الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- صلى الله عليه وسلم (1).
5 -
كما استدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم» (2).
وكأنهم أخذوا من نزول البسملة مع السورة أن تكون آية منها، وهذا ليس بلازم، كما سيأتي بيان هذا في
القول الرابع
.
القول الرابع:
أن البسملة آية مستقلة من القرآن، وليست من السور، وإنما هي آية تنزل مع كل سورة، للفصل بينها وبين التي قبلها.
وهذا قول طائفة من أهل العلم، منهم الإمام أحمد، في المنصوص الصريح عنه (3)، وعبد الله بن المبارك (4)، ومحمد بن الحسن الشيباني (5)، وأبو الحسن الكرخي (6)، وأبو بكر الرازي (7)، وداود
(1) انظر «فتح الباري» 9: 91.
(2)
سيأتي تخريجه ضمن أدلة القول الرابع وانظر «الاستذكار» 2: 179.
(3)
انظر «مسائل الإمام أحمد» رواية النيسابوري 1: 52، «المسائل الفقثهية» 1: 118، «المغني» 2: 152، 153، «مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية» 22: 353، 406، 343، 438 - 439، وانظر 13:418.
(4)
انظر «مجموع فتاوى ابن تيمية» المواضع السابقة.
(5)
انظر «المبسوط» 1: 16.
(6)
انظر «أحكام القرآن» للجصاص 1: 908، «نصب الراية» 1:327.
(7)
انظر «المبسوط» 1: 15 - 16، «الاستذكار» 2:176.
الظاهري (1) وغيرهم. واختاره الطبري فيما يظهر من كلامه (2) واختاره ابن خزيمة (3)، والجصاص (4)، وابن قدامة (5) وشيخ الإسلام ابن تيمية (6)، والزيلعي (7).
وهذا القول هو أصح الأقوال، وهو الذي تدل عليه الأدلة الصحيحة الصريحة ومنها ما يلي:
1 -
إجماع الصحابة - رضوان الله عليهم - على إثباتها في المصحف، وكتابتهم لها بخطه، وقلمه، فنقلت نقله، كما نقلت في سورة النمل، فلا يجوز الخروج عن إجماعهم، وذلك لأنهم جردوا المصحف عن غير الآيات القرآنية، كالتفسير ونحوه (8).
2 -
ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسمًا، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: «أنزلت علي آنفا سورة. فقرأ:
(1) انظر «المحلى» 13: 251، «الاستذكار» 2: 176، «نصب الراية» 1: 337، «تفسير ابن كثير» 1: 35، «النشر»: 270، «كتاب البسملة الصغير» 2/ ب، «رسالة الصبان الكبرى في البسملة» 27/ أ.
(2)
في «تفسيره» 1: 109، 146 - 174.
(3)
في «صحيحه» 1: 249، 251.
(4)
في «أحكام القرآن» 1: 8 - 12.
(5)
في «المغني» 2: 153.
(6)
في «الفتاوى» 22: 276، 350، 406.
(7)
في «نصب الراية» 1: 343.
(8)
انظر «الكشاف» 1: 21، «تفسير النسفي» 1: 1، «مجموع الفتاوى» 22:433.
بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} » رواه مسلم (1).
ووجه الدلالة في هذا الحديث على أن البسملة آية مستقلة من القرآن، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ بها وأخبر أنها أنزلت مع هذه السورة. ولم تعد آية منها، فقد أجمع الناس على أن سورة الكوثر ثلاث آيات، بدون بسم الله الرحمن الرحيم (2)، كما أجمعوا على أن سورة الإخلاص أربع آيات بدون البسملة (3).
3 -
ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة، حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم» رواه أبو داود (4). فكونها تنزل يدل على أنها آية من القرآن، وكونها للفصل بين السور يدل على أنها ليست من السور، وإنما هي آية مستقلة (5).
4 -
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن سورة من القرآن ثلاثون آية، شفعت لرجل حتى غفر له، وهي سورة
(1) في الصلاة- باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة حديث 400، وأبو داود - في الصلاة- من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم- حديث 784، والنسائي - في الافتتاح- باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم حديث 869.
(2)
انظر «أحكام القرآن» للجصاص 1: 11، المبسوط 1/ 16، المغني 2/ 153.
(3)
انظر أحكام القرآن للجصاص 1/ 11.
(4)
في الصلاة- من جهر بالبسملة- حديث 788، قال ابن كثير 1: 34، «إسناده صحيح». قلت: وصححه الألباني.
(5)
انظر «مجموع فتاوى ابن تيمية» 22: 276، 350، 351، 406، 439.
تبارك الذي بيده الملك» (1).
قال: فهذا الحديث يدل على أن البسملة ليست آية من السور من وجهين:
الوجه الأول: أنه صلى الله عليه وسلم ابتدأ سورة الملك، بقوله:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} دون البسملة، مما يدل على أن البسملة ليست من السورة.
الوجه الثاني: أن أهل العلم، والعادين لآيات القرآن اتفقوا على أن سورة {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (2)، ثلاثون آية بدون البسملة (3).
