الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
هل البسملة آية مستقلة من القرآن الكريم
أو من سورة الفاتحة، أو من كل سورة سوى براءة، أو ليست بآية؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال عدة، بعد إجماعهم على أنها بعض آية من سورة النمل، في قوله تعالى:{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30)} (1).
وفيما يلي ذكر خلاصة لأقوالهم، وأدلتهم في هذه المسألة (2).
القول الأول:
-
أن البسملة ليست آية من القرآن الكريم مطلقًا (3)، إلا في سورة النمل فهي بعض آية منها. وانما كتبت البسملة في أوائل السور للاستفتاح بها، والابتداء والتبرك بها، والتيمن، والفصل بين السور.
وهذا القول يُروى عن قراء ائمدينة والبصرة والشام (4)، وهو قول
(1) سورة النمل، الآية:30. انظر: «أحكام القرآن» للجصاص 1: 8، 12، «أحكام القرآن» لابن العربي 1: 2، «مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية» 22: 438، «تفسير ابن كثير» 1: 34، «النشر» 1: 271.
(2)
هناك أقوال تركتها لضعفها، أوصلها بعضهم إلى أكثر من عشرة أقوال.
(3)
انظر «الإقناع في القراءات السبع» لابن الباذش 1: 163.
(4)
انظر «معالم التنزيل» 1: 38، «الكشاف» 1: 4، «تفسير النسفي» 1:1.
الإمام مالك (1) وعبد الله بن معبد (2)، ونسب لأبي حنيفة، وبعض أصحابه (3)، والأوزاعي (4)، وحُكي رواية عن الإمام أحمد (5)، لكن قال ابن تيمية (6):«لايمنح هذا عنه، وإن كان قولًا في مذهبه» .
واختاره الباقلاني (7).
ولم أقف على دليل صحيح صريح لهذا القول، ولا على تعليل مقبول إلا التمسك بأدلة وأحاديث لا تدل عليه، كحديث أنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهما (8) - وما في معناهما من الأدلة، التي فيها: أن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاءه كانوا يستفتحون القراءة، أو الصلاة بالحمد لله رب العالمين
…
، وسيأتي ذكر هذه الأحاديث - إن شاء الله - في القول الرابع من هذه الأقوال، وبيان أن غاية بما تدل عليه في هذه الأحاديث أنهم كانوا لا يجهرون بالبسملة، لا أنهم يتركونها، وليس عدم الجهر بها، مما يخرجها من القرآن، كما زعم بعض من ذهب إلى
(1) انظر «الاستذكار» 2: 175، «أحكام القرآن» لابن العربي 1: 2، «المحرر الوجيز» 1: 52، «الجامع لأحكام القرآن» 1:93.
(2)
انظر «المغني» 1: 152.
(3)
انظر «شرح معاني الآثار» 1: 204 - 205، «نصب الراية» 1: 327، وانظر «الكشاف» 1: 4، «المحرر الوجيز» 1: 52، «مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية» 22: 34، 438، «تفسير النسفي» 1:1.
(4)
انظر «المغني» 2: 152.
(5)
انظر «المغني» 2: 151 - 152.
(6)
في «مجموع الفتاوى» 22: 434، 438.
(7)
انظر «مجموع فتاوى ابن تيمية» 22: 432.
(8)
انظر «الاستذكار» 2: 174 - 175، 182، «الجامع لأحكام القرآن» 1:95.
هذا القول (1).
وقد احتج ابن العربي (2) لهذا القول بأن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زمان الإمام مالك لم يقرأ فيه أحد قط (بسم الله الرحمن الرحيم) اتباعًا للسنة. وهذا إن أراد به أنهم لا يجهرون بها فصحيح، وإما أن أراد أنهم لا يقرؤونها أبدًا لا سرًا ولا جهرًا فالجواب عنه هو الجواب عن احتجاجهم بحديث عائشة وأنس المشار إليهما وأن ذلك محمول على أنهم يسرون بها لا أنهم يتركونها.
كما احتج الباقلاني (3) والقرطبي (4) لهذا القول بأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، ولا تواتر هنا فيجب القطع بنفي كونها من القرآن. وقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية (5) عن هذا بقوله:
«والتحقيق أن هذه الحجة مقابلة بمثلها، فيقال لهم: بل يقطع بكونها من القرآن حيث كتبت كما قطعتم بنفي كونها ليست منه - ومثل هذا النقل المتواتر عن الصحابة بأن ما بين اللوحين قرآن، فإن التفريق بين آية وآية يرفع الثقة بكون القرآن المكتوب بين لوحي المصحف كلام الله، ونحن نعلم بالاضطرار أن الصحابة الذين كتبوا المصاحف نقلوا إلينا أن ما كتبوه بين لوحي المصحف كلام الله الذي أنزله على نبيه صلى الله عليه وسلم
(1) انظر مثلًا «شرح معاني الآثار» 1: 204 - 205.
(2)
انظر مثلًا «أحكام القرآن» 1: 3.
(3)
انظر مثلًا «مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية» 22: 432.
(4)
في «الجامع لأحكام القرآن» : 1: 93.
(5)
في «مجموع الفتاوى» 22: 432 - 433.