الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آل طولون وَآل سامان وَآل بويه وَآل سجلوق وقرونا بَين ذَلِك كثيرا فَمن الَّذِي زلزلوه فَثَبت وَمن الَّذِي حصدوه فنيت وَأي نَار أوقدوها فَمَا خبت
ثمَّ قَالَ فِي آخِره اللَّهُمَّ هَل بلغت وللرأي الصلاحي علوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَذكر ابْن القادسي أَن الجندي الَّذِي أرْسلهُ صَلَاح الدّين بالبشارة يعرف بالرشيد بن البوشنجي
قَالَ وَكَانَ صَبيا كثير الإدبار مشمرا فِي دروب بَغْدَاد ثمَّ توجه إِلَى الشَّام هَارِبا من الْفقر فحين وصل إِلَى بَغْدَاد رَسُولا قَامَت الْقِيَامَة برسالته وَكتب إِلَى صَلَاح الدّين بالإنكار عَلَيْهِ وَقيل لَهُ مَا كَانَ فِي أَصْحَابك أميز من هَذَا ترسله إِلَى الدِّيوَان فَاعْتَذر صَلَاح الدّين ووصلت كتبه بالاعتذار وَقبل عذره وَأما ابْن البوشنجي فَإِنَّهُ حِين وُصُوله إِلَى الشَّام أَكثر الْكَلَام عِنْد صَلَاح الدّين فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهِ فَلَمَّا مضى الْأُسْبُوع جَاءَتْهُ نشابة ذبحته
فصل فِي بَاقِي حوادث سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ
فَفِيهَا قتل الْأَمِير شمس الدّين بن الْمُقدم وَهُوَ مُحَمَّد بن عبد الْملك يَوْم عَرَفَة بهَا
قَالَ الْعِمَاد وَكَانَ السُّلْطَان لما فرغ من فتح الْقُدس ودنا موسم الْحَج قَالَ الموفقون نحرم من الْمَسْجِد الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام ونفوز بِالْحَجِّ مَعَ إِدْرَاك فَضِيلَة فتح الْبَيْت الْمُقَدّس فِي هَذَا الْعَام فالحج وَالْجهَاد ركنا الْإِسْلَام
فَاجْتمع جمع جم من أهل ديار بكر والجزيرة وَالشَّام وَسَار بهم الْأَمِير شمس الدّين بن الْمُقدم شيخ أُمَرَاء الْإِسْلَام الْكِرَام فودعه السُّلْطَان على كره من مُفَارقَته واستمهله ليحج فِي السّنة الْأُخْرَى على مرافقته
فَقَالَ مَا مَعْنَاهُ إِن الْعُمر قد فرغ والأمد قد بلغ والشيب قد أنذر وَالْفَرْض قد أعذر فأغتنم فرْصَة الْإِمْكَان قبل أَن يتَعَذَّر
فَمضى والسعادة تقوده وَالشَّهَادَة تروده حَتَّى وصل إِلَى عَرَفَات وَمَا عرف الْآفَات وشاع وُصُوله وراع قبُوله وَضربت طبوله وسالت سيوله وجالت خيوله وَضربت خيامه وخفقت أَعْلَامه فَلَمَّا أَصْبحُوا نقرت على الْعَادة نقاراته ونعرت بوقاته فغاظ ذَلِك أَمِير الْحَاج الْعِرَاقِيّ فَركب إِلَيْهِ فِي أحزابه فأوقع بِهِ وبأصحابه وأبلاهم بجراحه ونهابه وَجرى حكم الله الَّذِي كَانَ ضرب الطبل أوكد أَسبَابه وَقتل جمَاعَة من حَاج الشَّام وجرحوا وهتكت أستارهم وافتضحوا
وَنقل أَمِير الْحَاج طاشتكين شمس الدّين بن الْمُقدم إِلَى خيمته وَهُوَ مَجْرُوح وَفِيه روح وَحمله مَعَه إِلَى منى فَقضى وَدفن بالمعلى وَتمّ ذَلِك بِقَضَاء الله وَقدره فِي تقلب حوادث الدَّهْر وَغَيره وارتاع أَمِير الْحَاج بِمَا اجترمه وَكَيف لم يراقب الله وَأحل
