الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رد الباطل بالباطل يُغري أهل الباطل
ومما يلفت النظر وهو ظاهر بيّن أن الذين يكتبون عن هذا العلم الحديث وكشوفاته ينقلون ما يقوله الكفرة وكأنه قرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ويعلم الناظر في عملهم هذا أنهم قد وطَّنوا نفوسهم لقبول هذه المحالات والهذيانات.
وحتى أنه لو تطاول أحد من هؤلاء ليردّ بزعمه على أرباب هذه العلوم فإنه لا يستطيع الرد عليهم إلا بالإقرار بباطلهم ومشاركتهم فيه فيكون كمن يُطِبّ زكاماً فيورث جذاماً، وخذ مثالاً على ذلك صاحب كتاب (الإسلام وارْتياد القمر) أراد بزعمه أن يُهَوّن شان وصول القمر والمريخ بأن الكوْن واسع فدخل في ضلالهم من سعة الفضاء وما تخيّلوه فيه وأتى بالطامات فهو يرد باطلاً بباطل بل وما ردّ الباطل بل أقرّه فتأمل.
* قال تحت عنوان: القمر والمريخ هل هما أقطار السموات والأرض؟
هل القمر والمريخ هما أقطار السموات والأرض؟
ولو سلمنا جدلاً أن المراد من الآية هو النفوذ من أقطار السموات والأرض في الدنيا فهل القمر والمريخ والزهرة بل والمجموعة الشمسية كلها
هي أقطار السموات والأرض وأن هذا الكون الواسع محصور بها، ونحن نرى الشمس والقمر في أُفقنا المحيط بنا فقط، دع جميع الآفاق التي لا تعد في الدنيا فإنا نراهما بحجم الرغيفين وإن أُفقنا وحده وهو الفضاء الذي يبلغه نظرنا وهو أكبر منهما بملايين الملايين من المرات فكيف ببقية الآفاق.
وقد ثبت حتى الآن ضخامة المجهود والطاقات المطلوبة للنفاذ من جاذبية الأرض للوصول إلى القمر وهو أقرب الكواكب في المجموعة الشمسية إلى الأرض كما ثبت أنه أصغر من الأرض خمسين مرة، فلقد بذل الكثير من المجهودات العلمية الضخمة في شتى الميادين الهندسية والرياضية والفنية والجيولوجية فضلاً عن التكاليف الخيالية المادية التي أُنفقت في ذلك وما زالت تنفق ويدل على ذلك دلالة واضحة قاطعة على أن النفاذ المطلق من أقطار السموات والأرض التي تبلغ ملايين الملايين من السنين الضوئية (1) لإنس أو جن مستحيل.
وإليك البيان والدليل معتمداً فيما أقول على أدق المباحث وأحدثها والتي تذيعها أوربة وأمريكة.
(1) والسير الضوئي ويسمى النوري أيضاً يفهم بان نقربه وذلك أن الشمس تبعد عن الأرض بمقدار 92 مليون ونصف المليون من الأميال ويقطع نورها هذه المسافة بثمانية دقائق وتسع عشرة ثانية، وقرر الدكتور بادن مدير مرصد بالومار بكاليفورنيا أن سرعة الضوء هي 186 ألف ميل في الثانية.
جاء في مجلة (هنا لندن) وهي مجلة البرامج العربية الأعداد 196، 216، 217 قالت: الأرض كوكب سيار يدور حول الشمس والشمس واحدة من شموس عديدة متباينة الأوصاف والأقدار والطبائع تؤلف بمجموعها نظاماً ضخماً أطلق عليه اسم المجرة وهو يفوق في ضخامته وفحواه حدود التصور وقد شبه بعجله أو بحبة عدس يبلغ قطرها مئة ألف سنة ضوئية، والمجرة تدور على مركز فيها فتتم الدورة في مئتين وعشرين مليون سنة، وتنشئ في دورانها أذرعاً منحنية على جسمها الرئيسي فتصير فيها كأنها حلزون، وفي إحدى هذه الأذرع يقع نظامنا الشمسي على بعد خمسة وعشرين ألف سنة ضوئية من المركز وقالت مجلة (هنا لندن) وهذه المجرة مجرتنا تحتوي على مئة ألف مليون شمس، والمسافات بينها شاسعة جداً حتى ليمكن أن يقال أن معظم الحيز الذي تشغله المجرة هو فراغ أو قريب من الفراغ لأن ما يبدو خاوياً وفراغاً يحوي سحباً لطيفة من مادة غازية كونية أو غباراً أو من ذرات سائبة وبخاصة ذرات الأيدروجين.
