الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّيْف أَن الشجَاعَة والنكول أَمْرَانِ يقذفهما الله فِي الْقُلُوب فَلَا يقل النَّاس كَيفَ
فصل فِي ولَايَة الْملك الْعَادِل حلب وَولَايَة تَقِيّ الدّين مصر وَغير ذَلِك
قَالَ الْعِمَاد وَقد كَانَ الْعَادِل نَائِبا بِمصْر فَلَمَّا فتح السُّلْطَان حلب كتب الْعَادِل إِلَيْهِ يطْلبهَا مِنْهُ مَعَ أَعمالهَا ويدع الديار المصرية فَكتب السُّلْطَان إِلَيْهِ أَن يوافيه إِلَى الكرك فَإِنَّهُ سَائِر إِلَى فَتحه فَأَشَارَ القَاضِي الْفَاضِل على السُّلْطَان أَن يَسْتَنِيب فِي الديار المصرية مَوضِع أَخِيه الْعَادِل ابْن أَخِيه تَقِيّ الدّين فاستصحبه السُّلْطَان مَعَه إِلَى الكرك فِي رَجَب من هَذِه السّنة وَحَازَ فِي طَرِيقه قبل وُصُوله إِلَيْهَا غَنَائِم وخيم على الربة ثمَّ حصر الكرك ورماه بالمجانيق صباحا وَمَسَاء وتناوب عَلَيْهِ الْأُمَرَاء حَتَّى خرج شهر رَجَب وَمَا حصل مِنْهُ الطّلب لَكِن عظمت النكاية فِي الْكفَّار بِأخذ أَمْوَالهم وتخريب الديار
وَوصل الْخَبَر أَن الفرنج قد استجمعوا وتجمعوا بالموضع الْمَعْرُوف بالواله على قصد الْمُسلمين وخلاص الكرك من أَيْديهم وَرَأى السُّلْطَان أَن أَمر حصره يطول فعول على الرحيل إِلَى دمشق وَوصل الْعَادِل إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ بعد على الكرك فَجهز تَقِيّ الدّين إِلَى
الديار المصرية واليا عَلَيْهَا وقوى عضده بِصُحْبَة القَاضِي الْفَاضِل لَهُ وَتَوَلَّى الْعَادِل حلب وأعمالها ومنبج وَجَمِيع قلاعها وَسَار إِلَيْهَا فِي رَمَضَان وَرجع مِنْهَا إِلَى دمشق الْملك الظَّاهِر ونواب السُّلْطَان
قلت وَكتب الْعَادِل إِلَى الْفَاضِل يستشيره فِي التعوض عَن مصر بحلب
فَكتب إِلَيْهِ الْفَاضِل كتابا فِيهِ
(إِنَّمَا أَنْت كغيث ماطر
…
حَيْثُمَا صرفه الله انْصَرف)
وَالْمولى أعلم وبسياسة الدُّنْيَا أقوم وَقد تكَرر الْكتاب الناصري إِلَيْهِ بِمَا نَص عَلَيْهِ وكشف لَهُ الغطاء وسنى لَهُ الْعَطاء وَقَالَت لَهُ المخطوبة هيت لَك
وَأدّى إِلَيْهِ مَالك الْأَمر مَا قد ملك فَلَا زَالَت سعادته أنور من شمس وأدور من فلك وَلَا زَالَ رابحا على الدَّهْر إِن امْرُؤ خسر وباقيا إِن امْرُؤ هلك
وَمن كتاب آخر إِلَيْهِ أدام الله دولة حامي الْحمى وَثَبت الدولة الناصرية الَّتِي يقوم بهَا ملكان همامان هما هَذَا صَلَاح يمْنَع فَسَادًا وَهَذَا سيف يحقن دَمًا
قَالَ ابْن أبي طي كَانَ السُّلْطَان يعظم الْملك الْعَادِل وَيعْمل بِرَأْيهِ فِي
جَمِيع أُمُوره ويتيمن بمشورته وَلَا يعلم بِأَنَّهُ أَشَارَ على السُّلْطَان بِأَمْر فخالفه
