الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخمْس مئة
قَالَ الْعِمَاد فَرَحل السُّلْطَان إِلَى الشَّام وودع مظفر الدّين صَاحب حران من الْفُرَات ورحل صوب حلب والعادل صَاحبهَا على الْمُقدمَة وَقد هيأ أَسبَاب التكرمة فوصل حلب فِي الْعشْر الْأَوْسَط من الْمحرم ثمَّ رتب الْعَادِل فِي حلب نوابه وَصَحب السُّلْطَان فوصلوا حماة وفيهَا نَائِب تَقِيّ الدّين نَاصِر الدّين منكورس بن نَاصح الدّين خمارتكين وَهُوَ صَاحب بوقبيس وَقد جمع النهضة وَالْأَمَانَة
ثمَّ وصل السُّلْطَان إِلَى حمص وَقرر أَمر الْمُجَاهِد أَسد الدّين أبي الْحَارِث شيركوه بن نَاصِر الدّين وَكَانَ عمره إِذْ ذَاك ثَلَاث عشرَة سنة سَمَّاهُ أَبوهُ باسم جده ولقبه بلقبه وَكتب لَهُ منشورا بِمَا قرر عَلَيْهِ من الْبِلَاد وَذَلِكَ حمص وسلمية وتدمر ووادي بني حُصَيْن والرحبة وزلبيا
وَكتب منشورا آخر بِإِسْقَاط المكوس بالرحبة وَفِيه وَهَذَا دأب السُّلْطَان فِي جَمِيع الْبِلَاد اقْتصر مِنْهَا على الرسوم الَّتِي يبيحها الشَّرْع وَهِي الْخراج والأجور وَالزَّرْع
وَاعْتمد على الْأَمِير الْحَاجِب بدر الدّين إِبْرَاهِيم بن شروه الهكاري فِي ولَايَة قلعة حمص ثمَّ نَقله إِلَى قلعة حلب فَبَقيَ واليا بهَا سِتّ سِنِين ورتبه الْعَزِيز فِي آخر عهد السُّلْطَان بقوص
قَالَ ورتب السُّلْطَان مَعَ أَسد الدّين بحمص أَمِيرا من الأَسدِية يعرف بأرسلان بوغا فقدمه على أَصْحَابه بتولي مصَالح بَابه حَتَّى تفرد الْأسد
بِالْأَمر لسداده وَبلغ مدى رشاده ونعت بِالْملكِ الْمُجَاهِد ونهض بمحامل المحامد
قَالَ وأقمنا بحمص حَتَّى استعرضنا خَزَائِن نَاصِر الدّين وَقَسمنَا مِيرَاثه وَكَانَت أُخْت السُّلْطَان الحسامية زَوْجَة نَاصِر الدّين وَهِي مُسْتَحقَّة الثّمن وَالْبَاقِي بَين الْبِنْت وَالِابْن وَخلف عينا وورقا مجتمعا ومفترقا ومبلغ التراث فِي الْملك وَالْعين والأثاث عظم أَن يقدر بِمِقْدَار وأناف على ألف ألف دِينَار فَمَا أَعَارَهُ السُّلْطَان طرفه بل تَركه على أهل التَّرِكَة
قَالَ وَلما شاع بِدِمَشْق خبر دنونا احتفل أَهلهَا وَاجْتمعَ بالمسار شملها وطلعت أعيانها ونبعت عيونها ووافت أبكارها وعونها وَظهر مكنونها ومخزونها وترامت إِلَيْنَا ثمراتها ومكرماتها سهولها وحزونها ودخلنا الْمَدِينَة وزينة الدُّنْيَا خَارِجَة وسكينة النعمى فارجة ودمشق كالهدي مزفوفة وبالهدى محفوفة وبالحسن مَوْصُوفَة
وَكَانَ النَّاس قد ساءهم خبر الْمَرَض فسرهم عيان السَّلامَة وأسهرهم الْهم للإشفاق فراجعوا للشفاء كرى الْكَرَامَة وَمَا ألذ الرَّجَاء بعد الإبلاس والثراء غب الإفلاس والأمل عقيب الياس وَأَنَّهُمْ ظفروا فِي حَالَة الإيحاش بالإيناس وأمنوا بمشاهدة الْأَنْوَار السُّلْطَانِيَّة حنادس الوسواس
وَاجْتمعَ السُّلْطَان فِي القلعة بأَهْله وأقلع المرجف عَن جَهله وَحسنت الْأَحْوَال وَأمنت الْأَهْوَال وشاهدنا الْفضل وَالْكَرم بِالْمُشَاهَدَةِ الْفَاضِلِيَّةِ الْكَرِيمَة وعدنا إِلَى