وما أن أخذت هذه الصورة للمجرة في الاتضاح حتى وقف العالم يسأل أهذا هو الكون كله؟ وذلك في أوائل هذا القرن، ولكن بتقدم العلم فيما بعد ذلك اتضح أن هذه السدُم عوالم نجمية ضخمة واقفة خارج مجرتنا وأن كلا منا مجرة قائمة بذاتها وتضم أُلوف الملايين من
النجوم فأطلقوا عليها أوصافاً مختلفة كقولهم السدم الواقفة خارج مجرتنا أو العوالم الجزرية على اعتبارها جزراً كبيرة في خضم الكون وهي تبدو للعين المجردة غبشة الضياء لبعدها فتعجز العين عن تبين النجوم التي تتألف منها، ولكن وسائل الرصد الحديثة بينت عدداً كبيراً من نجومها بالنظر المرقبي أو على لوحات التصوير المباشر أو على لوحات التصوير الضوئي.
وقد قدر ما يمكن تصويره منها بمرقب (بالومار) بكاليفورنيا بمائة ألف مليون شمس ولو كان بالوسع صنع مرقب قطر مرآته ضعف مرقب (بالومار) لزاد عدد ما يصور منها أضعافاً، ومنذ أن استطاع العقل البشري العلمي أن يستعين بالعدسات والآلات ورأى هذه المجرات وحركاتها ظهر له مل يحير العقول ويذهل اللب فاعترف هؤلاء العلماء الباحثون بخالق هذا الكون ومكونه والكواكب ومكوكبها واستدلوا بها على واسع علمه وعظيم حكمته إذ ظهر لهم أن الأبعاد بين هذه المجرات لا تقاس إلا بالملايين من سني الضوء إذ أن اقرب مجرة إلى مجرتنا التي تبدو في صورة المرآة (المسلسلة) وهذه تبعد عنا ألفي مليون سنة ضوئية (1) وأما المجرة التي فيها الدب الأكبر فتبعد عنا ثمانية ملايين سنة ضوئية، وأما هذه التي في عنقود (السنبلة) أو العذراء فإنها تبعد اثنين وثلاثين مليون سنة
(1) فسبحان العالم بكل شيء ذي الملكوت العظيم الذي أنزل على رسوله في كتابه (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون).
ضوئية، وأن من هذه المجرات ما يبلغ بعده عنا أُلوف الملايين من السنين الضوئية، وأين سير الصوت أو الصاروخ من سرعة الضوء وكم ألف مليون سنة يعيش هذا البشر حتى يخترق هذا الكون وليس معنى من حمل شعيرة أنه قادر على حمل طود شامخ راسخ وليس معنى أن من قدر على رشف كوب ماء من النهر أنه قادر على جرع المحيطات، فهذا مثل الوصول إلى القمر وسبر أغوار هذه العوالم.
وقد ذهل الفلكيون عندما وجدوا أن المجرات وشمسنا معها تجري مبتعدة عنا بسرعة ألوف الكيلو مترات في الثانية الواحدة، وكلما أمعنوا في رصد مجرات بعيدة ازدادت هذه السرعة بهذا القياس فإذا سرعتها على ما عرف حتى الآن مئة ألف كيلو متر في الثانية أي ثلث سرعة الضوء تقريباً وقد أعادوا النظر مراراً للتأكد فما ازدادت السرعة إلا ثبوتاً.
فسبحان الذي يُظهر آياته في هذا الكون للباحثين ليشهدوا حكمته وعلمه وإبداعه، ويروا كل شيء دالاً عليه ومشيراً إليه قال سبحانه:(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
وأعجبني ما قالته مجلة (هنا لندن) بعد الكلام على عظمة الكون وعلى المجرات وسير الضوء وسعة الفضاء الذي ما استطاع أحد أن يعرف مداه ولا مبتداه ولا منتهاه.
قالت: وحيال هذه الأرقام التي تفوق التصوّر يحسن بالناس عندما يتحدثون عن غزو الفضاء بمركبات فيها أحياء من الأرض أن يقللوا من غلوائهم ويعرفوا قدر أنفسهم.
أقول: وذلك لو أنهم ركبوا الضوء لا المركبات ملايين السنين لما فعلوا شيئاً ولما نفذوا من هذا الكون لسعته وسعة الفضاء فتعالى الله القائل: (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ).
* حكمة رائعة في مراكز النجوم:
الشمس والقمر لكل منهما خط لا يتعداه ومركز لا يتجاوزه والشمس بالنسبة لنا هي أهم الكواكب لأننا نحن سكان هذه الأرض التي نعيش على سطحها ونعيش على ضوئها وحرارتها وجاذبيتها نحن وزروعنا وضروعنا بل وجميع حيواناتنا.