حَدثنِي قَاضِي الْيمن جمال الدّين قَالَ كَانَ السُّلْطَان يجمع الْأُمَرَاء للمشورة فَإِن كَانَ الْعَادِل حَاضرا سمع من رَأْيه وَإِن لم يكن حَاضرا لم يقطع أمرا فِي الْمُهِمَّات حَتَّى يكاتبه بجلية الْأَحْوَال ثمَّ يسمع رَأْيه فِيهَا
قَالَ وحَدثني أبي قَالَ حَدثنِي جمَاعَة قَالُوا كَانَ السُّلْطَان لَيْسَ لَهُ غناء عَن الْعَادِل وَلَا عَن رَأْيه فَلَمَّا حصل الْعَادِل بِمصْر وَبعد عَن السُّلْطَان هُنَاكَ صَار السُّلْطَان يتَكَلَّف فِي مُكَاتبَته بالأخبار وَيُؤَخر الْأُمُور إِلَى أَن يرد عَلَيْهِ جَوَابه فيفوته بذلك كثير من الْمَنَافِع الْحَاصِلَة للدولة وللجهاد
فَلَمَّا حصر الكرك فِي هَذِه السّنة كَاتبه بالحضور إِلَيْهِ بعياله وأمواله وَجَمِيع أَصْحَابه وَولى مصر تَقِيّ الدّين وَلما حصل الْعَادِل عِنْد السُّلْطَان وَقع فِي نَفسه أَن يعوضه عَن ولَايَة مصر ثمَّ حَار فِي أَي ولَايَة يوليه
قَالَ وحَدثني علم الدّين قَيْصر الصلاحي قَالَ إِنَّمَا أقدم السُّلْطَان الْعَادِل من مصر لأجل ولَايَة حلب وَبِذَلِك كَاتبه وَلأَجل هَذَا خرج الْعَادِل بأمواله وَعِيَاله وأثقاله
قَالَ وحَدثني غَيره قَالَ لما حصل الْعَادِل عِنْد السُّلْطَان بأمواله وأثقاله كَانَت الْأَمْوَال قد قلت على السُّلْطَان وَقد حصلت عِنْده عَسَاكِر عَظِيمَة فأحضر الْعَادِل لَيْلًا وَقَالَ أُرِيد أَن تقرضني مئة وَخمسين ألف دِينَار إِلَى الميسور فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة
ثمَّ قَامَ وَخرج من عِنْده وَكتب إِلَيْهِ يَقُول أَمْوَالِي جَمِيعهَا بَين يَديك وَأَنا مملوكك وأشتهي أَن أحمل هَذَا
المَال إِلَى خدمَة السُّلْطَان وَيكون عوضا عَنهُ مَدِينَة حلب وقلعتها
فَأَجَابَهُ السُّلْطَان إِنَّنِي وَالله مَا أقدمتك إِلَّا لأوليك حلب وَإِذ قد اقترحت ذَلِك فقد وَافق مَا عِنْدِي
فَلَمَّا أصبح الْعَادِل أنفذ وَسَأَلَ السُّلْطَان أَن يكْتب لَهُ بِمَدِينَة حلب كتابا ويجعله ككتاب البيع والشرى
فَامْتنعَ السُّلْطَان وَقَالَ إِنَّمَا تكون حلب إقطاعا وَالْمَال عَليّ لَهُ
فَاعْتَذر الْعَادِل إِلَى السُّلْطَان وَلما اجْتمعَا قَالَ لَهُ السُّلْطَان أظننت أَن الْبِلَاد تبَاع أَو مَا علمت أَن الْبِلَاد لأَهْلهَا المرابطين بهَا وَنحن خَزَنَة للْمُسلمين ورعاة للدّين وحراس لأموالهم أَو مَا علمت أَن السُّلْطَان ملكشاه السلجوقي لما وقف طبرية على جَامع خُرَاسَان لم يحكم بِهِ أحد من الْقُضَاة وَلَا من الْفُقَهَاء ثمَّ قرر السُّلْطَان ولَايَة الْعَادِل بحلب وأعمالها إِلَى رعبان إِلَى الْفُرَات إِلَى حماة وَكتب لَهُ التوقيع وَقرر عَلَيْهِ مَالا يحملهُ برسم الزردخاناه وخزانة الْجِهَاد ورجالة من الحلبيين
