الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) الآية
وذكر صاحب كتاب (من الإعجاز العلمي) 2/ 21.
(أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)(1).
وقد اختلف المفسرون في تفسير (أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا
…
) فقال بعضهم إن ذلك يدل على خراب أرض المشركين وقبض أهلها، وقال بعضهم الآخر إن ذلك معناه هلاك العلماء في الأرض وموتهم.
وقال الإمام الفخر الرازي: (أولم يروا أن كل ما يحدث في الدنيا من الاختلاف خراب بعد عمارة، وموت بعد حياة، وذل بعد عزة، ونقص بعد كمال).
وأطراف الشيء هي أبعد أجزائه عن وسطه أو مركزه، وبالنسبة لكوكب الأرض، فإن أطرافه تتمثل في ناحيتين هما:
أ- القمم والهامات العليا للجبال، وهي التي تمثل الأطراف الرأسية لقشرة الأرض، وهذه الأطراف العليا تناقص في الارتفاع تبعاً لتآكلها
(1) الرعد، آية:41.
ونحتها المستمرين بفعل عوامل التجوية والتعرية.
ب- أطراف الكرة الأرضية عند القطبين، وتبعاً لتفلطح منطقتي القطبين أدى ذلك إلى تناقص طول القطر القطبي عن طول القطر الاستوائي، وهذا الأمر له أثره في اختلاف زاوية سقوط الأشعة الشمسية على سطح الكرة الأرضية واختلاف الليل والنهار طولا وحرارة على أجزاء سطح الأرض وتوضح الآيات القرآنية أن هذا التناقص مستمر إلى يوم الساعة، ومن ثم جاء الفعل بصيغة المضارع (ننقصها)، يقول المولى عز وجل:(بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ)(1). انتهى.
هكذا تصرف معاني القرآن تبعاً لهذه العلوم الضالّة، ومعلوم أن الله سبحانه لم يُرد بكلامه ما يقول هذا فإن تناقص الأطراف العليا في الارتفاع نتيجة التآكل المزعوم لا يُرى ولا يُحسّ به، هذا على تقدير حصوله، فإن هذا يحصل على مقتضى علومهم بعد السنين الطويلة بشكل يسير قد لا يُشعر به.
والرب سبحانه لا يخاطِب عبادة بهذا، ولا يُحيل معاني كلام الله إلى مثل هذه الإحالات إلا من يسْتهين بالقرآن.
(1) الأنبياء، آية:44.
وقد قال ابن عباس في معنى هذه الآية: أولم يروْا أنا نفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم الأرض بعد الأرض.
ويقال: وما هو المعنى المتحصل من ذكر ما سماه هذا التعْرِيَة والتجْوِيَة وأن يُلْفَت نظر العباد وتفكّرهم إلى أشياء دقيقة لا يُحِس بها أكثر الخلق وتقوم على الخرص والظن، فكلام الله يُصان عن هذا التلاعب، وإنما هي المجاراة.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
تأليف
عبد الكريم بن صالح الحميد
1422هـ