الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّيْف ثمَّ أَخذه الله بعد أَيَّام بِيَدِهِ وأهلكه لموعده وَكَانَ لعدتهم فَذَلِك وانتقل من ملك الْمَوْت إِلَى مَالك وَبعد الكسرة مر الْخَادِم على الْبِلَاد فطواها بِمَا نشر عَلَيْهَا من الرَّايَة السَّوْدَاء صبغا الْبَيْضَاء صنعا الخافقة هِيَ وَقُلُوب أعدائها الْعَالِيَة هِيَ وعزائم أوليائها
فصل
قَالَ الْعِمَاد وَمن قصائدي الَّتِي هنأت بهَا السُّلْطَان بِفَتْح الْقُدس وَهُوَ مخيم عَلَيْهِ
(أطيب بِأَنْفَاسِ تطيب لكم نفسا
…
وتعتاض من ذكراكم وحشتي أنسا)
(وأسأل عَنْكُم عافيات دوارس
…
غَدَتْ بِلِسَان الْحَال ناطقة خرسا)
(معاهدكم مَا بالها كعهودكم
…
وَقد كررت من درس آثارها درسا)
(وَقد كَانَ فِي حدسي لكم كل طَارق
…
وَمَا جئْتُمْ من هجركم خَالف الحدسا)
(أرى حدثان الدَّهْر ينسى حَدِيثه
…
وَأما حَدِيث الْغدر مِنْكُم فَلَا ينسى)
(تَزُول الْجبَال الراسيات وثابت
…
رسيس غرام فِي فُؤَادِي لكم أرسى)
(حسبت حَبِيبِي قاسي الْقلب وَحده
…
وقلب الَّذِي يهوى بِحمْل الْهوى أقسى)
(أما لكم يَا مالكي الرّقّ رقة
…
يطيب بهَا مملوككم مِنْكُم نفسا)
(وَإِن سروري كنت أسمع حسه
…
فمذ سرت عَنْكُم مَا سَمِعت لَهُ حسا)
(وَأَن نهاري صَار لَيْلًا لبعدكم
…
فَمَا أَبْصرت عَيْني صباحا وَلَا شمسا)
(بَكَيْت على مستودعات قُلُوبكُمْ
…
كَمَا قد بَكت قدما على صخرها الخنسا)
(فَلَا تحبسوا عني الْجَمِيل فإنني
…
جعلت على حبي لكم مهجتي حبسا)
(رَأَيْت صَلَاح الدّين أشرف من غَدا
…
وَأفضل من أضحى واكرم من أَمْسَى)
(وَقيل لنا فِي الأَرْض سَبْعَة أبحر
…
ولسنا نرى إِلَّا أنامله الخمسا)
(سجيته الْحسنى وشيمته الرِّضَا
…
وبطشته الْكُبْرَى وعزته القعسا)
(فَلَا عدمت أيامنا مِنْهُ مشرقا
…
ينير بِمَا يولي ليالينا الدمسا)
(جنودك أَمْلَاك السَّمَاء وظنهم
…
عداتك جن الأَرْض فِي الفتك لَا الإنسا)
(فَلَا يسْتَحق الْقُدس غَيْرك فِي الورى
…
فَأَنت الَّذِي من دونهم فتح القدسا)
(وَمن قبل فتح الْقُدس كنت مقدسا
…
فَلَا عدمت أخلاقك الطُّهْر والقدسا)
(وطهرته من رجسهم بدمائهم
…
فأذهبت بالرجس الَّذِي ذهب الرجسا)
(نزعت لِبَاس الْكفْر عَن قدس أرْضهَا
…
وألبستها الدّين الَّذِي كشف اللبسا)
(وعادت بِبَيْت الله أَحْكَام دينه
…
فَلَا بطركا أبقيت فِيهَا وَلَا قسا)
(وَقد شاع فِي الْآفَاق عَنْك بِشَارَة
…
بِأَن أَذَان الْقُدس قد بَطل النقسا)
