الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب - حكمها عند قراءة القرآن، في الصلاة أو خارجها:
اختلف أهل العلم في حكم الاستعاذة عند القراءة.
فذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجبة في الصلاة وخارجها (1).
منهم عطاء (2)، واختاره ابن حزم في المحلي (3)، وانتصر له.
وقد استدل من ذهب إلى هذا القول بظاهر الآية {فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (4).
قالوا فالأمر يقتضي الوجوب، كما استدلوا بمواظبة الرسول صلى الله عليه وسلم على التعوذ وتعليمه ذلك لأصحابه، وبأن شر الشيطان يجب دفعه بكل وسيلة، وأعظم وسيلة لدفعه هي اللجوء إلى الله، والاستعاذة به من شر الشيطان، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (5).
فعلى هذا إذا نسي القارئ أن يستعيذ قطع القراءة فتعوذ، وابتدأ من حيث وقف، وقيل من أول الحزب.
(1) انظر «المبسوط» 13:1، «التفسير الكبير» 60:1، «الجامع لأحكام القرآن» 87:1 - 88، «تفسير ابن كثير» 32:1، «النشر» 258:1، «المهذب في القراءات العشر» 30:1.
(2)
أخرجه عبد الرازق في الصلاة- باب الاستعاذة في الصلاة حديث 2574 وذكره الجصاص 191:3، وابن حزم في «المحلي» 250:3، وابن كثير في «تفسيره» 32:1.
(3)
247:3، 250.
(4)
سورة النحل، الآية: 98
(5)
انظر «التفسير الكبير» 60:1، «غرائب القرآن» 16:1، «تفسير ابن كثير» 32:1.
وجمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم، على أن الاستعاذة مستحبة، قبل كل قراءة للقرآن، سواء كان ذلك في الصلاة، أو خارجها.
وهذا مروي عن ابن عمر، وأبي هريرة (1)، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وابن سيرين، وإبراهيم النخعي، والأوزاعي، والثوري (2).
وهو قول أبي حنيفة، وأصحابه (3)، وأحمد بن حنبل، وأصحابه (4)، وإسحاق (5)، وهو الذي اختاره أكثر الشافعية، وصححوه عن الشافعي (6).
وحملوا الأمر في الآية: {فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} على الندب والاستحباب، كقوله تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (7) وقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} (8).
وقد استدلوا لهذا القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر كثيرًا من الآيات
(1) انظر «المجموع» 35:3.
(2)
انظر «المغني» 145:2، «المجموع» 325:3.
(3)
انظر «المبسوط» 13:1، «فتح القدير» لابن الهمام 291:1.
(4)
انظر «التحقيق» 290:1، «المغني» 145:2، «إغاثة اللهفان» 152:1.
(5)
انظر «المغني» 145:2، «المجموع» 325:3.
(6)
انظر «المجموع» 325:3، 326.
(7)
سورة النساء، الآية: 3
(8)
سورة النور، الآية:32. انظر «أحكام القرآن» للجصاص 191:3 «الكشف عن وجوه القراءات السبع» لمكي 9:1.
ضمن الأحاديث التي صحت عنه - وما نقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يستعيذ، فدل هذا على أن الأمر هنا ليس للوجوب.
وقال الطبري (1): يستدل له بإجماع الجميع على عدم وجوبها (2).
وقال السرخسي في «المبسوط» (3) بعد أن ذكر قول عطاء بوجوبها: «وهو مخالف للإجماع السلف فقد كانوا مجمعين على أنها سنة» .
وقال ابن عطية (4): «أجمعوا على استحسان ذلك والتزامه في كل قراءة في غير الصلاة» .
وقال ابن هبيرة في «الافصاح» (5): «واتفقوا على أن التعوذ في الصلاة على الإطلاق قبل القراءة سنة إلا مالكًا، فإنه قال: لا يتعوذ في المكتوبة» .
وقال النووي في «التبيان» (6): «ثم إن التعوذ مستحب وليس بواجب، وهو مستحب لكل قاراء، سواء كان في الصلاة أو هي غيرها» .
وقال ابن كثير (7): «وجمهور العلما، على أن الاستعاذة مستحبة،
(1) انظر «تفسيره» 14: 173 طبعة عيسى الحلبي.
(2)
هذا فيه تسامح من الطبري رحمه الله في حكايته للإجماع كما هو معروف من منهجه.
(3)
1: 13.
(4)
في «تفسيره» 1: 48، وانظر «الجامع لأحكام القرآن» 1: 87 - 88.
(5)
1: 125 وانظر «التفسير الكبير» 20: 115
(6)
ص 64 - 65. وانظر «المجموع» 3: 325، «لباب التأويل» 1: 10.
(7)
في «تفسيره» 1: 32، وانظر «البرهان» 1: 460، «النشر» 1: 257 - 258.