المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ب- الاعتراضات الواردة على أدلة القول الثاني أن المأموم يقرأ في الصلاة السرية دون الجهرية - اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب

[سليمان اللاحم]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأولالاستعاذة والبسملة، معناهما، وأحكامهما

- ‌الفصل الأولالاستعاذة، معناها، وأحكامها

- ‌المبحث الأولصيغ الاستعاذة الصحيحة

- ‌الصيغة الأولى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

- ‌الصيغة الثانية: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

- ‌الصيغة الثالثة: أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه

- ‌الصيغة الرابعة: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، وهمزه ونفخه ونفثه

- ‌الصيغة الخامسة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم

- ‌الصيغة السادسة: أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم

- ‌المبحث الثانيأركان الاستعاذة

- ‌المبحث الثالثالاستعاذة ليست بآية من القرآن الكريم

- ‌المبحث الرابعإعراب الاستعاذة، ومعناها

- ‌أ - إعرابها:

- ‌ب - معناها:

- ‌المبحث الخامسأحكام الاستعاذة

- ‌أ - مكان الاستعاذة من القراءة:

- ‌ب - حكمها عند قراءة القرآن، في الصلاة أو خارجها:

- ‌ج - هل يتعوذ في الصلاة في كل ركعة، أو في الركعة الأولى فقط:

- ‌د - حكم الحهر بها، أو الإسرار:

- ‌هـ - وأما حكم الجهر بها في الصلاة:

- ‌المبحث السادسالمواضع التي تشرع فيها الاستعاذة

- ‌المبحث السابعبيان أن شيطان الجن أعظم ضررًا من شيطان الإنس ومن النفس «المذمومة»

- ‌المبحث الثامنالسبيل للخلاص من شر الشيطان ومكايده

- ‌الفصل الثانيالبسملة: معناها، وأحكامها

- ‌المبحث الأوللفظ البسملة، وإعرابها

- ‌أ - لفظها:

- ‌ب - إعرابها:

- ‌المبحث الثانيمعنى البسملة

- ‌المبحث الثالثهل البسملة آية مستقلة من القرآن الكريم

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌ القول الرابع

- ‌المبحث الرابعالسبب في عدم كتابة البسملة في مطلع سورة براءة

- ‌المبحث الخامسحكم قراءة البسملة في غير الصلاة

- ‌المبحث السادسحكم قراءة البسملة في الصلاة

- ‌المبحث السابعحكم البسملة من حيث الجهر بها والإسرار، في الصلاة، أو خارجها

- ‌المبحث الثامنالمواضع التي تشرع فيها البسملة

- ‌المبحث التاسعفوائد البسملة، والأحكام التي تضمنتها

- ‌الباب الثانيتفسير سورة الفاتحة

- ‌الفصل الأولتفسير سورة الفاتحة

- ‌المبحث الأولمكان نزول الفاتحة

- ‌المبحث الثانيأسماء الفاتحة

- ‌المبحث الثالثعدد آيات الفاتحة، وهل البسملة آية منها

- ‌المبحث الرابعفضل سورة الفاتحة

- ‌فائدة:

- ‌المبحث الخامسالمعاني التي اشتملن عليها سورة الفاتحة

- ‌المبحث السادسبيان معنى السورة والآية

- ‌أ- بيان معنى السورة:

- ‌ب- بيان معنى الآية:

- ‌المبحث السابعتفسير مفردات الفاتحة، وبيان معاني آياتها

- ‌{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

- ‌الفرق بين الحمد والشكر:

- ‌«لله»

- ‌معنى (الحمد لله):

- ‌معنى (مالك يوم الدين):

- ‌ نَعْبُدُ

- ‌لا بد لصحة العبادة من توفر شرطين:

- ‌{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}:

- ‌{الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}

- ‌{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عليهِمْ}

- ‌{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عليهِمْ وَلَا الضَّالينَ}:

- ‌{وَلَا الضَّالِّينَ}:

