المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌نيوتن والجاذبية وقانونها

- ‌المجموعة الشمسية

- ‌العلوم التجريبية والاعتماد على المحسوس

- ‌هل صِدْق الرسول صلى الله عليه وسلم متوقفاً على هذيان أرباب العلوم التجريبية

- ‌أمثلة من الخوض بالجهالة والضلالة

- ‌إعجاز صاحب كتاب توحيد الخالق

- ‌نهار الكواكب وليلها

- ‌(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ) الآية

- ‌(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ) الآية

- ‌(فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً) الآية

- ‌مشابهة المتكلمين

- ‌غلو صاحب كتاب توحيد الخالق بعلمه الحديث

- ‌فلا أقسم بمواقع النجوم

- ‌الإعجاز المزعوم يُضل عن السموات وما فوقها

- ‌المجرات الخيالية وأصل علوم المعطلة

- ‌المجرة باب السماء المبنية

- ‌ترويج البضائع الفاسدة

- ‌الذرة

- ‌الجناية على القرآن

- ‌ضلال في نشأة الكون

- ‌السموات السبع

- ‌هل الشريعة مَرِنَة

- ‌تجهيل السلف

- ‌(اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) الآية

- ‌النار السوداء

- ‌(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ)

- ‌(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا)

- ‌السديم

- ‌الكنيسة

- ‌أمثلة من الضحايا

- ‌الدعوة إلى الله

- ‌دوران الأرض

- ‌(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا) الآية

- ‌(كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء)

- ‌(أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ) الآية

- ‌(وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً)

- ‌(قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ)

- ‌(سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا) الآية

- ‌(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ)

- ‌(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) الآية

- ‌(وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) الآية

- ‌(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا) الآية

- ‌(وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) الآية

- ‌(وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) الآية

- ‌(وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً) الآية

- ‌الوعيد على تفسير القرآن بالرأي

- ‌هل معاني آيات القرآن غير معروفة حتى يُبينها المتأخرون

- ‌ إعجاز القرآن

- ‌الظلمات الثلاث

- ‌شوائب الداروينية

- ‌خوض بجهل

- ‌(بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) الآية

- ‌كلام في القدر

- ‌الجنة عرضها السموات والأرض فأين النار

- ‌(لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ)

- ‌كروية الأرض وثباتها

- ‌جريان الشمس بالفلَك غير الجريان حول المجرة

- ‌الأرض مركز الكون

- ‌(وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ) الآية

- ‌(وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) الآية

- ‌(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) الآية

- ‌(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)

- ‌خوض في مسمى العلم

- ‌(لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) الآية

- ‌تصديق صاحب كتاب توحيد الخالق بالوصول إلى الكواكب

- ‌أرض العرب والمروج والأنهار

- ‌الدعوة إلى الله بالطرق الشرعية

- ‌علم الأمة ميراث الرسول

- ‌(وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ)

- ‌بداية الكون

- ‌(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ) الآية

- ‌(وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)

- ‌انشقاق القمر

- ‌حيل لترويج بضائع فاسدة كاسدة

- ‌(وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ) الآية

- ‌(فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) الآية

- ‌كلام باطل عن الشمس

- ‌(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) الآية

- ‌رد الباطل بالباطل يُغري أهل الباطل

- ‌آثار نشأة الكون على نظرية داروين

- ‌عجائزنا ومجانيننا خير من علماء المعطلة

- ‌(أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) الآية

- ‌الملحقات

- ‌زيادة بيان وإيضاح برهان

- ‌العلم التجريبي

الفصل: ‌هل الشريعة مرنة

‌هل الشريعة مَرِنَة

وقال صاحب كتاب توحيد الخالق عن الشريعة أنها (أوْجدت الحلول لكل مشكلة في مختلف البلدان والأزمان).

وقال عن الشريعة أيضاً: إنها (مَرِنَة تستجيب لكل ألوان الحياة المتجدِّدة) ص239.

هذه العبارات ونحوها لم ينفرد بالقول فيها وحده بل يقولها ويَسْتَعْذِبها ويسْتحْليها كثيرون من أهل هذا العصر المتحوِّل المنقلب وذلك لا يُجْدي عليهم شيئاً لأن الشريعة جاءت بلزوم الهَدْي الأول مع التحذير من الإحداث والتغيير، وأما إيجادها الحلول للمشاكل ومُرونتها فليس معناه أن يَصُبَّ أهل الوقت نصوصها في قوالب أهوائهم ثم يُعَلِّلون ذلك بمرونة الشريعة، فإن أمامهم يوم القيامة:(ماذا عبدتم. ماذا أجبتم المرسلين) وسيعلم من عبد غير الله أو استجاب لغير المرسلين أيّ بضاعة معه.

