الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نطلبه وَلَا لَك أَن تَدْفَعهُ وَلَا نُرِيد إِلَّا الْحق الَّذِي لَا يحل لنا أَن نتركه وَلَا لَك أَن تَمنعهُ
فصل فِي بَاقِي حوادث هَذِه السّنة
قَالَ الْعِمَاد وَفِي هَذِه السّنة وصل إِلَى السُّلْطَان من دمشق الْعلم خطيب المزة وَكَانَ قد زور على السُّلْطَان مِثَالا يتَضَمَّن لَهُ منالا وَرَفعه إِلَى عز الدّين فرخشاه فَمَا خَفِي تزويره عَلَيْهِ وهم بالإيقاع بِهِ فقصد السُّلْطَان بِمصْر وأطلعه على حَاله فَمَا اكترث بِهِ وَقَالَ نحقق مَا زورت
وَأمر أَن يكْتب لَهُ توقيع بِضعْف ذَلِك الإدرار
قَالَ وَكَانَ لَهُ إِمَام يُصَلِّي بِهِ وَهُوَ يكْتب مثل خطه فَأطلق بِهِ أَمْوَالًا وَأصْلح وأنجح بتزويره لأصدقائه أحوالا وَمَا يشك صَاحب ديوَان وَلَا مُتَوَلِّي خزانَة فِي أَنه صَحِيح فَلَمَّا دَامَ سِنِين انْكَشَفَ وشارف التّلف وَجلسَ إخْوَة السُّلْطَان وأمراؤه عِنْده يغرونه بِهِ فَقلت لَهُ بالعجمية سرا تهبه لِلْقُرْآنِ
فَقَالَ نعم
فَنَفْس من خناقه وَأمر بِإِطْلَاقِهِ وَأبقى عَلَيْهِ خَيره حِين استبدل بِهِ غَيره وَصَارَ بعده للعادل إِمَامًا وَبَقِي شغله مَعَه مستداما
قَالَ وفيهَا غدر الفرنج وَنَقَضُوا عَهدهم واستولوا على تجار فِي الْبَحْر وَغَيرهم وَسَهل الله تَعَالَى بطسة لَهُم عَظِيمَة من المراكب الفرنجية مقلعة من بلد لَهُم يُقَال لَهُ بوليه تحتوي على أَلفَيْنِ وَخمْس مئة نفس من رجال الْقَوْم وأبطالهم وأتباعهم وهم على قصد زِيَارَة الْقُدس فِي السَّاحِل وتكثير حزب الْبَاطِل فألقتهم الرّيح إِلَى ثغر دمياط فغرق مِنْهُم الشّطْر وَشَمل البَاقِينَ الْأسر فَحصل فِي الْأسر مِنْهُم زهاء ألف وست مئة وست وَسبعين نفسا وَاتفقَ ذَلِك أَمَام الاهتمام بِالْمَسِيرِ إِلَى الشَّام
قَالَ ابْن أبي طي وفيهَا ولد للسُّلْطَان الْملك الْمُعظم تورانشاه وَالْملك المحسن أَحْمد بَينهمَا سَبْعَة أَيَّام واتصل الْفَرح بهما أَرْبَعَة عشر يَوْمًا
وفيهَا سَار قراقوش إِلَى إفريقية فأوغل فِي بلادها وانتهب مَا قدر عَلَيْهِ وَحَارب عَسْكَر ابْن عبد الْمُؤمن بالقيروان ثمَّ بلغه أَن إِبْرَاهِيم السِّلَاح دَار احتوى على أهل قراقوش وبلده فَرجع إِلَيْهِ فهرب إِبْرَاهِيم
وَسَار إِلَى خدمَة ابْن عبد الْمُؤمن وَملك قراقوش مَا كَانَ بيد إِبْرَاهِيم
قَالَ ابْن القادسي وفيهَا عَشِيَّة الْخَمِيس ثامن شعْبَان توفّي الإِمَام كَمَال الدّين أَبُو البركات عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي السعادات الْأَنْبَارِي النَّحْوِيّ وَكَانَ فَقِيها نحويا زاهدا عابدا خشن الْعَيْش صبورا على الْفقر وَكَانَ يسْرد الصَّوْم وَلَا يقبل من أحد شَيْئا وَكَانَ يحضر فِي نوبَة الصُّوفِيَّة بدار الْخلَافَة المعظمة فِي الْوَقْت فَينفذ إِلَيْهِ بالتشريف وَالذَّهَب فيعيده وَلَا يقبله وَكَانَ يجْتَهد بِهِ الْوَزير ابْن رَئِيس الرؤساء أَن يقبل لوَلَده شَيْئا فَمَا كَانَ يفعل
وَكَانَ يفْطر على الْخبز الخشكار ويبتاع برغيف أرزا وَمَا شَاءَ
وَكَانَ بَابه مَفْتُوحًا لطالبي الْعلم يعلمهُمْ لوجه الله تَعَالَى وَكَانَ إِذا أحضر أحدهم فِي الصَّيف مروحة يتروح بهَا فَإِذا خرج يَقُول لَهُ خُذ مروحتك مَعَك
فيجتهد بِهِ ذَلِك أَن يَجْعَلهَا عِنْده إِلَى غَد فَمَا يفعل
وصنف تصانيف كَثِيرَة وَدفن فِي تربة أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ
رَضِي الله عَنهُ
قلت وفيهَا توفّي بِمصْر الشَّاعِر ابْن الذروي وَهُوَ أَبُو الْحسن عَليّ بن يحيى الْمصْرِيّ وسنه حول الْأَرْبَعين وَقد تقدم من شعره فِي حج الْفَاضِل وَفِي مدح ابْن منقذ وَغَيرهمَا
وَمن ظريف شعره قَوْله فِي أحدب
(يَا أخي كَيفَ غيرتنا اللَّيَالِي
…
كَيفَ حَالَتْ مَا بَيْننَا بالمحال)
(حاش لله أَن أصافي خلا
…
فيراني فِي وده ذَا اختلال)
(زَعَمُوا أنني أتيت بهجو
…
فِيك نمقته بِسم خلال)
(كذبُوا إِنَّمَا وصفت الَّذِي حزت
…
من النبل والسنا والكمال)
(لَا تَظنن حدبة الظّهْر عَيْبا
…
فَهِيَ لِلْحسنِ من صِفَات الْهلَال)
(وكذاك القسي محدودبات
…
وَهِي أنكى من الظبى والعوالي)
(ودناني الْقُضَاة وَهِي كَمَا تعلم
…
كَانَت موسومة بالجمال)
(وَإِذا مَا علا السنام فَفِيهِ
…
لقروم الْجمال أَي جمال)
(وَأرى الإنحناء فِي منسر الكاسر
…
يلفى ومخلب الرئبال)
(وَأَبُو الْغُصْن أَنْت لَا شكّ فِيهِ
…
وَهُوَ رب القوام والإعتدال)
(قد تحليت بانحناء فَأَنت الرَّاكِع
…
المستمر فِي كل حَال)
(وتعجلت حمل وزرك فِي الظّهْر
…
فأمنا فِي موقف من الْأَهْوَال)
(إِن حمل الذُّنُوب أَهْون فِي الدُّنْيَا
…
على أَنه من الأثقال)
(كَون الله حدبة فِيك إِن شِئْت
…
من الْفضل أَو من الإفضال)
(فَأَتَت ربوة على طود حلم
…
مِنْك أَو موجة ببحر نوال)