المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بيان المشروع من السكتات في الصلاة - اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب

[سليمان اللاحم]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأولالاستعاذة والبسملة، معناهما، وأحكامهما

- ‌الفصل الأولالاستعاذة، معناها، وأحكامها

- ‌المبحث الأولصيغ الاستعاذة الصحيحة

- ‌الصيغة الأولى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

- ‌الصيغة الثانية: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

- ‌الصيغة الثالثة: أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه

- ‌الصيغة الرابعة: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، وهمزه ونفخه ونفثه

- ‌الصيغة الخامسة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم

- ‌الصيغة السادسة: أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم

- ‌المبحث الثانيأركان الاستعاذة

- ‌المبحث الثالثالاستعاذة ليست بآية من القرآن الكريم

- ‌المبحث الرابعإعراب الاستعاذة، ومعناها

- ‌أ - إعرابها:

- ‌ب - معناها:

- ‌المبحث الخامسأحكام الاستعاذة

- ‌أ - مكان الاستعاذة من القراءة:

- ‌ب - حكمها عند قراءة القرآن، في الصلاة أو خارجها:

- ‌ج - هل يتعوذ في الصلاة في كل ركعة، أو في الركعة الأولى فقط:

- ‌د - حكم الحهر بها، أو الإسرار:

- ‌هـ - وأما حكم الجهر بها في الصلاة:

- ‌المبحث السادسالمواضع التي تشرع فيها الاستعاذة

- ‌المبحث السابعبيان أن شيطان الجن أعظم ضررًا من شيطان الإنس ومن النفس «المذمومة»

- ‌المبحث الثامنالسبيل للخلاص من شر الشيطان ومكايده

- ‌الفصل الثانيالبسملة: معناها، وأحكامها

- ‌المبحث الأوللفظ البسملة، وإعرابها

- ‌أ - لفظها:

- ‌ب - إعرابها:

- ‌المبحث الثانيمعنى البسملة

- ‌المبحث الثالثهل البسملة آية مستقلة من القرآن الكريم

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌ القول الرابع

- ‌المبحث الرابعالسبب في عدم كتابة البسملة في مطلع سورة براءة

- ‌المبحث الخامسحكم قراءة البسملة في غير الصلاة

- ‌المبحث السادسحكم قراءة البسملة في الصلاة

- ‌المبحث السابعحكم البسملة من حيث الجهر بها والإسرار، في الصلاة، أو خارجها

- ‌المبحث الثامنالمواضع التي تشرع فيها البسملة

- ‌المبحث التاسعفوائد البسملة، والأحكام التي تضمنتها

- ‌الباب الثانيتفسير سورة الفاتحة

- ‌الفصل الأولتفسير سورة الفاتحة

- ‌المبحث الأولمكان نزول الفاتحة

- ‌المبحث الثانيأسماء الفاتحة

- ‌المبحث الثالثعدد آيات الفاتحة، وهل البسملة آية منها

- ‌المبحث الرابعفضل سورة الفاتحة

- ‌فائدة:

- ‌المبحث الخامسالمعاني التي اشتملن عليها سورة الفاتحة

- ‌المبحث السادسبيان معنى السورة والآية

- ‌أ- بيان معنى السورة:

- ‌ب- بيان معنى الآية:

- ‌المبحث السابعتفسير مفردات الفاتحة، وبيان معاني آياتها

- ‌{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

- ‌الفرق بين الحمد والشكر:

- ‌«لله»

- ‌معنى (الحمد لله):

- ‌معنى (مالك يوم الدين):

- ‌ نَعْبُدُ

- ‌لا بد لصحة العبادة من توفر شرطين:

- ‌{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}:

- ‌{الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}

- ‌{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عليهِمْ}

- ‌{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عليهِمْ وَلَا الضَّالينَ}:

- ‌{وَلَا الضَّالِّينَ}:

- ‌المبحث الثامنما يؤخذ من سورة الفاتحة من فوائد وأحكام

- ‌1 - مشروعية الابتداء في بالبسملة في الكتب والرسائل والخطب والمواعظ ونحوها تأسيًا بكتاب الله تعالى

