الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا) الآية
قال صاحب كتاب توحيد الخالق: القرآن يعد يكشف الآيات لتدعيم الإيمان:
لكن الذي خلق الإنسان وعلمه، وأنزل القرآن وبيّنه اخبر في كتابه ووعده بأن سيكشف للناس وللعلماء خاصة حقيقة ما في هذا القرآن من آيات بينة لتكون دليلاً لهم على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى:(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(1).
قال تعالى: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)(2).
وقال تعالى: (كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(3).
الوعد يتحقق: وقد تحقق وعد الله، وكان مما تحقق في عصرنا هذا عصر العلوم الكونية أنه كلما تقدمت الكشوف العلمية في ميدان من الميادين كشفت للناس عن آيات الخلق الباهرة التي تزيد الناس إيماناً
(1) فصلت، آية:53.
(2)
سبأ، آية:6.
(3)
الأعراف، آية:32.
بربهم وخالقهم وكشفت أيضاً عن معنى من المعاني، فإن القرآن قد تحدث بصراحة أو أشار إليه؛ وبقيت تلك الآية تؤول أو تفسر على غير معناها لعدم معرفة السابقين بحقائق خلق الله، ودقائق ما أشارت إليه الآية، فكان هذا نوعاً من إعجاز القرآن يظهر في عصر العلم الكوني يشهد بأن القرآن: كلام الله بما حوى من حقائق جهلها البشر جميعاً طوال قرون متعددة وأثبتها القرآن في آياته قبل أربعة عشر قرناً من الزمان فكان ذلك شاهداً بأن هذا القرآن ليس من عند رجل أمي أو من عند جيل من الأجيال البشرية لا يزال يعيش في جهل كبير إنما هو من عند الذي خلق الكون وأحاط بكل شيء علماً، وصدق الله القائل لنبيه:(وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ)(1).
إن ما يقوله صاحب كتاب توحيد الخالق وأمثاله ممن فُتِنوا بهذه العلوم من كون آيات الخلق ومعانيها تؤول وتفسّر على غير معناها عل عهد الصحابة فمن بعدهم من السلف الصالح، إنه قول عظيم خطير لأنه تجهيلٌ للسلف بعدم معرفة معاني هذه الآيات وتضليلٌ لهم باتّهامهم بتأويلها على غير معانيها والعكس هو الصحيح، وفيما ذكرته وأذكره إن شاء الله كشف لحقيقة الأمر.
أما هنا فذكر قوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ) الآية وكثيراً
(1) توحيد الخالق، ص341.
ما يستدل بها المفتونون بعلوم وكشوفات الغرب فيتأوّلونها على غير تأويلها، ويأتي إن شاء الله تفسيرها.
وأما قوله تعالى: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ) الآية فليس معناها كما أراد، قال ابن جرير رحمه الله: وعنى بالذين أوتوا العلم مُسْلِمَة أهل الكتاب كعبد الله بن سلام ونظرائه الذين قد قرءوا كتب الله التي أُنزلت قبل الفرقان فقال تعالى: وليرى الذين أوتوا العلم بكتاب الله الذي هو التوراة، الكتاب الذي أُنزل إليك يا محمد من ربك هو الحق، وقيل: عَنَى بالذين أوتوا العلم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
فهل أراد الله بالذين أوتوا العلم أهل هذه العلوم ومن قَلّدهم؟ وأيّ علم عند هؤلاء؟ وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال في الحديث الصحيح: (إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم ويُثْبت الجهل)(1) وهذا هو الحاصل في عصرنا، وقد استعاذ صلى الله عليه وسلم من علم لا ينفع كيف بالعلم الضار؟
(1) أخرجه البخاري (1/ 43) ومسلم (4/ 2056) عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً.