الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل معاني آيات القرآن غير معروفة حتى يُبينها المتأخرون
؟
هذا السؤال وارد ولا بد ليكون الجواب عليه دافع بإذن الله للطوفان الغامر الذي ابْتُلْيَتْ به الأمة في نهاية عمرها.
ليُعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات إلا بعد أن بيّن للأمة ما أُنزل إليها من ربها.
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة) 1/ 117 قال في ردّه على الجهمية: الوجه السادس والأربعون: أنه سبحانه بيّن بأنه يُبين لهم غاية البيان وأمر رسوله بالبيان، وأخبر أنه أنزل عليه كتابه ليبيّن للناس.
ولهذا قال الزهري: (من الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم) فهذا البيان الذي تكفّل به سبحانه وأمر به رسوله إما أن يكون المراد به بيان اللفظ وحده أو المعنى وحده أو اللفظ والمعنى جميعاً.
ولا يجوز أن يكون المراد بيان اللفظ دون المعنى، فإن هذا لا فائدة فيه ولا يحصل به مقصود الرسالة.
وبيان المعنى وحده بدون دليله هو اللفظ الدّال عليه ممتّنع، فَعُلِم
قطعاً أن المراد بيان اللفظ والمعنى فكما نقطع ونعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم بَيَّن اللفظ، فكذلك نتيقّن أنه بيّن المعنى، بل كانت عنايته ببيان المعنى أشد من عنايته ببيان اللفظ، وهذا هو الذي ينبغي فإن المعنى هو المقصود، وأما اللفظ فوسيلة إليه، فكيف تكون عنايته بالوسيلة أهم من عنايته بالمقصود، وكيف يُتَيَقّن بيانه للوسيلة ولا يُتَيقن بيانه للمقصود، وهل هذا إلا من أبيْن المحال؟.
فإن جاز عليه ألاّ يبين المراد من ألفاظ القرآن جاز عليه إلا يبين بعض ألفاظه. انتهى.
تأمله فإنه قاطع لحجة هؤلاء الذي فسروا القرآن وزعموا بيان معانيه على مقتضى علوم المعطلة، إنه كلام مُبَرْهَن لا يُجادل فيه إلا مكابر معاند، كلام حجته فيه وهو شرعي عقلي ومع إيجازه فقد أكمل معناه، قدس الله روحه ورضي الله عنه.
ووالله إن الأمر لفي غاية الخطورة أنْ حَسَّن الشيطان لأهل الوقت وسَهّل الكلام في معاني كلام الملك العلاّم، الذي لا يشبه كلامه كلام، كيف يُجعل مُصَدّقاً ومُؤيِّداً لخيالات مظلمة هي نَضْح أوَان قَذِرة من البرابرة الطغاة.
قال ابن جرير الطبري رحمه الله في (جامع البيان) 1/ 78 - 79 قال: فالقائل في تأويل كتاب الله الذي لا يدرك علمه إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم
الذي جعل الله إليه بيانه قائل بما لا يعلم وإن وافق قِيلُه ذلك في تأويله ما أراد الله به من معناه، لأن القائل فيه بغير علم قائل على الله ما لا علم له به. انتهى.
إذا كان هذا فيمن وافق قوله كتاب الله الصواب فكيف بمن يقول فيه بالضلال والإضلال؟.
ولا شك أن الذين تجرأوا على كلام الله وصرفوا معانيه مجاراة لعلوم الملاحدة حُرموا العلم به ووقعوا في أمر عظيم، وكم ممن يغتر بكلام الشعراوي وأمثاله عن القرآن.
قال محمد متولي الشعراوي في (معجزة القرآن): وعطاء القرآن عطاء متجدد، وهذا العطاء هو استمرار لمعنى إعجاز القرآن، ولو أفرغ القرآن عطاءه كله في عدد من السنوات، أو في قرن من الزمان، لاستقبلته القرون الأخرى دون إعجاز أو عطاء، وبذلك يكون قد جمد، والقرآن لا يجمد أبداً، وإنما يعطي كل جيل بقدر طاقته، ولكل فرد بقدر همته، والقرآن فيه تفصيل كل شيء، فكلماته مفصلة تفصيلاً دقيقاً. انتهى.
ويقال: ما هو العطاء المتجدد أهو كما زعمت في كتابك الذي سميته (فيض الرحمن في معجزة القرآن) أن الله في كل مكان ص294، 299، وهذا مذهب الجهمية، قال شيخ الإسلام: ومن ها هنا جعله كثير من
الجهمية حالاً في كل مكان، وربما جعلوه نفس الوجود القائم بالذوات أو جعلوه الوجود المطلق أو نفس الموجودات، فهذا كله من أبطل الباطل، وهو تعطيل للصانع ففيه من إثبات فقره وحاجته إلى العالم ما يجب تنزيه الله عنه. انتهى.
يقول الشعراوي في ص294 من فيْضه: والله موجود في كلا المكانين (يعني السماء والأرض) وفي كل مكان وزمان.
وقال: وهذا دليل على أن الله سبحانه وتعالى موجود في كل مكان.
وقال: في ص299 من فيْضه: أن الله سبحانه وتعالى موجود في كل مكان يكلم نبياً وهو على الأرض ويكلم نبيه وهو عند سدرة المنتهى، ولوْ كان الله سبحانه وتعالى موجوداً في السموات وحدها ما كلّم نبياً على الأرض، ولو كان موجوداً في الأرض وحدها ما كلّم نبياً عند سدرة المنتهى. انتهى.
وقد كتبت رداً عليه اسمه: (إقامة الحجة والبرهان على من زعم أن الله في كل مكان وفسرّ برأيه القرآن).
فيقال له: أهذا إعجاز القرآن؟ وأنا أعلم أن من دخل في ضلالات الملاحدة في كلامه عن نشأة الكون وصفته أنه يضل عن ربه حيث لا يقدر على إثبات السموات السبع والعرش.