(جرى بِالَّذِي تهوى الْقَضَاء وظاهرت
…
مَلَائِكَة الرَّحْمَن أجنادك الحمسا)
(وَكم لبني أَيُّوب عبد كعنتر
…
فَإِن ذكرُوا بالبأس لَا يذكرُوا عبسا)
(وَقد طَابَ ريانا على طبرية
…
فياطيبها مغنى وَيَا حسنها مرسى)
(وعكا وَمَا عكا فقد كَانَ فتحهَا
…
لإجلائهم عَن مدن ساحله كنسا)
(وصيدا وبيروت وتبنين كلهَا
…
بسيفك ألفى أَنفه الرغم والتعسا)
(ويافا وأرسوف ويبنى وغزة
…
تخذت بهَا بَين الطلى والظبى عرسا)
(وَفِي عسقلان الْكفْر ذل بملككم
…
فمنظره بل أمره أَرْبَد وأرجسا)
(وَصَارَ بصور عصبَة يرقبونكم
…
فَلَا تبطئوا عَنْهَا وحسوهم حسا)
(توكل على الله الَّذِي لَك أَصبَحت
…
كلاءته درعا وعصمته ترسا)
(وَدَمرَ على البَاقِينَ واجتث أصلهم
…
فَإنَّك قد صيرت دينارهم فلسًا)
(وَلَا ينس شرك الشرق غربك مرويا
…
بِمَاء الطلى من صاديات الظبى الخمسا)
(وَإِن بِلَاد الشرق مظْلمَة فَخذ
…
خُرَاسَان والنهرين وَالتّرْك والفرسا)
(وَبعد الفرنج الكرج فاقصد بِلَادهمْ
…
بعزمك واملأ من دِمَائِهِمْ الرسا)
(أَقَامَت بغاب الساحلين أسودكم
…
وَقد طردت عَنهُ ذئابهم الطلسا)
وَهِي طَوِيلَة وَقد تقدم بَعْضهَا فِي ذكر كسرة حطين
وللعماد أَيْضا من جملَة القصيدة الَّتِي مدح بهَا حسام الدّين بن لاجين وَقد تقدم بَعْضهَا
(قل للمليك صَلَاح الدّين أكْرم من
…
يمشي على الأَرْض أَو من يركب الفرسا)
(من بعد فتحك بَيت الْقُدس لَيْسَ سوى
…
صور فَإِن فتحت فاقصد طرابلسا)
(أثر على يَوْم أنطرسوس ذَا لجب
…
وأبعث إِلَى ليل أنطاكية العسسا)
(وأخل سَاحل هَذَا الشَّام أجمعه
…
من العداة وَمن فِي دينه وكسا)
(وَلَا تدع مِنْهُم نفسا وَلَا نفسا
…
فَإِنَّهُم يَأْخُذُونَ النَّفس والنفسا)
(نزلت بالقدس فاستفتحته وَمَتى
…
تقصد طرابلسا فَانْزِل على قدسا)
وَمن قصيدة أُخْرَى لَهُ نفذها إِلَى الْخَلِيفَة النَّاصِر
(أبشر بِفَتْح أَمِير الْمُؤمنِينَ أَتَى
…
وَصيته فِي جَمِيع الأَرْض جَوَاب)
(مَا كَانَ يخْطر فِي بَال تصَوره
…
واستصعب الْفَتْح لما أغلق الْبَاب)
(وخام عَنهُ الْمُلُوك الأقدمون وَقد
…
مَضَت على النَّاس أحقاب وأحقاب)
(وَجَاء عصرك وَالْأَيَّام مقبلة
…
فَكَانَ فِيهِ لفيض الْكفْر إنضاب)
(نصر أعَاد صَلَاح الدّين رونقه
…
إيجازه ببليغ القَوْل إسهاب)
(قرع الظبى بالظبى فِي الْحَرْب يطربه
…
لَا قينة صنع باللحن مطراب)
(أَحْيَا الْهدى وأمات الشّرك صارمه
…
لقد تجلى الْهدى والشرك منْجَاب)