- ‌2 - مشروعية حمد الله تبارك وتعالى في افتتاح الكتب والرسائل والخطب والمواعظ

- ‌3 - حمد لله -تعالى- لنفسه

- ‌4 - أمر الله -تعالى- عباده أن يحمدوه ويثنوا عليه ويمجدوه

- ‌5 - أن الوصف الكامل مستحق لله على الدوام

- ‌6 - في قوله تعالى: (الحمد لله) رد على الجبرية، الذين يقولون إن الله جبر العبد على أفعاله

- ‌7 - أن الحمد لا ينبغي أن يكون إلا لمن هو أهل له

- ‌8 - يؤخذ من قوله -تعالى-: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الإقرار والاعتراف من العبد لله جل وعلا بالكمال من جميع الوجوه وبالفضل والإنعام والإحسان

- ‌9 - إثبات توحيد الأسماء والصفات

- ‌10 - إثبات توحيد الإلوهية

- ‌11 - إثبات توحيد الربوبية بقسميه العام لجميع الخلق

- ‌12 - إثبات علم الله تعالى الشامل

- ‌13 - إثبات أنه تعالى الأول بلا بداية

- ‌14 - أن الأحق بالاستعانة والمسألة هو اسم «الرب»

- ‌15 - في قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} إشارة إلي تساوي الخلق في الربوبية العامة التي بمعني الخلق والملك والتدبير

- ‌16 - في إثبات حمده وروبيته للعالمين وتوحيد رد على من قال بقدم العالم فإن في إثبات حمده ما يقتضي ثبوت أفعاله الاختيارية

- ‌17 - في إثبات رحمته -تعالى- ورحمانيته رد على الجبرية في أن الله يعاقب العبد على ما لا قدرة له عليه

- ‌18 - إثبات يوم القيامة

- ‌19 - يؤخذ من قوله -تعالى-: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} الدلالة على أن الملك الحقيقي لله جل وعلا

- ‌20 - إثبات محاسبة الله للعباد ومجازاته لهم على أعمالهم بالعدل

- ‌21 - إثبات كتابة الأعمال وتدوينها وإحصائها

- ‌22 - الحث على الاستعداد ليوم الدين

- ‌23 - في تقديم قوله تعالى: {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} على قوله {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} إشارة إلى أن رحمته تعالى سبقت غضبه

- ‌24 - الجميع بين الترغيب والترهيب

- ‌25 - في قول {إِيَّاكَ} رد على الملاحدة والدهرية المنكرين لوجود الله

- ‌26 - في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} بعد الآيات قبله انتقال من الغيبة إلى الخطاب لأجل تنبيه القارئ والمستمع

- ‌27 - دل قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} على إثبات نوع من أنواع العبودية

- ‌28 - وجوب إخلاص العبادة لله تعالى بجميع أنواعها اعتقاداً وقولًا وعملًا

- ‌29 - دل قوله تعالى: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} على أن العبد لا ينفك عن العبودية حتى الموت

- ‌30 - حاجة جميع الخلق إلى عون الله -تعالى

- ‌31 - تقديم حقه تعالى حق العبد

- ‌32 - لما كانت عبادة الله تعالى هي أشرف مقام يصل إليه العبد

- ‌33 - دل قوله -تعالى-: {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} على إثبات القدر

- ‌34 - في نسبة العبادة والاستعانة إلى العباد في قوله (نعبد)…(ونستعين) دليل على أن ذلك من فعلهم

- ‌35 - في تقديم قوله -تعالى- {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

- ‌36 - وجوب دعاء الله والتضرع إليه وسؤاله الهداية

- ‌37 - في قوله تعالى {اِهْدِنَا الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم} رد على القدرية المجوسية

- ‌38 - إن الهدى الحقيقي الصحيح هو ما جاء عن الله -تعالى

- ‌39 - مشروعية دعاء المسلم لإخوانه المسلمين

- ‌40 - ربط الأعمال ونجاحها بأسبابها

- ‌41 - أن صراط الله والطريق الموصل إليه عدل مستقيم لا اعوجاج فيه

- ‌42 - يؤخذ من قوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ

- ‌43 - إن الصراط المستقيم الذي يسأل العبد ربه الهداية إليه هو صراط الذين أنعم عليهم بطاعته وتعالى

