الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهل العلم (1) قال الزيلعي (2) بعد ما صوب وقف الحديث على أبي هريرة «فإن قيل أن هذا موقوف في حكم المرفوع إذ لا يقول الصحابي إن البسملة إحدى آيات الفاتحة إلا عن توقيف أو دليل قوي ظهر له قلت: لعل أبا هريرة سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأها فظنها من الفاتحة ، وأبو هريرة لم يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال: هي إحدى آياتها وقراءتها قبل الفاتحة لا يدل على ذلك» .
وقال أيضًا: فالمحفوظ الثابت عن سعيد المقبري عن أبي هريرة في هذا الحديث عدم ذكر البسملة كما رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحمد لله هي أم القرآن، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم» (3).
القول الثالث:
أنها آية أو بعض آية من كل سورة سوى سورة براءة، وقد نسب هذا القول لقراء مكة والكوفة وفقهائهما (4).
وحكي هذا القول عن ابن عباس وابن عمر، وابن الزبير، وأبي هريرة، من الصحابة، ومن التابعين: عطاء وطاوس وسعيد ابن
(1) انظر «التحقيق» 1: 293 - 298.
(2)
في «نصب الراية» 1: 343 - 344.
(3)
سيأتي تخريجه في المبحث الأول من الفصل الأول من الباب الثاني.
(4)
انظر «الكشاف» 1: 4، «تفسير النسفي» 1:1.
جبير ومكحول والزهري (1).
وهو المشهور من مذهب الشافعي (2)، ورواية عن الإمام أحمد (3)، ونسب لأبي حنيفة (4)، وسفيان الثوري (5)، وعبد الله بن المبارك (6)، وإسحاق بن راهويه (7)، وأبي عبيد (8)، والأوزاعي (9).
واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها ما يلي:
1 -
ثبوت البسملة في المصاحف، بخط المصحف، مع كل سورة، سوى براءة، مما يدل على أنها آية، أو بعض آية، من كل سورة (10).
والجواب: أنه لا يلزم من ثبوتها في المصاحف مع كل سورة، بل لا يلزم من قراءتها مع كل سورة أن تكون آية منها، فهناك سور ثبت
(1) انظر «تفسير ابن كثير» 1: 35.
(2)
انظر «المجموع» 3: 332 - 333، «الكشاف» 1: 4، «مجموع الفتاوى» 22: 434، «تفسير ابن كثير» 1: 35، «كتاب البسملة الصغير» لأبي شامة 2/ أ، «رسالة الصبان الكبرى في البسملة» 27/ أ.
(3)
انظر «المسائل الفقهية» 1: 118، «النشر» 1:270.
(4)
انظر «النشر» 1: 270.
(5)
انظر «معالم التنزيل للبغوي» 1: 39.
(6)
انظر «المبسوط» 1: 15، «معالم التنزيل» 1: 39، «المحرر الوجيز» 1: 53، «المغني» 2: 151، «الجامع لأحكام القرآن» 1: 93، «تفسير ابن كثير» 1: 35، «كتاب البسملة الصغير» لأبي شامة 3/ب.
(7)
انظر «تفسير ابن كثير» 1: 35، «كتاب البسملة الصغير» لأبي شامة 2/ أ.
(8)
انظر «تفسير ابن كثير» 1ك 35.
(9)
انظر «البسملة الصغير» لأبي شامة 2/ ب.
(10)
انظر «الاستذكار» 2: 179، «لباب التأويل» 1: 15، «كتاب البسملة» لأبي شامة 3/ ب.
بالسنة وباتفاق العادين عدد آياتها، من غير احتساب البسملة منها كما سيأتي في ذكر أدلة القول الرابع.
2 -
ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أغفى النبي صلى الله عليه وسلم إعفاءة - ثم تبسم ضاحكًا، فقال: أنزل علي آنفا سورة ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} إلى آخر السورة. رواه مسلم (1).
ووجه استدلالهم من هذا الحديث: أن البسملة آية أنزلت مع سورة الكوثر، فهي كذلك آية، أو بعض آية من كل سورة، تنزل معها، وتعد منها.
والجواب عن هذا أن يقال: صحيح أن البسملة تنزل مع كل سورة، لكن لا يلزم من نزولها مع السورة أن تكون آية منها، ولهذا اتفق العادون على أن سورة الكوثر ثلاث آيات، بدون البسملة. فالذين قالوا: البسملة آية مستقلة أسعد بهذا الدليل، من أصحاب هذا القول، كما سيأتي بيان ذلك.
استدلوا - أيضًا - بحديث أم سلمة السابق (2)، الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع قراءته آية آية: «بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب
(1) سيأتي هذا الحديث بتمامه وتخريجه ضمن أدلة القول الرابع. وانظر «الاستذكار» 2: 179.
(2)
انظر «أحكام القرآن» للجصاص 1: 11، «المبسوط» للسرخسي 1: 16، «المغني» 2:153.
العالمين، الرحمن الرحيم».
ووجه استدلالهم به أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ البسملة مع الفاتحة، مما يدل على أنها آية منها، وكذلك ينبغي أن تكون آية من سائر السور سوى براءة، لأنها مثبتة مع سائر السور، كما أثبتت في الفاتحة فهي آية من كل سورة، ينبغي أن تقرأ معها سواء الفاتحة وغيرها.
والجواب: أن هذا الحديث إنما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم يقرأ البسملة مع الفاتحة، ولا يدل على أنها آية منها - كما تقدم بيانه - فكيف تكون آية من غيرها!!
4 -
كما استدلوا - أيضًا - بحديث أنس - السابق (1) - أنه سئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «كانت مداً، يمد بسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم» .
ووجه استدلالهم بهذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ البسملة مداً، كما تمد آيات القرآن، مما يدل على أنها آية، أو بعض آية من كل سورة سوى براءة.
والجواب: أن يقال: صحيح أن البسملة آية، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأها بالمد - كما تقرأ آيات القرآن، لهذا الحديث ولغيره، لكن لا يلزم من ذلك أن تكون آية أو بعض آية من كل سورة. وقد يحتمل أن أنسًا رضي الله عنه ذكر هذا من باب التمثيل للسائل لكيفية قراءة النبي
(1) ضمن أدلة القول الثاني.