(بفتحه الْقُدس لِلْإِسْلَامِ قد فتحت
…
فِي قمع طاغية الْإِشْرَاك أَبْوَاب)
(فَفِي مُوَافقَة الْبَيْت الْمُقَدّس للبيت
…
الْحَرَام لنا تيه وَإِعْجَاب)
(والصخرة الْحجر الملثوم جَانِبه
…
كِلَاهُمَا لاعتمار الْخلق محراب)
(نفى من الْقُدس صلبانا كَمَا نفيت
…
من بَيت مَكَّة أزلام وأنصاب)
وَكثر مدح الْفُضَلَاء للسُّلْطَان عِنْد فتح الْقُدس وَقد ذكر الْعِمَاد من ذَلِك جملَة فِي أَوَاخِر كتاب الْبَرْق فَرَأَيْت تَقْدِيم مَا اخترته مِنْهَا هُنَا وزدت عَلَيْهِ مَا لم يذكرهُ فَمن ذَلِك قصيدة الْحَكِيم أبي الْفضل
عبد الْمُنعم بن عمر بن حسان الأندلسي الجلياني مِنْهَا
(أَبَا المظفر أَنْت المجتنى لهدى
…
أُخْرَى الزَّمَان على خبر بخبرته)
(فَلَو رآك وَقد حزت الْعلَا عمر
…
فِي قلَّة التل قضى كنه عبرته)
(وَلَو رآك وَأهل الْقُدس فِي وَله
…
أَبُو عُبَيْدَة فدى من مسرته)
(غَدَاة جزوا النواصي فِي قمامته
…
وأعولوا بالتباكي حول صخرته)
(دارت بك الْملَّة الْحسنى فَنحْن على
…
عهد الصَّحَابَة فِي اسْتِمْرَار مرته)
(وَأَنت كأسمك صديق وَصَاحبه الْملك
…
المظفر سَام فِي مبرته)
(وَفِي السلالة عُثْمَان يُؤَيّدهُ
…
علا عَليّ على إِيثَار نصرته)
(وَكم لديك ذَوي قربى رقوا شرفا
…
وَكم بعيد رأى الزلفى بهجرته)
(يشبه القبج مَا بَين البزاة لقى
…
ملك الفرنج أخيذا بَين عترته)
(أما رَأَيْت معالي يُوسُف نسقت
…
حَتَّى رمت كل ذِي ملك بحسرته)
(أضحى لنشر الْهدى فِي فتح منهجه
…
وَبَات يطوي العدى فِي سد ثغرته)
(واستقبح الرجس ممنوا بمشهده
…
فَاسْتَفْتَحَ الْقُدس محشوا بزمرته)
(لَكِن بَأْس صَلَاح الدّين أذهلهم
…
بوقعة التل واستشرى بسورته)
(تعيا الْجَوَارِح والفرسان وَهُوَ على
…
بَدْء النشاط عشيا مثل بكرته)
(يَا فاتح الْمَسْجِد الْأَقْصَى على بهم
…
وقانص الْجَيْش لَا يُحْصى بقفزته)
(أبشر بِملك كَظهر الشَّمْس مطلع
…
على البسيطة فتاح بنشرته)
(حَتَّى يكون لهَذَا الدّين ملحمة
…
تحكي النُّبُوَّة فِي أَيَّام فترته)
قَالَ وَنفذ من مصر نجم الدّين يُوسُف بن الْحُسَيْن ابْن المجاور الْوَزير العزيزي قصيدة وعرضتها على السُّلْطَان بالقدس وفيهَا ذكر الإنكليز وَفتح يافا وَذكر الْهُدْنَة الَّتِي يَأْتِي ذكرهَا فِي آخر الْكتاب فَمِنْهَا وَسَيَأْتِي الْبَاقِي الْمُخْتَار أَيْضا
(الْوَقْت أضيق من سَماع قصيدة
…
موسومة بِصِفَات أغيد أهيف)
(الْجد فِي هَذَا الزَّمَان مُبين
…
