الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجيبه بذلك فقال: "أطلقوا ثمامة"(1). ثم أسلم ثمامة وحسن إسلامه، وقد كان لحسن المعاملة، أثر في نفسه فهداه الله (2).
دعوة الكفار إلى الإسلام أو الجزية أو الحرب:
إذا تم دعوة الكفار إلى الإِسلام ودخلوا فيه كان لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم فإن لم يقبلوا الدخول فيه فلا يخلو أن يكونوا من أهل الكتاب أو من غيرهم:
1 -
فإن كانوا من أهل الكتاب أو المجوس فقد اتفق الفقهاء على أنه يطلب منهم الجزية فإن دفعوها كف عنهم وإلا ينتقل إلى القتال وذلك لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (3).
أما المجوس فإن لهم شبهة كتاب فيكون حكمهم حكم أهل الكتاب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب"(4).
2 -
وإما أن يكونوا من المشركين غير أهل الكتاب أو المجوس فقد اختلف الفقهاء في ذلك:
أ- فذهب الشافعي وهو رواية عن أحمد إلى أنه لا تقبل منهم الجزية وأن عليهم إما القتال، لعموم الأدلة، منها قوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (5)، وقول
(1) أخرجه البخاريُّ (4/ 1589).
(2)
الجهاد في الإِسلام، د. عبد الله القادري (1/ 250).
(3)
سورة التوبة: 29.
(4)
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 272).
(5)
سورة التوبة: 5.
النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله"(1).
وإنما خص منهم أهل الكتاب والمجوس للأدلة المخصصة لهم ويبقي الباقي على عمومه.
ب- وذهب الحنفية ومالك في رواية وأحمدُ في رواية إلى أن الجزية تقبل من المشركين إلا مشركي العرب، قال ابن جرير الطبري:"أجمعوا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى أخذ الجزية من عبدة الأوثان من العرب ولم يقبل منهم إلا الإِسلام أو السيف"(2).
ج- وذهب مالك في قول هو الراجح عند المالكية والأوزاعي إلى أن الجزية تقبل من جميع الكفار سواء كانوا عربًا أم عجمًا، واستدلوا بحديث بريدة الأسلمي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصة نفسه بتقو ى الله
…
وقال: "اغزو باسم الله
…
وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال" وذكر من هذه الخصال الجزية، وذلك يدل على قبول الجزية من المشركين عمومًا (3).
الراجح: يظهر أن الراجح والله أعلم أن الجزية تؤخذ من جميع المشركين لعموم حديث بريدة رضي الله عنه إذ هو عام لا مخصص له وإلحاقًا لهم بمن تقبل منهم الجزية.
قال ابن القيم: "لأن المجوس أهل شرك لا كتاب لهم فأخذها منهم دليل على أخذها من جميع المشركين، وإنما لم يأخذها النبي صلى الله عليه وسلم من عبدة الأوثان من
(1) أخرجه البخاريُّ (6/ 2538)، رقمه (6526).
(2)
اختلاف الفقهاء للطبري (ص: 200).
(3)
شرح فتح القدير لابن الهمام (5/ 228)، والمدونة الكبرى للإمام مالك (2/ 46)، والإقناع للشربيني (5/ 24)، والمغني لابن قدامة (13/ 31).