ورحل السُّلْطَان إِلَى دمشق واستدعى وَلَده الظَّاهِر من حلب فَلَمَّا حضر أمره بِالْعودِ إِلَى حلب وتسليمها إِلَى عَمه الْعَادِل فَفعل وَعَاد إِلَى دمشق وَسَار الْعَادِل إِلَى حلب فَالْتَقَيَا بالرستن وباتا فِيهِ
فَكَانَت مُدَّة ولَايَة الظَّاهِر بحلب فِي هَذِه النّوبَة نَحْو سِتَّة أشهر وَلما وصل الظَّاهِر إِلَى دمشق أقبل على خدمَة وَالِده والتقرب إِلَيْهِ إِلَّا أَن الانكسار
لخُرُوج حلب من يَده ظَاهر عَلَيْهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِك لَا يظْهر شَيْئا إِلَّا الطَّاعَة لوالده والانقياد لمرضاته
حَدثنِي أبي عَن مجد الدّين بن الخشاب قَالَ حَدثنِي الْملك الظَّاهِر قَالَ لما بَلغنِي أَن السُّلْطَان أعْطى حلب للْملك الْعَادِل جرى عَليّ مَا قدم وَمَا حدث وأصابني من الْهم مَا لم أقدر على النهوض بِهِ ووددت أَنِّي لم أكن رَأَيْتهَا وَلَا دخلت إِلَيْهَا لِأَن قلبِي أحبها وَقبلهَا وطاب لي هواؤها وَلما فارقتها كنت أحن إِلَيْهَا واشتاقها
قَالَ وَدخل الْعَادِل حلب فِي رَمَضَان وخلع على المقدمين والأعيان وَكَانَ قد قدم بَين يَدَيْهِ كَاتبه الْمَعْرُوف بالصنيعة ليسلم حلب وقلعتها من الْملك الظَّاهِر وَولى القلعة صارم الدّين بزغش وَولى الدِّيوَان والإقطاعات شُجَاع الدّين بن الْبَيْضَاوِيّ صباغ دقنه وَولى الْإِنْشَاء وَمَا يتَعَلَّق بِأُمُور السِّرّ للصنيعة ابْن النحال وَكَانَ نَصْرَانِيّا ثمَّ أسلم على يَد الْعَادِل فولى ابْن النحال الْوَظَائِف لجَماعَة من النَّصَارَى
وَفِي ذَلِك يَقُول الشَّاعِر
(فاق دين الْمَسِيح فِي دولة الْعَادِل
…
حَتَّى علا على الْأَدْيَان)
(ذَا أَمِير وَذَا وَزِير وَذَا وَال
…
وَذَا مشرف على الدِّيوَان)
قَالَ وَلم يزل الْعَادِل يهذب أُمُور حلب إِلَى سادس عشر ذِي الْقعدَة ثمَّ خرج مُتَوَجها إِلَى دمشق بِسَبَب أَن السُّلْطَان اجْتمع عِنْده فِي ذِي الْقعدَة
عدَّة رسل مِنْهُم رسل الْخَلِيفَة ورسل طغرل بن البهلوان ورسل قزل أخي البهلوان ورسل شاه آرمن صَاحب خلاط ورسل المواصلة ورسل عماد الدّين صَاحب سنجار ورسل قليج أرسلان صَاحب الشمَال فَأَرَادَ السُّلْطَان إِحْضَار الْعَادِل لسَمَاع الرسائل ولحضور الْأَجْوِبَة عَنْهَا ولتقرير أُمُور الفرنج وَيَوْم وصل الْعَادِل إِلَى دمشق أحضرهُ السُّلْطَان لسَمَاع الرسائل وَسمع مَا عِنْده من الْأَجْوِبَة وَلما قضى أجوبة الرُّسُل ودع السُّلْطَان وَعَاد إِلَى حلب
قَالَ وَلما بلغ سيف الْإِسْلَام أَن السُّلْطَان كتب لتقي الدّين عهدا بِولَايَة مصر عتب لأجل ذَلِك فَكتب السُّلْطَان لَهُ عهدا بِبِلَاد الْيمن جَمِيعهَا