والهزل فِيهِ مَعَ الغواية مختف)
(بالناصر الْمهْدي وَالْهَادِي إِلَى
…
سبل الْجِهَاد أبي المظفر يُوسُف)
(المستعين بربه والواثق الْمَنْصُور
…
والمستظهر الْبر الوفي)
(شدت قوى أَرْكَان مِلَّة أَحْمد
…
وتجملت بجهاده فِي الْموقف)
(ملك إِذا أم الْمُلُوك جنابه
…
لاذوا بأكرم من يؤم وأشرف)
(وَإِذا أَتَوا أسرى إِلَى أبوابه
…
وقفُوا بأعظم من يصول وأرأف)
(مولى غَدا للدّين أكْرم وَالِد
…
حدب على أبنائه مترفرف)
(عزل الفرنجة ثمَّ ولى جَيْشه
…
أعظم بِهِ من صَارف ومصرف)
(قد أنصف التَّوْحِيد من تثليثهم
…
وَأقَام فِي الْإِنْجِيل حد الْمُصحف)
(مغرى بتجريح الرِّجَال لانه
…
يروي أَحَادِيث العوالي الرعف)
(ملك لَهُ فِي الْحَرْب تفقه
…
وَله غَدَاة السّلم زهد تصوف)
(وَعَلِيهِ أنزل فِي الْجِهَاد مفصل
…
فلذاك يَقْرَؤُهُ بسبعة أحرف)
(عزم وحلم أنسيا مَا كَانَ من
…
عزم ابْن مرداس وحلم الْأَحْنَف)
(يَا أَيهَا الْملك الَّذِي لطباعه
…
وسيوفه خلقا رضى وتعسف)
(لله يَوْم عرُوبَة إِذْ أعربت
…
ساعاته عَن نصرك المتعرف)
(سنت سيوفك فِي الرؤوس ختانة
…
ذهبت بمهجة كل علج أقلف)
(آفاتهم وآفت يأخذك مِنْهُم
…
يافا فكم من حسرة وتاسف)
(أَو مَا رأى الأعلاج حِين دعوتها
…
بِلِسَان سيف فِي الكريهة ملحف)
(لم تستطع عصيان أَمرك بل أَتَت
…
منقادة طَوْعًا وَلم تتخلف)
(فاستدع جارتها وثن بأختها
…
وكذاك حَتَّى الْأَرْبَعين ونيف)
(مَا للسواحل غير بحرك حَافظ
…
بشبا سِنَان أَو بصفحة مرهف)
(هَذَا الطّراز الْأَخْضَر استفتحته
…
فزها بِثَوْب من علاك مسجف)
(أَحييت دين مُحَمَّد وأقمته
…
وسترته من بعد طول تكشف)
(وضبطت ديوَان الْجِهَاد بعامل
…
من عَامل وبمشرف من مشرفي)
(وبجهبذ الْعَزْم الَّذِي لَا ينثني
…
وبناظر الرَّأْي الَّذِي لم يطرف)
(فَخذ الْخراج من البسيطة كلهَا
…
واستأد فَرضِي جِزْيَة وموظف)
(واقبض على الدُّنْيَا بكف زهادة
…
وابسط لرحمتها جنَاح تعطف)
(جَاءَت جنود الله تطلب ثأرها
…
وصدورها بك عَن قَلِيل تشتفي)
(فانهض بهَا وتقاض حَقك موقنا
…
أَن الْإِلَه بِمَا تؤمله حفي)
(هم فتية الأتراك كل مجفجف
…
يغشى الكريهة فَوق كل مجفجف)
(قوم يَخُوضُونَ الْحمام شجاعة
…
لَا ينظرُونَ إِلَيْهِ من طرف خَفِي)
(إِن صبحوا الْأَعْدَاء فِي أوطانهم
…
تركُوا دِيَارهمْ كقاع صفصف)
(أَنْت اصطفيتهم لنصرة ديننَا
…
لله در الْمُصْطَفى والمصطفي)