- ‌المبحث الثامنما يؤخذ من سورة الفاتحة من فوائد وأحكام

- ‌1 - مشروعية الابتداء في بالبسملة في الكتب والرسائل والخطب والمواعظ ونحوها تأسيًا بكتاب الله تعالى

- ‌2 - مشروعية حمد الله تبارك وتعالى في افتتاح الكتب والرسائل والخطب والمواعظ

- ‌3 - حمد لله -تعالى- لنفسه

- ‌4 - أمر الله -تعالى- عباده أن يحمدوه ويثنوا عليه ويمجدوه

- ‌5 - أن الوصف الكامل مستحق لله على الدوام

- ‌6 - في قوله تعالى: (الحمد لله) رد على الجبرية، الذين يقولون إن الله جبر العبد على أفعاله

- ‌7 - أن الحمد لا ينبغي أن يكون إلا لمن هو أهل له

- ‌8 - يؤخذ من قوله -تعالى-: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الإقرار والاعتراف من العبد لله جل وعلا بالكمال من جميع الوجوه وبالفضل والإنعام والإحسان

- ‌9 - إثبات توحيد الأسماء والصفات

- ‌10 - إثبات توحيد الإلوهية

- ‌11 - إثبات توحيد الربوبية بقسميه العام لجميع الخلق

- ‌12 - إثبات علم الله تعالى الشامل

- ‌13 - إثبات أنه تعالى الأول بلا بداية

- ‌14 - أن الأحق بالاستعانة والمسألة هو اسم «الرب»

- ‌15 - في قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} إشارة إلي تساوي الخلق في الربوبية العامة التي بمعني الخلق والملك والتدبير

- ‌16 - في إثبات حمده وروبيته للعالمين وتوحيد رد على من قال بقدم العالم فإن في إثبات حمده ما يقتضي ثبوت أفعاله الاختيارية

- ‌17 - في إثبات رحمته -تعالى- ورحمانيته رد على الجبرية في أن الله يعاقب العبد على ما لا قدرة له عليه

- ‌18 - إثبات يوم القيامة

- ‌19 - يؤخذ من قوله -تعالى-: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} الدلالة على أن الملك الحقيقي لله جل وعلا

- ‌20 - إثبات محاسبة الله للعباد ومجازاته لهم على أعمالهم بالعدل

- ‌21 - إثبات كتابة الأعمال وتدوينها وإحصائها

- ‌22 - الحث على الاستعداد ليوم الدين

- ‌23 - في تقديم قوله تعالى: {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} على قوله {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} إشارة إلى أن رحمته تعالى سبقت غضبه

- ‌24 - الجميع بين الترغيب والترهيب

- ‌25 - في قول {إِيَّاكَ} رد على الملاحدة والدهرية المنكرين لوجود الله

- ‌26 - في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} بعد الآيات قبله انتقال من الغيبة إلى الخطاب لأجل تنبيه القارئ والمستمع

- ‌27 - دل قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} على إثبات نوع من أنواع العبودية

- ‌28 - وجوب إخلاص العبادة لله تعالى بجميع أنواعها اعتقاداً وقولًا وعملًا

- ‌29 - دل قوله تعالى: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} على أن العبد لا ينفك عن العبودية حتى الموت

- ‌30 - حاجة جميع الخلق إلى عون الله -تعالى

- ‌31 - تقديم حقه تعالى حق العبد

- ‌32 - لما كانت عبادة الله تعالى هي أشرف مقام يصل إليه العبد

- ‌33 - دل قوله -تعالى-: {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} على إثبات القدر

- ‌34 - في نسبة العبادة والاستعانة إلى العباد في قوله (نعبد)…(ونستعين) دليل على أن ذلك من فعلهم

- ‌35 - في تقديم قوله -تعالى- {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

- ‌36 - وجوب دعاء الله والتضرع إليه وسؤاله الهداية

- ‌37 - في قوله تعالى {اِهْدِنَا الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم} رد على القدرية المجوسية

