الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا أقسم بمواقع النجوم
قال الزنداني في ذكر قوله تعالى: (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) فقال مفسِّراً هذه الآية.
إن التقدم العلمي جاء ليبيّن الأبعاد لمواقع النجوم، وذلك ما جهله الإنسان طويلاً، فالشمس تبعد عنا مسافة 93 مليون ميل تقريباً، ويقطع الضوء هذه المسافة في ثمان دقائق لأن سرعة الضوء (300) ألف كيلو متر في الثانية، والضوء يقطع المسافة بيننا وبين أقرب نجم إلينا في مدة أربع سنوات وربع، ومنها ما يبعد عنا مسافة يقطعها الضوء في مائة سنة، ومنها ما يسافر منها الضوء إلينا في ألف سنة، ومنها ما يبقى الضوء مسافراً منها إلينا في مدة مليون سنة، ومنها ما يبقى الضوء مسافراً منها إلينا في (340) مليون سنة، ومنها ما يبقى الضوء مسافراً منها إلينا في مدة ملايين السنين، أليس هذا كشف لِما تضمنته الآية الكريمة من حقيقة بقيت مجهولة مدة طويلة قال تعالى:(فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ).
فمن أعلم محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه الحقيقة التي تعلن الآية جهل الناس بها
وقت نزولها من العليم الخبير ومن الأبعاد كما قرّرها العلم الجديد (1).
إن تفسير هذه الآية الكريمة بهذا الباطل والضلال العظيم لمن أخطر الأمور، وإذا كانت هذه المسافات المتجاوزة لحدود الخيال في فضاء الملاحدة فكيف للمسلم بإثبات السموات السبع المبنيّة ومعرفة ربه وعلوّه فوق سمواته فوق عرشه، إن المراد بكلام الملاحدة هذا هو الضلال لأنهم من أول خطوة لا يقرّون بخالق للكون، وستأتي إن شاء الله تفاصيل برهانية تكشف الغامض من هذه الدواهي.
ويأتي أن بعضهم ضال مضل بجعله السموات السبع هي الكواكب، وهذا مصادمة للقرآن العظيم والسنة الصحيحة الصريحة، وهو مذهب المعطلة الكفرة.
وقد ضلوا ضلالاً بعيداً في النجوم حيث تأوّلوا بها ما يُضيّع الخلق عن خالقهم وعلوّه واستوائه على عرشه فوق سمواته، قال البخاري رحمه الله في كتاب (بدء الخلق): وقال قتادة: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) خلق الله هذه النجوم لثلاث: جعلها زينةً للسماء ورجوماً للشياطين وعلامات يُهتدى بها، فمن تأوّل فيها غير ذلك فقد أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف مالا علم له به. انتهى. (2)
(1) توحيد الخالق، ص350.
(2)
رواه البخاري معلقاً وأخرجه عبد الرزاق وعبد ابن حميد وابن جرير.