الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى رأسهم أبو سفيان وعددهم أربعة آلاف1، ومعهم ثلاثمائة فرس وألف بعير، وتجهزت غطفان، ويرأسهم عيينة بن حصن، وكان معهم ألف فارس، وتجهزت بنو مرة يرأسهم الحارث بن عوف المري، وتجهزت بنو أشجع يرأسهم أبو مسعود بن رخيلة، وتجهزت بنو سليم يرأسهم سفيان بن عبد شمس، وتجهزت بنو أسد يرأسهم طليحة بن خويلد الأسدي، وعدة الجميع عشرة آلاف جندي، وقائدهم العام أبو سفيان صخر بن حرب، وكان -حينئذٍ- ألد الأعداء للرسول صلى الله عليه وسلم وللمسلمين..
ثم خرجت هذه الأحزاب -على ما بينها من تنافر وتباعد وعصبية قبلية- ويؤلف بينهم هدف مشترك هو الانتقام من المسلمين، والرغبة في استئصالهم والقضاء على دينهم، وكان ذلك في السنة الخامسة من الهجرة النبوية2.
1 يعني من أهل مكة، وأما الجميع فعشرة آلاف كما سيأتي.
2 أو الرابعة، على حد قول الزهري والإمامين مالك والبخاري، وقول المؤلف هو قول عامة أصحاب المغازي.
وأما جمع البيهقي بين القولين بأن مراد الأولين قبل اكتمال الخمس، ومراد الآخرين بعد الأربع، فهذا مما لا أراه، وهو خلاف المعروف عنهم وممن طريقتهم في التاريخ، ومن محص في اختلافهم لم يقبل جمع البيهقي.
موقف المسلمين في المدينة من الأحزاب:
وكان المسلمون في المدينة -حينئذٍ- هم المهاجرين الذين خرجوا من ديارهم وأموالهم ابتغاء مرضاة الله وجهادًا في سبيله، والأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان، والذين آووا رسول الله ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه، كان موقفهم موقفا عصيبًا يحيط به الحرج والضيق ويسود فيه الخوف والرهبة، ولا غرو فهؤلاء هم أحزاب الشر، وأعداء الحق، وأنصار الشيطان يزحفون مسرعين
إلى المدينة! وهذه هي الجزيرة العربية تتسمع في لهفة إلى أبنائهم، وتترقب باهتمام بالغ نتيجة زحفهم.
إنها تجربة لها ما وراءها من نتائج وآثار، فلو قدر لهؤلاء الأحزاب أن ينتصروا فتلكم الضربة القاصمة التي لا تقوم بعدها للمسلمين قائمة، أما لو قدر لهم أن يرجعوا مجللين بالخزي والعار، وإن يفجعوا فيما علقوه على هذه المحاولة من آمال كبار، فتلك -حينئذٍ- مصيبة الدهر وفضيحة العمر. وهيهات ثم هيهات أن تتجمع لهم مثل هذه الأحزاب، وأن تتوافر لها الظروف والأسباب.
أجل، لقد أدرك المسلمون جميعًا في المدينة عظم الخطب، وفداحة المسئولية، وعرفوا أن الأمر مع المشركين في هذه المرة، إما إلى النصر، وإما إلى القبر، أو كما يقول القائل:
فإما إلى صدَّاحة تطرب الورى
…
وإما إلى نواحة في المآتم1
وقد جمع أعداء الإسلام لأول مرة في تاريخهم مع المسلمين جموعهم وجاءوا في عدة وعديد لم يسبق لها مثيل في حروب العرب جميعًا.
لقد كان عددهم في العام الثاني من الهجرة حينما التقوا مع المسلمين في يوم بدر ألفًا أو أقل من الألف، ثم أصبح عددهم في غزوة أحد في العالم الثالث من الهجرة ثلاثة آلاف، فما بالهم الآن بعد عام واحد من غزوة أحد يصبحون عشرة آلاف؟!
وماذا عسى أن يصنع المسلمون لمقابلة هذه الألوف المؤلفة من الرجال والخيل والإبل والأسلحة والذخيرة؟!
إن الأمر يحتاج إلى مزيد من اليقظة والحذر والشجاعة والإيمان، وإن الواجب يحتم على كل جندي من جنود المسلمين أن يتعاون في إخلاص مع قائده الأعلى
1 مع بُعد الشبه.