الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروي ذلك عن عمر وابنه وابن عباس وسلمان (1).
الراجح: هو جواز تقديم الكفارة على الحنث أو تأخيرها بعده لحديث عبد الرحمن بن سمرة، حيث ورد فيه تقديم الكفارة على الحنث كما هو عند البخاري ومسلمٌ (2)، وورد التأخير كما هو في لفظ البخاري:"فأت الذي هو خير وكفر عن يميك"، ولأن الحنث شرط لوجوب الكفارة وليس سببًا، وإنما السبب اليمين وذلك كتعجيل الزكاة بعد تمام النصاب وقبل الحول، وإذا تقدمت سميت تحلة اليمين وإذا تأخرت سميت كفارة اليمين.
التأويل في اليمين:
معنى التأويل: أن يقصد بكلامه معنى محتملًا يخالف ظاهره نحو أن يحلف أنه أخي يقصد أخوة الإِسلام.
للمتأول في اليمين ثلاث حالات:
1 -
أن يكون مظلومًا: مثل أن يستحلفه ظالم على شيء، لو صدقه لظلمه أو ظلم غيره، فهذا يقبل تأويله، دليل ذلك ما رواه سويد بن حنظلة قال: خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم -ومعنا وائل بن حجر، فأخذه عدو له، فتحرج القوم أن يحلفوا، فحلفت أنه أخي فخلى سبيله، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال:"أنت أبرُّهم وأصدقهم، المسلم أخو المسلم"(3).
2 -
أن يكون الحالف ظالمًا: كالذي يستحلفه الحاكم على حق عنده فهذا
(1) حاشية ابن عابدين (3/ 164)، وبداية المجتهد، لابن رشد (1/ 420)، والمبدع لابن مفلح (9/ 278).
(2)
البخاري (11/ 629)، ومسلمٌ (6/ 118).
(3)
أخرجه أبو داود (2/ 200)، وابن ماجه (1/ 685)، والإمام أحمد في المسند (4/ 79).
ينصرف يمينه إلى ظاهر اللفظ الذي عناه المستحلف ولا ينفع الحالف تأويله لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يمينك على ما يصدقك به صاحبك"(1)، ولأنه لو ساغ التأويل لبطل المعنى المبتغى باليمين، وصار التأويل وسيلة إلى جحد الحقوق، قال في المغني (2):"ولا نعلم في هذا مخالفًا".
3 -
ألا يكون ظالمًا أو مظلومًا: فإنه يرجع في اليمين إلى نية الحالف ويقبل تأويله في ذلك إذا كان اللفظ يحتمل مما نواه، وذلك أخذًا من قوله صلى الله عليه وسلم:"وإنما لكل امرئ ما نوى"، فتدخل فيه الأيمان، فإن لم يكن نوى شيئًا فيرى الحنابلة أنه يرجع إلى سبب اليمين وما أثارها لدلالة ذلك على النية وإن عدمت النية والسبب رجع في اليمين إلى ما تناوله الاسم شرعًا، ثم ما تناوله الاسم عرفًا، وبعد ذلك ما تناوله الاسم لغة.
* ويذهب الحنفية: إلى أن اليمين ينصرف إلى العرف إذا لم يكن للحالف نية ثم يراعى المعنى اللغوي بعد ذلك.
* ويرى المالكية: أن تراعى نية الحالف، فإن لم يكن له نية روعي بساط يمينه وهو السبب على اليمين، وإلا فيعتبر العرف، فإن لم يكن فتحمل اليمين على الظاهر اللغوي.
* ويرى الشافعية: أن الاعتبار بنية الحالف أولًا، فإن لم يكن فالعبرة بظاهر اللفظ ثم يتبع العرف إذا كان مطردًا (3).
(1) رواه مسلم (3/ 1274).
(2)
المغني لابن قدامة (13/ 499).
(3)
شرح فتح القدير، لابن الهمام (4/ 377)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/ 141)، وروضة الطالبين (ص: 1877)، والمغني، لابن قدامة (13/ 497).