الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ) الآية
وليحذر من سلك هذه المسالك المظلمة أن يكون له ميراث ممن قال تعالى عنهم: (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً).
قال صاحب كتاب (هداية القرآن في الآفاق والأنفس)(ص51):
ويحث المنهج القرآني على اتباع العقل وعدم اللجوء إلى التقليد الأعمى أو اتباع ما كان يفعله الآباء والأجداد وهو ما استرشد به العلم وسار عليه في تحليل الأمور، يقول تبارك وتعالى:(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ) انتهى.
القرآن يحث على اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وحسْب العقل من الكمال أن يدل صاحبه على ذلك، ولذلك فأهل الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله هم أعقل الناس.
أما الإشادة بالعقل ورفعه فوق منزلته وأن يُتَعَدّى به طَوْره فيستقل بما لا يُحْسِن الاستقلال به فطريقة هلكة، وكم ممن ضَلّ مغتراً بعقله.
وإنما يُمدح العقل إذا دَلّ على الرسول صلى الله عليه وسلم أما التقليد واتباع الآباء على غير هدى وقوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ) الآية فليس المراد منها ما فَهِمَ هذا وأمثاله أنه مدح من يسْترشد بالكفرة على علوم الكْون حتى لو أصابوا فليس هذا مراد الله عز وجل بكلامه فكيف وقد ضلوا بالمخلوقات وضلّوا وأضلوا عن الخالق، وإنما المراد بذم التقليد واتباع الآباء في الكفر بالله العظيم وعدم الإنقياد لنبيه صلى الله عليه وسلم، وإنما جرأة جريئة عاقبتها إلى أسوء السوء أن يُتلاعب بكلام الله هكذا.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلاماً يشبه ما نحن فيه من تصريف كلام الله وغصبه لمجاراة هذه الضلالات، قال رحمه الله: وكذلك تأويل القرآن على قول من قلّد دينه أو مذهبه فهو يتعسف بكل طريق حتى يجعل القرآن تبعاً لمذهبه وتَقْوِيَة لقول إمامه، وكل محجوبون بما لديهم عن فهم مراد الله من كلامه في كثير من ذلك أو أكثره. انتهى (1).
(1) مجموعة الفتاوى 16/ 51.