الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأرض مركز الكون
الرابع: الأرض هي مركز الكون وحولها تدور الشمس والقمر والنجوم، قال تعالى:(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) فهم يدورون في السماء المستديرة، ومن التلاعب بالقرآن أن يُسْتدل على دوران الأرض بهذه الآية وهي ضَدّ ذلك فهي دليل على ثبات الأرض وسكونها لا على دورانها، فالرب سبحانه وبحمده ذكر في الآية الليل والنهار والشمس والقمر ولم يذكر الأرض لأن هذه الأربع تدور حولها وهي ثابتة، فقد تبين أن الدليل الحق لا يدل على الباطل بل يكشفه ويبين بطلانه لأن الدليل الحق لا يدل إلا على الحق، فلما كانت هذه الآية حقاً أبَتْ أن تنقاد للباطل، إنما المسألة كما قال ابن القيم رحمه الله في (الكافية الشافية):
والناس أكثرهم فأهْل ظَوَاهِرٍ
…
تبدو لهم ليْسوا بأهل معاني
فهم القشورُ وبالقشور قَوَامُهم
…
واللّبُّ حظُّ خلاصة الإنسانِ
فعلى الموفق أن ينظر ببصيرة نافذة إلى بَوَاطن الأمور ولبابها ولا يكتفي بالظواهر، ومن كان مخطئاً مغتراً بمن تَصَدَّوْا لهذه النظريات ثم تنبّه وعرف الأمر على وجهه فهنيئاً له فالرجوع إلى الحق فضيلة.
إن من عرف السماء الدنيا التي هي سقف الأرض كما قال تعالى: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) وعرف أن هذا السقف بناء، كما قال تعالى:(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) ولولا أنها بناء لما قال سبحانه وتعالى: (وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) يعني شقوق، ولَما قال تعالى:(هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ) وهي الشقوق أيضاً إن الفضاء لا يقال فيه هذا، فكلام الله ينزه عن هذا الهزل.
وعرف أيضاً أن هذا السقف للأرض كلها وأنه على شكل الكرة وقد تقدم بيان ذلك، وعرف صُغر مسافة الفضاء بالنسبة لفضائهم الذي لا ينتهي، وكم يذكر الله السموات والأرض ويذكر هذا الفضاء المحدود بقوله تعالى:(وَمَا بَيْنَهُمَا) فهو الفضاء كله وقد قدّرت مسافته في (هداية الحيران) بـ 9 ملايين كيلو متر تقريباً حسب اصطلاح أهل الوقت في قياس المسافات، ومن شاء فلْيُحَوّل مسافة الخمسمائة عام لسير الإبل إلى الكيلو متر فيظهر له أن خيالات الملاحدة منطلقة منفرطة ضالة تائهة، ولا والله لا تعدو نظرياتهم عن الفضاء والمجرات وملايين الشموس والدوران خيالاتهم والأوراق التي يُسَوِّدونها بهذا الهذيان.
والمراد أن من عرف ذلك كما ينبغي على ضوء الكتاب والسنة تساقطت من خياله نظرياتهم وعرف معنى:
ومن يكن الغراب له دليلاً
…
يمرّ به على جِيَف الكلاب
فأي خير يُرجى من الكفرة أعداء الله ورسوله وأعداء دينه؟. وعرف أيضاً أن هذا الغلو بهم وبعلومهم هو معنى:
ولوْ لَبِسَ الحمار ثياب خَرٍّ
…
لقال الناسُ: يا لَكَ من حمارِ
والكلب كلب ولو طُوِّق بالذهب، وعرف أيضاً أنهم فتنة زماننا العظمى، وحيث قلت: تساقطت من خياله نظرياتهم فأنا أقصد أن هذا هو مجالها، أما في الخارج فليس لها وجود، لأن الوجود الذهني الخيالي شيء والوجود الحقيقي شيء آخر.
وهنا سؤال وارد لا محالة وهو: بما أن القوم طاروا بأقمارهم وصواريخهم ودمروا مسافات خيالية وزعموا وصول القمر فلماذا لم يذكروا السماء المبنية ولا مرة واحدة مع أن قرب مسافتها بالنسبة لمسافاتهم كقطرة ماء بالنسبة للبحر؟.
فنحن بين خيارين لا ثالث لهما: إما أن نصدقهم مكذبين للحق الذي بين أيدينا وقد أتانا من خالقنا وخالق الكون سبحانه، أو نكذبهم مصدقين بالحق، وكل يعمل على شاكلته، فهذا برهان يبين دجلهم إذْ أنهم لو اقتربوا من السماء لرأوها كما رَأتْها الجن حيث قالوا:(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً) فالجن أعقل وأعلم منهم.
إنها قريبة جداً بالنسبة لمسافاتهم الخيالية الدجّلية، ولا ريب أنهم لو اقتربوا منها ما عادوا إلى الأرض.
ومن الضلال تسمية الأرض كوكباً لأن الكواكب هي النجوم التي في السماء، أما الأرض فسماها الله ورسوله الأرض، وهم يسمون الشمس نجم، وفي رد شيخ الإسلام على أهل المنطق قال: وكذلك تكلفاتهم في حدودهم مثل حدّهم للإنسان وللشمس بأنها كوكب يطلع نهاراً وهل من يحدّ الشمس مثل هذا الحد ونحوه إلا من أجهل الناس. انتهى (1).
كذلك هؤلاء في تسميتهم للشمس بالنجم ويزعمون أن في الكون ملايين الشموس وكذبوا لا يوجد سوى شمس واحدة لكنهم كالأنعام بل أضل.
(1) الفتاوى 9/ 158.