الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجرات الخيالية وأصل علوم المعطلة
يقول صاحب كتاب (من الإعجاز العلمي) 1/ 124:
وفي السماء مجرات بعيدة جداً عن الأرض بصورة تفوق الخيال البشري، وينبعث من هذه المجرات أشعة ضوئية خافتة، ذلك لأنها تبعد عن الأرض بنحو ألف مليون بارسك.
(19.200.000.000.000.000.000.000 ميل)، ومن بينها مجرة السحابة المجلانية Magellanic Cloud ومجرة قنو العذراء Vergo Cluster وهي من أقوم الحشود المجرية القريبة إلينا وتشتمل على نحو 2500 مجرة داخلية فيها.
1 -
المجرات اللولبية أو الحلزونية الشكل: Spiral Galaxies:
ويتراوح قطر المجرة الواحدة منها من 150.000 إلى 15.000 سنة ضوئية، وتزداد اتساعاً في القسم الأوسط منها بينما يقل اتساعها عند أطرافها، وتتوالد الكثير من النجوم الجديدة في المجرات، ومن بينها النجوم الجديدة القصيرة العمر، الشديدة اللمعان، والتي تسهل عملية رصدها باستخدام المراقب الفلكية المطورة نظراً لوقوعها عند أطراف المجرة، ويحيط بالنواة الوسطى. انتهى.
إن مثل هذه الهذيانات والخيالات يكفي النظر فيها عن الكلام في تفنيدها، وكل ما يكون الواحد من هؤلاء المعطلة الذين ينقل عنهم المقلِّدة كل ما يكون أكبر كذباً وأبعد خيالاً وأعظم جنوناً فهو أعمق علماً وأوسع فكراً، ولولا ذلك لما سُوِّدت الأوراق بهذا التخريف، إن الملاحدة تتكلم عن فضاء لا ينتهي وهذا كفر في عقيدة الإسلام لأنه إنكار لما ثبت بالنصوص من وجود السموات السبع وبنائها وسكانها من الملائكة والجنة التي هي فوق السماء السابعة وكرسي الرحمن وعرشه الذي هو مستو عليه، وإنكار للخالق سبحانه، وجحود له، فهذا من ثمار هذا العلم الحديث.
فَمُقَلِّدة أرباب العلوم الحديثة غايتهم أن ينقلوا ما يَهْذُون به، قال صاحب كتاب (الإعجاز الإلهي) ص112.
من المعجزات الإلهية الكثيرة الموجودة في أجواء الفضاء ما اكتشفه العلماء في الآونة الأخيرة، لقد اكتشفوا بوسائلهم العملاقة المتطورة مجرتين هائلتين متقاربتين من بعضهما بعضاً، كلٌ منهما صنو للآخر أو نسخة طبق الأصل عنه ولا يختلفان عن بعضهما في شيء، علماً أن في كل منهما مليارات المجموعات الشمسية التي تعدّ مجموعتنا بالمقارنة بها كذرة غبار متناهية في الصغر في كون فسيح مترامي الأطراف. انتهى.
إن من قَلَّد أرباب هذه العلوم قد وَطَّن نفسه لقبول الخيالات، حتى لو زعم المعطلة أنهم اكتشفوا مجرات بحيث تكون هذه المجرات التي ذَكَر بالنسبة إليها كذرّة غبار متناهية الصغر، هذا ظاهر في مؤلفات من كتبوا عن هذا الإعجاز المزعوم.
بعد هذه الإشارة لهذا الأصل المهم الذي يُمَيّز بين السلف والخلوف في هذا الأمر أقول لصاحب كتاب توحيد الخالق ولمن اغتروا بالملاحدة وانخدعوا بخدعهم وضلالاتهم أقول: الرجوع إلى الحق أحق من التمادي في الباطل، والعَوْدُ لكم أحمد، ويا ليتكم تكونون كمن رضي من الغنيمة بالإياب فالأمر والله غاية الخطورة، وبما أن القوم لجّجوا في بحار عميقة مظلمة فلا بد بمعونة الله من كشف ما يحتمله هذا المؤلِّف الذي يطول جداً لو ذكرت فيه كل نظريات الكفرة وما فيها من الضلاّل وإنما الإشارة تكفي مَنِ الحكمة ضالّته، وليكن الكلام الآن على السماء التي أعجب صاحب كتاب توحيد الخالق ما توصّل إليه من العلم الحديث وكشوفاته من شأنها، ولنبدأ من الأصل الذي يُصَرّحون به وعليه بَنَوْا علومهم وهو أن الكون لا خالق له.
