الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) الآية
ثم قال صاحب كتاب توحيد الخالق بعد الكلام السابق في كتاب (الإيمان) ص84: لقد تحقق الوعد من ربنا في هذا الزمان، فرأى الكافرون الذين لم يتبيَّنوا الحق آيات الله في آفاق المخلوقات، وما رأوا تلك الآيات والأسرار إلا بأدق الأجهزة والوسائل، كالطائرات والغواصات، والتي لم يملكها الإنسان إلا في هذا الزمان، فكان لهم في ذلك بينةٌ بأن الله هو الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم عن هذه الأسرار في الخلق، يوم لا أجهزة بحث علمي، ولا طائرات، ولا غواصات، فكان هذا لوناً جديداً من إعجاز القرآن، يبين للكافر اليوم صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق هذا الدين، ومن أمثلة ذلك:
ما كان أحدٌ يظن أن أصل السماء ونجومها، وكواكبها هو الدخان، حتى تقدمت أجهزة البحث العلمي، وشاهد الباحثون بقايا الدخان، لا تزال تتكون منه النجوم إلى يومنا هذا، والله يقول:(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) انتهى.
أنظر قوله: ما كان أحد يظن أن أصل السماء ونجومها وكواكبها هو الدخان حتى تقدمت أجهزة البحث العلمي، وقد تقدم كلام علماء الإسلام في بدء الخلق وكلامهم في (الدخان) فهل كان أهل الإسلام يجهلون كلام ربهم وما ذكره عن مخلوقاته حتى وُجِدَ الملاحدة فأنقذوهم من جهلهم ودَلّوهم على من هم له جاحدون منكرون؟.
لقد قال علماء الأمة الذين يستحقون أن يُسَمّوْا علماء: لو أقام العلماء كتاب الله وسنة رسوله ما احتاجوا إلى الكفار لا في دينهم ولا دنياهم، وهذا وعزة ربي هو الحق.
وقد ذكرت في كتابي (الأرض ودورانها) أن مجانيننا وعجائزنا خير من ملء الأرض من هؤلاء الذين فُتن بهم وبعلومهم من فُتِن.
هذا وقد علم القارئ مما تقدم كيف ضلَّ الكفرة بالدخان الذي هو عندهم (السديم) وكيف يجعل صاحب كتاب توحيد الخالق هذا هو هذا وأن هذا يبين صدق الرسول والدين وهو الضلال المبين؟.
وانظر قوله: وشاهد الباحثون بقايا الدخان لا تزال تتكون منه النجوم إلى يومنا هذا.
كل هذا مجاراة للضُلَاّل، وإنه لمن الكذب البيّن قولهم: لا تزال تتكوّن من الدخان النجوم إلى يومنا هذا، وهو مبني على مقتضى أصولهم
الفاسدة بأن الفضاء لا حَدَّ له والنجوم تتكون باستمرار تلقائياً نتيجة الدوران للسُّدُم المزعومة المتخيَّلة، وقد تبين بطلان هذا الهذيان.
والله سبحانه وبحمده خلق السموات والشمس والقمر والنجوم والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) فقد انتهى خلق النجوم مع السماء ومن هنا حُرِّف معنى قوله تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) ويأتي بعد هذا إن شاء الله.
وقد قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ).
قال ابن كثير يبين معنى قوله تعالى: (وإذ قال) بصيغة الماضي قال: لأن كثيراً من أمور يوم القيامة ذُكر بلفظ الماضي ليدل على الوقوع والثبوت (1).
فيلزم من زعم أن معنى (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) أنها ما تزال تَتّسع يلزمه أن الله قال لعيسى عليه السلام ما قال في الماضي مع أنه سيكون يوم القيامة، وحيث أنه لا يلزم فقوله تعالى:(وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) أي قد حصل هذا في الماضي وفُرِغ منه بمعنى: فقد وسْعناها. وإليك الكلام في الآية.
(1) تفسير ابن كثير 2/ 120.