الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَصلى السُّلْطَان فِي قبَّة الصَّخْرَة والصفوف على سَعَة الصحن بهَا مُتَّصِلَة وَالْأمة إِلَى الله بدوام نَصره مبتهلة وَالْوُجُوه الموجهة إِلَى الْقبْلَة عَلَيْهِ مقبلة وَالْأَيْدِي إِلَى الله مَرْفُوعَة والدعوات لَهُ مسموعة ثمَّ رتب فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى خَطِيبًا استمرت خطبَته واستقرت نصبته
قلت هَذِه أَلْفَاظ الْعِمَاد فِي هَذَا الْ
فَصْل
من كتاب الْفَتْح وَذكره فِي كتاب الْبَرْق بِعِبَارَة أُخْرَى تشْتَمل على فَوَائِد زَائِدَة وَفِي تكْرَار مَا تقدم أَيْضا بِغَيْر تِلْكَ الْعبارَة فَائِدَة فَإِنَّهَا معَان جليلة كلما كررت حلت
فصل
قَالَ الْعِمَاد فِي كتاب الْبَرْق لما كَانَ يَوْم الْجُمُعَة التالية لجمعة الْفَتْح تقدم السُّلْطَان فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى ببسط العراص وإخلائها لأهل الْإِخْلَاص وتنظيفها من الأدناس وكنس مَا فِي أرجائها من الأرجاس
وَقد كَانَ سبق أمره من مبدأ الْأَمر بهدم مَا هُنَاكَ من أبنية الْكفْر وإبراز الْمِحْرَاب الْقَدِيم وإعادة مَوْضِعه إِلَى الْوَضع الْكَرِيم فقد كَانَ الداوية بنوا غربية دَارا وادخلوه فِيهَا وخلطوه بمبانيها وَاتَّخذُوا مِنْهُ جانبا مستراحا للأعلال وجانبا هريا للغلال فَأمر فِي العاجل بكشف قناعه وَرفع الوضيع من أوضاعه وَنقل مَا وَقع من أنقاضه وَنقض مَا اعتور ذَلِك الْجَوْهَر النفيس من أعراضه حَتَّى طهر مَوضِع الْمِنْبَر والمحراب وَاسْتظْهر بِإِزَالَة مَا قدامه من الْحجاب وَاجْتمعَ الْخلق فِي ذَلِك الْأُسْبُوع على تَفْرِيق ذَلِك الْهدم
الْمَجْمُوع وتعاونوا حَتَّى كشفوه ونظفوه ورشوه وفرشوه وَكَانَ قد أَمر باتخاذ مِنْبَر فِي تِلْكَ الْأَيَّام فنجزوه وركبوه
وَلما أَصْبَحْنَا يَوْم الْجُمُعَة وجدنَا الْعِلَل مزاحة والهمم مراحة والخواطر إِلَى وردهَا ملتاحة مرتاحة وَهُنَاكَ فضلاء بلغاء وعلماء أتقياء وكل مِنْهُم قد سبق بِخطْبَة الْخطْبَة وأمل الْفَوْز بفضيلة تِلْكَ الرُّتْبَة وَأعد لذَلِك الْمقَام مقَالا ونشط بشقشقة فَصَاحَته من قرم حصافته عقَالًا حَتَّى إِذا حيعل الدَّاعِي وَتعين الْفَرْض على السَّاعِي حضر السُّلْطَان للصَّلَاة قبَّة الصَّخْرَة بادية على أساريره أسرار سروره بالأسرة وامتلأت تِلْكَ العراص والصحون واستعبرت للفرح بِمَا يسره الله الْعُيُون وآن لدين الله أَن تقضى لَهُ الدُّيُون وَتَفُك الرهون ووجلت الْقُلُوب وخشعت الْأَصْوَات وَحسنت الظنون وَعين السُّلْطَان القَاضِي محيي الدّين أَبَا