قلت وَذكرت بقوله هَذَا الطّراز الْأَخْضَر استفتحته حِكَايَة حَسَنَة لائقة بِالْحَال حَدثنِي بهَا شَيخنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد السخاوي قَالَ قَرَأت بِخَط شَيخنَا أبي الْفَضَائِل بن رَشِيق بِمصْر عقيب مَوته فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَخمْس مئة قَالَ رأى إِنْسَان كَأَن شخصا ذَا جهامة وَاقِف على حَائِط بِجَامِع دمشق يُسمى النسْر وَهُوَ يَقُول
(ملك الصَّيَاصِي والنواصي نَاصِر
…
للدّين بعد إياسه أَن ينصرا)
(وسيفتح الْبَيْت الْمُقَدّس بَعْدَمَا
…
يطوى الطّراز لَهُ وَيقتل قيصرا)
قلت وَهَذَا قبل أَن يفتح صَلَاح الدّين الْبِلَاد بِعشر سِنِين وقرأت بِخَط بعض أَصْحَابنَا قَالَ وجدت على حَاشِيَة كتاب يرْوى عَن خطيب كَانَ بالرقة
أَنه رأى من ينشده هَذَا الشّعْر فِي النّوم سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخمْس مئة فَذكر الْبَيْتَيْنِ وَهَذَا قبل الْفَتْح بِاثْنَتَيْنِ وَخمسين سنة وَقبل مولد صَلَاح الدّين بِسنة وَالْمعْنَى بالطراز بِلَاد السَّاحِل المصطفة على بِلَاد الْبَحْر من الداروم وغزة وعسقلان وعكا وصيدا وبيروت وجبيل وَغير ذَلِك وَلم يبْق من الطّراز فِي أثْنَاء ذَلِك سوى صور بَين صيدا وعكا وَهَكَذَا كَانَ الْأَمر على مَا سبق بَيَانه فتح هَذَا الطّراز أَولا ثمَّ فتح الْبَيْت الْمُقَدّس وكنى بقيصر عَن الإبرنس الَّذِي قَتله بِيَدِهِ لِأَنَّهُ كَانَ من رُؤُوس الْكفْر وملوكهم وغلاتهم فِي معاداة الْإِسْلَام وَالله أعلم
قَالَ الْعِمَاد وَكَانَ فَخر الْكتاب أَبُو عَليّ الْحسن بن عَليّ الْجُوَيْنِيّ الْمُقِيم بِمصْر من أهل بَغْدَاد ينفذ إِلَيّ قصائده لأعرضها فَرَأَيْت أَن أثبت لَهُ هَذِه القصيدة فِي الْفَتْح وَهِي مُشْتَمِلَة على ذكر مُلُوك الْإِسْلَام وإهمالهم لَهُ تسعين عَاما حَتَّى تجرد لَهُ سلطاننا فَذكر مِنْهَا
(جند السَّمَاء لهَذَا الْملك أعوان
…
من شكّ فيهم فَهَذَا الْفَتْح برهَان)
(مَتى رأى النَّاس مَا نحكيه فِي زمن
…
وَقد مَضَت قبل أزمان وأزمان)
(هذي الْفتُوح فتوح الْأَنْبِيَاء وَمَا
…
لَهَا سوى الشُّكْر بالأفعال أَثمَان)
(أضحت مُلُوك الفرنج الصَّيْد فِي يَده
…
صيدا وَمَا ضعفوا يَوْمًا وَمَا هانوا)
(كم من فحول مُلُوك غودروا وهم
…
خوف الفرنجة ولدان ونسوان)
(استصرخت بملكشاة طرابلس
…
فخام عَنْهَا وَصمت مِنْهُ آذان)
(هَذَا وَكم ملك من بعده نظر
…
الْإِسْلَام يطوى ويحوى وَهُوَ سَكرَان)
