الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أراد الله أن يكون بعد عامين حرمًا آمنا، وأن يكون مثابة للمسلمين من كل فج يوطدون دعائم أُخوّتهم في ظلاله الوارفة.
تبادل الرسل بين قريش ومحمداً صلى الله عليه وسلم
…
تبادل الرسل بين قريش ومحمدٍ صلى الله عليه وسلم:
وقد بعثت قريش رسلها إلى محمد صلى الله عليه وسلم واحدًا بعد الآخر تستطلع أخباره، وترى عن كثب حقيقة الهدف الذي يقصده، وكان أولهم بديل بن ورقاء الخزاعي. وقد أخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لا يريد بقريش شرًّا، وإنما جاء مع أصحابه لأداء العمرة. فلما رجع بديل إلى قريش وأخبرهم بذلك لم يثقوا به. ومن ناحية أخرى لم يوافقوا على تلبية طلب محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا: أيريد أن يدخل علينا في جنوده معتمرًا وتسمع العرب بأنه قد دخل علينا عنوة، وبيننا وبينه من الحرب ما بيننا، والله لا يكون هذا أبدًا وفينا عين تطرف.
ثم أرسلوا بعد ذلك حليس بن علقمة، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"هذا من قوم يعظمون الهدي، فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه"، ففعلوا ذلك واستقبله الناس يلبون.
فلما رأى حليس ذلك رجع وقال: سبحان الله. ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا، أتحج لخم وجذام وحمير ويُمنع عن البيت ابن عبد المطلب؟ هلكت قريش ورب البيت إن القوم أتوا معتمرين
…
فلما سمعت قريش منه ذلك قالوا له:
اجلس، إنما أنت أعرابي لا علم لك بالمكايد
…
ثم أرسلوا عروة بن مسعود الثقفي سيد أهل الطائف فتوجه إلى رسول الله وقال: يا محمد، قد جمعت أوباش الناس ثم جئت إلى أهلك وعشيرتك لتقضها بهم، إنها قريش قد خرجت
تعاهد الله ألا تدخلوا عليهم عنوة أبدًا، وايم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك أي تخلوا عن نصرتك.
فنال منه أبو بكر وقال: ويحك!! أنحن ننكشف عنه؟
وكان عروة يتكلم وهو يلمس لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان المغيرة بن شعبة يقرع يده إذا أراد ذلك
…
ثم رجع عروة وقد رأى موقف أصحاب الرسول من نبيهم صلى الله عليه وسلم وكيف كانوا يتنافسون على وضوئه يمسحون به أجسامهم، وإذا تكلموا أمامه لا يرفعون أصواتهم، ولا يحدون النظر إليه، فقال لقومه: والله لقد جئت كسرى في ملكه، وقيصر في عظمته فما رأيت ملكًا في قومه مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قومًا لا يسلمونه لشيء أبدًا، فانظرًا رأيكم واقبلوا ما عرض عليكم، وإني لكم ناصح، وأخشى إن قاتلتموه ألا تنصروا عليه. فقالت قريش: لا تتكلم بهذا ولكننا نرده في هذا العام ويرجع في العام الذي يليه.
وقد استشار الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه، وانتهى الرأي إلى اختيار عثمان بن عفان رسولًا إلى قريش ومعه عشرة من المسلمين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة أقاربهم، وحمل عثمان رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى قريش تفصح عن مقصده والغرض الذي خرج من أجله، ورسالة أخرى إلى المستضعفين من المسلمين يبلغهم فيها أن الحق آتٍ لا ريب فيه وأن نصر الله قريب
…
وحينما التقى عثمان بقريش، وبلّغهم الرسالة التي حملها إليهم، رفضوا السماح للرسول صلى الله عليه وسلم بدخول مكة، وسمحوا لعثمان أن يطوف بالبيت، فرفض في حزم وإباء وقال: لا أطوف ورسول الله صلى الله عليه وسلم ممنوع..
ثم إنهم حبسوه، فشاع عند المسلمين: أن عثمان قد قتل. فقال عليه السلام-