الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحينئذٍ خرج بنو هاشم وبنو المطلب من هذا السجن الضيق المميت إلى معترك الحياة، ضاربين في الإخلاص لمحمد صلى الله عليه وسلم أروع الأمثال، محتملين من التضحية ما ينوء بالأبطال.
عام الحزن:
ولم يشأ الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن ينعم بعد خروجه من الشعب بفترة طويلة من الراحة والطمأنينة، إذ لم تمض عدة شهور على تمزيق صحيفة المقاطعة وخروجه مع أهله إلى الحياة، حتى فاجأت محمدًا صلى الله عليه وسلم في عام واحد فاجعتان اهتز لهما قلبه، وهما: موت أبي طالب، وموت السيدة خديجة رضي الله عنها ولقد حزن الرسول صلى الله عليه وسلم عليهما حزنًا شديدًا لما كان لهما من أثر بالغ في نصرة الإسلام والدفاع عنه ضد أعدائه.
فأبو طالب وإن كان قد مات مشركًا، ولكنه كافح وجاهد في مؤازرة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يتخل عن حمايته -كما رأينا- في أحرج الظروف وأعنف الأزمات، حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم عنه:"والله ما نالت مني قريش شيئًا أكرهه حتى مات أبو طالب"1.
وأما خديجة رضي الله عنها فحبسها ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم عنها في مواجهة نسائه الأخريات: "لقد آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني
1 أخرجه ابن إسحاق في السيرة عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا، ونقله عنه الحافظ ابن كثير في "البداية" 3/ 122، وابن حجر في "الفتح" 7/ 194، ولم أره من وجه متصل صحيح.