هذه الشمس ليست هي أكبر ما في السماء من الأجرام بل هناك ملايين الملايين من النجوم وفيها ما هو أكبر من الشمس وأشد حرارة وضوءاً فالشعرى اليمانية أثقل من الشمس عشرين مرة ونورها يعدل خمسين ضعفاً من نور الشمس.
والسماك الرامح حجمه يعدل حجم الشمس ثمانين مرّة، ونوره يعدل ثمانية آلاف ضعف من نور الشمس وحرارتها، وأما سهيل فهو أقوى من الشمس بألفين وخمسمائة مرّة.
ثم إن حجم الشمس وبعدها وسيرها وكذلك حجم القمر وبعده ودورته كلها بحساب لا يتصور في العقل ولا في الوهم أدق منه وذلك حسب مصلحتنا واحتياجنا، قال الدكتور: عبد الرزاق نوفل: فالشمس تبعد عن الأرض اثنين وتسعين مليون ونصف المليون من الأميال ولو كانت أقرب إلينا من هذا لاحترقت الأرض أو انصهرت أو استحالت بخاراً يتصاعد في الفضاء، ولو كانت ابعد عنا من هذا القدر لأصاب التجمد والموت كل ما على الأرض من نبات وحيوان، وقال الدكتور: نوفل أيضاً في كتابه (الله والعلم الحديث) والذي يصل إلينا من حرارة الشمس لا يتجاوز جزءا من مليوني جزء من حرارتها، وهذا القدر الضئيل هو الذي يلائم حياتنا فهو نظام دقيق وأمر مقصود ولا بد للنظام من منظم كما انه لا بد للقصد من قاصد، وهو يدل على التوحيد دلالة الكلام على وجود المتكلم وحياته، وذلك أن وحدة النظام تدل على وحدة المنظم. انتهى (1).
إنه لا أحد يستطيع رَدّ باطلهم إلا بمقابلته بالحق، وليس الشأن أن
(1) الإسلام وارتياد القمر، ص19.
يُقرّوا به أو لا يُقِرّوا، وأيّ وزْنٍ لهم؟ إنما الشأن أن رَدّ الباطل لا يستقيم إلا بأدلة الحق، ورد الباطل بالباطل إغراء للمبطل.
ومن العجب أن الذين ينتسبون للإسلام ويَدّعون إعجاز القرآن يظنون أنهم بالإقرار بهذا الكون المتخيَّل وذِكْرِه يعظمون الخالق ويدعون إليه وقد لا يشعرون بما وقعوا فيه من الضلال.
ومثال صنيعهم هذا مثال إنسان قال لملك من الملوك وهو بزعمه يمدحه ويثني عليه: أنت تملك جميع البراري والبحار وجميع القرى والأمصار، مُلككَ لا يُحد، ورعاياكَ لا تُحصى ولا تُعد.
فهل يكون هذا الكلام مقبولاً لدى الملك؟ أم أنه يرى أن هذا الإنسان قد أعلن عن جهله وغباوته؟ وقد يرى أنه يسخر به.
وهل يليق أن يُثنى على ملك الملوك سبحانه بأن يقال: أنت الخالق للإنسان وبقدرتك جعلته أكبر من الجبل وخلقت له خمسين عيناً وستين أذناً وسبعين رجلاً وثمانين يداً؟.
معلوم أن هذا لا يقوله من يعقل.
وتأمل الآن الجاهلي واعلم أنه لا يَسْتحسنه إلا من استبدل الواقع بالخيال والحقيقة بالمحال، إنه يقول:
ملأنا البَّر حتى ضاق عنا
…
وماء البحر نملؤه سفينا
إذا بلغ الرضيع لنا فطاماً
…
تخرّ له الجبابر ساجدينا
وارجع الآن إلى وصف الكون المتقدم وانظر هل يليق أن يُمدح الله بهذا؟ أو أنه كذب وضلال؟
وليس الكلام على القدرة فالرب سبحانه قادر أن يخلق من العوَالِم ما لا يحصى ولا يُعَدّ، فالقدرة صالحة إنما الشأن بالواقع الذي يُصَدّقه كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، أما هذيان المعطلة فيليق بهم وخيالهم ثمرة من ثمار كفرهم وتعطيلهم، ولا بد من التفريق بين الصور الذهنية والخارجية الحقيقية، فالأولى لا حَدَّ لها إذا لم تطابق الحقيقة الخارجية لكنها لا تخرج عن محيطها الذهني وهي تصوّر باطل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولهذا يمكن تقدير أشكال بعضها أكبر من بعض بلا نهاية لها، ولا يلزم من إمكان تقدير ما لا نهاية له إمكان ذلك في الخارج. انتهى (1).