(تسعون عَاما بِلَاد الله تصرخ
…
وَالْإِسْلَام نصاره صم وعميان)
(فَالْآن لبّى صَلَاح الدّين دعوتهم
…
بِأَمْر من هُوَ للمعوان معوان)
(للناصر ادخرت هذي الْفتُوح وَمَا
…
سمت لَهَا همم الْأَمْلَاك مذ كَانُوا)
(حباه ذُو الْعَرْش بالنصر الْعَزِيز فَقَالَ
…
النَّاس دَاوُد هَذَا أم سُلَيْمَان)
(فِي نصف شهر غَدا للشرك مصطلما
…
فطهرت مِنْهُ أقطار وبلدان)
(فاين مسلمة عَنْهَا وَإِخْوَته
…
بل أَيْن والدهم بل أَيْن مَرْوَان)
(وعد عَمَّا سواهُ فالفرنجة لم
…
يبذهم من مُلُوك الأَرْض إِنْسَان)
(لَو أَن ذَا الْفَتْح فِي عصر النَّبِي لقد
…
تنزلت فِيهِ آيَات وَقُرْآن)
(يَا قبح أوجه عباد الصَّلِيب وَقد
…
غَدا يبرقعها شُؤْم وخذلان)
(خزنت عِنْد إِلَه الْعَرْش سَائِر مَا
…
ملكته وملوك الأَرْض خزان)
(فَالله يبقيك لِلْإِسْلَامِ تحرسه
…
من أَن يضام ويلفى وَهُوَ حيران)
(وَهَذِه سنة أكْرم بهَا سنة
…
فالكفر فِي سنة والنصر يقظان)
(يَا جَامعا كلمة الْإِيمَان قامع من
…
معبوده دون رب الْعَرْش صلبان)
(إِذا طوى الله ديوَان الْعباد فَمَا
…
يطوى لأجر صَلَاح الدّين ديوَان)
وللشريف النسابة الْمصْرِيّ مُحَمَّد بن أسعد بن عَليّ بن معمر الْحُسَيْنِي
الْمَعْرُوف بالجواني نقيب الْأَشْرَاف بالديار المصرية من قصيدة
(أَتَرَى مناما مَا بعيني أبْصر
…
الْقُدس يفتح والفرنجة تكسر)
(وقمامة قُمْت من الرجس الَّذِي
…
بزواله وزوالها يتَطَهَّر)
(ومليكهم فِي الْقَيْد مصفود وَلم
…
ير قبل ذَاك لَهُم مليك يؤسر)
(قد جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح الَّذِي
…
وعد الرَّسُول فَسَبحُوا وَاسْتَغْفرُوا)
(فتح الشآم وطهر الْقُدس الَّذِي
…
هُوَ فِي الْقِيَامَة للأنام الْمَحْشَر)
(من كَانَ هَذَا فَتحه لمُحَمد
…
مَاذَا يُقَال لَهُ وماذا يذكر)
(يَا يُوسُف الصّديق أَنْت لفتحها
…
فاروقها عمر الإِمَام الأطهر)
(ولأنت عُثْمَان الشَّرِيعَة بعده
…
ولأنت فِي نصر النُّبُوَّة حيدر)
(ملك غَدا الْإِسْلَام من عجب بِهِ
…
يختال وَالدُّنْيَا بِهِ تتبختر)
(نثر ونظم طعنه وضرابه
…
فالرمح ينظم والمهند ينثر)
(حَيْثُ الرّقاب خواضع حَيْثُ الْعُيُون
…
خواشع حَيْثُ الجباه تعفر)
(غاراته جمع فَإِن خطبت لَهُ
…
فِيهَا السيوف فَكل هام مِنْبَر)
(إِذْ لَا ترى إِلَّا طلى بسنابك
…
تحذى نعالا أَو دِمَاء تهدر)
(وصوافنا تخْتَار أَن تطَأ الثرى
…
فيصدها عَنهُ طلى وسنور)
(تمشي على جثث العدى عرجا وَلَا