- ‌38 - إن الهدى الحقيقي الصحيح هو ما جاء عن الله -تعالى

- ‌39 - مشروعية دعاء المسلم لإخوانه المسلمين

- ‌40 - ربط الأعمال ونجاحها بأسبابها

- ‌41 - أن صراط الله والطريق الموصل إليه عدل مستقيم لا اعوجاج فيه

- ‌42 - يؤخذ من قوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ

- ‌43 - إن الصراط المستقيم الذي يسأل العبد ربه الهداية إليه هو صراط الذين أنعم عليهم بطاعته وتعالى

- ‌44 - أن الهداية للطريق المستقيم بالإيمان بالله والعمل الصالح

- ‌45 - في قوله تعالى

- ‌46 - التنويه بعلو شأن المنعم عليهم وفضلهم ورفعة قدرهم

- ‌47 - الترغيب بسلوك الطريق المستقيم

- ‌48 - أن الطريق الحق واحد

- ‌49 - أن الصراط تارة يضاف إلى سالكيه

- ‌50 - وجوب الاعتراف بالنعمة لموليها ومسديها

- ‌51 - في إثبات حمده بصفات الكمال وإثبات ربوبيته وملكه

- ‌53 - إثبات كمال الصراط المستقيم

- ‌54 - ينبغي للعبد بعد أن يسأل الله تعالى أن يهديه الصراط المستقيم

- ‌55 - إثبات صفة الغضب - لله - كما يليق بجلاله وعظمته

- ‌56 - ينبغي للعبد أن يسلك من الطرق أحسنها وأصلحها وأقومها

- ‌57 - أن من أخص صفات اليهود الغضب

- ‌58 - أن كل من سلك مسلك أحد الطائفتين شمله وصف تلك الطائفة

- ‌59 - دل قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} وما بعده على أن الناس ينقسمون بحسب معرفة الحق والعمل به

- ‌60 - في إسناد النعمة إلى الله تعالى

- ‌61 - بلوغ القرآن غاية الإيجاز مع الفصاحة والبيان

- ‌62 - الترغيب في سلوك سبيل المنعم عليهم والمؤمنين

- ‌63 - دلت السورة على إثبات النبوات ووجوب الإيمان بالكتب والرسل

- ‌64 - تضمنت السورة الدلالة على سعة علم الله عز وجل وخبرته وتعلق علمه بالجزئيات

- ‌65 - اشتمل قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} وما بعده إلى آخر السورة على الرد على جميع طوائف الكفر والضلال

- ‌66 - تضمنت السورة شفاء القلوب، كما تضمنت شفاء الأبدان

- ‌الفصل الثانيالأحكام التي تتعلق بسورة الفاتحة

- ‌المبحث الأولحكم قراءة الفاتحة في الصلاة

- ‌أولًا: حكم قراءة الفاتحة في حق الإمام والمنفرد:

- ‌ثانيًا: حكم قراءة الفاتحة في حق المأموم:

- ‌اختلف أهل العلم رحمهم الله قديمًا وحديثًا في هذه المسألة

- ‌أ- السبب الأول:

- ‌ب- السبب الثاني:

- ‌ إجمال الخلاف في هذه المسألة

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌أ- الاعتراضات الواردة على أدلة القول الأول بأن المأموم يقرأ الفاتحة في الصلاة السرية والجهرية

- ‌ب- الاعتراضات الواردة على أدلة القول الثاني أن المأموم يقرأ في الصلاة السرية دون الجهرية

- ‌ج- الاعتراضات الواردة على أدلة أصحاب القول الثالث: أن المأموم لا يقرأ لا في السرية، ولا في الجهرية

- ‌الترجيح بين الأقوال:

- ‌ بيان المشروع من السكتات في الصلاة

- ‌ ما الذي يشرع قوله في سكتات الإمام

- ‌المبحث الثانيوفيه مسائل:

- ‌أ- حكم من لم يستطيع قراءة الفاتحة في الصلاة:

- ‌ب- حكم قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة:

- ‌ج- حكم قراءة الفاتحة على المريض:

- ‌د- حكم قول «آمين» بعد قراءة الفاتحة:

- ‌هـ - حكم قراءة ما زاد على الفاتحة في الصلاة:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ب- الاعتراضات الواردة على أدلة القول الثاني أن المأموم يقرأ في الصلاة السرية دون الجهرية

خامسًا: اعترض على استدلالهم بما نقل من الآثار عن الصحابة من القراءة خلف الإمام بأن ذلك في الصلاة السرية، أو حال سكتات الإمام، أو إذا لم يسمع المأموم قراءة إمامه لبعده أو صممه، ونحو ذلك (1).