- ‌44 - أن الهداية للطريق المستقيم بالإيمان بالله والعمل الصالح

- ‌45 - في قوله تعالى

- ‌46 - التنويه بعلو شأن المنعم عليهم وفضلهم ورفعة قدرهم

- ‌47 - الترغيب بسلوك الطريق المستقيم

- ‌48 - أن الطريق الحق واحد

- ‌49 - أن الصراط تارة يضاف إلى سالكيه

- ‌50 - وجوب الاعتراف بالنعمة لموليها ومسديها

- ‌51 - في إثبات حمده بصفات الكمال وإثبات ربوبيته وملكه

- ‌53 - إثبات كمال الصراط المستقيم

- ‌54 - ينبغي للعبد بعد أن يسأل الله تعالى أن يهديه الصراط المستقيم

- ‌55 - إثبات صفة الغضب - لله - كما يليق بجلاله وعظمته

- ‌56 - ينبغي للعبد أن يسلك من الطرق أحسنها وأصلحها وأقومها

- ‌57 - أن من أخص صفات اليهود الغضب

- ‌58 - أن كل من سلك مسلك أحد الطائفتين شمله وصف تلك الطائفة

- ‌59 - دل قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} وما بعده على أن الناس ينقسمون بحسب معرفة الحق والعمل به

- ‌60 - في إسناد النعمة إلى الله تعالى

- ‌61 - بلوغ القرآن غاية الإيجاز مع الفصاحة والبيان

- ‌62 - الترغيب في سلوك سبيل المنعم عليهم والمؤمنين

- ‌63 - دلت السورة على إثبات النبوات ووجوب الإيمان بالكتب والرسل

- ‌64 - تضمنت السورة الدلالة على سعة علم الله عز وجل وخبرته وتعلق علمه بالجزئيات

- ‌65 - اشتمل قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} وما بعده إلى آخر السورة على الرد على جميع طوائف الكفر والضلال

- ‌66 - تضمنت السورة شفاء القلوب، كما تضمنت شفاء الأبدان

- ‌الفصل الثانيالأحكام التي تتعلق بسورة الفاتحة

- ‌المبحث الأولحكم قراءة الفاتحة في الصلاة

- ‌أولًا: حكم قراءة الفاتحة في حق الإمام والمنفرد:

- ‌ثانيًا: حكم قراءة الفاتحة في حق المأموم:

- ‌اختلف أهل العلم رحمهم الله قديمًا وحديثًا في هذه المسألة

- ‌أ- السبب الأول:

- ‌ب- السبب الثاني:

- ‌ إجمال الخلاف في هذه المسألة

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌أ- الاعتراضات الواردة على أدلة القول الأول بأن المأموم يقرأ الفاتحة في الصلاة السرية والجهرية

- ‌ب- الاعتراضات الواردة على أدلة القول الثاني أن المأموم يقرأ في الصلاة السرية دون الجهرية

- ‌ج- الاعتراضات الواردة على أدلة أصحاب القول الثالث: أن المأموم لا يقرأ لا في السرية، ولا في الجهرية

- ‌الترجيح بين الأقوال:

- ‌ بيان المشروع من السكتات في الصلاة

- ‌ ما الذي يشرع قوله في سكتات الإمام

- ‌المبحث الثانيوفيه مسائل:

- ‌أ- حكم من لم يستطيع قراءة الفاتحة في الصلاة:

- ‌ب- حكم قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة:

- ‌ج- حكم قراءة الفاتحة على المريض:

- ‌د- حكم قول «آمين» بعد قراءة الفاتحة:

- ‌هـ - حكم قراءة ما زاد على الفاتحة في الصلاة:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ بيان المشروع من السكتات في الصلاة

وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} وما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح «وإذا قرأ فأنصتوا» يخصص بما رواه أبو داود عن عبادة بن الصامت المتقدم فإنه نص في قراءة المأموم للفاتحة في الصلاة الجهرية. والقاعدة أن الخاص إذا عارضه العام حمل العام على الخاص وخصص به جمعا بين الدليلين وإعمالا لهما بدلًا من إلغاء أحدهما.

وروى مسلم وأبو داود - أيضًا - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج، غير تمام» .

قال له السائب مولى هشام بن زهرة: يا أبا هريرة إني أكون أحيانًا وراء الإمام فغمز ذراعه وقال: اقرأ بها يافارسي في نفسك. فدل جواب أبي هريرة للسائب راوي الحديث عنه على أنه فهم من الحديث قراءة المأموم لها في الصلاة لكنه رأى أن يكون ذلك سرًا».

