الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
حكم قراءة الفاتحة في الصلاة
أولًا: حكم قراءة الفاتحة في حق الإمام والمنفرد:
جمهور أهل العلم على وجوب قراءة الفاتحة في حق الإمام والمنفرد، وأنه لا تصح صلاتهما بدونها (1).
منهم مالك (2)، والشافعي (3)، وأحمد في المشهور، بل الصحيح عنه (4)، وإسحاق (5)، وعبد الله بن المبارك (6)، والأوزاعي (7)، وأبو ثور (8)، وداود (9)، وغيرهم.
(1) انظر: «تفسير ابن كثير» 1: 27 - 28، «نيل الأوطار» 2: 234 - 238.
(2)
انظر: «المدونة» 1: 65 - 67، «الكافي في فقه أهل المدينة» 1: 107، «الاستذكار» 2: 168، «التمهيد» 11: 31، «الجامع لأحكام القرآن» 1:119.
(3)
انظر: «الأم» 1: 107، «أحكام القرآن» للشافعي ص 77، «المهذب» 1: 79، «تفسير ابن كثير» 1: 27 - 28.
(4)
انظر: «مسائل الإمام أحمد» رواية ابنه عبد الله ص 71، الفقرات: 55، 276، 277، 278، 279، «مسائل الإمام أحمد» رواية النيسابوري 1: 51، «مسائل الإمام أحمد» لأبي داود ص 32، «المسائل الفقهية» 1: 117، «المغني» 2: 156، «تنقيح التحقيق» 2: 859، «آداب المشي إلى الصلاة» ص 88.
(5)
انظر: «الأوسط» 3: 101، «الاستذكار» 2:168.
(6)
انظر: «سنن الترمذي» 2: 26.
(7)
انظر: «المغني» 2: 156، «الجامع لأحكام القرآن» 1:119.
(8)
انظر: «الاستذكار» 2: 168.
(9)
انظر: «المحلى» 3: 236.
مستدلين بقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} (1)، وبحديث أبي هريرة في الصحيحين في قصة المسيء في صلاته وفيه:«ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن» ، وقوله بعد ذلك «ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» (2) وهذا صريح في القراءة في كل ركعة، والفاتحة أيسر القرآن.
كما استدلوا بحديث عبادة في الصحيحين: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» وحديث أبي هريرة عند مسلم: «كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج» ، وغيرهما من الأحاديث (3).
كما استدلوا - أيضا - بمداومة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه على قراءتها، كما في حديث أنس وعائشة رضي الله عنهما (4) - وبما ثبت من النقل عن عامة السلف من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من المداومة على قراءتها، بل ومن القول بوجوبها، وأنه لا تصح الصلاة بدونها (5).
واختلفوا هل تجب قراءتها في كل ركعة؟ وهذا قول أكثرهم،
(1) سورة المزمل، الآية:20.
(2)
سيأتي تخريج هذا الحديث ضمن أدلة القول الأول من المسألة الثانية، وانظر:«خير الكلام في القراءة خلف الإمام» للبخاري، فقرة:201.
(3)
سيأتي ذكر هذه الأحاديث وتخريجها في المسألة التالية ضمن أدلة القول الأول.
(4)
سبق تخريجهما في المبحث الرابع من الفصل الأول من هذا الباب.
(5)
انظر: «المصنف» لعبد الرزاق 1: 93 - 95، 120، وما بعدها، و «المصنف» لابن أبي شيبة 1: 360 - 361، 373 - 375، «خير الكلام في القراءة خلف الإمام» للبخاري، «الأوسط» 3: 98، وما بعدها، «المحلى» 3: 236 وما بعدها، «القراءة خلف الإمام» للبيهقي، «الإستذكار» 2: 166 وما بعدها، «نيل الأوطار» 2: 234 وما بعدها.
وقيل: يكفي قراءتها في أكثر الركعات، وبهذا قال مالك، وقيل: يكفي قراءتها في ركعتين، وقيل: تكفي قراءتها في ركعة واحدة من الصلاة والصحيح الأول.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا تتعين قراءة الفاتحة، وأن الغرض أو الواجب: هو قراءة أقل ما تيسر من القرآن. وروي هذا عن الحسن (1) والأوزاعي والثوري (2)، وقال به أبو حنيفة، وأصحابه.
قال أبو حنيفة: أقل ما تيسر مقدار آية. وقال صاحباه أبو يوسف ومحمد: أقله ثلاث آيات، أو آية طويلة (3)، وروي عن الإمام أحمد مثل قول أبي حنيفة (4).
واستدل من ذهب إلى هذا القول بقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} (5) وقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: «ثم أقرأ ما تيسر معك من القرآن» متف عليه (6).
(1) أخرجه عبد الرازق، الأثر:2630.
(2)
ذكره عنهما ابن الجوزي في «تفسيره» 1: 18، والقرطبي في «تفسيره» 1: 118، وابن كثير 1:28.
(3)
انظر «أحكام القرآن» للجصاص 1: 18 - 23، «المبسوط» 1: 18 - 19، «فتح القدير» لابن الهمام 1: 331 - 332.
(4)
انظر: «المسائل الفقهية» 1: 117، «التحقيق» ص 316، «زاد المسير» 1:18.
(5)
سورة المزمل، الآية:20.
(6)
أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري في الصلاة- باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتم الركوع بالإعادة- الحديث 793، ومسلم في الصلاة- باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة- الحديث 397، وأبو داود- الحديث 856، والنسائي- الحديث 851.
وحملوا حديث عبادة «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» وما في معناه على أن المعنى لا صلاة كاملة: أي على نفي الكمال لا على نفي الجواز (1).
والصحيح ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، بأنه تتعين قراءة الفاتحة في الصلاة، وأن الصلاة لا تصح بدونها. للأدلة الصريحة الصحيحة الدالة على ذلك. والتي فيها تفسير لقوله تعالى:{مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} ولقوله صلى الله عليه وسلم «ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن» إذ لا أيسر من قراءة الفاتحة (2) ولهذا حمله مسلم وغيره على وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وبوب له بهذا. كما تقدم في تخريجه - وأيضًا - قد يحمل «ما تيسر» في الآية والحديث على ما زاد على الفاتحة (3)، كما قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه «أُمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر» (4).
ولم أر ما يدعو لذكر الأدلة كلها على وجوب قراءة الفاتحة، وأنها ركن لا تصح الصلاة بدونها وتفصيل القول فيها، خاصة في حق الإمام والمنفرد، نظرًا لضعف الخلاف في هذه المسألة، فليس مع المخالف من الأدلة ما يستلزم بسط القول في ذكر أدلة الوجوب التي لا تحصى كثرة من السنة الصريحة الصحيحة، والآثار الثابتة الصحيحة عن سلف
(1) انظر: «أحكام القرآن» للجصاص 1: 21 - 23، وانظر:«الاستذكار» 2: 168.
(2)
انظر: «المحلى» 3: 239 وما بعدها.
(3)
انظر: «القراءة خلف الإمام» للبيهقي ص 16، «التحقيق» 1: 319، «الجامع لأحكام القرآن» 1:123.
(4)
سبق تخريجه في أسماء الفاتحة في المبحث الثاني من الفصل الأول من هذا الباب.