تأمل قوله: وتقدير أشكال بعضها أكبر من بعض بلا نهاية فهذا خيالهم في السديم والمجرات، وقوله: وأبعاد لا نهاية لها، مثل خيالهم في سعة الكون وسنينهم الضوئية التي لا نهاية لأبعادها، وبلايينهم في نشأة الكون ونهايته وغير ذلك.
من الأحقاب والعصور الداروينية كما فيما يسمى (السجل الجيولوجي).
ويقول ابن القيم رحمه الله مما ينطبق على هؤلاء أيضاً: وكثيراً ما يترائى
(1) بيان موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول 2/ 233.
في النفس صور ليس لها وجود حقيقي فيظنها الذي قد أثبتها في نفسه علماً وإنما هي مقدرة لا حقيقة لها، وأكثر علوم الناس من هذا الباب. انتهى.
العجيب أنه رحمه الله يقول: وأكثر علوم الناس من هذا الباب، وتأمل انطباق هذا على أرباب هذه العلوم والكشوف وأن ذلك صُوَر تترائى لهم في نفوسهم المظلمة وليس لها وجود حقيقي، وانظر الآن ما قال صاحب كتاب (الإسلام وارتياد القمر) ص27 قال:
وقال الدكتور نوفل: والمشكلة التي حيّرت العلماء هي أن الشمس كما يؤخذ من علم طبقات الأرض لم تزل تشع بنفس المقدار من الحرارة الذي كانت تشعه منذ ملايين السنين، فإن كانت الحرارة الصادرة عنها نتيجة احتراقها فكيف لم تفن مادتها على توالي العصور، فلا ريب أن طريقة الاحتراق الجارية فيها غير ما نعهد ونألف وإلا لكفاها ستة آلاف سنة لتحترق وتنفد حرارتها لأنها تفقد أربعة ملايين طن من وزنها في الثانية بسبب إحتراقها ولكنها لم تزل تجدد وزنها وحجمها فسبحان الذي أحسن كل شيء خلقه ثم هدى.
قال مدير مرصد هافارد الدكتور دونالد متزل: إن الشمس تبعث إلينا طاقة تعادل خمسة آلاف بليون قنبلة هيدروجينية في كل ثانية وأنها
آية من آيات الخالق جل وعلا مع أنه لا يصل إلينا إلا جزء من مليوني جزء من حرارتها.
وما الشمس إلا كوكب من مئات ألوف المليارات من النجوم التي تدور في خضم الفضاء الواسع، وقد اكتشفوا كوكباً هو أكبر من المجموعة الشمسية كلها بثمانية وأربعين مليون مرة.
وما الأرض بين الكائنات التي ترى
…
بعينيك إلا ذرة صغرت حجما
وأنت على الأرض الصغير ذرّة
…
تحاول جهلاً أن تحيط بها علما
ولقد سلخ البشر عشرات القرون وهم يعتقدون أن من النجوم متحركاً وأن منها ثوابتاً لا يروم مكانه، ولكن العلم اليوم أثبت أن الكواكب كلها متحركة وجارية وإن لم تدرك العين المجرّدة حركتها وهذا آخر ما توصل إليه العلماء بَيْدَ أن القرآن العظيم أثبت هذا منذ أربعة عشر قرناً فقال لا في مكان واحد بل في أكثر، ففي سورة يس:(وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) وقال في سورة الأنبياء: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ).
وسيَّر هذه الكواكب بحساب عظيم الدقة والأحكام كما أسلفنا ولولاه لما عرف الفلكيون الخسوف ولا الكسوف ولا عينوا وقتيهما بالضبط، فبدقة السير لم يقع اصطدام وبدقته كانت الفصول الأربع وحساب الأشهر والأهلة والمواقيت وبه عرف مقدار الليل والنهار في كل فصل وعرف الشروق والغروب في كل يوم وصدق الله تعالى القائل:(والشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) وكل حسبان في القرآن فالمراد به الحساب والعدد إلا حسباناً من السماء فتصبح صعيداً زلقاً، وإن وقوف البشر على ما أودع الله في السماء والأرض مما يدعو إلى الإيمان واليقين لا إلى الجحود وقلة الدين وإلا لما قال تعالى:(قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَاّ يُؤْمِنُونَ).