قَالَ وأقطع السُّلْطَان تَقِيّ الدّين الْإسْكَنْدَريَّة ودمياط وَجعل لخاصته الْبحيرَة والفيوم وبوش ثمَّ عوضه عَن بوش سمنود وحوف رمسيس وَذكر غير ذَلِك
قَالَ الْعِمَاد أنعم السُّلْطَان على تَقِيّ الدّين بِالْأَعْمَالِ الفيومية وَسَائِر نَوَاحِيهَا بِجَمِيعِ جهاتها وجواليها وزاده القايات وبوش وَأبقى عَلَيْهِ بالبلاد الشامية مَدِينَة حماة وقلعتها وَجَمِيع أَعمالهَا
وَلما وصل تَقِيّ الدّين إِلَى مصر اقْتدى بِالتَّدْبِيرِ الفاضلي وَكَانَ السُّلْطَان لَا يُؤثر مُفَارقَته فَلَمَّا لم يجد من تَوْجِيه تَقِيّ الدّين إِلَى مصر بدا وَكَانَت فِيهِ حِدة لم تكن فِي الْعَادِل احْتَاجَ فِي تقويمه إِلَى تَدْبِير الْأَجَل الْفَاضِل
قَالَ القَاضِي ابْن شَدَّاد وَقتل على الكرك فِي هَذِه الكرة شرف الدّين بزغش النوري شَهِيدا رحمه الله ثمَّ رَحل السُّلْطَان عَنْهَا مستصحبا أَخَاهُ الْعَادِل إِلَى دمشق فَدخل دمشق فِي رَابِع عشري شعْبَان وَأعْطى الْعَادِل حلب فِي ثَانِي شهر رَمَضَان فَسَار فِي ذَلِك الْيَوْم نَحْوهَا فوصلها وَصعد القلعة فِي يَوْم الْجُمُعَة الثَّانِي وَالْعِشْرين من رَمَضَان وَكَانَ بهَا ولد السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر وَمَعَهُ سيف الدّين يازكوج يدبر أمره وأبن العميد فِي الْبَلَد وَكَانَ الظَّاهِر أحب أَوْلَاده إِلَى قلبه لما قد خصّه الله بِهِ من الشهامة والفطنة وَالْعقل وَحسن السمت والشغف بِالْملكِ وَظُهُور ذَلِك عَلَيْهِ وَكَانَ من أبر النَّاس بوالده وأطوعهم لَهُ وَلَكِن أَخذ مِنْهُ حلب لمصْلحَة رَآهَا فَخرج من حلب لما دَخلهَا عَمه الْعَادِل هُوَ ويازكوج سائرين إِلَى خدمَة السُّلْطَان فَدخل دمشق يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن عشري شَوَّال فَأَقَامَ فِي خدمَة وَالِده لَا يظْهر لَهُ إِلَّا الطَّاعَة والانقياد مَعَ انكسار فِي بَاطِنه لَا يخفى عَن نظر وَالِده
قَالَ وَفِي ذَلِك الشَّهْر وردنا على السُّلْطَان رسلًا من جَانب الْموصل وَكُنَّا قد ترسلنا إِلَى الْخَلِيفَة النَّاصِر لدين الله فِي إِنْفَاذ شيخ الشُّيُوخ صدر الدّين رَسُولا وشفيعا إِلَى السُّلْطَان فسيره مَعنا من بَغْدَاد وَكَانَ غزير الْمُرُوءَة عَظِيم الْحُرْمَة فِي دولة الْخلَافَة وَفِي سَائِر الْبِلَاد وَكَانَت
مكانته عِنْد السُّلْطَان بِحَيْثُ يتَرَدَّد إِلَيْهِ إِذا كَانَ عِنْده فِي مُعظم الْأَيَّام
