الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - إثبات توحيد الربوبية بقسميه العام لجميع الخلق
، والخاص بأولياء الله- تعالى- لقوله:{رَبِّ الْعَالَمِينَ} وقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فهو تعالى رب جميع الخلق خالقهم ومالكهم والمتصرف فيهم ومربيهم بجميع النعم، وفي هذا رد على الملحدين الذين ينكرون وجود الله تعالى الله عن قولهم علوا كبيرًا. إذ إن كل ما في الكون من المخلوقات دليل على وجوده وكماله في ذاته وصفاته، كما قيل:
فوا عجباً كيف يعصي الإله
…
أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية
…
تدل على أنه واحد
بل إنه تعالى دليل على كل شيء، ولهذا قالت الرسل لأمهم:{فِي اللَّهِ شَكٌّ} (1)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (2): «كيف يطلب الدليل على من هو دليل على كل شيء» ، وكان كثيرًا ما يتمثل بهذا البيت:
كيف يصح في الأذهان شيء
…
إذا احتاج النهار إلي دليل
وهو تعالى مرب لأولياته المتقين وحزبه المفلحين تربية خاصة بتوفيقهم للإيمان والعمل الصالح، ودفع الصوارف عنهم مما يبعث في قلوبهم الطمأنينة إلي رعاية الله الدائمة وربوبيته القائمة وحفظه الذي لا
(1) سورة إبراهيم، الآية:10.
(2)
انظر: «مدارج السالكين» 87:1.
يغيب (1).
وإذا ثبتت الربوبية صفة عامة له تبارك وتعالى صفة ذاتية، وصفة فعلية وجب توجه جميع الخلق إليه في جميع حوائجهم، وفي جميع عبادتهم لأن من لازم ربوبيته لجميع خلقه، أن يكون هو الإله المعبود، لأن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الإلوهية، كما أن توحيد الإلوهية يتضمن توحيد الربوبية، ولهذا لما قال تعالى {الْحَمْدُ لِلَّه} أتبع ذلك بوصفه تعالى بقوله {رَبِّ الْعَالَمِينَ} إشارة إلي أن المستحق للعبادة هو المتفرد بالربوبية والملك والخلق والتدبير، وعلى هذا فما دل من السورة على إثبات توحيد الإلوهية ففيه دلالة بالتضمن على توحيد الربوبية، وما دل منها على توحيد الربوبية ففيه دلالة بالالتزام على توحيد الإلوهية كما أن في إثبات ربوبيته ردًا على المشركين على معه في إلهيته الذي يعبدون غيره مع إقرارهم بربوبيته. كما أن في إثبات ربوبيته للعالمين دليلًا على مباينته لخلقه بذاته، وبربوبيته وصفاته وأفعاله، وفي هذا رد على من نفي مباينته لخلقه. كما أن في إثبات ربوبيته أيضًا ردًا على أهل الإشراك في ربوبيته من المجوس والقدرية وغيرهم الذين يثبتون مع الله خالقًا آخر. فالقدرية المجوسية يقولون: العبد يخلق فعل نفسه، فلا تدخل أفعالهم تحت ربوبيته- تعالى الله عن ذلك (2).