5 -
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج - ثلاثاً، غير تمام» فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام، فقال اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال الله - تعالى -: حمدني عبدي، وإذا قال:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال الله - تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال:
(1) أخرجه الترمذي - في فضائل القرآن- ما جاء في فضل سورة الملك- حديث 2891، وقال:«حديث حسن» ، وابن ماجه- في الأدب- باب ثواب القرآن- حديث 3786، وأحمد 2: 299، 321، وصححه الألباني.
(2)
سورة الملك، الآية:1.
(3)
انظر «أحكام القرآن» للجصاص 1: 11، «مجموع فتاوى ابن تيمية» 22: 277، 439، وانظر «التحقيق» لابن الجوزي 1:293.
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إلى عبدي، فإذا قال:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل» رواه مسلم (1).
قالوا: فهذا الحديث كسابقه، يدل على أن البسملة ليست آية من الفاتحة من وجهين:
الوجه الأول: أن الله تعالى - بدأ الفاتحة بقوله {الْحَمْدُ لِلَّهِ} ولو كانت البسملة آية من الفاتحة، لابتدأ بها، وعدها آية منها (2).
الوجه الثاني: أن الله جعل الفاتحة بينه وبين عبده نصفين، وهي سبع آيات، باتفاق أهل العلم المعتد بقولهم، كما جعل تعالى - الآية:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} بينه وبين العبد، وهي منتصف السورة، فقوله:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وما قبله ثلاثة آيات ونصف، حمد وثناء وتمجيد وعبادة للرب، وقوله:{وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وما
(1) في الصلاة- باب وجوب قراءة الفاتحة- حديث 395، وأبو داود- في الصلاة- باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب: حديث 821، والنسائي- في الافتتاح- باب ترك قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب- حديث 872، والترمذي- في التفسير- باب ومن سورة فاتحة الكتاب- حديث 2954، وابن ماجه- في إقامة الصلاة- باب القراءة خلف الإمام- مختصرًا دون قوله:«سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره- حديث 838، وأخرجه البيهقي برواياته في «جزء القراءة خلف الإمام» حديث 49 - 86.
(2)
انظر «المبسوط» 1: 16، «الاستذكار» 2: 172، «التحقيق» 1: 293، «مجموع فتاوى ابن تيمية» 22:440.
بعده ثلاثة آيات ونصف للعبد دعاء ومسألة، ويكون قوله:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} هو الآية السادسة، وقوله:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} هو الآية السابعة، وبهذا يتحقق التنصيف للفاتحة بين الرب، وبين العبد، ولو كانت البسملة آية من الفاتحة لم يتحقق التنصيف، ولكان قوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وما قبله أربع آيات ونصف آية. وقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وما بعده اثنتين ونصفًا، فلا يتحقق التنصيف بل يكون ما للرب في هذه القسمة أكثر مما للعبد، وهذا خلاف نص قوله - تعالى - في الحديث «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين» (1).
قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (2): «وأما قوله في هذا الحديث: «قال الله تعالى: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا، يقول العبد:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، فبدأ بالحمد لله رب العالمين، ولم يقل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، فهذا أوضح شيء وأبينه أن {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ليست آية من الفاتحة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فجعلها آية، ثم {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، ثم {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فهذه ثلاث آيا لم يختلف فيها المسلمون.
(1) انظر «تفسير الطبري» 1: 109، «الجامع لأحكام القرآن» 1:94.
(2)
2: 172 - 174، وانظر «أحكام القرآن» للجصاص 1: 9 - 10، «المبسوط» 1: 16، «المغني» 2:152.
وجاء في هذا الحديث أنها له تبارك اسمه، ثم الآية الرابعة جعلها بينه وبين عبده، ثم ثلاث آيات لعبده تتمة سبع آيات. فهذا يدل على أن {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} آية، ثم الآية السابعة إلى آخر السورة. وهكذا تكون نصفين بين العبد، وبين ربه، لأنه قال في قوله {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى آخر السورة: فهؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل. وهؤلاء إشارة إلى جماعة من يعقل، وما لا يعقل، وأقل الجماعة ثلاثة، فعلمنا بقوله (هؤلاء) أنه أراد الآيات، والآيات أقلها ثلاث، لأنه لو أراد اثنتين لقال: هاتان، ولو أراد واحدة لقال: هذه بيني وبين عبدي، وإذا كان من قوله:{اهْدِنَا} إلى آخر السورة ثلاث آيات كانت السبع آيات، من قوله:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إلى قوله {وَلَا الضَّالِّينَ} وصحت قسمة السبع على السواء، ثلاث وثلاث، وآية بينهما
…
وأجمع القراء والفقهاء على أنها سبع آيات إلا أنهم اختلفوا فمن جعل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آية من فاتحة الكتاب لم يعد {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} آية، ومن لم يجعل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آية عد {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} آية، وهو عدد أهل المدينة وأهل الشام، وأهل البصرة، وما أهل مكة، وأهل الكوفة من القراء والفقهاء فإنهم عدوا فيها {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آية، ولم يعدوا {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وهذا الحديث أبين ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في سقوط {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} من آي فاتحة الكتاب، وهو قاطع لموضع الخلاف
…
»
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (1): «فهذا الحديث صحيح صريح في أنها ليست من الفاتحة، ولم يعارضه حديث صحيح صريح» .
