الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن المأمور آلة للمكره بالكسر فصار كما لو ضربه به.
2 -
وفي قول عند الشافعية أن القصاص على المكره بالفتح لأنه مباشر والمكره بالكسر متسبب والمباشر أقوى من المتسبب.
3 -
ويرى جمهور الفقهاء من المالكية والحنابلة أنهما يقتلان جميعًا المكرِه والمكرَه لأن القاتل قصد استبقاء نفسه بقتل من لا يحل له قتله وهذا لا يعفيه من تحمل مسؤولية فعله (1).
والآمر المكرِه قد تعدى بإكراهه القاتل.
الراجح: نرى أن القول بقتل المكرِه والمكرَه جميعًا هو الصحيح لما ذكره الجمهور ولأن ذلك أبلغ في الزجر والردع حفظًا لحياة الناس.
الاشتراك في القتل:
إذا اشترك جماعة في قتل واحد فما الحكم؟
اختلف في ذلك الفقهاء:
1 -
يرى جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية وهو رواية عند الحنابلة أنه إذا اشترك جماعة في قتل شخص واحد فعليهم القصاص لما روى سعيد بن المسيب "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل سبعة من أهل صنعاء قتلوا رجلًا وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعًا"(2)، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فصار ذلك إجماعًا.
(1) بدائع الصنائع للكاساني (10/ 4630)، وقوانين الأحكام الشرعية لابن جزي (ص: 374)، ونهاية المحتاج للرملي (7/ 258)، والمبدع في شرح المقنع لابن مفلح (8/ 256).
(2)
أخرجه البخاريُّ (9/ 10).
2 -
ويرى بعض الفقهاء ومنهم ابن الزبير والزهري وابن سيرين وهو رواية عند الحنابلة أن الجماعة لا يقتلون بالواحد وإنما تجب عليهم الدية؛ لأن الله تعالى شرط المساواة في القصاص ولا مساواة بين الجماعة والواحد.
3 -
ويرى بعضهم وهو مروى عن معاذ بن جبل وابن الزبير وابن سيرين والزهري أنه يقتل واحد منهم ويؤخذ من الباقين حصصهم من الدية لقول الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (1)، فمقتضاه أنه لا يؤخذ بالنفس أكثر من نفس واحدة؛ لأن كل واحد منهم مكافئ له فلا تستوفي أبدال ببدل واحد، كما لا تجب ديات لمقتول واحد (2).
الراجح: نرى أن قتل الجماعة بالواحد هو الصحيح لما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولما روى عن علي رضي الله عنه أنه "قتل ثلاثة قتلوا رجلًا"(3). ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة فصار إجماعًا.
ولأن القصاص عقوبة تجب على الواحد فتجب للواحد على الجماعة كحد القذف وغيره، ولأنه لو سقط القصاص بالاشتراك لأدى ذلك إلى التعاون على سفك الدماء وهو ما يتعارض مع ما يهدف إليه الإِسلام من سن القصاص وتشريعه قال تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (4).
(1) سورة المائدة: 4.
(2)
بدائع الصنائع للكاساني (10/ 4628)، وبداية المجتهد لابن رشد (2/ 399)، وروضة الطالبين (ص: 1603)، والمغني لابن قدامة (11/ 490).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (9/ 348).
(4)
سورة البقرة: 179.