…
عرج بهَا لَكِنَّهَا تتعثر)
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن بن جُبَير الأندلسي
(أطلت على أفقك الزَّاهِر
…
سعود من الْفلك الدائر)
(فأبشر فَإِن رِقَاب العدى
…
تمد إِلَى سَيْفك الباتر)
(وَعَما قريب يحل الردى
…
بكندهم الناكث الغادر)
(وخصب الورى يَوْم تَسْقِي الثرى
…
سحائب من دَمهَا الهامر)
(وَكم لَك من فتكة فيهم
…
حكت فتكة الْأسد الخادر)
(كسرت صليبهم عنْوَة
…
فَللَّه دَرك من كاسر)
(وغيرت آثَارهم كلهَا
…
فَلَيْسَ لَهَا الدَّهْر من جَابر)
(وأمضيت جدك فِي غزوهم
…
فتعسا لجدهم العاثر)
(وَأدبر ملكهم بالشآم
…
وَولى كأمسهم الدابر)
(جنودك بِالرُّعْبِ منصورة
…
فناجز مَتى شِئْت أَو صابر)
(فكلهم غرق هَالك
…
بتيار عسكرك الذاخر)
(ثأرت لدين الْهدى فِي العدى
…
فآثرك الله من ثَائِر)
(وَقمت بنصر إِلَه الورى
…
فسماك بِالْملكِ النَّاصِر)
(وجاهدت مُجْتَهدا صَابِرًا
…
فَللَّه أجرك من صابر)
(تبيت الْمُلُوك على فرشهم
…
وترفل فِي الزرد السابري)
(وتؤثر جَاهد عَيْش الْجِهَاد
…
على طيب عيشهم الناضر)
(وتسهر ليلك فِي حق من
…
سيرضيك فِي جفنك الساهر)
(فتحت الْمُقَدّس من أرضه
…
فَعَادَت إِلَى وصفهَا الطَّاهِر)
(وَجئْت إِلَى قدسه المرتضى
…
فخلصته من يَد الْكَافِر)
(وأعليت فِيهِ منار الْهدى
…
وأحييت من رسمه الداثر)
(لكم ذخر الله هذي الْفتُوح
…
من الزَّمن الأول الغابر)
(وخصك من بعد فاروقه
…
بهَا لاصطناعك فِي الآخر)
(محبتكم ألقيت فِي النُّفُوس
…
بِذكر لكم فِي الورى طَائِر)
(فكم لَهُم عِنْد ذكر الْمُلُوك
…
لمثلك من مثل سَائِر)
وَبَاقِي القصيدة تقدم فِي أَخْبَار سنة أَربع وَسبعين
وَقَالَ أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الساعاتي
(أعيا وَقد عاينتم الْآيَة الْعُظْمَى
…
لأية حَال تذخروا النثر والنظما)
(وَقد سَاغَ فتح الْقُدس فِي كل منطق
…
وشاع إِلَى أَن أسمع الأسل الصما)
(حبا مَكَّة الْحسنى وثنى بِيَثْرِب
…
وأطرب ذياك الضريح وَمَا ضما)
(فليت فَتى الْخطاب شَاهد فتحهَا
…
فَيشْهد أَن السَّيْف من يُوسُف أصمى)
(وَمَا كَانَ إِلَّا الدَّاء أعيا دواؤه
…
وَغير الحسام العضب لَا يحسن الحسما)
(وَأصْبح ثغر الدّين جذلان باسما
…
وألسنة الأغماد توسعه لثما)
(سلو السَّاحِل المغشي عَن سطواته
…
فَمَا كَانَ إِلَّا ساحلا صَادف اليما)
وَله من قصيدة أُخْرَى فِي السُّلْطَان
(عصفت بِهِ ريح الخطوب زعارعا
…
فلقين طودا لَا تخف أناته)
