الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتكون ثلاثا، والظاهر إنما هي اثنتان فقط».
لكن ابن القيم رحمه الله يقول توفيقا بين روايتي حديث سمرة. «وأما الثالثة فللراحة والنفس فقط، وهي سكتة لطيفة، فمن لم يذكرها فلقصرها، ومن اعتبرها جعلها سكتة ثالثة، فلا اختلاف بين الروايتين، وهذا أظهر ما يقال في هذا الحديث .. "
قلت: وهذا مسلك جيد في التوفيق بين الروايتين إن صحت كل منهما.
ثانيًا:
ما الذي يشرع قوله في سكتات الإمام
، وهل يشرع أن يسكت لأجل قراءة المأموم.
جمهور أهل العلم على أنه يستحب للمأموم، بل وللإمام في السكتة الأولى التي بعد التكبير، وقبل الشروع بقراءة الفاتحة قراءة دعاء الاستفتاح لما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يقول في هذه السكتة، فقال صلى الله عليه وسلم أقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب
…
الحديث» (1).
ولما ثبت في الصحيح عن عمر رضي الله عنه أنه كان يكبر ويجهر بدعاء الاستفتاح يعلمه الناس (2).
(1) سبق تخريجه بتمامه.
(2)
أخرجه مسلم- في الصلاة- الحديث 399.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» 23: 298 - أن بعض أصحاب الإمام أحمد يستحبون في حال سكوت الغمام أن يقرأ، ولا يستفتح، وهو اختيار أبي بكر الدينوري، وأبي الفرج بن الجوزي».
وأما السكتة التي بعد نهاية القراءة، وقبل التكبير للركوع، فإنها على ما ذكر أهل العلم ليست محلا للقراءة، وإنما هي سكتة لطيفة جدا، لأجل تراد النفس والفصل بين القراءة والتكبير للركوع، كما قال قتادة:«وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه» (1). وقال ابن القيم (2) رحمه الله: «وأما الثالثة فللراحة والنفس فقط وهي سكتة لطيفة
…
».
وأما السكتة بعد قراءة الفاتحة، فكما اختلف في ثبوتها، فقد اختلف المثبتون لها فيما يقال فيها.
فبعض أهل العلم يرى أنها سكتة يسيرة كالسكتة بين السور، وعند رؤوس الآيات لا تتسع لقراءة الفاتحة (3).
وقيل: إنها لأجل قراءة الفاتحة ، وهذا يروى عن سعيد بن جبير (4) وعمر بن عبد العزيز (5)
(1) سبق هذا في بعض روايات حديث سمرة في السكتتين.
وانظر: «الاستذكار» 2: 190، «مجموع الفتاوى» 23: 278، «زاد المعاد» 1:208.
(2)
في «زاد المعاد» 1: 208.
(3)
انظر: «مجموع الفتاوى» 23: 277، 279.
(4)
أخرجه عن سعيد - عبد الرزاق- الأثران 2789، 2794، والبخاري في جزء القراءة الأثران 34، 273.
(5)
ذكره عن عمر بن عبد العزيز ابن المنذر في «الأوسط» 3: 117.
والأوزاعي (1) والشافعي (2) وأبي ثور (3)، وإسحاق بن راهويه (4)، واختاره ابن المنذر (5)، وبعض أصحاب الشافعي وأحمد (6).
بل يرى بعضهم أن هذه السكتة مما يجب على الإمام، منهم الأوزاعي وأبو ثور.
وأكثر أهل العلم على أنه لا يشرع أن يسكت لأجل أن يقرأ المأموم الفاتحة، منهم أبو حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم (7).
لكن كثيرًا من أهل العلم يستحبون للمأموم أن يقرأ الفاتحة في سكتات الإمام، في السكتة الأولى أن اتسعت بعد الاستفتاح لشيء من القراءة وفي غيرها من السكتات - كما تقدم - وهو الأولى (8).
وهو مروي عن عبد الرحمن بن أبي سملة (9)،
(1) ذكره ابن المنذر في «الأوسط» 3: 117، وابن عبد البر في «الاسذكار» 2:191.
(2)
انظر: «الاستذكار» 2: 191، «التمهيد» 11: 42، «مجموع الفتاوى» 23:278.
(3)
ذكره عن أبي ثور- ابن عبد البر في «الاستذكار» 2: 191.
(4)
انظر: «المغني» 2: 163.
(5)
في «الأوسط» 3: 117، 118.
(6)
انظر: «المغني» 2: 163، «مجموع الفتاوى» 23: 278، 298، 22: 338، «زاد المعاد» 1:208.
(7)
انظر: مجموع الفتاوى» 23: 276 - 277، 298، 22: 339، 342.
(8)
انظر: «المغني» 2: 265، 268، «نيل الأوطار» 2:242.
(9)
أخرجه البخاري في جزء القراءة- الأثر 274، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 239، وذكره ابن المنذر في «الأوسط» 3: 118، عن عبد الرحمن بن أبي سلمة، قال:«للإمام سكتتان فاغتنموا القراءة فيهما بفاتحة الكتاب» .
وفي رواية ذكرها ابن قدامة في «المغني» 2: 164، بزيادة إذا دخل في الصلاة، وإذا قال {وَلَا الضَّالِّينَ} .
والحسن (1)، وقتادة (2)، وعروة بن الزبير (3)، وأحمد بن حنبل وعامة أصحابه (4)، وإسحاق بن راهويه (5) بل من أهل العلم من يوجب ذلك كالأوزاعي (6) والشافعي (7) وأبي ثور (8)، كما سبقت الإشارة إلى هذا (9).
(1) أخرجه- عبد الرزاق- الأثر 2792 عن الحسن قال: «إذا فرغ الإمام من قراءة أم القرآن فاقرأ بها أنت» وذكره ابن عبد البر في «الاستذكار» 2: 191.
(2)
ذكره عن قتادة ابن عبد البر في «الاستذكار» 2: 191.
(3)
أخرجه عن عروة - عبد الرزاق- الأثر 2791، والبخاري في جزء القراءة- الأثر 276، وذكره ابن عبد البر في «التمهيد» 11:40.
(4)
انظر: «المغني» 2: 163 - 164.
(5)
انظر: «المغني» 2: 163.
(6)
أخرجه عن الأوزاعي - البيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 247، وذكره ابن عبد البر في «الاستذكار» 2: 190، و «التمهيد» 11:41.
(7)
انظر: «الاستذكار» 2: 191، «التمهيد» 11: 42، «مجموع الفتاوى» 23:278.
(8)
انظر: «الاستذكار» 2: 191، «التمهيد» 11:41.
(9)
في ذكر المشروع من السكتات. والعجيب أن شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله رأى أن القراءة في سكتات الإمام بدعة حيث لم تنقل عن الصحابة. «مجموع الفتاوى» 23: 279.