وهذا تفرّع عنه أن ما فوق الأرض من كل جهة فضاء لا ينتهي، ومعلوم أن هذا الاعتقاد هو ثمرة من ثمار جحودهم لخالق الكون فينظرون إلى ما فوق رؤوسهم إلى عالم مجهول اتفقوا على أنه فضاء لا حَدَّ له. ليسوا
كأهل الإسلام الذين ينظرون إلى ما عندهم العلم بوصفه قبل نظرهم وهو معلوم لخالقه ومُوجده قبل خَلْقهم ووجودهم فكلامه فيه حق، وتصديقه فيه هدى.
والمراد أنهم بقولهم: الفضاء لا حَدَّ له أرادوا هدم بنيان الدين بقلع أصوله فمن لم يُصَدِّقهم ويتبعهم على إنكار الخالق أوْجدوا له طريقاً أخرى كفيلة بإضلاله عنه سبحانه وهو كلامهم في فضائهم الخيالي اللانهائي.
إنها كلمة قالوها وهي أن الفضاء لا ينتهي لا دليل عندهم على صحتها ولا برهان ولا حجة إلا عدم العلم بغير ذلك، وعدم العلم ليس بعلم، هذا أحسن ما يُظن بهم وكفى بذلك ضلالة أن بُني على جهالة، والإناء بما فيه ينضح فهذه ثمار الكفار، والذي ينبغي أن نهتم بشأنه ونحذره أنهم أرادوا بذلك إضلال المسلمين عن ربهم وهذا لأنهم منقادون بالطاعة لإبليس فهو جعلهم واسطة الإضْلال بهذا الضّلال.
إن العجوز الجاهلة من عجائز المسلمين والمجنون الذي يُمَزِّق ثيابه ويرمي طعامه ويشتم أباه وأمه أعْلم من أرباب العلوم الحديثة بالسماء وبما فوق السماء وإنما الفتنة بهؤلاء التي أعمت وأصَمّت سببها وجود من رَوَّج هذه البضائع الزائفة وأنها تدلّ على الله وأن القرآن شاهد بصحتها.
والمراد أن المسلمين جهالهم ومجانينهم وعجائزهم فضلاً عن علمائهم يعتقدون أن الذي يَرَوْنه فوقهم بلَوْنه الأزرق هو السماء التي بناها خالقهم بقدرته الذي يقول للشيء كن فيكون وأن في سمواته ملائكته وجنته وفوق ذلك عرشه، هذا معتقد عامة المسلمين وجهالهم، انظر الآن ما يقابله من معتقد أرباب العلوم الحديثة وقارن بين الهدى والضلال.
إنهم يعتقدون كما ذكرت أن الفضاء لا حَدَّ له وحَشْوُهُ كواكب تدور حول نفسها وحول توابعها، وقد تقدم الكلام على نظرية نيُوتِن وأنهم بَنَوْا عليها نظرية تجاذب الأجرام الكبيرة إذْ أنها عندهم في الأصل تدور بتأثير انفصالها من الشمس التي هي الأخرى تدور عندهم، وتقدم ذِكر ما يسمونه المجموعة الشمسية التي هي خيال لا حقيقة له، فالكون عندهم مليء من هذه المجموعات الشمسية الخيالية التي بِدَوْرها تُكَوِّن ما سَمّوْه بالمجرات، والمجرات ملايين وبلايين لا تحصر وكل ذلك سابح في فضاء لا ينتهي وضمن ذلك الأرض التي جعلوا نسبتها من الصِّغر للكون الذي لا ينتهي وأجرامه كنسبة حَبّة رمل إلى جميع رمال الأرض، ولقد عظّم الخالق الأرض، وكم ذكرها مع سمواته العظيمة يبين عظمها.
إن من يعتقد أن الفضاء لا حَدَّ له مُعَطّل حيث لا وجود للخالق سبحانه عنده ولا سمواته السبع ولا عرشه العظيم، وهذا ظاهر لا جدال فيه عند الملاحدة أرباب هذه النظريات، فهم ينفون وجود الخالق من أول
خطوة في علومهم التجريبية التي يزعمون أنها مبنية على عدم الإيمان بغير المحسوس.
والكلام الآن مع من قلّدهم في كلامهم في المجرات وهو يُقرّ بوجود الخالق سبحانه وعرشه وسمواته فيقال لهم: إنكم تريدون أن تجمعوا بين الحق والباطل وهما لا يجتمعان إنكم لو سُئلتم عن السماء المبنية التي ورد ذكرها في القرآن وقدْ وصفها الله في آيات عديدة أنها بناء وأنها فوق الأرض وأن لها أبواب وأنه ما لها من فروج وليس فيها فطور لتحيّرتم، ومن أقرّ منكم بسبع سموات فلا يُقِرُّ بها على ما وصفها خالقها ورسوله.
