الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَا تخفى وَلَا تزوى والخلق منقسمون إِلَى حلق قد نبذ أَهلهَا مَا وَرَاءَهُمْ من العلق
وَالْإِسْلَام فِيهِ فَاش وَالْجهل بِهِ متلاش وَهُوَ مِمَّا بناه الْأَولونَ لعبادتهم وجعلوه ذخْرا لآخرتهم وَمَا برح معبدًا لكل مِلَّة اتخذته الْمَجُوس وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى قبل الْإِسْلَام هيكلا وقبلة وَهُوَ بَيت الْمُتَّقِينَ وسوق المتصدقين ليله للمتهجدين ونهاره للْعُلَمَاء الْمُجْتَهدين
قَالَ وعاشرت أَهلهَا وباشرتهم ثمَّ كاشرتهم وكاشفتهم فَرَأَيْت سادة أدباء وعلماء نجباء ورأيتهم يتناظرون فِي الْفِقْه مناظرة الْوَالِد مَعَ وَلَده ويقفون عِنْد كتاب الله فَلَا يعدلُونَ عَن وَاضح جدده ويفسرونه عَن علم واستبصار ويحتاطون فِي علمهمْ بِصَحِيح الْأَخْبَار ويتبعون مَا وَردت بِهِ ثِقَات الْآثَار
وعامتهم مشغولون بالمعاش آخذون من زينتهم عِنْد كل مَسْجِد أفضل الرياش لَا يَخُوضُونَ فِي لغط وَلَا إكثار وَلَا يَجْتَمعُونَ على فَسَاد نِيَّة فِي مُقيم وَلَا بعيد الدَّار
قَالَ فأقمت مِنْهَا فِي أشرف الْبلدَانِ الَّتِي هِيَ أنموذج الْجنان وعنوان الدَّار الَّتِي خازنها رضوَان والقلوب فِيهَا عِنْد ذكر الله حَاضِرَة والنفوس بِالْخَيرِ دون الشَّرّ آمرة
فصل فِي بَاقِي حوادث هَذِه السّنة
قَالَ الْعِمَاد كَانَت إربل وَمَا يجْرِي مَعهَا من الْبِلَاد والقلاع من
ولايات الْموصل مَعْدُودَة فَأَرَادَ صَاحب إربل أَن ينْفَرد عَنهُ ويستبد بالبلاد فاعتزى إِلَى السُّلْطَان وكاتبه وَطلب مِنْهُ منشورا ببلاده فَكَتبهُ لَهُ وَفِيه إِن الله لما مكن لنا فِي الأَرْض ووفقنا فِي إعزاز الْحق وإظهاره لأَدَاء الْفَرْض رَأينَا أَن نقدم فرض الْجِهَاد فِي سَبِيل الله فنوضح سَبيله ونقبل على إعلاء الدّين وننصر قبيله وندعو أَوْلِيَاء الله من بِلَاد الْإِسْلَام إِلَى غَزْو أعدائه ونجمع كلمتهم فِي رفع كَلمته الْعليا فِي أرضه على استنزال نَصره من سمائه فَمن ساعدنا على أَدَاء هَذِه الْفَرِيضَة واقتناء هَذِه الْفَضِيلَة يحظى من عوارفنا الجزيلة بِحسن الصنيعة ونجح الْوَسِيلَة وَمن أخلد إِلَى الأَرْض وَاتبع هَوَاهُ وَأعْرض عَن حق دينه بالإقبال على بَاطِل دُنْيَاهُ فَإِن أناب قبلناه وَإِن أصر على غوايته أزلنا يَده وعزلناه
تَفْصِيل مَا كتب فِي منشوره إربل وقلعتها وأعمالها جَمِيع مَا قطعه الزابي الْكَبِير شهرزور وأعمالها معايش بَيت قفجاق معايش بَيت القرابلي الدشت والزرزارية
قَالَ الْعِمَاد وَفِي مستهل جُمَادَى الْآخِرَة من هَذِه السّنة توفّي صَاحب ماردين وَهُوَ قطب الدّين إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق والأمراء الأرتقية هم الَّذين رتقوا فتوق الْإِسْلَام أَولا وَكَانُوا يتولون بَيت الْمُقَدّس وحموه من الفرنج قبل المصريين وَإِنَّمَا أَخذه الفرنج سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبع مئة من المصريين فَبَقيَ السَّاحِل كُله مَعَ أهل الشّرك فحمت الأرتقية ديار بكر وَمَا والاها وحلب وأعمالها وتوارثوا ديار بكر كَابِرًا عَن كَابر إِلَى أَن انْتهى إِلَى هَذَا قطب الدّين أَعمال ميافارقين
وماردين فَلَمَّا مَاتَ بقيت على وَلَده وَله عشر سِنِين وانْتهى إِلَى ابْن عَمه نور الدّين مُحَمَّد بن قرا أرسلان بن دَاوُد بن سكمان بن أرتق حصن كيفا وخرتبرت والبلاد الَّتِي تناسبها وأضاف السُّلْطَان إِلَيْهِ آمد
وَقد كَانَ قطب الدّين أَولا على مصافاة صَاحب الْموصل لما بَينهمَا من الْقَرَابَة ثمَّ أذعن للسُّلْطَان وَدخل تَحت طَاعَته
قلت وَفِي هَذِه السّنة أَيْضا توفّي خَليفَة الْمغرب يُوسُف بن عبد الْمُؤمن بن عَليّ وَولي ابْنه يَعْقُوب
قَالَ القَاضِي ابْن شَدَّاد وَبعد عود السُّلْطَان من حِصَار الكرك وصل رسل الْخَلِيفَة وَمَعَهُمْ الْخلْع فلبسها السُّلْطَان وألبس أَخَاهُ الْعَادِل وَابْن أَسد الدّين خلعا جَاءَت لَهما ثمَّ خلع السُّلْطَان خلعة الْخَلِيفَة على نور الدّين بن قرا أرسلان وَأَعْطَاهُ دستورا فَسَار إِلَى بِلَاده ووصلت رسل زين الدّين بن زين الدّين مستصرخا إِلَى السُّلْطَان يخبر أَن عَسْكَر الْموصل وعسكر قزل نزلُوا على إربل مَعَ مُجَاهِد الدّين قايماز وَأَنَّهُمْ نهبوا وأحرقوا وَأَنه نصر عَلَيْهِم وكسرهم
فَلَمَّا سمع ذَلِك سَار من دمشق يطْلب الْبِلَاد وَتقدم إِلَى العساكر فتبعته وَسَار على طَرِيق المغار ويبوس الْبِقَاع إِلَى بعلبك وَمرض الْعِمَاد