الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الجهاد:
اتفق الفقهاء على أن الجهاد فرض عين وذلك في الحالات الآتية:
1 -
حضور المكلف صف القتال: ويتعين عليه في ذلك القتال ويحرم عليه تركه، لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} (1).
2 -
هجوم العدو على أي مكان يقيم فيه المسلمون، فيجب على أهل البلد جميعًا الدفع بالممكن، ولا يجوز لأحد التخلف إلا من يحتاج لحفظ الأهل والمكان والمال، ومن يمنعه القائد من الخروج لقوله تعالى:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} (2)، ولأنهم في معنى حاضر الصف، فتعين عليهم كما تعين عليه.
3 -
إذا استنفر الإِمام قومًا فإنه يلزمهم النفير ولا يجوز لأحد أن يتخلف إلا من عذر، فإن كان منهم كفاية وإلا وجب على القريب منهم نصرتهم لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} (3).
ولما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا"(4).
والإمام هو الذي يرعى مصالح الناس ويقدر ما يحقق الخير لهم فعلى الناس السمع والطاعة له في ذلك.
(1) سورة الأنفال: 45.
(2)
سورة التوبة: 41.
(3)
سورة التوبة: 38.
(4)
أخرجه البخاريُّ، الفتح (6/ 23)، ومسلمٌ (3/ 1487).
ويختلف الفقهاء في حكم الجهاد في غير تلف الحالات على النحو الآتي:
1 -
يرى عامة الفقهاء أن الجهاد فرض كفاية، فإذا قام به من يكفي ويتحقق به كسر شوكة المشركين فإنه يسقط عن الباقين قال في الإفصاح:"واتفقوا على أن الجهاد فرض على الكفاية إذا قام به قوم سقط عن باقيهم ولم يأثموا بتركه"(1).
أما إذا لم يقم به من يكفي فإن جميع الناس يأثمون لتخلفهم عنه ويستدل لذلك بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (2).
2 -
يرى سعيد بن المسيب أن الجهاد فرض عين لقوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (3)، وغيرها من الآيات (4).
ولما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من النفاق"(5).
الراجح: إن الجهاد فرض كفاية في غير الحالات المحددة لفرض العين المتفق عليها، وذلك لما أورده عامة الفقهاء من أدلة ومنها قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ
(1) الإفصاح لابن هبيرة (2/ 273).
(2)
شرح فتح القدير لابن الهمام (5/ 189)، وبداية المجتهد لابن رشد (1/ 380)، وروضة الطالبين للنووي (ص: 1787)، والمغني لابن قدامة (13/ 6).
(3)
سورة التوبة: 122.
(4)
سورة التوبة: 41.
(5)
أخرجه مسلمٌ (3/ 1517)، ورواه أبو داود (2/ 10).