الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جريان الشمس بالفلَك غير الجريان حول المجرة
ولذلك لما عَلم القوم أن القول بثبات الشمس ودوران الأرض مخالف لجريان الشمس الوارد في القرآن ظنوا أنهم يتخلصون من هذه المشكلة بإثبات جريانها حول مركز المجرة كما زعموا، وهذا من جنس التلاعب بتأويل كلام الله وعَسْفه على مقتضى الهوى، ظن علماء القرن الثامن عشر والتاسع عشر أن الشمس ثابتة لا تتحرك، وتبعهم بعض المرتابين في دينهم وتشككوا في قوله تعالى:(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) حتى جاء التقدم العلمي فكشف خطأ ما ذهب إليه علماء القرنين الماضيين وأثبت أن الشمس تجري حول مركز المجرة التي تعتبر أرضنا جزءاً منها والتي تدور كما يدور الرحى، فعرفنا بذلك شيئاً من معنى قوله تعالى:(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا) كما ثبت أخيراً أن للشمس حركة حول نفسها فهي تجري ولكن حول نفسها، وقد يكون للآية معانٍ كثيرة غير ما اتضح حتى الآن. انتهى (1).
(1) توحيد الخالق، (ص 378).
الجواب على هذا أن يقال: إنه لا يستقيم الظل والعود أعوج، ويقال أيضاً: كيف يهتدي السالك والدليل حائر.
فالذي ذكره عن جريان الشمس حول مركز المجرة باطل من أصله ببطلان الزعم أن هناك ملايين المجرات بفضاء لا يُحَدّ، وقد تقدم بطلان ذلك بتحديد الفضاء بانتهائه بجرم السماء المبنية وأنه ليس هناك غير مجرّة واحدة هي في السماء المبنية كسائر النجوم هي شيء ومجراتهم الخيالية شيء آخر، فهذا أولاً.
الثاني: أن جريان الشمس المذكور في القرآن هو دورانها في كرة السماء حول كرة الأرض، وبذلك يتعاقب الليل والنهار، أما الفصول الأربعة فتتعاقب باختلاف مطالع الشمس ومغاربها كل يوم إذ لها كل يوم مطلع ومغرب، فهذا الجريان للشمس حول الأرض الثابتة الساكنة لا حول المجرة المتخيّلة التي لم تولد بعد من خيالات المعطلة المظلمة.
الثالث: أن جريان الشمس المذكور في القرآن هو جريانها في الفلك وهو كرة السماء والفلك هو المستدير، أما جريان شمس الملاحدة فهو حركتها هي وكواكبها المزعومة المتخيَّلة التي تسمى (المجموعة الشمسية) في فضاء لا حَدّ له ليس في سماء مبنية وحول المجرة المزعومة ليس حول الأرض الثابتة.