الْمَعَالِي مُحَمَّد بن عَليّ الْقرشِي الزكي بن الزكي للصَّلَاة وَالْخطْبَة وَفرع تِلْكَ الرُّتْبَة فَصَعدَ وَسعد وَحمد وَأحمد وَأَدت الْمعَانِي الشَّرِيفَة أَلْفَاظه وَنبهَ الأقاصي والأداني إيقاظه وجلا المسامع وجلت المدامع وأتى بالخطبتين المفروضتين على الْوَجْه الْمَشْرُوع والمنهج الْمَتْبُوع وَالشّرط الْمَوْضُوع وَذكر فِي الْفَتْح الْبكر مَا اقتض بِهِ أبكار الأستعارات بأبدع البراعات وأبرع الْعبارَات وصدح بِالصّدقِ ونطق بِالْحَقِّ وفاز بِالسَّبقِ وَحَازَ الْفَضِيلَة على فضلاء الغرب والشرق فَهُوَ لنشر الْمعَانِي أضم خطيب لَهُ بنشر الْمَعَالِي أضمخ طيب فَأَيْنَ قس فِي عكاظة من قِيَاس أَلْفَاظه وَأَيْنَ سحبان من سجعاته وَابْن نَبَاته من نَبَاته وَلَو عاشا لافتقرا إِلَى فقره واحتقرا أعراضهما عِنْد
جوهره ودعا لأمير الْمُؤمنِينَ ثمَّ لسلطان الْمُسلمين وَنزل وَقَامَ إِمَامًا أكمل بِصَلَاتِهِ الْفَرْض وأرضى بسمت دعواته والطمأنينة فِي ركعاته وسجداته أهل السَّمَاء وَالْأَرْض وسر السُّلْطَان بنصبه وَرَفعه وامتلأ صَدره حبورا مِنْهُ بجلاء بَصَره وسَمعه فقد أخذت بالأبصار أشعة أنوار الْخطْبَة فِي سَواد الأهبة وعظمت أخطار المهابة فِي خواطر الْمحبَّة وكرمت سرائر الزلفى إِلَى الله والقربة
ثمَّ رتب السُّلْطَان بعده خَطِيبًا تستمر إِقَامَته للْجمع وَالْجَمَاعَات وتستقر ملازمته لأَدَاء الصَّلَوَات
وَلما قضيت الصَّلَاة تِلْكَ الْجُمُعَة نصب سَرِير للوعظ أبقى تِلْكَ الْأمة المجتمعة وَتقدم السُّلْطَان إِلَى زين الدّين الْوَاعِظ ليفرع السرير وينفع بعظاته الصَّغِير وَالْكَبِير وَحضر الْمجْلس بمرأى مِنْهُ ومسمع فَكَانَ أنور مجْلِس ومجلى وأشرف جمع وَمجمع فحقق ورقق وَأشْهد وأشهق وحلب بعباراته الحلوة العبرات وشار الْعَسَل بمعسول الإشارات وَبشر الْبشر بِشَارَة البشارات وَذكر الْفَتْح وبكارته والقدس وطهارته وَالدّين وجسارته وَالْكفْر وخسارته وَالْقدر وإعانته وَالظفر وإبانته والصخرة وإصراخها والروعة وإفراخها وَالنَّار وصراطها وَالْقِيَامَة وأشراطها وَالرَّحْمَة وبابها من بَاب الرَّحْمَة وَالْجنَّة وجناها لهَذِهِ الزحمة وَمَا أعده الله لهَذِهِ الطَّائِفَة وَمَا أنزلهُ من الْأَمْن على الْقُلُوب الخائفة وَوصف ببلاغته مَا لَا يبلغ إِلَيْهِ نطق الْأَلْسِنَة الواصفة وَوصف الْجِهَاد وفرائضه وفضائله وَالْخَيْر ودلائله والنجح ووسائله وَالشَّرْع ومسائله والذنب وغوائله وإحسان السُّلْطَان وفواضله وَالْبَحْر وساحله وَالدّين وَحقه وَالْكفْر وباطله وَكَانَ يَوْمًا راجحا وسوما رابحا