فائدة: في‌

‌ بيان المشروع من السكتات في الصلاة

، وما يشرع قوله فيها:

وحيث شرع للمأموم قراءة الفاتحة في سكتات الإمام، فإن من المناسب ذكر المشروع من السكتات، وما يشرع قوله في هذه السكتات.

أولًا: بيان المشروع من السكتات في الصلاة.

اختلف أهل العلم في المشروع من السكتات في الصلاة على أقوال

ص: 422

عدة:

أ- جمهور أهل العلم على أن المشروع من السكتات في الصلاة سكتتان، منهم الشافعي (1)، وأحمد (2)، وإسحاق (3)، والحسن وقتادة (4) والأوزاعي (5)، وأبو ثور (6).

واستدلوا على هاتين السكتتين بما يلي:

1 -

ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال أقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد» متفق عليه (7).

(1) انظر «المجموع» 3: 395، «التبيان» ص 104.

(2)

انظر «مسائل الإمام أحمد» رواية ابنه عبد الله ص 75 فقرة 270، 271، «المغني» 2: 163 - 164، «مجموع الفتاوى» 23:278.

(3)

انظر: «سنن الترمذي» 2: 31.

(4)

انظر: «الاستذكار» 2: 191.

(5)

أخرجه عن الأوزاعي البيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 247 قال: «يحق على الإمام أن يسكت سكتة بعد التكبيرة الأولى واستفتاح الصلاة، وسكتة بعد قراءة فاتحة الكتاب ليقرأ من خلفه بفاتحة الكتاب» ، وانظر:«الاستذكار» 2: 191، «التمهيد» 11:42.

(6)

انظر: «الاستذكار» 2: 191، «التمهيد» 11:42.

(7)

أخرجه البخارص في الأذان- ما يقول بعد التكبير- الحديث 744، ومسلم في المساجد- ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة والحديث 598، وأبو داود في الصلاة- الحديث 781، والنسائي في الافتتاح، الحديث 860.

ص: 423

2 -

ما رواه سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب قال: «سكتتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكر ذلك عمران بن حصين، وقال حفظنا سكتة. فكتبنا إلى أبي بن كعب بالمدينة فكتب أبي أن حفظ سمرة» .

قال سعيد: فقلنا لقتادة: «ما هاتان السكتتان؟ قال: إذا دخل في صلاته، وإذا فرغ من القراءة، ثم قال بعد ذلك: وإذا قرأ {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه (1).

وفي رواية (2) عن الحسن عن سمرة بن جندب «أنه تذاكر وعمران بن حصين، فحدث سمرة بن جندب أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين، سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءة {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فحفظ ذلك سمرة، وأنكر عليه عمران بن حصين، فكتبنا في ذلك إلى أبي بن كعب، فكان في كتابه إليهما أو في رده عليهما أن سمرة قد حفظ» .

وفي رواية (3) عن الحسن عن سمرة بن جندب: «أن رسول الله

(1) أخرجه أبو داود في الصلاة- باب السكتة عند الافتتاح- الحديث 779، والترمذي في الصلاة- ما جاء في السكتتين في الصلاة، الحديث 251، وقال:«حديث حسن» ، وابن ماجه في الصلاة- باب في سكتتي الإمام- الحديث 844. وليس عند أبي داود قوله:«وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه» .

(2)

أخرجها أبو داود- الحديث 779، والدارقطني 1:336.

(3)

أخرجها الإمام أحمد 5: 15، والبخاري في جزء القراءة - الحديث 278، 279 وابن المنذر في «الأوسط» الحديث 1340، والدارقطني 1:309.

قال ابن المنذر: «في إسناده مقال، يقال: إن الحسن لم يسمعه من سمرة» وقال ابن القيم في «زاد المعاد» 1: 208: «وقد صحح حديث السكتتين من رواية سمرة وأبي بن كعب وعمران بن حصين أبو حاتم في صحيحه» .

ص: 424

- صلى الله عليه وسلم كانت له سكتتان، سكتة حين يفتتح الصلاة، وسكتة إذا فرغ من السورة الثانية قبل أن يركع

».

واتفقوا على أن السكتة الأولى بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة للتنصيص على مكانها في الحديثين.

واختلفوا في محل السكتة الثانية بناء على اختلاف روايات حديث سمرة، فقال بعضهم: هي بعد انتهاء القراءة، وقبل التكبير للركوع، ورجح هذا الإمام أحمد (1) وشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمهما الله تعالى (2) -.

