الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشابهة المتكلمين
قال صاحب كتاب (توحيد الخالق) ص 122، 123: قال تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ).
ولكن بشرط:
إننا نقبل على رسل الله بكل حواسنا، لنتعلم منهم، ونعرف من أمورنا الهامة ما غاب عنا، ولكنا لا نأخذ منهم هكذا، ولا نقبل منهم رأساً، إننا نستوثق أولاً بأنهم حقاً رسل من عند الله، ونستعرض بينات رسالتهم، ونتفحَّص معجزاتهم، ثم نشهد لهم بعد ذلك بالرسالة، ونستوثق ثانياً بأن الذي نقرؤه ونتعلمه عنهم حقاً قد قالوه.
وبهذه الصفة الحميدة يتفتَّح المؤمن على آفاق العلوم الدينية والدنيوية، وينتفع بعلوم غيره من المتخصصين في شتى العلوم والفنون، ومن الذين اختصهم الله بالهداية والنور، ولكن ذلك كله بعد الثقة من صدق المصدر.
وبهذا ينتفع المؤمن بأذنه التي جعلها الله للإنسان نافذة إلى علم الغيب، كما ينتفع باللغة التي جعلها الله رموزاً ليعرف بها ما غاب عن حواسه.
الجواب: الذي ينبغي أن يُعلم أن أهل الإعجاز المزعوم فيهم شبه كبير من المتكلمين الذين انتحلوا طريقة لإثبات الخالق وإثبات النبوّة أحدثوها لم يكن عليها السلف وذلك بالنظر في المخلوقات والمعجزات على مقتضى قواعد وأصول محدثة فضلوا بذلك وأضلوا.
وذمّ السلف لهم مشهور وكثير مُدّوَّن في دواوين أهل السنة.
أنظر الآن ما يقوله الزنداني يقول: (ونسْتعرض بينات رسالتهم ونتفحّص معجزاتهم ثم نشهد لهم بعد ذلك بالرسالة ونسْتوثق ثانياً بأن الذي نقرؤه ونتعلمه عنهم حقاً قد قالوه) وانظر إشارته إلى المتخصصين في شتى العلوم والفنون بعد الكلام السابق.
المؤمن ليس بحاجة إلى ما يدعو إليه هؤلاء ولا يتوقف الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ورسالته على سلوك هذه الطرق المحدثة ولا العلم بها، وقد آمن الصحابة رضي الله عنهم وأجيال الأمة بعدهم على الطريق التي دَلّهم عليها نبيهم صلى الله عليه وسلم وكان إيمانهم في الذّروة.
فإثبات وجود الخالق سبحانه وطلبه وإرادته بالعبادة فطري ولذلك تقول الرسل لأممهم: (أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) أما النظر في الكوْنيات من خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار، وما دعا الله عباده للنظر فيه من ملكوت السموات والأرض فهذا يزيد الإيمان لكنه ليس بمسالك المتكلمين ولا من شابههم من المتأخرين إذْ هذه
الطرق من أعظم ما نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن سلوكها فإنه بعد ما أمرنا بسلوك سبيله وسبيل أصحابه نهانا عن محدثات الأمور وحذّرنا من ذلك، وهذا في العلم والعمل.
ويقال لأهل الإعجاز: خبنا وخسرنا إن كنا بحاجة إلى أن نسْتعرض بينات رسالة الرسل ونتفحص معجزاتهم لنشهد لهم بعد ذلك بالرسالة كما تقدم من كلام صاحب كتاب توحيد الخالق بواسطة ما أحدثه المتأخرون، إن أسْلم هؤلاء طريقة وآمنهم من الأخطار التي لا يسلم منها سالك هذه الطرق أبداً بعد الجهد الجهيد يأتي بنتيجة (السيف أمضى من العصا) وأنّى له السلامة.
كيف كان إيمان الصحابة رضي الله عنهم والتابعين إلى بداية هذا العصر العجيب الغريب الذي اسْتحكمت فيه الغربة والكربة وتنكر أهله لسلفهم الصالح بسلوك طرق أحدثوها هي والله مُضلّة والدعاة إلى سلوكها كمن يُطِبُّ زكاماً فيُورث جُذاماً.
ولتعلم قرب شبه هؤلاء من المتكلمين أنظر ما قال صاحب كتاب توحيد الخالق بعد الكلام السابق ص 124 قال: (ورسل الله قد أطلعهم الله على غيوب كثيرة جهلناها وعرفوها فنحن نتعلم منهم ولكن بعد أن نتأكد من صدق رسالتهم ونشهد لهم بأنهم حقاً رسل الله).
أنظر قوله: (ولكن بعد أن نتأكد من صدق رسالتهم) اعلم أن أدنى
نظر بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أتى به من كلام ربه يورث من الإيمان واليقين مالا يعرفه ولا يدركه من قد يُفنى عمره ويكدّ فكْره وذهنه لكنه يسير على طريق ناكبة عن الصراط الذي أُمر بالسيْر عليه ولزومه وحُذِّر من سلوك غيره.
أما النظر في آيات الكون فمأمور به لكن بالطرق التي سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وأئمة الإسلام من علماء السلف وهو النظر المجرد ففي ذلك من زيادة الإيمان مالا يُقَدَّر.
وهنا ما نلفت له نظر من ظنوا أن العلم فَتَحَ لهم أبوابه وتهيأت لهم أسبابه بما جلبته لهم من علوم الغرب فإن الله تعالى يقول: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ) فهي مُدْرَكَة بالنظر المجرد ولله الحمد، وهي ذات اللون الأزرق، وقال تعالى:(قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) وقال تعالى: (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) فالنظر إلى المخلوقات العلوية والسفلية مأمور به مندوب إليه، وهو مدرك على أكمل الوجوه بالكيفية التي كان عليها النبي والصحابة.