الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"ليس على خائن ولا مختلس ولا منتهب قطع"(1).
حيث أنه لم يتحقق منهم أخذ الشيء خفية.
فالمنتهب: هو الذي يأخذ المال على وجه العلانية قهرًا وقوة.
المختلس: هو الذي يستخفي في ابتداء الاختلاس حتى يأخذ الشيء من غير غلبة ويهرب مع معاينة المالك.
الخائن: ضد الأمين، وهو الذي يخون ما جعل عليه أمينًا كأن يخون في وديعة أو نحوها فيدعي ضياع ما اؤتمن عليه أو تلفه وهو كاذب.
قال في الإفصاح: "واتفقوا على أن المختلس والمنتهب والغاصب والخائن على عظم جنايتهم وآثامهم، فإنهم لا قطع على واحد منهم ".
قال القاضي عياض: صان الله الأموال بإيجاب القطع للسارق ولم يجعل ذلك في غير السرقة كالاختلاس والانتهاب والغصب؛ لأنه قليل بالنسبة إلى السرقة، ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالاستدعاء إلى ولاة الأمر، وتسهل إقامة البينة عليه بخلاف السرقة، فإنه تندر إقامة البينة عليها، فعظم أمرها واشتدت عقوبتها أبلغ في الزجر عنها (2).
إثبات حد السرقة:
يثبت حد السرقة بأحد أمرين:
1 -
الإقرار: تثبت السرقة بإقرار السارق إذا كان مكلفًا، واختلف الفقهاء في عدد مرات الإقرار:
(1) رواه أحمد (3/ 380)، والترمذيُّ وصححه (4/ 144852)، وغيرهم.
(2)
المبسوط (9/ 160)، وبداية المجتهد لابن رشد (2/ 445)، والإقناع للشربيني (4/ 223).
أ- فذهب أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ إلى أنه يكفي إقرار السارق مرة واحدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم "قطع سارق خميصة صفوان وسارق المجن"، ولم ينقل أنه أمره بتكرار الإقرار، ولأنه حق يثبت بالإقرار فلم يعتبر فيه التكرار.
ب- وذهب أحمد وابن أبي ليلي وأبو يوسف إلى أنه يشترط الإقرار مرتين وذلك لما رواه أبو داود بإسناده عن أبي أمية المخزومي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بلص قد اعترف، فقال له:"ما إخالك سرقت "، قال: بلى فعاد عليه مرتين أو ثلاثًا فأمر به فقطع، ولو وجب القطع بأول مرة لما أخره، وقد روى ذلك عن علي رضي الله عنه.
ويجب أن يذكر في إقراره وصف السرقة لكي يندفع احتمال عدم توافر شروط القطع، وألا يرجع عن إقراره حتى يقطع ولا بأس عند الفقهاء بتلقين السارق ليرجع عن إقراره.
الراجح: نرى أن الراجح اشتراط أن يكون الاعتراف مرتين للحديث المذكرر، ولأن الإقرار يتضمن إتلافًا في حد فكان من شرطه التكرار كحد الزنا، ويفارق الاعتراف في السرقة حق الآدمي لأن حقه مبني على الشح أما حق الله فمبني على المسامحة.
2 -
البينة: وذلك بأن يشهد على السارق رجلان مسلمان عدلان حران، قال ابن المنذر (1):"وأجمعوا على أن قطع السارق يجب إذا شهد عليه بالسرقة شاهدان عدلان مسلمان حران ووصفا ما يجب فيه القطع".
ويشترط أن يصفا السرقة والحرز وجنس النصاب وقدره ليزول الاختلاف فيه، ويتم التأكد من صحة شهادتهما فإن اختلفا لم يقطع درءًا للحد بالشبهة (2).
(1) الإجماع لابن النذر (ص: 159).
(2)
بدائع الصنائع للكاساني (9/ 4260)، وقوانين الأحكام الشرعية لابن جزي (ص: 390)، ونهاية المحتاج للرملي (7/ 465)، والمغني لابن قدامة (12/ 463).