(هُوَ منقذ الْبَيْت الْمُقَدّس بَعْدَمَا
…
طَالَتْ فَمَا وجد الشفا شكاته)
(بَيت تأسس بِالسُّكُونِ وَإِنَّمَا
…
عِنْد الزحاف تحركت سكناته)
(أمشتت الْأَعْدَاء وَهِي جحافل
…
عَن شَمل دين جمعت أشتاته)
(أُوتيت عزما فِي الحروب مُسَددًا
…
لَا زيغه يخْشَى وَلَا هفواته)
(أَحْسَنت بِالْبَيْتِ الْعَتِيق ويثرب
…
وَلَك الفعال كَثِيرَة حَسَنَاته)
(هذي سيوفك مُحرمَات دونه
…
لبكائهن تبسمت حجراته)
وَله من قصيدة أُخْرَى
(هُوَ الفاتح الْبَيْت الْمُقَدّس بَعْدَمَا
…
تحامته سَادَات الدنا ومسودها)
(فَضِيلَة فتح كَانَ ثَانِي خَليفَة
…
من الْقَوْم مبديها وَأَنت معيدها)
وَله من قصيدة فِي بعض أقَارِب السُّلْطَان
(أَلَسْت من الْقَوْم الألى بسيوفهم
…
ثنوا صَخْرَة الْبَيْت الْمُقَدّس مَسْجِدا)
وللعماد الْكَاتِب من قصيدة مدت بهَا الْملك الْأَفْضَل
(والقدس أعضل داؤه من قبلكُمْ
…
فوفيتم بشفاء ذَاك المعضل)
(درج الْمُلُوك على تمني فَتحه
…
زَمنا وغلتهم بِهِ لم تبلل)
(وأتى زمانكم فَأمكن آخرا
…
مَا قد تعذر فِي الزَّمَان الأول)
(مَا كَانَ قطّ وَلَا يكون كفتحكم
…
للقدس فِي الْمَاضِي وَلَا الْمُسْتَقْبل)
(أوجدتم مِنْهُ الَّذِي عدم الورى
…
وفعلتم فِي الْفَتْح مَا لم يفعل)
(أَيدي الْمُلُوك تقاصرت عَن مفخر
…
طلتم بِهِ فبلوا بعض الأنمل)
(أحييتم شرع الْكِرَام وَلم يزل
…
نصر المحق بكم وقهر الْمُبْطل)
وَله من قصيدة فِي مدح الْملك الْمُؤَيد مَسْعُود بن صَلَاح الدّين
(وَكم لبني صَلَاح الدّين فِينَا
…
على الْإِسْلَام من حق تَأَكد)
(وَإِن لَهُم على الْأَمْلَاك طرا
…
بِفَتْح الْقُدس فضلا لَيْسَ يجْحَد)
وَله من أُخْرَى فِي مدح الْملك الظَّاهِر غَازِي
(هم الْمُلُوك ذَوُو بَأْس ومكرمة
…
إِن سالموا أمنُوا أَو حَاربُوا خيفوا)
(أغناهم الْقُدس عَن قَول الورى فتحت
…
عكا وصيدا وبيروت وأرسوف)
(جَيش الفرنج إِذا لَاقَى سوابقهم
…
كانه جبل بِالرِّيحِ منسوف)
وقرأت على شَيخنَا أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد السخاوي رحمه الله من جملَة قصيدة مدح بهَا بعض ولد السُّلْطَان أَظُنهُ الْملك المحسن ظهير الدّين أَحْمد بن صَلَاح الدّين رحمهمَا الله
(ملك بِهِ وَأَبِيهِ يفتخر الْعلَا
…
ويفوق فخرهما السها والفرقدا)
(مَا يُوسُف مِمَّن يُقَاس بحاتم
…
أَنى وَقد وهب الْحُصُون وأصفدا)
(أَو أَن يُقَال كَأَنَّهُ يَوْم الوغى
…
والروع كالأسد الهصور إِذا عدا)