وقيل: إنها بعد قراءة الفاتحة.

وإلى هذا القول يميل ابن القيم - رحمه الله تعالى - فيما يظهر من كلامه في «زاد المعاد» (3).

حيث قال بعد أن ذكر تصحيح أبي حاتم لحديث السكتتين من رواية سمرة، وأبي بن كعب، وعمران بن حصين قال: «وقد تبين بذلك أن أحد من روى حديث السكتتين سمرة بن جندب، وقال: حفظت من

(1) انظر: «مجموع الفتاوى» 23: 278، 22:339.

(2)

في «مجموع الفتاوى» 22: 338، وانظر:«زاد المعاد» 1: 208، 216.

(3)

1: 208 - 209.

ص: 425

رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين، سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراة {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} وفي بعض طرق الحديث فإذا فرغ من القراءة سكت، وهذا كالمجمل واللفظ الأول مفسر مبين، ولهذا قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: للإمام سكتتان فاغتنموا فيهما القراءة بفاتحة الكتاب، إذا افتتح الصلاة، وإذا قال:{وَلَا الضَّالِّينَ} على أن تعيين محل السكتتين إنما هو من تفسير قتادة».

وهل هذه السكتات واجبة على الإمام، أو مستحبة؟ ذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجبة على الإمام، منهم الأوزاعي وأبو ثور وذهب أكثر أهل العلم إلى أن ذلك مستحب فقط.

ب- وذهب بعض العلماء إلى أن المشروع للإمام سكتة واحدة للاستفتاح منهم: عمران بن حصين (1)، وبه قال الإمام أبو حنيفة (2)، مستدلين بحديث أبي هريرة المتقدم كان النبي صلى الله عليه وسلم «إذا كبر سكت هنية» ، أما حديث السكتتين فلم يصح عندهم.

ج- وذهب بعض أهل العلم إلى أن المشروع للإمام ثلاث سكتات منهم طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد قالوا: يستحب للإمام ثلاث سكتات، والثانية: منها بعد قراءة الإمام الفاتحة ليقرأ المأموم الفاتحة، والثالثة: بعد الانتهاء من القراءة وقبل الركوع. (3)

(1) كما في حديث سمرة السابق.

(2)

انظر «فتح القدير» 1: 288 - 289، «إعلان السنن» للتهانوي 2: 214، وانظر:«مجموع الفتاوى» 23: 278.

(3)

انظر: «المجموع» 3: 395، «الكافي» لابن قدامة 1:134.

ص: 426

مستدلين بحديث أبي هريرة وحديث سمرة برواياته.

د- وذهب الإمام مالك إلى أنه لا سكوت في الصلاة بحال من الأحوال (1).

والذي عليه جمهور أهل العلم، وصححه بعض المحققين من أهل العلم أن السكتات الثابتة اثنتان فقط.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (2): «والصحيح أنه لا يستحب إلا سكتتان فليس في الحديث إلا ذلك، وإحدى الروايتين غلط، وإلا كانت ثلاثا وهذا هو المنصوص عن أحمد، وأنه لا يستحب إلا سكتتان، والثانية عند الفراغ من القراءة، للاستراحة والفصل بينها وبين الركوع، وأما السكوت عقيب الفاتحة فلا يستحبه أحمد» (3).

وقال أيضًا (4): «ولم يقل أحد إنه كان له ثلاث سكتات، ولا أربع سكتات فمن نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سكتات أو أربع فقد قال قولا لم ينقله عن أحد من المسلمين» .

وقال ابن القيم (5): «وكان له سكتتان، سكتة بين التكبير والقراءة، وعنها سأله أبو هريرة. واختلف في الثانية، فروي أنها بعد الفاتحة، وقيل: إنها بعد القراءة وقبل الركوع، وقيل: هي سكتتان غير الأولى

(1) انظر: «المدونة» 1: 62، «الاستذكار» 2: 1912، «التمهيد» 11:43.

(2)

في «مجموع الفتاوى» 22: 338 - 339.

(3)

انظر: «مسائل الإمام احمد» رواية ابنه عبد الله ص 76.

(4)

23: 277.

(5)

في «زاد المعاد» 1: 207، وانظر:216.

ص: 427