قلت: وإذا كانت البسملة ليست من الفاتحة، فليست من غيرها من السور من باب أولى.
6 -
حديث - عائشة رضي الله عنها الطويل في قصة بدء الوحي، وفيه أن أول ما جاءه الملك قال:{اقْرَا بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَا وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)} ، الحديث متفق عليه (2).
قال ابن تيمية (3) - بعد ما أشار إلى هذا الحديث: «فهذا أول ما نزل ول ينزل قبل ذلك {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وقال في موضع آخر (4): «فالذين قالوا ليست من السورة قالوا: إن جبريل ما أتى النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بقراءتها بل أمره أن يقرأ: {بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، ولو كانت هي أول السورة لأمره بها» .
7 -
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، لا في
(1) في «مجموع الفتاوى» 22: 277 - 278 وانظر 441.
(2)
أخرجه البخاري- بدء الوحي- حديث 3، ومسلم- في الإيمان حديث 160.
(3)
في «مجموع الفتاوى» 22: 277.
(4)
22: 349.
أول قراءة ولا في آخرها». رواه مسلم (1).
8 -
حديث عائشة - قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين ..» (2).
9 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين، ولم يسكت» . رواه مسلم (3).
وهذه الأحاديث الثلاثة، حديث أنس برواياته، وحديث عائشة، وحديث أبي هريرة كلها تدل - كما سيأتي بيان ذلك - على أن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاءه، كانوا لا يجهرون بالبسملة، لا أنهم يتركونها - كما زعم بعضهم.
أما ما وجه الدلالة فيها على أن البسملة آية مستقلة؟ فهو كونهم ل يجهروا بها، كبقية آيات الفاتحة إذ لو كانت آية منها لما فرقوا بينها وبين بقية آيات هذه السورة (4)، وإذا لم تكن آية من الفاتحة فالأولى أن لا تكون آية من غيرها من السور.
(1) سيأتي تخريجه بروايته في الكلام على حكم الجهر بالبسملة، في المبحث السابع ضمن أدلة القول الثاني وانظر «التحقيق» لابن الجوزي 1:292.
(2)
في الصلاة- باب ما يجمع صفة الصلاة- حديث 498، وأبو داود- في الصلاة، - باب من لم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم- حديث 783.
(3)
في المساجد ومواضع الصلاة- حديث 599، وانظر «أحكام القرآن» للجصاص 1:16.
(4)
انظر «مجموع الفتاوى» 22: 279، 441.
10 -
قوله - تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يدل على أن البسملة ليست من الفاتحة، إذ لو كانت منها لكان فيها تكرار قوله:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، والأصل عدم التكرار (1)، غالبًا (2).
11 -
أن جعل قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} آية واحدة بهذا الطول لا يناسب بقية الآيات، إذ إن غالب السور تكون آياتها متناسبة من حيث الطول والقصر. مما يقوي القول بأن هذه الآية آيتان، وأن البسملة ليست من آيات الفاتحة خلافا للعدد الموجود في المصاحف.
وإذا لم تكن آية من الفاتحة فالأولى أن لا تكون آية من غيرها من السور.
12 -
كما يقال أيضا لمن يقول: إنها آية من الفاتحة فقط.
إن الفاتحة سورة من سور القرآن، والبسملة مكتوبة في أولها كلها، فلا فرق بينها وبين غيرها من السور في مثل ذلك. قال ابن تيمية (3)«وهذا أظهر وجوه الاعتبار» .
(1) نظر «تفسير الطبري» 1: 146 - 147.
(2)
لأن بعض السور جاء فيها تكرار بعض الآيات لحكم منها ما هو معلوم، ومنها م لا يعلمه إلا الله، من ذلك قوله تعالى في سورة الرحمن:{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} فقد جاءت في واحد وثلاثين موضعًا في هذه السورة، ومن ذلك قوله تعالى {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} فقد جاءت في عشرة مواضع من سورة المرسلات.
(3)
انظر «مجموع الفتاوى» 22: 441.
قال القاضي أبو يعلى (1): «إن أكثر أهل العلم وجمهورهم على أن قراءتها مستحبة فقط، وهذا يدل على أنها ليست من الفاتحة» .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (2): «وهو قول سائر من حقق القول في هذه المسألة، وتوسط فيها، وجمع بين مقتضى الأدلة وكتابتها سطرا مفصولا عن هذه السورة» .
وقال أيضًا: «وهذا أعدل الأقوال» (3).
(1) في «المسائل الفقهية» 1: 118.
(2)
في «مجموع الفتاوى» 22: 435.
(3)
«مجموع الفتاوى» 22: 439، وانظر أيضًا 276، 278، 350، 351، 406، 421، 438، 439.