الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولًا: النباتية:
الأطعمة النباتية: هي كل ما ينبت في الأرض من ثمار وأشجار وأعشاب وغيرها وهي مباحة كلها (1) لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} (2)، ولا يحرم تناولها إلا ما فيه ضرر، كالتراب والحصى والسم ونحوها أو ما هو مسكر أو نجس فيحرم تناوله لإسكاره أو نجاسته (3).
ثانيًا: الحيوانية:
وهي على نوعين: برية تعيش في البر وحيوانات مائية تعيش في الماء.
1 -
حيوانات البر: وهي مباحة إلا أنواعًا منها وفقا للضوابط الآتية:
أ - ما نص عليه الشارع بالتحريم بعينه كالخنزير لقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (4)، وكالحمر الأهلية لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية"(5).
ب- ما وضع له ضابط وحُدَّ، كالذي له ناب من السباع، أو مخلب من الطير، لحديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير"(6)، فيحرم ذلك وما عداه فإنه حلال.
(1) مواهب الجليل، للحطاب (3/ 229).
(2)
سورة البقرة: 168.
(3)
القوانين الفقهية لابن جزي (ص: 192)، وروضة الطالبين (ص: 474)، والمبدع، لابن مفلح (9/ 193).
(4)
الأنعام: 145.
(5)
رواه البخاري (7/ 601)، ومسلمٌ (7/ 95).
(6)
أخرجه مسلمٌ (7/ 85).
ج- ما يأكل الجيف كالنسر والرخم ونحوهما وذلك لخبث ما يتغذى به، فيكون حراما؛ لأن الله حرم الخبائث.
د- ما أمر الشارع بقتله أو نهى عنه: كالحية والعقرب والفأرة والغراب والحدأة، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم:"خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور"(1).
وأما ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فهو ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد"(2)، وكل ذلك حرام لا يجوز أكله.
هـ - أن يكون متولدًا من بين حلال وحرام فيغلب التحريم، كالبغل لحديث جابر رضي الله عنه قال:"ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البغال والحمير والحمر، ولم ينهنا عن الخيل"(3).
وهذه ضوابط وقواعد يُحدُّ بها المُحرَّم، وعند التطبيق يختلف بعض العلماء في حل شيء أو تحريمه من الحيوانات إما لدليل يستند عليه، وإما لما يرى من عدم دخوله تحت مسمى ما تم تحريمه.
ومن أمثلة ذلك:
1 -
عند الحنفية: يرون أن العقعق وهو غراب نحو الحمامة حجمًا طويل الذنب فيه بياض وسواد حلال؛ لأنه يأكل الحب غالبًا فلا يكون مستخبثًا، وذلك خلافًا للجمهور الذين يرون حرمته. وعندهم أن الضب حرام خلافًا للجمهور (4).
(1) رواه البخاري الحديث (3136).
(2)
رواه أحمد (1/ 332)، وأبو داود (5267)، وصحَّحه ابن حبان (1078).
(3)
رواه أبو داود الحديث (3789).
(4)
شرح فتح القدير لكمال الدين بن الهمام (8/ 417)، دار إحياء التراث العربي، لبنان.
2 -
عند المالكية: في القول المشهور عندهم أنه يكره تنزيها أكل الحيوانات المفترسة سواء كانت أهلية كالسنور والكلب، أم متوحشة كالذئب والأسد، كما أنهم يجيزون أكل الحية وكذلك القنفذ (1) في قول عندهم (2).
3 -
عند الشافعية: يرون أن أكل الثعلب حلال، قال في روضة الطالبين (3):"يحل الضَّب والثعلب"، أما الضَّب فلحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:"أُكِل الضَّب على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم"(4). وأما الثعلب فلأن أنيابه ضعيفة.
4 -
وعند الحنابلة: يجوز أكل الضبع والضب (5)، والضبع من ذوات الناب من السباع والضب من الحشرات، ولكنه استثنى وذلك للأحاديث الواردة فيهما.
حيث جاء في الضبع حديث ابن أبي عمار قال: قلت لجابر رضي الله عنه: الضبع صيد هو؟ قال: نعم. قلت: قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم (6).
والخلاصة: إن ما لا تنطبق عليه تلك الضوابط حلال لا إشكال فيه عند الفقهاء، وأما ما تنطبق عليه فإنه محل خلاف بينهم، وينبغي الالتزام بتلك القواعد ما لم يكن فيه دليل شرعي يبيح أو يحرم شيئًا منها، وذلك خروجًا من الخلاف وبراءة لدين المسلم. والله أعلم.
2 -
حيوانات الماء: وهي ما تعيش في الماء من البحار والأنهار، وهي مباحة إلا ما استثني وبيان ذلك:
(1) وانظر الفتوى رقم (5394) للجنة الدائمة في السعودية وفيها أن أكل القنفذ حلال.
(2)
الشرح الكبير حاشية الدسوقي (2/ 104)، والقوانين الفقهية، لابن جزى (ص: 150)، ومواهب الجليل، للحطاب (3/ 230).
(3)
روضة الطالبين للنووي (ص: 470).
(4)
أخرجه البخاريُّ (7358)، ومسلمٌ (1947).
(5)
المبدع شرح المقنع لابن مفلح (9/ 200).
(6)
رواه أحمد والأربعة وصححه البخاري وابن حبان، بلوغ المرام لابن حجر (1154).
1 -
يرى الحنفية أنه يحل أكل السمك فقط من حيوان الماء وما سوى السمك يستخبثه الطبع (1).
2 -
يرى جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة أنه يحل أكل جميع حيوان الماء وذلك استدلالًا بقوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} (2)، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث في السعودية رقم (5828) الأصل في حيوان البحر الذي لا يعيش عادة إلا فيه الحل لقوله سبحانه وتعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} (3)، وقوله صلى الله عليه وسلم في البحر:"وهو الطهور ماؤه الحل ميتته".
ويستثنى الشافعية والحنابلة من حيوان الماء: الضفدع، والحية، والتمساح، ويرون حرمتها، أما الضفدع فلما جاء في النهي عن قتلها حيث روى عبد الرحمن ابن عثمان القرشي:"أن طبيبًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضفدع يجعلها في دواء؟ فنهى عن قتلها"(4)، وأما الحية فلاستخباثها، وأما التمساح، فلأن له نابًا يفترس به (5).
الراجح: نرى أن الراجح هو حل جميع ما يعيش في الماء إلا ما ورد دليل يقضي بتحريمه، وذلك لعموم الأدلة من الكتاب والسنة الدالة على حله كقوله صلى الله عليه وسلم في البحر:"هو الطهور ماؤه الحل ميتته"(6).
(1) شرح فتح القدير، لابن الهمام (8/ 423).
(2)
سورة فاطر: 12.
(3)
سورة المائدة: 96.
(4)
أخرجه أحمد (3/ 449)، وصححه الحاكم (4/ 411)، انظر الفتوى رقم (1414) من فتاوى اللجنة الدائمة في السعودية وقد جاء فيها الحديث عن الضفدع بالتفصيل.
(5)
روضة الطالبين، للنووي (ص: 471)، المبدع، لابن مفلح (9/ 202).
(6)
رواه الخمسة وقال الترمذيُّ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.