الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن
السبيل للخلاص من شر الشيطان ومكايده
ابتلى الله آدم وذريته، بعداوة إبليس لهم، عداوة متأصلة، قديمة منذ أن تكبر عن السجود لآدم وحسده، وتسبب في إخراجه من الجنة، قال الله - تعالى:{يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)} (1). وقال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)} (2). وقال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)} (3). وقال تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)} (4).
وقد أقسم - لعنه الله - على أنه سيعمل جاهدًا على إغواء بني آدم، فقال:{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)} (5)، وقال - أيضًا - {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39)} (6)، وقال:{فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)} (7).
(1) سورة الأعراف، الآية:27.
(2)
سورة فاطر، الآية:6.
(3)
سورة الإسراء، الآية:53.
(4)
سورة الكهف، الآية:50.
(5)
سورة ص، الآية: 82 - 83.
(6)
سورة الحجر، الآية:39.
(7)
سورة الأعراف، الآية:16.
وقد جعل الله له سلطانًا على الذين يتولونه، فقال:{إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)} (1)، وقال تعالى:{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ} (2).
وقد طلب أن يُنظر إلى يوم القيامة، فأعطاه الله ذلك، ابتلاء واختبارًا للعباد، فقال تعالى:{قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81)} (3).
وهو ساع بكل الوسائل والحيل، إلى إغواء بني آدم، وإهلاكهم، فعلى المسلم أن يحذر من هذا العدو، وأن يعلم أن أسباب الخلاص منه، وأسباب حفظ الله للعبد من شر الشيطان ومكايده تتلخص فيما يلي:-
أولًا: بالإيمان والعمل الصالح، ولزوم الكتاب والسنة، وطاعة الله - تعالى - والتوكل عليه، قال الله - تعالى:{إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99)} (4)، وقال تعالى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (5).
(1) سورة النحل، الآية:100.
(2)
سورة الإسراء، الآية:64.
(3)
سورة الحجر، الآية: 38، وسورة ص، الآية:81.
(4)
سورة النحل، الآية:99.
(5)
سورة الحجر، الآية:65.
وعن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الصبح فهو فى ذمة الله
…
» الحديث رواه مسلم (1) ومفهوم هذا الحديث، وأمثاله أن من لم يصل الصبح فليس في ذمة الله، بل هو عرضه لتخبط الشيطان. وهكذا - بلا شك - كل تقصير في أداء ما أوجب الله - تعالى، فهو سبب لفقدان الأمان، الذي وعد الله به أهل الإيمان (2)، ومقرب من المخاوف ومصائد الشيطان.
ثانيًا: البعد عن معاصي الله لأن ما يصيب الإنسان من مصائب، ومنها تسلط الشيطان، فهو بسبب الذنوب والمعاصي .. قال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)} (3) وقال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)} (4).
فينبغي تطهير القلب والنفس والجوارح عن كل ما نهى الله عنه، من الاعتقادات والأعمال التي تكون مجلبة للشيطان وسببًا لبعد الملائكة عن الإنسان.
كالتعلق بالغناء والمزامير، قال تعالى مخاطبًا الشيطان: {وَاسْتَفْزِزْ
(1) في المساجد ومواضع الصلاة - باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة حديث 657.
(2)
كما في الحديث السابق، وكما في قوله - تعالى:{الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)} سورة الأنعام، الآية:82.
(3)
سورة الشورى، الآية:30.
(4)
سورة الروم، الآية:41.
مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} (1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجرس مزامير الشيطان» رواه مسلم (2).
وكاقتناء الصور والتماثيل والكلاب. فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «إنا لا ندخل بيتًا فيه صور ولا كلب» رواه البخاري (3).
عن أبي طلحة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة تماثيل» متفق عليه (4).
وكاقتناء الصليب، فعن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب إلا نقضه» (5).
إلى غير ذلك من المعاصي الظاهرة والباطنة التي ينبغي البعد عنها والحذر منها.
ثالثًا: الاستعاذة بالله من الشيطان وهمزاته ووساوسه، وجميع شروره، والحذر منه، والاعتصام بالله - تعالى - والالتجاء إليه،
(1) سورة الإسراء، الآية:64.
(2)
أخرجه مسلم - في اللباس - باب كراهة الكلب والجرس في السفر - حديث 2113 - 2114. وأخرج أبو داود - في الخاتم - باب في الجلاجل - حديث 4231 عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه جرس» وحسنه الألباني.
(3)
في بدء الخلق حديث 3227.
(4)
أخرجه البخاري في بدء الخلق حديث 3225، ومسلم في اللباس حديث 2106.
(5)
أخرجه البخاري - في اللباس - باب نقض الصور، حديث 5952.
بالألفاظ التي صحت في الاستعاذة، وبالمعوذتين، فإنه ما تعوذ متعوذ بمثلهما. وملازمة ذلك في جميع المواضع والأوقات التي شرع فيها التعوذ - مع الاعتقاد الجازم بأن النفع والضر بيد الله، وأنه - جل - وعلا - هو القادر على دفع شر الشيطان، مع قوة الاعتماد على الله والثقة. بهء وتيقن أن كيد الشيطان ضعيف، كما قال تعالى:{إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)} (1)، فغاية ما عنده الوسوسة كما قال صلى الله عليه وسلم «الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة» (2).
ومع أن له تسلطًا على بني آدم، فهو لا يعلم الغيب، قال الله تعالى:{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَاكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)} (3)، وقال تعالى:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (4)، وقال تعالى:{وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} (5)، وقال تعالى:{إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} (6)، وأيضًا - وكما تقدم - فليس له سلطان
(1) سورة النساء، الآية:76.
