يَوْم عَرَفَة وَيَوْم الْعِيد ودام وَبَطل النَّاس من المعايش وَخَربَتْ الْأَسْوَاق وَوَقع الغلاء وَمَات النَّاس من الْجُوع وَبَقِي أهل أصفهان على قدم الْخَوْف وَأخذت ثِيَاب النَّاس فَلَا يتجاسر أحد أَن يلبس ثوبا جَدِيدا والعيارون يَأْخُذُونَ أَمْوَال النَّاس مقاواة وهرب النَّاس من أصفهان
فصل
قَالَ الْعِمَاد مِمَّا قدره الله تَعَالَى من أَسبَاب نصْرَة الْإِسْلَام ووهن الْكفْر أَن قومص طرابلس رغب فِي مصافاة السُّلْطَان والالتجاء إِلَيْهِ والمساعدة لَهُ على أهل مِلَّته بِسَبَب أَنه كَانَ تزوج بالقومصية صَاحِبَة طبرية وَكَانَ أَخُوهَا الْملك المجذوم لما هلك أوصى بِالْملكِ لِابْنِ أُخْته هَذِه وَهُوَ صَغِير فَتزَوج القومص أمه ورباه فَمَاتَ الصَّغِير وانتقل الْملك إِلَى
أمه ثمَّ إِنَّهَا مدت عينهَا إِلَى بعض المقدمين من الغرب فتزوجته وفوضت الْملك إِلَيْهِ فشرع يطْلب حِسَاب الْبِلَاد من القومص فَوَقع الِاخْتِلَاف بَينهم لذَلِك فالتجأ القومص إِلَى ظلّ السُّلْطَان فَصَارَ لَهُ من جملَة الأتباع فَقبله السُّلْطَان وَقواهُ وَشد عضده بِإِطْلَاق من كَانَ فِي الْأسر من أَصْحَابه فَقَوِيت مناصحته للْمُسلمين حَتَّى كَاد لَوْلَا خوف أهل مِلَّته يسلم وَصَارَ بدولة السُّلْطَان وَملكه يقسم وَمَال إِلَيْهِ من الفرنج جمَاعَة وَظَهَرت لَهُ مِنْهُم للطماعية طَاعَة وَدخلت إِلَى بِلَادهمْ من جَانِبه السَّرَايَا وَخرجت بالغنائم والسبايا وَأعْطى الدنية فِي دينه بِمَا استدناه من العطايا فَصَارَ الفرنج يدْفَعُونَ شَره ويحذرون مكره فَتَارَة يدارونه وآونة يمارونه وللقومص قوم صدق يساعدونه فِي كل حق وباطل فبلي مِنْهُم أهل السَّاحِل بشغل شاغل وَهَذَا الْملك المجذوم هُوَ ابْن الْملك أماري بن فلك وَهُوَ مري الَّذِي تقدم ذكره وَتُوفِّي أماري فِي آخر سنة تسع وَسِتِّينَ سنة مَاتَ نور الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَخلف الملعون هَذَا الْوَلَد المجذوم فَبَقيَ
بَينهم زهاء عشر سِنِين ملكا مُطَاعًا فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت أوصى لِابْنِ أُخْته بِالْملكِ
قَالَ وَكَانَ إبرنس الكرك أرناط أغدر الفرنجية وأخبثها وأفحصها عَن الردى والرداءة وأبحثها وأنقضها للمواثيق المحكمة والأيمان المبرمة وأنكثها وأحنثها وَمَعَهُ شرذمة لَهَا شَرّ ذمَّة وَهِي من شَرّ أمة وهم على طَرِيق الْحجاز وَمن نهج الْحَج على الْمجَاز وَكُنَّا فِي كل سنة نغزوه وبالبوائق نعروه ويصيبه منا الْمَكْرُوه فأظهر أَنه على الْهُدْنَة وجنح للسلم وَأخذ الْأمان لبلده وَأَهله وَقَومه وروحه وَبَقِي الْأَمْن لَهُ شَامِلًا والقفل من مصر فِي طَرِيق بَلَده متواصلا وَهُوَ يمكس الجائي والذاهب حَتَّى لاحت لَهُ فرْصَة فِي الْغدر فَقطع الطَّرِيق وأخاف السَّبِيل وَوَقع فِي قافلة ثَقيلَة مَعهَا نعم جليلة فَأَخذهَا بأسرها وَكَانَ مَعهَا جمَاعَة من الأجناد فأوقعهم فِي الشّرك وَحَملهمْ إِلَى الكرك وَأخذ خيلهم وَالْعدة وسامهم الشد والشدة فَأَرْسَلنَا إِلَيْهِ وذممنا فعاله وقبحنا احتياله واغتياله فَأبى إِلَّا الْإِصْرَار والإضرار فَنَذر السُّلْطَان دَمه ووفى فِي إِرَاقَة دَمه بِمَا الْتَزمهُ وَذَلِكَ فِي السّنة الْآتِيَة كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَأقَام السُّلْطَان بِدِمَشْق بَقِيَّة هَذِه السّنة وَهُوَ فِي الاستعداد للْجِهَاد وَقد أرسل فِي طلب العساكر من الْبِلَاد المشرقية والمصرية فانتظمت أُمُوره على أحسن قَضِيَّة