وقد أجاب أصحاب القول الأول عن هذا الاعتراض بأن ما نقل عن الصحابة منه ما يمكن حمله على الصلاة السرية، لأنه محتمل، لكن منه آثار صريحة في القراءة في الصلاة الجهرية، وهذه الآثار لم تقيد قراءة الفاتحة فيها في سكتات الإمام أو إذا لم يسمع المأموم. ونحن نقول الأولى أن يقرأ في سكتات الإمام إذا كان له سكتات، وإن لم يكن له سكتات قرأ حال قراءته.

‌ب- الاعتراضات الواردة على أدلة القول الثاني أن المأموم يقرأ في الصلاة السرية دون الجهرية

.

أولًا: اعترض على استدلالهم بقوله - تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (2).

وبحديث أبي موسى وأبي هريرة اللذين فيهما: «وإذا قرأ فأنصتوا» بأن هذه الأدلة الثلاثة ليست مخصصة لعموم الأحاديث في وجوب قراءة الفاتحة كحديث عبادة بن الصامت «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» وغيره. كما تقولون، وإنما الحق أن نصوص الأمر بالإنصات

(1) انظر: «مجموع الفتاوى» 23: 306 - 307.

(2)

سورة الآعراف، الآية:204.

ص: 407

هذه عامة، خص منها قراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم، فيقرأها ولو كان إمامه يقرأ، إذا لم يكن له سكتات والمخصص لذلك هو حديث عبادة المذكور، وحديث أبي هريرة «كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج» ونحوهما من الأحاديث.

والدليل على هذا التخصيص حديث عبادة الآخر الذي فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟، قالوا: نعم. قال لا تفعلوا إلا بأم القرآن» .

وأجاب أصحاب القول الثاني بقولهم: بأن الآية وحديث أبي موسى وأبي هريرة هي المخصصة لعموم أحاديث الأمر بقراءة الفاتحة، وليس العكس كما تقولون. وحديث «لا تفعلوا إلا بأم القرآن» طعن فيه بعض أهل العلم، وعلى القول بصحته يمكن حمله على الإمام الذي له سكتات.

ثانيًا: اعترض على استدلالهم بحديث أبي هريرة، الذي فيه قوله صلى الله عليه وسلم:«مالي أنازع القرآن» من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: أن هذا الحديث خارج من محل النزاع، لأن الكلام في قراءة المؤتم خلف إمامه سرًا والمنازعة إنما تكون مع جهر المؤتم، لا مع إسراره.

الوجه الثاني: لو سلم أن المراد بالمنازعة القراءة خلف الإمام سرًا لكان الإنكار الذي في الحديث عاما في جميع القرآن أو مطلقًا في

ص: 408

جميعه خصص في حديث عبادة ونحوه، أو قيد به» (1).

الوجه الثالث: ما ذكر الترمذي (2) بعد أن أخرج حديث أبي هريرة «مالي أنازع القرآن» قال: «وليس في هذا الحديث ما يدخل على من رأى القراءة خلف الإمام، لأن أبا هريرة هو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث. وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج، فهي خداج، غير تمام» فقال له حامل الحديث إني أكون وراء الإمام. قال: أقرأ بها في نفسك. وروي أبو عثمان النهدي عن أبي هريرة قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أن لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب» .

وقد أجاب أصحاب القول الثاني عن الوجه الأول بأنه لا يلزم أن تكون المنازعة مع جهر المؤتم حال قراءة الإمام، بل حتى مع إسرار المؤتم بالقراءة لكن جهره أشد منازعة حتى في حال إسرار الإمام.