قَالَ وَكَانَ الشَّيْخ قد وصل إِلَى الْموصل وَسَار مِنْهَا بعد أَن سَار فِي صحبته القَاضِي محيي الدّين بن كَمَال الدّين وَكَانَ بَينهمَا صُحْبَة من الصِّبَا وَكنت مَعَ الْقَوْم وسرنا حَتَّى أَتَيْنَا دمشق وَخرج السُّلْطَان إِلَى لِقَاء الشَّيْخ وَنحن فِي خدمته وأقمنا أَيَّامًا نراجع فِي فصل حَال فَلم يتَّفق صلح فِي تِلْكَ الدفعة وَخَرجْنَا رَاجِعين إِلَى الْموصل وَخرج السُّلْطَان إِلَى وداع الشَّيْخ إِلَى الْقصير واجتهدوا فِي ذَلِك الْيَوْم أَن يَنْقَضِي شغل فَلم يتَّفق
وَكَانَ الْوُقُوف من جَانب محيي الدّين فَإِن السُّلْطَان اشْترط أَن يكون صَاحب إربل والجزيرة على خيرتهما فِي الانتماء إِلَيْهِ أَو إِلَى صَاحب الْموصل فَقَالَ محيي الدّين لَا بُد من ذكرهمَا فِي النُّسْخَة
فَوقف الْحَال
وَكَانَ مسيرنا يَوْم الْخَمِيس سَابِع ذِي الْحجَّة
قَالَ وَفِي تِلْكَ الدفعة عرض عَليّ السُّلْطَان مَوَاضِع الْبَهَاء الدِّمَشْقِي بِمصْر على لِسَان الشَّيْخ فاعتذرت وَلم أفعل خوفًا من أَن يُحَال توقف الْحَال عَليّ وَمن تِلْكَ الدفعة ثَبت فِي نَفسه الشَّرِيفَة مني أَمر لم أعرفهُ إِلَّا بعد خدمتي لَهُ
وَأقَام السُّلْطَان بِدِمَشْق ترد عَلَيْهِ الرُّسُل من الجوانب فوصله رَسُول سنجر شاه صَاحب الجزيرة فاستحلفه لنَفسِهِ وانتمى إِلَيْهِ ورسل
إربل وَحلف لَهُم وَسَارُوا وَوصل إِلَيْهِ أَخُوهُ الْعَادِل يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع ذِي الْحجَّة فَأَقَامَ عِنْده
وَعِيد وَعَاد إِلَى حلب
قَالَ الْعِمَاد ووصلت رسل صَاحب الجزيرة معز الدّين سنجر شاه بن سيف الدّين غَازِي بن مودود بن زنكي ورسل صَاحب إربل زين الدّين يُوسُف بن عَليّ كوجك بن بكتكين ورسل صَاحِبي الحديثة وتكريت يَشكونَ من صَاحب الْموصل وَيطْلبُونَ أَن يَكُونُوا من أَوْلِيَاء السُّلْطَان المنتمين إِلَيْهِ فَفعل السُّلْطَان ذَلِك
وَكَانَ أَبُو سنجر شاه سيف الدّين غَازِي هُوَ صَاحب الْموصل بعد وَالِده مودود كَمَا تقدم ذكره فعهد إِلَى ابْنه سنجرشاه بهَا فغلبه عَلَيْهَا عَمه عز الدّين مَسْعُود بن مودود فَبَقيت الجزيرة بيد سنجرشاه وَهُوَ تَحت يَد عَمه وَفِي قلبه مِنْهُ مَا فِيهِ وَكَانَت إربل وأعمالها وَمَا يَليهَا كلهَا مُضَافَة إِلَى الْموصل وَصَاحب الْموصل هُوَ الْحَاكِم على جَمِيعهَا فَمن ثمَّ طلب هَؤُلَاءِ الانحياز إِلَى خدمَة السُّلْطَان فأجابهم وَسمع بذلك صَاحب الْموصل فاستشفع بدار الْخلَافَة إِلَى أَن أرسل مِنْهَا شيخ الشُّيُوخ وشهاب الدّين بشير إِلَى السُّلْطَان أَن يجدد لصَاحب الْموصل الْأَيْمَان وَيكون لَهُ من جملَة الأعوان حَربًا لمن حاربه سلما لمن سالمه
وَجَاء رَسُول صَاحب الْموصل قَاضِي الْقُضَاة محيي الدّين أَبُو