(2)
أخرجه أبو داود - في الأدب - باب في رد الوسوسة حديث 5112 - من حديث ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء، لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به فقال:«الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة» . وصححه الألباني، صحيح سنن أبي داود، حديث 4264، وأخرجه الإمام أحمد 1:340.
(3)
سورة سبأ، الآية:14.
(4)
سورة النمل، الآية:65.
(5)
سورة البقرة، الآية:255.
(6)
سورة الشعراء، الآية:212.
على الذين آمنوا. قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)} (1).
وتسلطه على كثير من المسلمين، وتزيينه لهم المعاصى، إنما هو بسبب ضعف إيمانهم ووقوعهم فى المعصية، المؤدية بهم إلى ما هو أعظم منها، كما قال تعالى عن الكفار:{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110)} (2)، وقال تعالى:{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (3) وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» (4): أى أن إيمانه يضعف فيتسلط عليه الشيطان فيوقعه فى الزنا والمعاصي المذكورة فى الحديث، وغيرها.
رابعًا: ملازمة قراءة القرآن فذلك مما يحصن المسلم ويحفظه بإذن الله من الشياطين. قال تعالى: {إِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46)} (5). وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)} (6). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة» رواه مسلم (7). وإذا نفر الشيطان حفت
(1) سورة الإسراء، الآية:65.
(2)
سورة الأنعام، الآية:110.
(3)
سورة الصف، الآية:5.
(4)
أخرجه ابن ماجه في الفتن - باب حرمة دم المؤمن وماله - حديث 3936، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وصححه الألباني.
(5)
سورة الإسراء، الآية:46.
(6)
سورة الزخرف، الآية:36.
(7)
في صلاة المسافرين - حديث 780.
الملائكة بالإنسان، كما في حديث أبي سعيد الخدري في قصة أسيد حضير حين قام يقرأ القرآن، فجالت فرسه، وفيه ذكر شهود الملائكة لقراءته (1).
خامسًا: ملازمة الأذكار والأدعية والأوراد الموظفة اليومية كأدعية الصباح والمساء والنوم وغيرها. قال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205)} (2). فإن ملازمة هذه الأذكار، مما يحفظ الله به المسلم من الشيطان. قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)} (3).
وفي حديث أبي هريرة في قصة مجئ الشيطان إليه عندما كان يحرس الطعام وفيه «إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي، لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان، حتى تصبح» رواه البخاري (4).
وفي حديث أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ الآيتين، من آخر سورة البقرة كفتاه» متفق عليه (5).
(1) أخرجه البخاري في فضائل القرآن - حديث 5018، ومسلم في صلاة المسافرين حديث 796.
(2)
سورة الأعراف، الآية:205.
(3)
سورة الأعراف، الآية:201.
(4)
أخرجه البخاري في بدء الخلق - باب صفة إبليس وجنوده حديث 3275.
(5)
أخرجه البخاري - في المغازي - حديث 4008، ومسلم في صلاة المسافرين حديث 808.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيثة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك، حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من ذلك» متفق عليه (1).
وكما في حديث أبي هريرة من أن الشيطان إذا سمع الأذان أدبر وله ضراط (2).
سادسًا: أن يجعل المسلم شيئًا من صلاة النوافل في بيته، بل الأولى أن تكون النوافل كلها في البيت لقوله صلى الله عليه وسلم:«أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» متفق عليه (3).
وذلك أن صلاة النوافل في البيت مما يطرد الشيطان، ولهذا قال: صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا» متفق عليه (4).
وذلك لأن المقابر، والأماكن الخربة، والمستقذرة، مساكن
(1) أخرجه البخاري - في بدء الخلق - باب صفة إبليس وجنوده حديث 3293، ومسلم - باب الذكر - باب فضل التهليل، حديث 2691.
(2)
سبق تخريجه في المواضع التي تشرع فيها الاستعاذة في المبحث السادس.
(3)
أخرجه من حديث زيد بن ثابت البخاري - في الأذان - باب صلاة الليل حديث 731، ومسلم في صلاة المسافرين - باب استحباب صلاة النافلة في بيته حديث 781.
(4)
أخرجه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما البخاري في التهجد - باب التطوع في البيت حديث 1187، ومسلم في صلاة المسافرين حديث 777.
الشياطين، حيث تخلو هذه الأماكن من ذكر الله.
سابعًا: الإمساك عن فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة الأنام فإن الشيطان إنما يتسلط على ابن آدم وينال منه غرضه من هذه الأبواب (1).
فهذا مجمل الأسباب التي بها يخلص الله الإنسان، ويحفظه من شر الشيطان ومكائده، والتي تبين بها ضعف كيد الشيطان أمام قوة الإيمان والاعتصام بالملك الديان.
وبهذا يرد على الذين يسهولون من أمر الشيطان سواء كان ذلك منهم عن جهل مع حسن النية والمعتقد أو كانوا ممن ابتلوا بخدمة هؤلاء الشياطين لأغراض مادية ونحو ذلك ولو كان ذلك على حساب دينهم، حتى صار فئام من الناس يتخوفون من الشياطين ويصدقونهم ويعتقدون فيهم ما لا يجوز اعتقاده من أنهم يعلمون الغيب. ويستطيعون أن يفعلوا، وأن يفعلوا، وهذا باطل، قال تعالى:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22)} (2)، وقال تعالى:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (3)، وقال تعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (4)، وقال تعالى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا} (5).
****
(1) انظر «بدائع الفوائد» 2: 267 وما بعدها.
(2)
سورة سبأ، آية:22.
(3)
سورة النمل، آية:179.
(4)
سورة آل عمران، آية:175.
(5)
سورة الإسراء، الآية:65.