وأجابوا عن الوجه الثاني بأننا لا نسلم بدعوى التخصيص بحديث عبادة، فقد طعن فيه بعض أهل العلم، وذكرنا توجيهه فيما سبق على القول بصحته (3).

وأجابوا عن الوجه الثالث بأن قول أبي هريرة «اقرأ بها في نفسك» محمول على القراءة خلف الإمام في الصلاة السرية. وقد سبق ذكر

(1) انظر «نيل الأوطار» 2: 243.

(2)

في «سننه» 2: 121 - 122.

(3)

راجع الاعتراض الرابع على أدلة أصحاب القول الأول.

ص: 409

جواب أصحاب القول الأول عن هذين الوجهين (1).

ثالثًا: اعترض على استدلالهم بحديث: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» من وجوه عدة:

الوجه الأول: أن هذا الحديث ضعيف لا يحتج به، فالأصح أنه مرسل من حديث عبد الله بن شداد، والعمل بالمرسل مختلف فيه بين أهل العلم، وكثير منهم لا يرى العمل به.

وقد أجاب أصحاب القول الثاني بأن الحديث مسند ضعيف لكنه ثبت وصح مرسلا من حديث عبد الله بن شداد وهو من أكبر التابعين، ومثل هذا المرسل يحتج به الأئمة الأربعة وغيرهم (2).

الوجه الثاني: أن أبا هريرة وابن عمر - ممن روي عنهم حديث «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» وقد ثبت عن أبي هريرة جواز القراءة خلف الإمام مطلقًا، أو في السرية فقط، كما ثبت عن ابن عمر القراءة خلف الإمام في الصلاة السرية.

وهذا يدل على ضعف هذا الحديث «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» لأن ظاهره لو صح يدل على أن قراءة الإمام له قراءة في حال السر والجهر.

وقد أجاب أصحاب القول الثاني بأن الحديث معناه فقراءة الإمام له قراءة: أي في الجهرية، وهذا يوافق ما ثبت عن أبي هريرة وابن عمر

(1) راجع الإجابة على الاعتراضين الثالث والرابع على أدلة أصحاب القول الأول.

(2)

انظر: «مجموع الفتاوى» 23: 271 - 272.

ص: 410

من القراءة في الصلاة السرية ولا يخالفه.

من القراءة في الصلاة السرية ولا يخالفه.

الوجه الثالث: على القول بالعمل بمثل هذا المرسل، أو أن هذا الحديث قد يرتفع برواياته وطرقه وشواهده إلى درجة الحسن فإنه مخالف للأدلة الصريحة الصحيحة الموجبة لقراءة الفاتحة مطلقًا كقوله تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} (1) وحديث عبادة في الصحيحين: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» ، ونحوه كحديث أبي هريرة عند مسلم «كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج» . وكذا حديث عبادة، الذي فيه:«هل تقرؤون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن» .

وقد أجاب أصحاب القول الثاني عن هذا الوجه بأن الأدلة التي ذكرتموها خاصة بالمنفرد والإمام، وكذلك تشمل المأموم أيضًا في حال عدم جهر الإمام. أما حديث عبادة:«لا تفعلوا إلا بأم القرآن» فقد ذكرنا أنه طعن فيه، وذكرنا توجيهه - على القول بصحته - فيما سبق (2).

الوجه الرابع: على القول بصحة الاحتجاج بهذا الحديث فإنه دليل لمن منع من القراءة خلف الإمام مطلقًا في السرية والجهرية فما المخصص له في أنه في المنع من القراءة في الجهرية فقط.

أجاب أصحاب القول الثاني عن هذا الوجه بأن معنى الحديث «فقراءة الإمام له قراءة": أي القراءة التي يسمعها تكفيه عن القراءة،

(1) سورة المزمل، الآية:20.

(2)

راجع الاعتراض الرابع على أدلة أصحاب القول الأول.

ص: 411