الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قتل الغيلة:
الغيلة لغة: الغِيلة بكسر الغين وسكون الياء يقال قُتِل غيلة أي على غفلة من المقتول وغَّرة.
واصطلاحًا: هو القتل على وجه المخادعة والحيلة.
حكم قتل الغيلة: اختلف العلماء في قتل الغيلة:
1 -
فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة والظاهرية إلى أنه يوجب القتل قصاصًا كسائر أنواع القتل عمدًا وعدوانًا، وعليه يكون الحق في قتل الجاني لأولياء الدم، من ورثة القتيل أو عصبته فيجب تنفيذه إن اتفقوا على ذلك ويسقط بعفوهم، أو عفو بعضهم.
2 -
وذهب المالكية إلى أنه يوجب قتل الجاني حدًا لا قودًا فيتولى تنفيذه السلطان أو نائبه ولا يسقط بعفو أحد لا السلطان ولا غيره.
الأدلة:
1 -
استدل جمهور الفقهاء بأدلة من الكتاب والسنة والقياس.
فمن الكتاب: قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (1).
ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إما أن يأخذوا العقل أو أن يقتلوا"(2)، وهذه الأدلة عامة في القصاص سواء أكان قتل غيلة أو غيره.
(1) سورة الإسراء: 33.
(2)
أخرجه أبو داود (4504)، والترمذيُّ (1406) وقال:"حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".
وأما القياس: فإن القتل في الغيلة ليس في حرابة فكان كسائر أنواع القتل العمد في إيجاب القصاص وقبول العفو لعدم الفارق.
2 -
واستدل من قال يقتل الجاني في قتل الغيلة حدًا فلا يسقط بالعفو من السلطان أو غيره بالكتاب والسنة والقياس.
فمن الكتاب: قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (1).
ومن السنة: ما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قتل يهوديًا رضَّ رأس جارية بين حجرين"(2)، فقد قتله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجعل ذلك إلى أولياء الجارية، فدل ذلك على أنه قتله حدًا لا قودًا.
وما ثبت أن عمر رضي الله عنه "أمر بقتل جماعة اشتركوا في قتل غلام في صنعاء غيلة ولم ينقل أنه استشار أحدًا من أولياء الدم"(3)، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فكان إجماعًا.
وأما القياس: فإن القتل غيلة يقع في الغالب عن خداع وحيلة فكان كالحرابة (4).
الراجح: نرى أن حكم قتل الجاني في قتل الغيلة حد لا قصاص ولا يسقط بعفو أحد، لأن في ذلك مراعاة لحق المجتمع والمحافظة على أمنه وسدًا لذريعة
(1) سورة المائدة: 33.
(2)
أخرجه البخاريُّ (2413)، ومسلمٌ (1672).
(3)
أخرجه البخاريُّ (9/ 10).
(4)
بدائع الصنائع للكاساني (10/ 4628)، وقوانين الأحكام الشرعية لابن جزي (ص: 375)، ونهاية المحتاج للرملي (7/ 274)، وكشاف القناع (5/ 543).