إن تحوّلاً وانقلاباً عجيباً غريباً طرق العالَم بأسْرِه غَيّر معالم الشريعة ودَمّرَ بيئة الفطرة سُمِّيَ: (حضارة) و (مدنية) و (نهضة) ونحو ذلك من أسماء هي من باب (زخرف القول غروراً) الذي بتفسير السلف هو:

ص: 139

تزيين الباطل بالألسنة، وقد راجت السلعة رَوَجَاناً منقطع النظير في زمن يسير، وهذه السلعة بدون هذه الزخارف هي التشبه باليهود والنصارى وهي تحقيق (ودنيا مؤثرة) و (شبراً بشبر وذراعاً بذراع وحذو القذة بالقذة).

والمراد هنا أن الفِطَر شَعُرَتْ بالمنافرة وعدم الملائمة لكن النفوس تَوَطّنَتْ لكثرة المباشرة والمِساس، فتبلّد الحِسّ أولاً، ثم أخيراً عُدِم الإحساس.

ولقد كانت مخالفة هذا الوارد للشريعة في البداية ظاهرة لكن لما طَمَّ الوادي غرقتْ حدوده، حتى أصبح من يشير إلى حدوده الغريقة من أجهل الخلق وأقلّهم عقلاً بل يصبح أعجوبة وطرفة للتّنَدْر.

وهذا الموضوع الكلام فيه يطول جداً وإنما ذكرت هذه الإشارة البسيطة بعد كلامه عن مرونة الشريعة وكونها تحل المشاكل، وأهل الوقت يميزهم عن السلف ميزات أكثر من أن تحصر لكن مرادي هنا رُخْص الكلام على المتأخرين، وقلّة العناية بوزنه بميزان الدين.

والمراد أنه طَمّ الوادي وقُلِعَتْ التخوم، وعَفَتْ الرسوم ظهرت هذه الأوصاف العجيبة للشريعة، فهي مَرِنَة وتحل المشاكل في كل زمان ومكان وصالحة لكل زمان ومكان، ومثل ما يقول الشعراوي محمد وأمثاله: إن

ص: 140

للقرآن عطاءً متجدداً في كل زمان، وقد سلك هذا المسلك وكثيرون مثله.

فيقال لهؤلاء: ليست مُرونة الشريعة أن تلاحق الناس وتتبعهم أينما توجّهوا ولو شردوا عنها شرود البعير عن أهله، فَتُجعل بمرونتها المدَّعاة تابعاً لا متبوعاً، هذه أماني المبطلين، وإنما المطلوب من العباد التمسك بأوامر الشريعة والتأدب بآدابها في كل زمان ومكان، وأن يكونوا هم خاضعين لها لا أن يُخَضِّعوها ويُذَلِّلوها لتجاري أهوائهم وأغراضهم، إنها عزيزة منيعة لا تخضع لأحد ولا تذل.

فالشريعة سمحة مُيَسّرة ولله الحمد، ولكن في داخل حظيرتها، أما من تعدى طَوْره فليست مَرِنة له ولا سمحة ولا ميسّرة إلا أن يعود لمقامه مستشعراً أنه عبد مُدَبّر مُصرّف من قِبَل مالكه، فهنا يقال:(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) و (بعثت بحنيفية سمحة).

ولقد تمادى صاحب كتاب توحيد الخالق في دَعْواه المرونة للشريعة وللقرآن والإنصباب بالقوالب الزمانية فقال في (ص242) عن القرآن: فكلما مَرّ الزمن كلما كشف عن وجه جديد من إعجازه فما أن دخل الناس في عصر العلوم الكونية حتى وجدوا في كتاب الله نبأ بأن الله سيريهم آياته في الآفاق. انتهى.

ص: 141

أقول: الحذر مما يطلقه المتأخرون على زمانهم وعلومهم فالجاهل يغتر بهذه الإطلاقات والمدائح، فقول صاحب كتاب توحيد الخالق:(عصر العلوم الكونية) يُشْعر هذا التعبير بأن علوم الكون ما كانت تُعرف في الماضي وأن الصحابة ومن بعدهم من علماء المسلمين كالدراويش يقرأون القرآن ولا يعلمون ما فيه من العلوم الكونية، فكم ذكر الله السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والحيوان والنبات والرياح والسحاب، وغير ذلك والسلف لم يكتشفوا ما في الكون حتى جاء العلم الحديث، وصاحب كتاب توحيد الخالق له كلام صريح في ذلك لكن يقال هنا: خبنا إذاً وخسرنا إن كنا بحاجة إلى الملاحدة ومُقلِّديهم ليعلموننا العلوم الكونية، وقد تقدم بيان ضلالهم العظيم في (السديم) والمجرات.

ص: 142