الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أ- فيرى الحنفية عدم القطع في حال سرقة السارق من سارق آخر، لأن يد السارق ليست بيد صحيحة، أما السرقة من الغاصب فيقطع فيها السارق لأن المغصوب مضمون على الغاصب فأشبهت يد المشتري.
ب- وذهب المالكية وهو قول مرجوح عند الشافعية إلى أن السارق يقطع في الحالين لأنه سرق مالًا محرزًا لا شبهة له فيه.
جـ- وذهب الحنابلة وهو الأصح عند الشافعية إلى عدم إقامة حد القطع على السارق من السارق ومن الغاصب، لأنه لم يسرق من مال له ولا نائبه، فليست اليد في الحالين يدًا صحيحة (1).
3 -
أن يكون المسروق منه معصوم المال بأن يكون مسلمًا أو ذميًا، ولا يقطع فيما عداهما، فلا يقطع بسرقة مال المستأمن لوجود شبهة الإباحة عند بعض الفقهاء، باعتبار أنه من دار الحرب ويقطع عند بعضهم، ولا يقطع بسرقة مال الحربي لأنه هدر (2).
شروط المسروق (المال):
1 -
أن يكون المسروق مالًا محترمًا يجوز بيعه: فلا قطع على من سرق الخمر والخنزير، لأن الله حرم ملكيتهما والانتفاع بهما، وكذلك لا قطع على سارق آلات اللهو، ولا قطع في سرقة مال الحربي لأنها ليست مالًا محترمًا (3).
(1) بدائع الصنائع للكساني (9/ 4258)، والمدونة للإمام مالك (6/ 269)، وروضة الطالبين للنووي (ص: 1755)، وكشاف القناع للبهوتي (6/ 144).
(2)
حاشية بن عابدين (4/ 89)، والمدونة للإمام مالك (6/ 270)، وروضة الطالبين للنووي (ص: 1758)، وكشاف القناع للبهوتي (6/ 142).
(3)
حاشية ابن عابدين (4/ 90)، وقوانين الأحكام الشرعية لابن جزى (ص: 389)، وروضة الطالبين (ص: 1745)، والمغني لابن قدامة (12/ 418).
2 -
أن يكون المسروق نصابًا: وقد اتفق الفقهاء الأربعة على عدم القطع إلا إذا بلغ نصابًا.
ولكنهم اختلفوا في تحديد مقدار النصاب:
أ- فذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن النصاب الذي تقطع فيه يد السارق ربع دينار من الذهب، والدينار: هو المثقال من الذهب وزنه 4 غرامات وربع من الذهب الصافي، أو ثلاثة دراهم من الفضة، والدرهم: وزنه من الفضة 2. 975 غرامًا (1). أو ما يساوي قيمته أحدهما وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدًا"(2).
ب- وذهب الحنفية إلى أن النصاب الموجب للقطع عشرة دراهم أو ما قيمته كذلك ولا يقطع في أقل منها، وذلك لحديث:"لا تقطع اليد إلا في دينار أو عشرة دراهم"(3).
ورجح الحنفية ذلك على الأخذ بغيرها لأنها أحوط احتيالًا لدرء الحد.
جـ- وذهب الظاهرية إلى أنه تقطع اليد في القليل والكثير لقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (4).
الراجح: هو قول الجمهور لصحة الأحاديث التي احتجوا بها وأما استدلال الظاهرية بالآية فيجاب عنه بأنها مطلقة والحديث بيان لها.
(1) توضيح الأحكام لابن بسام (6/ 264)، ويرجح د. عبد الله الطيار أن المثقال 3. 50 غرامًا وأن الدرهم 2. 30 غرامًا.
(2)
أخرجه البخاريُّ (6790)، ومسلمٌ (4376).
(3)
أخرجه عبد الرزاق (11/ 233)، وهو موقوف على ابن مسعود وفيه انقطاع، نصب الراية للزيلعي (3/ 360) ط. المجلس العلمي.
(4)
سورة المائدة: 5.
3 -
أن يكون المسروق مخرجًا من حرز: الحرز عند الفقهاء: هو الموضع الذي يحفظ فيه المال عادة ويختلف ذلك باختلاف الأموال والبلدان حسب العرف.
وقد ذهب الفقهاء الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ وأحمدُ إلى أن الحرز شرط في السرقة، فإذا لم يكن حرز فلا قطع، لأن المال غير المحرز ضائع بتقصير صاحبه، واستدل لاعتبار الحرز بما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال سمعت رجلًا من مزينة يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحريسة (1) التي توجد في مراتعها، فقال:"ما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن"(2).
كما جاء في حديث الصحيحين وورد في رواية أن ثمنه عشرة دراهم (3).
ومن سرق شيئًا من غير حرز فلا قطع عليه، قال في الإفصاح (4):"وأجمعوا على أن الحرز معتبر في وجوب القطع".
قال ابن المنذر: "وأجمعوا أن القطع إنما يجب على من سرق ما يجب فيه قطع من الحرز"(5).
من سرق ثمرًا من رؤوس الشجر فلا قطع عليه عند الفقهاء، لحديث رافع بن خديج رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا قطع في ثمر ولا كثر"(6).
(1) الحريسة: الشاة يدركها الليل قبل رجوعها إلى مأواها فتسرق من الجبل (المصباح المنير).
(2)
العطن: الحظيرة، والمجن: بكسر الميم هو الترس، وسمي مجنًا من الاجتنان وهو الاستتار لأن المجن يتقي به من ضرب السلاح في الحرب وقيمة المجن ثلاثة دراهم.
(3)
توضيح الأحكام لابن بسام (6/ 265).
(4)
الإفصاح (2/ 251).
(5)
الإجماع (ص: 157).
(6)
أخرجه أحمد (3/ 463)، وأبو داود (4388)، والترمذيُّ (1449)، وصححه، والكثر: هو جمار النخيل وهو شحمه الذي في وسطه.