الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مخلوقاته مدبرًا لها، وكونه رحمانًا رحيمًا يقتضي أن يعلم أحوال المرحومين، وكونه مالكًا ليوم الدين يقتضي أن يعرف أحوال مملكته ورعيته ليجازي كلًا بعمله، كما أن كونه مستعانًا به ومسؤولًا الهداية وهاديًا ومنعمًا على من أطاعه ويغضب على من عصاه، كل ذلك يدل على تعلق علمه بالجزئيات وشموله لها (1).
65 - اشتمل قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} وما بعده إلى آخر السورة على الرد على جميع طوائف الكفر والضلال
، وذلك على سبيل الإجمال لأن الحق في معرفة ما جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه، وما عداه من المسالك والسبل الملتوية والمعوجة مردودة باطلة.
وقد عقد ابن القيم (2) رحمه الله، فصلًا في اشتمال الفاتحة على الرد على جميع المبطلين من أهل الملل والنحل والرد على أهل البدع والضلال من هذه الأمة. قال: وهذا يعلم بطريقين مجمل ومفصل.
وبعد أن ذكر رحمه الله ما فيها من رد على جميع المبطلين بطريق الإجمال بيّن اشتمالها على الرد على جميع المبطلين بطريق التفصيل، فذكر الرد منها على الملاحدة وإبطال قولهم وبيان ضلالهم، والرد على المجوس والقدرية وعلى الجهمية وأهل الإشراك في ربوبيته وإلهيته
(1) انظر في «مدارج السالكين» 1: 93 - 94، «التفسير القيم» ص58
(2)
في «مدارج السالكين» 1: 85 - 98، و «انظر التفسير القيم» ص49 - 65، وانظر «الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة» 4: 1222 - 1225، «تيسير الكريم الرحمن» 1:38.
وعلى الجهمية معطلة الصفات، وعلى الجبرية، وعلى القائلين بالموجب بالذات دون الاختيار والمشيئة وإثبات أن الله فاعل مختار والرد على منكري تعلق علمه بالجزئيات، ومنكري النبوات وإثبات صفة التكلم لله عز وجل، والرد على من قال بقدم العالم، وكل هذا سبقت الإشارة إليه.
وختم ابن القيم هذا الفصل في بيان تضمنها للرد على الرافضة. قال: «وذلك من قوله {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى آخرها. قال: ووجه تضمنه إبطال قولهم: أنه سبحانه قسم الناس إلى ثلاثة أقسام: «منعم عليهم» وهم أهل الصراط المستقيم، الذين عرفوا الحق واتبعوه. «ومغضوب عليهم» وهم الذين عرفوا الحق ورفضوه، و «ضالون» وهم الذين جهلوه فأخطأوه. فكل من كان أعرف للحق، وأتبع له كان أولى بالصراط المستقيم، ولا ريب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم هم أولى بهذه الصفة من الروافض فإنه من المحال أن يكون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم - جهلوا الحق وعرفه الروافض، أو رفضوه وتمسك به الروافض.
ثم إنا رأينا آثار الفريقين تدل على أهل الحق منهما. فرأينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحوا بلاد الكفر وقبلوها بلاد إسلام، وفتحوا القلوب بالقرآن والعلم والهدى، فآثارهم تدل على أنهم أهل الصراط المستقيم ورأينا الرافضة بالعكس في كل زمان ومكان، فإنه قط ما قام للمسلمين عدو من غيرهم إلا كانوا أعوانهم على الإسلام، وكم جروا على الإسلام وأهله من بليه
…
ولهذا فسر السلف الصراط المستقيم وأهله بأبي بكر وعمر وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم، وهو