الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَامِد مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن الْقَاسِم الشَّهْرَزَوْرِي وترفع فِي أَدَاء الرسَالَة وَأَغْلظ فِي الْكَلَام فألان لَهُ السُّلْطَان وَقَالَ أَنا أَقْْضِي حَاجته على مَا أَرَادَ وَلَكِن قد سبق مني يَمِين لأولئك السلاطين فَأَنا أستثنيهم وأردهم إِلَى اختيارهم لي أَو لَهُ
فَأبى ذَلِك وَأَرَادَ أَن تكون الصداقة لَهُ دون سَائِر ذَوي الممالك وَأَشَارَ إِلَى أَن لَهُم من ينصرهم من جِهَة البهلوان ملك الْعَجم
فَعظم ذَلِك على السُّلْطَان وَكَانَ ذَلِك محركا لَهُ إِلَى أَن يعود إِلَى الْموصل وَرجعت الرُّسُل على ذَلِك غير ظافرين بطائل
وَكَانَ منزل شيخ الشُّيُوخ بالرباط على المنيبع ومنزل القَاضِي محيي الدّين فِي جوسق بُسْتَان الخلخال وشهاب الدّين بشير بجوسق الميدان وَتُوفِّي ولد شيخ الشُّيُوخ بِدِمَشْق وَكَانَ فِي صحبته فدفنه فِي الْمقْبرَة المحاذية للرباط وَحضر عِنْده السُّلْطَان وَجَمَاعَة الْأُمَرَاء للعزاء
فصل فِي بَاقِي حوادث هَذِه السّنة
قَالَ الْعِمَاد وَكَانَت شتوة هَذِه السّنة كَثِيرَة الأمطار
وَكَثُرت مكاتبات الْعِمَاد للفاضل وَأورد فِي بَعْضهَا أبياتا مِنْهَا
(عذر الزَّمَان بِأَيّ وَجه يقبل
…
ومحبكم بالصد فِيهِ يقتل)
(مَا لي سوى إِنْسَان عَيْني مسعدا
…
بالدمع إِنْسَان عَلَيْهِ أعول)
(الدَّهْر ليل كُله فِي ناظري
…
لَا صبح إِلَّا وَجهك المتهلل)
(خيرتم بَين الْمنية والمنى
…
لَا تهجروا فالموت عِنْدِي أسهل)
(يَا غائبين وهم بفكري حضر
…
يَا راحلين وهم بقلبي نزل)
(مَا للسلو إِلَى فُؤَادِي مَنْهَج
…
مَا للصبابة غير قلبِي منهل)
(لَا تعدلوا عني فَمَالِي معدل
…
عَنْكُم وَلَيْسَ سواكم لي موئل)
(كل الخطوب دَفعته بتجلدي
…
إِلَّا التَّفَرُّق فَهُوَ خطب معضل)
(إِن لم يجدني طيفكم فِي زورة
…
فلأنني مِنْهُ أدق وأنحل)
(لَا صَبر لي لَا قلب لي لَا غمض لي
…
لَا علم لي بالبين مَاذَا أفعل)
قَالَ ابْن الْأَثِير وَفِي جُمَادَى الأولى من سنة تسع وَسبعين قبض عز الدّين اتابك على مُجَاهِد الدّين قايماز وَهُوَ حِينَئِذٍ نَائِبه فِي بِلَاده وابتع فِي ذَلِك هوى من أَرَادَ الْمصلحَة لنَفسِهِ وَلم ينظر فِي مضرَّة صَاحبه
وَكَانَ الَّذِي أَشَارَ بِهِ عز الدّين مَحْمُود زلفندار وَشرف الدّين أَحْمد بن أبي الْخَيْر الَّذِي كَانَ أَبوهُ صَاحب بلد الغراف وهما من أكَابِر الْأُمَرَاء فَلَمَّا قَبضه كَانَ بِيَدِهِ إربل وشهرزور ودقوقا وجزيرة ابْن عمر وَكَانَ بهَا معز الدّين سنجرشاه بن سيف الدّين صَغِيرا وَالْحكم فِيهَا إِلَى مُجَاهِد الدّين
وَلَهُم أَيْضا قلعة الْعقر فحين قبض امْتنع زين الدّين يُوسُف بن زين الدّين عَليّ بإربل وَكَانَ فِيهَا لَا حكم لَهُ مَعَ مُجَاهِد الدّين وَامْتنع معز الدّين بالجزيرة وَأرْسل الْخَلِيفَة النَّاصِر لدين الله عسكرا حصر دقوقا فملكها وَلم يحصل لعز الدّين من جَمِيع مَا كَانَ لمجاهد الدّين إِلَّا شهرزور وَصَارَت هَذِه الْبِلَاد الَّتِي كَانَت بِيَدِهِ أضرّ شَيْء على الْموصل وَبَقِي مَقْبُوضا نَحْو عشرَة أشهر وَنَدم أتابك على قَبضه فَأخْرجهُ وَأَعَادَهُ إِلَى ولَايَة قلعة الْموصل إِلَّا أَن الَّذِي أَخذ من الْبِلَاد لم يعد إِلَى طَاعَته وَقبض عز الدّين على من كَانَ أَشَارَ عَلَيْهِ بِقَبض مُجَاهِد الدّين
قَالَ ابْن الْأَثِير وعَلى الْحَقِيقَة فَلَيْسَ على الدول شَيْء أضرّ من إِزَالَة مُدبر لَهَا وَإِقَامَة غَيره فَإِن الأول يكون كالطبيب الحاذق الْعَارِف بمزاج الْإِنْسَان ومرضه وعلاجه وَمَا يُوَافقهُ ويؤذيه وَيكون الثَّانِي وَإِن كَانَ كَافِيا بِمَنْزِلَة الطَّبِيب الَّذِي لَا يعرف مزاج الْإِنْسَان وَمَا يُوَافقهُ ويؤذيه فَإلَى أَن يعرف حَاله ينفسد أَكثر مِمَّا ينصلح
قَالَ ابْن القادسي وَفِي هَذِه السّنة فِي جُمَادَى الْآخِرَة توفّي الأبله