حرمه وَكَيف عدا على الْحَاج العائذ بِاللَّه وَسَفك دَمه فَكتب محضرا على مَا اقترحه بِعُذْرِهِ فِيمَا اجترحه وألزم أَعْيَان الْحَاج من سَائِر الْبِلَاد بِوَضْع خطوطهم على مَا عينه من المُرَاد فَكَتَبُوا مكرهين غير مشتهين
وَكَانَ عذره أَنه أنكر عَلَيْهِ ضرب الطبل فَأبى
فَلَمَّا انْتَهَت تِلْكَ الْحَالة إِلَى الْخَلِيفَة أنكرها إنكارا شَدِيدا ونسبها إِلَى طيش طاشتكين وَلم يجد لَهُ رَأيا سديدا فَلَا جرم اتضع عِنْده قدره واتضح لَهُ وزره ووهى أمره وَذُخْرهَا لَهُ حَتَّى نكبه بهَا بعد سِنِين وحبسه وَأطَال سجنه ثمَّ عَفا عَنهُ بعد مُدَّة مديدة وَشدَّة شَدِيدَة وولاه حَرْب بِلَاد خوزستان وخراجها وَولى إِمَارَة الْحَاج غَيره
وَلما وصل إِلَى السُّلْطَان خبر استشهاد ابْن الْمُقدم وجماعته لامه على ترك الحزم وإضاعته فاحتسبه عِنْد الله غازيا شَهِيدا ساعيا إِلَى الْجنَّة بقدمه سعيدا وَأقَام ابْنه عز الدّين إِبْرَاهِيم فِي بِلَاده مقَامه وَأقر عَلَيْهِ إنعامه
وَقَالَ مُحَمَّد بن القادسي فِي تَارِيخه ونقلته من خطه أَرَادَ أَمِير الْحَاج بِالشَّام وَهُوَ ابْن الْمُقدم أَن يرفع علما على الْجَبَل بالموقف فَمَنعه أَمِير الْحَاج طاشتكين وَجَرت بَينهمَا مراجعات أفضت إِلَى الْخُصُومَة بَين حَاج الْعرَاق وحاج الشَّام وَنهب الْبَعْض للْبَعْض وَجَرت جراحات فجرح ابْن الْمُقدم وَلم تغير الْعَادة فِي ذَلِك وأفاض النَّاس وَمَات ابْن الْمُقدم بمنى فِي الْيَوْم الثَّانِي ووصلت النجابة من مَكَّة فَأخْبرُوا بِمَا جرى من
أَصْحَاب ابْن الْمُقدم وَقد شهد الشُّهُود بذلك من الْحجَّاج فقرئ ذَلِك بِجَامِع الْقصر الشريف
قَالَ وَفِي ثَانِي شَوَّال من هَذِه السّنة توفّي أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن عبيد الله بن عبد الله سبط ابْن التعاويذي الشَّاعِر وَكَانَ كَاتبا بديوان المقاطعات وخدم بَيت ابْن رَئِيس الرؤساء وأضر فِي آخر عمره ومولده عَاشر رَجَب سنة تسع عشرَة وَخمْس مئة
قَالَ وَفِي خَامِس رَمَضَان توفّي الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ أَبُو الْفَتْح نصر بن فتيَان بن مطر الْمَعْرُوف بِابْن الْمَنِيّ وَكَانَ فَقِيها زاهدا صَالحا عَالما مولده سنة إِحْدَى وَخمْس مئة وتفقه عَلَيْهِ جمَاعَة من أَئِمَّة الْحَنَابِلَة كالحافظ
عبد الْغَنِيّ بن عبد الْوَاحِد بن سرُور وأخيه إِبْرَاهِيم وَالشَّيْخ الْمُوفق عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة وَمُحَمّد بن خلف بن رَاجِح والناصح عبد الرَّحْمَن بن نجم بن عبد الْوَهَّاب وَعبد الرَّزَّاق بن الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلي وَغَيرهم