الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ) الآية
قال الزنداني في كتابه (توحيد الخالق) ص 117 قال في قوله تعالى: (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ) لقد كشف العلم الحديث أن الليل يحيط بالأرض من كل مكان، وأن الجزء الذي تتكون فيه حالة النهار هو الهواء الذي يحيط بالأرض ويمثل قشرة رقيقة تشبه الجلد وإذا دارت الأرض سلخت حالة النهار الرقيقة التي كانت متكونة بسبب انعكاسات الأشعة القادمة من الشمس على الجزئيات الموجودة في الهواء مما يسبب النهار، فيحدث بهذا الدوران سلخ النهار من الليل.
الجواب: الذي لا شك فيه أن الله سبحانه لم يُرد بكلامه هذا الذي زعمه صاحب كتاب توحيد الخالق وأن كلامه في الآية باطل كله، ويقال له: وما للمسلمين وما كشفه علمك الحديث؟ أهم في جهل بكلام ربهم فيُعلمهم العلم الحديث أم في ضلالة فيهديهم؟ وهل كان السلف لا يدركون معاني القرآن لأنه لم تفتح عليهم كنوز العلم الحديث المزعومة؟ (قد هزلت وقل مخّها وسامها كل مفلس)، وسوف أذكر إن شاء الله كون معاني القرآن منتهى منها كحروفه.
الحقيقة أن هذه الطرق المحدَثة في هذا العلم تضل المخلوق عن خالقه وتُفْسد عليه عقله، وإن من أهْوَن ما أوْرثته هذه العلوم ازْدراء السلف وتجهيلهم وعبارات المتأخرين في هذا ظاهرة، ونعوذ بالله من هذه الخصلة الذميمة كما نعوذ بالله من علم لا ينفع بل من علم مضل.
فقول صاحب كتاب توحيد الخالق عن علمه الحديث أنه كشف أن الليل يحيط بالأرض من كل مكان كذِب تردّه نصوص الكتاب والسنة فالليل ليل كله والنهار نهار كله ليس في هذا من هذا شيء ولا في هذا من هذا شيء فنصف كرة الأرض المقابل للشمس هو النهار الذي يسير ضوؤه بسَيْر الشمس وجريانها في الفَلك المستدير ويُقابله في النصف الثاني الليل الذي هو ظل الأرض وما عدا هذا فهذيان يقال فيه: (لا عقل ولا قرآن) كما قيل لمن قرأ: فَخَرَّ عليهم السقف من تحتهم.
وقد أثنى الله على عباده الصالحين الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار وتسخيره الشمس والقمر والنجوم لكن هذا التفكر السليم والصراط المستقيم هو كَتَفكّر الأنبياء عليهم السلام وسادات الأولياء من أصحابهم ومن تبعهم بإحسان، وهؤلاء هم الذين فهموا عن الله مراده وأدركوا بحواسهم التي وهبهم إلآههم بالطرق السهلة الميسّرة لكل المسلمين مالا يدركه من سار على غير نهجهم مُقَلِّداً لأرباب العقول المظلمة والفهوم الفاسدة من الكفرة وأشباههم.
إن الذي ذهب إليه صاحب كتاب توحيد الخالق لم يُردْه الله بكلامه ولم يفهم الصحابة ومن بعدهم من علماء المسلمين هذا الفهم الساقط الفاسد الباطل فالليل ينجلي بكليته عن الأرض بإقبال النهار وكذلك النهار بإقبال الليل كانسلاخ الحيّة من قِشْرتها وكسلخ جلد الذبيحة وذلك للملابسة فالليل يلابس ما غشاه وكذلك النهار.
والرب سبحانه يخاطب العرب بما يفهمونه، وهذا ظاهر لكل أحد، وما لنا ولتخريف الملاحدة.
أما إحالة أهل الإعجاز على مثل هذه الأمور الدقيقة التي هي أشبه بالألغاز والأحاجي فضلال، والله سبحانه يقول:(يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) ففرّق سبحانه بين الليل والنهار وأنهما يتطالبان أبداً ولا يتداخلان، ومثله قوله تعالى:(يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ) والمراد بالتكوير الإدارة لأن السماء التي تدور فيها الشمس على الأرض على شكل الكرة بإجماع المسلمين كذلك الأرض على شكل الكرة وهذا إجماع أيضاً قبل أن يخلق هؤلاء، ومثله قوله تعالى:(يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) يذهب هذا فيأتي هذا.
ومما يبين بطلان ما ذهب إليه أهل الإعجاز المزعوم أن ما ذكر صاحب كتاب توحيد الخالق مبني على اعتقاد دوران الأرض الذي هو من أبطل الباطل حيث يقول: وإذا دارت الأرض سلخت حالة النهار.
وقد بيّنت ولله الحمد بطلان القول بدوران الأرض في كتابي (هداية الحيران في مسألة الدوران) ومن شاء فلْيباهلني على أن الأرض ثابتة لا تدور، وأن الله بإحسانه ولطفه بعباده خلقها قارّة ثابتة في موضعها أسفل العالم وليست تتحرك إلا بالزلازل ونحوها في مواضع منها وليست تدور لا دورة يومية ولا سنوية كما يزعمون، وأن الكلام في دورانها مبني على ضلال الكفرة في سديمهم الدائر الذي انفصلت عنه الأرض، ويأتي بيان ذلك إن شاء الله في موْضعه.