كذلك ما ورد في السنة الصحيحة من معراج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن جبريل عليه السلام يستفتح أبواب السموات سماء سماء فقد روى البخاري حديث الإسراء أنقل منه هنا ما يبين أن السماء بناء ولها أبواب كما ورد في القرآن، ففي حديث أنس رضي الله عنه:(ثم عُرج به إلى السماء الدنيا فضرب باباً من أبوابها فناداه أهل السماء: من هذا؟ فقال جبريل وقالوا: ومن معك؟ قال: معي محمد) الحديث، وفيه:(ثم عرج به إلى السماء الثانية فقالت الملائكة مثل ما قالت له الملائكة الأولى: من هذا؟) وفيه (ثم عرج به إلى الثالثة فقيل
له مثل ما قيل في الأولى والثانية وهكذا حتى عدَّ سبع سموات) (1).
إنكم لو سُئلتم عنها لاضْطربتم ولَمَا أجبتم بالصواب، وقد رأيت من التهافت والتناقض والضلال في كلام المقلِّدة للملاحدة في وصفهم السموات ما يدعو للعجب، فبعضهم يقول: هي الكواكب السبعة، وبعضهم يقول: إنها طبقات غازية سبع، وبعضهم يقول: لا أدري ما السموات، وبعضهم يقول: هي فوق المجرات وهو يعلم أن ما فوق المجرات لا يمكن أن يكون سموات مبنية لأن المجرات بزعمهم تتوالد والكون يتسع مع أن المجرات عندهم لا حصر لها، وقد تقدم كلامهم فيها ويأتي غيره.
ولهم أقوال أخرى عن السموات غير ما تقدم وكل ذلك ضلال مبين، فهم تائهون ضالون حائرون.
كالْعِيسِ في البيداء يقتلها الظما
…
والماء فوق ظهورها محمولُ
إننا إذا ضللنا في معرفة السموات ضللنا عن معرفة ربنا سبحانه وفوقيته وعلوه على مخلوقاته، كذلك الملائكة والعرش والكرسي والجنة لأن ذلك كله فوق السماء المبنية، والعرش فوق السموات كلها وهو سقف العالم كله كما أن السماء الدنيا سقف الأرض، والعرش أكبر المخلوقات على الإطلاق.
(1) رواه البخاري (6/ 2730) ومسلم (1/ 145).
والآن نطرح كل الأقوال المتقدمة في وصف السماء لأنها لا تستحق المناقشة وننظر في قول واحد اقْتنع واغْتر به الجهال وهو أن السماء فوق المجرات المزعومة وأنه لا تعارض بين ذلك وبين الحق المعلوم في الكوْن الذي هو الصفة للسموات المطابقة لخبر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
يزعم أهل العلم الحديث أن ما فوق الأرض فضاء لا حَدَّ له ولا نهاية كما تقدم ذِكر ذلك وأن هذا الفضاء كواكب سابحة فيه تدور حول توابعها، فكواكب التي سموها المجموعة الشمسية تدور حولها ويزعمون أن من ضمنها الأرض فهي عندهم تدور حول نفسها وحول الشمس، وليس الكلام في هذا هنا وقد بينت بطلانه والحمد لله في (هداية الحيران) إنما المراد هنا المجرّات المتَخَيَّلة، فيزعمون أن في فضائهم اللانهائي ملايين وإن شئت قل بلايين من المجموعات الشمسية التي تتكوّن منها ملايين المجرات وإن شئت قل بلايين البلايين من المجرات، فخيالاتهم وخيالات مُقَلِّديهم ليس لها حَدّ كفضائهم الذي لا يُحَدّ، فمن هنا أُطْلِقَتْ لك المشيئة بإضافة ما شئت من الأصفار بجانب أصفار الملايين والبلايين.
إنك لا تعْدو أن تكون صِفْر اليدين سواء زِدْت على ما زعموا من عدد المجرات أو نقصت اللهم إلا أن ترمي هذه الملايين والبلايين من المجرات في المزبلة والمشابهة لنتائج أفكار الكفار وزبالات أذهانهم وتُبْقي
واحدة فقط من الملايين والبلايين وترفع رأسك في ليلة مظلمة بعيداً عن الأضواء التي حَرَمَتْنا منظر السماء فتنظر كما نظر نبيك وصحابته الكرام وسلف هذه الأمة من الأئمة الأعلام، مصابيح الدجى وهداة الأنام.